جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 100)


الوزراء والساسة



الوزراء هم أرفع الأفراد الذين يضطلعون بمسؤولية برمجة مشاريع الحكومة . وهم الذين يمكنهم قيادة المسيرة نحو الصلاح والفلاح ، أو جرّها إلى الفساد والانحراف ، ومن هنا كانت هنالك علاقة وطيدة ومباشرة بين صلاح الحكومة وعلوّ مقامها وبين صلاح هؤلاء الأفراد ونضجهم .
ومن الطبيعي أن يسلب صلاحية التصدّي للوزارة والمناصب الحسّاسة في الحكومة مَن كان ذا تجربة وسابقة في وزارات الحكومات الطاغية والجائرة والأنظمة الفاسدة; وذلك لأنّ مثل هؤلاء الأفراد قد تأقلموا على الثقافة الفاسدة السائدة في ذلك النظام ، فهم لا يتورّعون عن الظلم ، الأمر الذي يحول بينهم وبين التجانس مع حكومة العدل التي ترفض كافّة أشكال الظلم والاضطهاد . وناهيك عمّا سبق فإنّ الأُمّة إذا رأت هؤلاء الأفراد الذين ذاقت منهم الأمرّين في الحكومة الطاغوتية السابقة وقد تسلّلوا الآن إلى مواقع الحكومة الجديدة ، فإنّها لا تملك سوى القول بأنّ تلك الحكومة مازالت قائمة وقد انخرط فيها هؤلاء الأفراد لتحقيق أغراضهم ومآربهم الشخصية!
وعلى هذا الأساس فإنّ الأُمّة ستشعر ثانية بالظلم وتسحب ثقتها من هذه الحكومة ، وبالتالي ستكون هناك هوّة سحيقة بين الأُمّة والحكومة ، قد تدفع بالاُمّة لمقاطعة الحكومة وزجّها إلى مصير لا تحسد عليه ، ولذلك قال (عليه السلام):
«إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً ، وَمَنْ شَرِكَهُمْ فِي الآثَامِ فَلا يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً ، فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الأَثَمَةِ وَإِخْوَانُ الظَّلَمَةِ ، وَأَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَأَوْزَارِهِمْ
(الصفحة 101)

وَآثَامِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُعَاوِنْ ظَالِماً عَلَى ظُلْمِهِ وَ لاَ آثِماً عَلَى إِثْمِهِ» .
فالامام (عليه السلام) وبنظرته الثاقبة ورؤيته البعيدة يوصي عامله بطرد عناصر النظام البائد ، ثمّ يرشده إلى العناصر الكفوءة الثورية المجرّبة لسدّ الفراغ ، خشية أن تؤدّي تلك التصفية إلى قلّة الكادر المجرّب والمتخصّص ، ثمّ يطرد عنه بعض الأفكار الخيالية التي تجعله يعيش هاجس القلق من تلك التصفية ، فما إن تُطرد تلك العناصر الفاسدة حتّى تستبدل بكلّ سهولة بالعناصر الثورية الصالحة .

أفضلية عناصر حزب الله


قلنا بأنّ الإمام عليّاً (عليه السلام) يطمئنّ بعدم توقّف الأعمال وخلوّ الساحة السياسية من العناصر الثورية المتخصّصة والمؤمنة ، إثر تنحية تلك العناصر الفاسدة العاملة في مؤسّسات النظام البائد ، ولم ينس الإمام (عليه السلام) أن يذكّره بأسباب القوّة التي تتمتّع بها عناصر حزب الله مقارنة بالعناصر الطاغوتية ، فيقول (عليه السلام):
«أُولَئِكَ أَخَفُّ عَلَيْكَ مَؤُونَةً وَأَحْسَنُ لَكَ مَعُونَةً وَأَحْنَى عَلَيْكَ عَطْفاً ، وَأَقَلُّ لِغَيْرِكَ إِلْفاً ، فَاتَّخِذْ أُولَئِكَ خَاصَّةً لِخَلَوَاتِكَ وَ حَفَلاتِكَ» .

المصطفون


قلنا بأنّ وظيفة الحاكم الإسلامي تتمثّل بطرد عناصر النظام السابق واستبدالها بعناصر حزب الله ، إلاّ أنّنا نعلم بأنّ عناصر حزب الله ليست متكافئة في التزامها وتعبّدها بغضّ النظر عن أفضليتها جميعاً على العناصر الطاغوتية السابقة .
وعليه لابدّ للحاكم من اعتماد هذه العناصر كلّ حسب التزامه وتعهّده في
(الصفحة 102)

مواقع الدولة بهدف الحيلولة دون تقدّم المتأخّر أو تأخّر المتقدّم . فقد قال (عليه السلام) بهذا الشأن:
«ثُمَّ لْيَكُنْ آثَرُهُمْ عِنْدَكَ أَقْوَلَهُمْ بِمُرِّ الْحَقِّ لَكَ ، وَأَقَلَّهُمْ مُسَاعَدَةً فِيمَا يَكُونُ مِنْكَ مِمَّا كَرِهَ اللَّهُ لأَوْلِيَائِهِ ، وَاقِعاً ذَلِكَ مِنْ هَوَاكَ حَيْثُ وَقَعَ . وَالْصَقْ بِأَهْلِ الْوَرَعِ وَالصِّدْقِ ، ثُمَّ رُضْهُمْ عَلَى أَن لا يُطْرُوكَ وَلاَ يَبْجَحُوكَ بِبَاطِل لَمْ تَفْعَلْهُ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الإِطْرَاءِ تُحْدِثُ الزَّهْوَ وَتُدْنِي مِنَ الْعِزَّةِ» .
وهنا نتساءل لو طبّق كلام الإمام (عليه السلام) فهل سيكون هنالك من مجال لتسلّل العناصر المتملّقة والمنافقة إلى المواقع الأمامية من السلطة وتتنحّى عنها العناصر الثورية الطاهرة والملتزمة؟ قطعا ، لا .
ولا شكّ أنّ العامل في هذه الحكومة ـ التي يدور محورها حول رضى الله لا رضى الحاكم والوالي ـ سينطق بالحقّ رغم ثقله ومرارته دون الخشية من شيء ، وسوف يتسامى في هذه الحكومة ويتقدّم ذلك العامل الذي ينطق بالحقّ ويعتمد الصدق ، لا ذلك المتملّق المرائي الذي لا يحسن سوى كلمة «نعم» و«سمعاً وطاعةً» ولا غرو   فوظيفة الحاكم إنّما تكمن في تحرّي الصادقين الورعين والتشدّد على الاقتراب منهم .

الإدارة الصائبة في النظام الإسلامي



لقد قام الإسلام على أساس العدل ، والعدل هو وضع الشيء في موضعه . وبناءً على هذا المبدأ الإسلامي فإنّ الإدارة الصحيحة المنسجمة مع الإسلام هي الإدارة التي تفرّق في نظرتها بين العامل الخادم والعامل الخائن ، فتكافئ الخادم وتعاقب الخائن أوّلاً ، وثانياً: أن يكون المعيار المعتمد في تشجيع الأفراد هو ما
(الصفحة 103)

يقومون به من أعمال وما يترتّب عليها من نتائج . فلو غيّب عنصر الترغيب في النظام وتمتّع المحسن بذات الحقوق والامتيازات التي يحظى بها المسيء ، فإنّ الفرد الأوّل سيشعر بعد مرّة بعدم وجود التقييم الصحيح لأعماله الحسنة ، وبالتالي عدم جدوى السعي وبذل الجهد في هذا المجال ، الأمر الذي يؤدّي بالتالي إلى أن يدبّ الضعف والوهن في أجهزة الدولة ثمّ انهيارها وزوالها ، ولهذا يوصي الإمام (عليه السلام)عامله بضرورة التفريق بين الفئتين:
«وَ لاَ يَكُونَنَّ الْمُحْسِنُ وَالْمُسِيءُ عِنْدَكَ بِمَنْزِلَة سَوَاء ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَزْهِيداً لأَهْلِ الإِحْسَانِ فِي الإِحْسَانِ ، وَتَدْرِيباً لأَهْلِ الإِسَاءَةِ عَلَى الإِسَاءَةِ! وَأَلْزِمْ كُلاًّ مِنْهُمْ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ» .

الثقة بالاُمّة



إنّ أهمّ الأُسس التي تتّصف بها الحكومات الفاسدة إنّما تتجسّد في الازدراء وعدم الثقة وسوء الظنّ بالاُمّة . فالحاكم يرى نفسه مبتوراً عن الأُمّة التي يعتبرها لا تكنّ لحكومته سوى الحقد والعداء ، الأمر الذي يجعله يهدر طاقات الأُمّة في التجسّس والتحرّي عن المعلومات ـ من خلال توظيف بعض المنظّمات والأجهزةـ بشأن المناهضين ، واستغلال الفرصة والذريعة التي تشبع عقده وغرائزه بصبّ جامّ غضبه عليهم ، بهدف نفخ الروح في حكومته لمواصلة نشاطها عدّة أيّام في ظلّ الخوف والرعب والإرهاب وفرض إرادته على الأُمّة بقوّة الحديد والنار .
وبالمقابل نرى أهمّ الاُسس التي تطبع الحكومة الإسلاميّة إنّما تتجسّد في احترام الأُمّة وحسن الظنّ بها والثقة والاعتماد عليها ، فالحاكم يرى في الأُمّة ظهيره وسنده الواقعي ، فالاُمّة هي الحاكمة ، والحاكم جزء من هذه الاُمّة .

(الصفحة 104)

كما يؤمن بأنّ الأُمّة لا تنشد في حركتها سوى إشاعة الأمن والاستقرار ، الأمر الذي يغنيه عن التجسّس والتتبّع لآثار الآخرين الذين يحرص على تحقيق رضاهم وسعادتهم:
«وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بِأَدْعَى إِلَى حُسْنِ ظَنِّ رَاع بِرَعِيَّتِهِ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ ، وَ تَخْفِيفِهِ الْمَؤُونَاتِ عَلَيْهِمْ ، وَتَرْكِ اسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهُمْ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُمْ . فَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ يَجْتَمِعُ لَكَ بِهِ حُسْنُ الظَّنِّ بِرَعِيَّتِكَ ، فَإِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ يَقْطَعُ عَنْكَ نَصَباً طَوِيلاً . وَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ حَسُنَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ حَسُنَ بَلاؤُكَ عِنْدَهُ ، وَإِنَّ أَحَقَّ مَنْ سَاءَ ظَنُّكَ بِهِ لَمَنْ سَاءَ بَلاؤُكَ عِنْدَهُ» .
وحرصاً على ألاّ يكون حسن الظنّ والاعتماد على الاُمّة أجوف هشّاً ، فإنّ الإمام (عليه السلام) ـ وضمن وصيته لمالك بحسن الظنّ بالاُمّة والثقة بها ـ يكشف له عن سبل ترسيخ حُسن الظنّ ، وهذه الثقة بما يلي:
1 ـ الإنسانية .
2 ـ تخفيف المؤونة .
3 ـ الحيلولة دون الأعمال المفروضة .
وسنترك الخوض في هذه السبل الثلاث للفصول القادمة .