( صفحه 292 )
كما أنّه لابدّ من تخصيصه بالخزّ; لتطابق النصّ والفتوى على الجواز فيه كما عرفت(1)، وإباء سياقها عن التخصيص يوجب طرحها لا العمل بعمومها، كما لا يخفى.
إنّما المهمّ ملاحظة موثقة ابن بكير المتقدّمة(2)، وربما يجاب(3) بأنّ التخصيص المستهجن إنّما هو فيما إذا اُريد إخراج جميع الأسباب الخاصّة الوارد في موردها العموم عن تحته، كما إذا كان السبب واحداً واُريد إخراجه عن تحت العامّ، أو أزيد من واحد واُريد إخراج الجميع. وأمّا إذا اُريد إخراج بعضه كما في مثل المقام، فلا نسلّم استهجان التخصيص.
واُورد على هذا الجواب بما يظهر من صاحب الجواهر (قدس سره) (4); من أنّ ورود بعض الأفراد في مورد العموم يوجب أن يكون شمول العموم له، ودلالته عليه بالنصوصيّة; من دون فرق بين ما إذا كان الفرد واحداً أو أزيد، وعلى الثاني: بين ما إذا اُريد إخراج الجميع، أو البعض. وعليه: فاللاّزم أن يعامل مع الموثّقة ومع أدلّة التخصيص معاملة المتعارضين.
هذا، ولكنّ التحقيق تبعاً لسيّدنا الاُستاذ (قدس سره) إنّ ورود العامّ في مورد بعض الأفراد لا يوجب شموله له بالنصوصيّة في مثل المقام; لأنّ غرض الإمام (عليه السلام) في مقام الجواب عن سؤال الراوي إنّما هو بيان أصل الحكم، والفرق بين
- (1) في ص272.
- (2) في ص175 ـ 176.
- (3) راجع في نهاية التقرير 1: 407.
- (4) جواهر الكلام 8 : 163 ـ 164.
( صفحه 293 )
الحيوانات المحلّلة والمحرّمة في مقابل العامّة(1)، القائلين بصحّة الصلاة في أجزاء جميع الحيوانات، ولذا أخرج لبيانه كتاباً، زعم أنّه إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) للاستشهاد عليه في مقابلهم.
مضافاً إلى أنّ غرض السائل أيضاً لم يكن هو السؤال عن حكم الأفراد الخاصّة، بل مقصوده هو السؤال عن حكم الحيوانات التي لم يكن أخذ الثوب منها متعارفاً ومعمولاً، كالغنم والإبل وغيرهما ممّا تعارف أخذ اللباس منه، ولأجله كان حكمها معلوماً لكلّ أحد من زمان النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
وبالجملة: لمّا كان التفصيل بين الحيوانات في جواز الصلاة في أجزائها وعدمه، والحكم بالفرق بينها غير معلوم للناس قبل ذلك، أراد الإمام (عليه السلام) في مقام الجواب أن يبيّن ذلك بقانون كلّي مذكور في كتاب الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وهو
لا ينافي خروج بعض الأفراد المذكورة في السؤال عن تحت هذا الحكم الكلّي، كما لا ينافي خروج بعض الأفراد غير المذكور(2).
فالإنصاف أنّ النسبة بين الموثّقة، وبين الأدلّة المجوّزة للصلاة في السنجاب، هي نسبة الدليل العامّ مع الدليل المخصّص لا المتعارضين، فاللاّزم التخصيص من دون استلزام للاستهجان بوجه.
نعم، على تقدير التعارض يشكل الحكم بالجواز في السنجاب; لعدم ثبوت الشهرة الفتوائيّة بالإضافة إليه، ومخالفة العامّة وإن كانت متحقّقة في مثل الموثّقة، إلاّ أنّ الروايات المجوّزة لأجل اشتمالها على المنع في مثل الثعالب
- (1) تقدّم تخريج فتاواهم في ص143.
- (2) نهاية التقرير 1: 408 ـ 410.
( صفحه 294 )
ـ الذي يجوز الصلاة فيه عند الناس ـ لا مجال لحملها على التقيّة، وقد عرفت(1) أنّ الدليل المجوّز الوارد في خصوص السنجاب لا يكون معتبراً من حيث السند.
وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّ الجواز في السنجاب هو الأقوى بلحاظ الأدلّة ورعاية قواعد العمل بها، إلاّ أنّه مع ذلك لا تكون المسألة صافية، خصوصاً مع عدم بناء أكثر القدماء عليه، فتدبّر.
( صفحه 295 )
[عدم البأس بفضلات الإنسان]
مسألة 13: لا بأس بفضلات الإنسان، كشعره وريقه ولبنه; سواء كان للمصلّي أو لغيره، فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر; سواء كان من الرجل أو المرأة 1 .
1 ـ قد تقدّم البحث في هذه المسألة في ذيل البحث عن أصل مانعيّة غير المأكول، فراجع(1).
( صفحه 296 )
اعتبار عدم كون الساتر بل مطلق اللباس ذهباً للرجال
الرابع: أن لا يكون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب للرجال في الصلاة ولو كان حُليّاً، كالخاتم ونحوه، بل يحرم عليهم في غيرها أيضاً 1 .
مسألة 14: لا بأس بشدّ الأسنان بالذهب، بل ولا بجعله غلافاً لها أو بدلاً منها في الصلاة بل مطلقاً. نعم، في مثل الثنايا ممّا كان ظاهراً وقصد به التزيين لا يخلو من إشكال، فالأحوط الاجتناب. وكذا لا بأس بجعل قاب الساعة منه واستصحابها فيها. نعم، إذا كان زنجيرها منه وعلّقه على رقبته أو بلباسه يشكل الصلاة معه، بخلاف ما إذا كان غير معلّق وإن كان معه في جيبه; فإنّه لا بأس به 2 .
1 ، 2 ـ الكلام في هذا الأمر يقع في مقامين:
المقام الأوّل: في الحكم التكليفي المتعلّق بلبس الذهب للرجال مطلقاً في الصلاة وغيرها، والظاهر أنّه لم يقع التعرّض لهذه المسألة في كتب قدماء أصحابنا الإماميّة رضوان الله عليهم أجمعين، وأوّل من تعرّض له الشيخ (قدس سره) في كتاب المبسوط(1)، الذي هو كتاب تفريعيّ له، ولم يتعرّض له المتأخّرون عنه إلى زمان الفاضلين المحقّق والعلاّمة إلاّ النادر منهم(2)، والظاهر أنّ حرمة لبس الذهب على الرجال محلّ وفاق بين من تعرّض من الخاصّة للمسألة، وبين العامة(3)، وفي الجواهر نفى وجدان الخلاف في الساتر منه، بل ولا فيما تتمّ
- (1) المبسوط: 168.
- (2) كابن حمزة في الوسيلة: 367، والكيدري في إصباح الشيعة: 63.
- (3) الخلاف 1: 507، الحبل المتين 2: 208، مفاتيح الشرائع 2: 19، بحار الأنوار 83 : 251، الحدائق الناضرة 7: 101، مستند الشيعة 4: 356، مصباح الفقيه 10: 344، مستمسك العروة الوثقى 5: 352 ـ 353، المغني لابن قدامة 1: 626، الشرح الكبير 1: 472، المجموع 4: 383.