جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 220 )

جريان البراءة العقليّة في الشبهة الموضوعيّة

المقام الأوّل: في جريان البراءة العقليّة في الشبهة الموضوعيّة التحريميّة في التكاليف النفسيّة، وعدمه. صريح الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) في الرسالة هو الجريان، كجريانها في الشبهة الحكميّة; فانّه (قدس سره) بعد استناده إلى الأخبار الكثيرة التي تدلّ على جريان البراءة الشرعيّة في الشبهة الموضوعيّة قال:

ولكن في الأخبار المتقدّمة بل في جميع الأدلّة المتقدّمة من الكتاب والعقل كفاية. ثمّ دفع توهّم عدم جريان حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان; نظراً إلى تماميّة البيان من قبل الشارع، فيجب الاجتناب عن الأفراد المحتملة; بأنّ النهي عن الخمر يوجب حرمة الأفراد المعلومة تفصيلاً، والمعلومة إجمالاً المتردّدة بين محصورين، والأوّل لا يحتاج إلى مقدّمة علميّة، والثاني يتوقّف على الاجتناب من أطراف الشبهة لا غير.

وأمّا ما احتمل كونه خمراً من دون علم إجماليّ، فلم يعلم من النهي تحريمه، وليس مقدّمة للعلم باجتناب فرد محرّم معلوم، فلا فرق بينها، وبين الموضوع الكلّي المشتبه حكمه، وما ذكر من التوهّم جار فيه أيضاً; لأنّ العمومات
الدالّة على حرمة الخبائث(1) والفواحش(2)، ( وَ مَا نَهَـل ـكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ْ )(3)تدلّ على حرمة اُمور واقعيّة يحتمل كون شرب التتن منها(4).


  • (1) سورة الأعراف 7: 157.
  • (2) سورة الأعراف 7: 33.
  • (3) سورة الحشر 59: 7.
  • (4) فرائد الاُصول (تراث الشيخ الأعظم) 2: 121 ـ 122.

( صفحه 221 )

وأورد عليه سيّدنا العلاّمة الاُستاذ البروجردي (قدس سره) بأنّ الحكم بعدم الفرق بين الشبهتين في غير محلّه; لأنّ العقل يحكم في المقام بأنّ المخالفة في الاُولى مع العلم بالحكم موجبة لخروج العبد عن رسوم العبوديّة، وكونه طاغياً على مولاه دون المخالفة في الثانية، والحكم بأنّ النهي عن الخمر لا يدلّ إلاّ على حرمة الأفراد المعلومة، كما هو ظاهر كلام الشيخ (قدس سره) بل صريحه، مدفوع بأنّ المفروض مع قطع النظر عن الأخبار الدالّة على حلّية المشتبه، أنّ الحكم بالتحريم ثابت للخمر الواقعي من دون دخالة العلم في موضوعه، كيف؟ ومعه لا مجال لاحتمال التكليف في الفرد المشتبه; لفرض عدم وجود العلم المأخوذ في موضوعه، وهو ممّا يقطع بخلافه، فالنهي عامّ والمخالفة مع احتمال ثبوته غير جائزة عند العقل(1).

أقول: ويمكن الجواب عن نقضه الأخير بأنّ وجوب الانتهاء في قوله ـ تعالى ـ : ( وَ مَا نَهَـل ـكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ْ ) وجوب إرشاديّ، كوجوب الإطاعة في آية ( وَأَطِيعُوا ْ اللَّهَ... )(2). وكذا التحريم الثابت في الخبائث والفواحش
بنحو العموم يكون إرشاديّاً، بناءً على ثبوت العنوانين في كلّ محرّم، كما هو ظاهر النقض.

ضرورة أنّ العناوين الخاصّة المتعلّقة للتحريم لا تكون محكومة بالحرمة من جهة نفسها، ومن جهة كونها مصداقاً للخبيث والفاحشة، بحيث يكون المرتكب لشيء منها آتياً بمحرّمين، ومستحقّاً لعقوبتين، فالنقض المذكور في


  • (1) نهاية التقرير 1: 360.
  • (2) سورة النساء 4: 59.

( صفحه 222 )

غير محلّه.

ولبعض الأعلام من المعاصرين كلام طويل في وجه جريان البراءة في المقام في الرسالة التي صنّفها في حكم الصلاة في الألبسة المشكوكة، وقد لخّصناه في كتاب «نهاية التقرير»، الذي هو تقرير بحث الاُستاذ المذكور; وهو: أنّه لا خفاء في أنّه لابدّ أن يكون متعلّق التكليف عنواناً اختياريّاً للمكلّف قابلاً لأن يتعلّق به الإرادة، إمّا بنفسه أو بالتوسيط، وذلك العنوان على أربعة أقسام:

الأوّل: العنوان الذي يكون متعلّقاً للتكليف ـ بلا تعلّق له بموضوع خارجيّ ـ خارج عن تحت القدرة والاختيار، كالتكلّم والضحك ونحوهما.

الثاني: العنوان الذي يكون له تعلّق بالموضوع الخارجي، وكان ذلك الموضوع أمراً جزئيّاً متحقّقاً في الخارج، كاستقبال القبلة واستدبارها.

الثالث: أن يكون له تعلّق بالموضوع الخارجيّ الذي اُخذ وجوده ولو ببعض أفراده موضوعاً للحكم. وبعبارة اُخرى: موضوع الحكم هو صرف وجوده المساوق للإيجاب الجزئي، كما في الوضوء والتيمّم بالنسبة إلى الماء والتراب.

الرابع: أن يتعلّق بالموضوع الخارجيّ الذي يكون عنواناً كلّياً ذا أفراد محقّقة الوجود ومقدّرته، ولوحظ ذلك العنوان في مقام تعلّق الحكم مرآتاً للأفراد الموجودة والمقدّرة، كالشرب المتعلّق بالخمر وغيره ممّا يكون موضوعاً للحكم على نحو القضايا الحقيقية.

وينحلّ الحكم في هذا القسم إلى أحكام كثيرة حسب تعدّد الموضوع

( صفحه 223 )

وكثرته، فيختصّ كلّ واحد من أفراد الموضوع بحكم خاصّ، كما هو الشأن في القضايا الحقيقيّة; فانّ كلّ واحد من أشخاص موضوعاتها له حكم خاصّ، ففي الحقيقة يصير معنى «لا تشرب الخمر» أنّه يحرم شرب كلّ خمر موجود في الخارج، أو يوجد بعد.

وبملاحظة ما ذكره المنطقيّون(1); من انحلال القضايا الحقيقيّة إلى قضيّة شرطيّة مقدّمها عقد الوضع فيها، وتاليها عقد الحمل، يصير معنى «لا تشرب الخمر» هكذا: كلّ خمر إذا وجد في الخارج فهو بحيث إذا وجد يحرم شربه، وهذه القضيّة كما ترى تكون الحرمة فيها مترتّبة على وجود الخمر، فالحرمة المجعولة للخمر قبل تحقّقه ووجوده في الخارج تكون حكماً إنشائيّاً، وفعليّتها وكونها زجراً للمكلّف يتوقّف على وجوده في الخارج.

ومن المعلوم أنّ المنجّز للتكليف إنّما هو العلم بالتكليف الفعلي، لا العلم بالحكم الإنشائي، وقد عرفت أنّ فعليّته متوقّفة على وجود موضوعه، فتنجّز الحرمة يتوقّف على العلم بالتكليف الفعلي، وهو يتوقّف على وجود موضوعه، فتنجّزها يتوقّف على العلم بوجود الموضوع، ففي الحقيقة يكون وجود الموضوع من جملة شرائط وجود التكليف.

ومن هنا يظهر بطلان ما يترائى من كلام الشيخ (قدس سره) في الرسالة(2)، حيث إنّ الظاهر منه أنّ عدم وجوب الاجتناب في الشبهات الموضوعيّة إنّما هو لعدم


  • (1) تحرير القواعد المنطقيّة في شرح الرسالة الشمسيّة: 253 ـ 260، الحاشية على تهذيب المنطق لملاّ عبد الله: 101 ـ 102، شرح المنظومة للسبزواري 1: 248 ـ 249.
  • (2) تقدّم في ص220.

( صفحه 224 )

كونها مقدّمة علميّة حتّى تجب بوجوب ذيها، وذلك لما عرفت من أنّ جواز الاقتحام، وعدم جوب الاجتناب فيها إنّما هو لعدم العلم بتحقّق شرط التكليف.

فهو نظير ما إذا شكّ في تحقّق الاستطاعة التي يكون وجوب الحجّ مشروطاً بوجودهاً، وهذا هو الفارق بين هذا القسم والأقسام الثلاثة المتقدّمة حيث إنّ الحكم فيها منجّز بنفس العلم به واجتماع شرائط التكليف من القدرة وغيرها، بخلاف هذا القسم الذي يتوقّف على أمر زائد أيضاً، وهو العلم بوجود الموضوع، كما عرفت(1)، انتهى.

أقول: محلّ البحث من هذه الأقسام الأربعة هو القسم الرابع، ويظهر منه (قدس سره) أنّ جريان البراءة العقليّة فيه مبنيّ على أمرين: وهما: الانحلال إلى التكاليف المتعدّدة حسب تعدّد الموضوع الذي يكون المتعلّق مضافاً إليه، ورجوع القضيّة الحقيقيّة إلى الشرطيّة الظاهرة في ترتّب الجزاء على وجود الشرط.

وقد أنكر الأمر الأوّل سيّدنا الاُستاذ البروجردي (قدس سره) ، وملخّص ما أفاده في توضيحه: أنّ المشهور(2) ذهبوا إلى أنّ معنى النهي هو طلب الترك، واختاره المحقّق الخراساني (قدس سره) (3). وعليه: فيشترك النهي مع الأمر في أنّ معناه أيضاً هو الطلب، غاية الأمر انّ الطلب في الأمر متعلّق بوجود الطبيعة، وفي النهي


  • (1) رسالة الصلاة في المشكوك للمحقّق النائيني: 188 ـ 260، وعنه نهاية التقرير 1: 360 ـ 362.
  • (2) معارج الاُصول للمحقّق الحلّى: 116، معالم الدين: 90 ـ 91، هداية المسترشدين 3: 17 ـ 18; تعليقة على معالم الاُصول 4: 496.
  • (3) كفاية الاُصول: 182.