جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 74)

شمّة من جبروت الله المختص به فيحسب أنّ قدرته في عرض القدرة الإلهية؟
ولو استعنّا بمثال من عالم الطبيعة فَمَثَل قدرة هذا الفرد والقدرة الإلهية مثل الشمس المنيرة وذلك الكوكب الصغير الذي يستمدّ نوره من تلك الشمس .
نعلم أنّ السماوات قد ملأت بآلاف الكواكب الصغيرة والكبيرة كالكرات الباردة المظلمة التي تكتسب ضياءها من الشمس ، فإن شوهدت منيرة ساطعة فإنّ نورها قد اقتبس من الشمس ، ولو لم تطلع عليها هذه الشمس لبقيت باهتة مظلمة متعذّرة الرؤية .

مضاعفة خطأ من اعتقد بحصانته من الخطأ

أجل ، هناك تحذير شديد من قبل الإمام (عليه السلام) إلى أولئك الأفراد الذين يحصلون على بعض المناصب الدنيوية من مغبّة نسيان أنفسهم والخروج عن حدودهم ، بهدف إعادتهم إلى رشدهم وعدم إيغالهم في الوهم والخيال .
ويمكننا أن ندرك عمق وأهمّية هذا التحذير العلوي إذا ما أيقنّا بأنّ ليس للإنسان من حصانة تجاه اللبس والخطأ أبداً . فالإنسان ليس بمعصوم وهو معرَّض للخطأ على الدوام ، وقد يمارس بعض الأخطاء التي تجرّ عليه الويلات أحياناً ، وقد تبدو هذه الويلات على درجة من الخطورة حين لا يمتلك هذا الفرد من نيّة سيّئة فحسب ، بل حين يرد الميدان ظنّاً منه بإسداء الخدمات وما يجعل الآخرين يعيشون في رفاهية من العيش والأمن والسلام; غير أنّ أخطاءه التي تفرزها الوساوس الشيطانية على درجة من الضلال بحيث لا تستتبع سوى الفساد والانحراف .
وهنا تتفاقم هذه المسألة وتتّخذ طابعاً أكثر مأساوية ، ولعلّ نشوء هذه الأخطاء غالباً ما يعود إلى تلك اللحظات التي يعرض فيها الخطأ بينما يرى صاحبها
(الصفحة 75)

أنّه محصَّن من كافّة الأخطاء .
وهنا ينبغي التأمّل في كيفية حركة الإنسان نحو الخطأ دون أن يعلم ذلك ، ويبدو أنّ مشكلتنا أنّنا نصاب بالخطأ ، الذي يفرزه عمى البصيرة وحسن الظنّ في أكثر القضايا التي نتعايش معها ، في حين لا نشعر بأيّ خطر و مصيبة سنتعرّض لها ، والحال أنّ المصيبة محدقة بنا من كلّ صوب .
فعلى سبيل المثال نرى فرداً مريضاً طريح الفراش يئنّ ليلاً ونهاراً من شدّة الألم لسنوات ، إلاّ أنّنا وبسبب شعورنا بالصحة والعافية وعدم وجود أيّ توعّك في صحّتنا لا نفكِّر أبداً في أنّ مثل هذه الصحّة والعافية ليست دائمة لنا . لا نرى أنّنا سنصاب يوماً بمثل هذا المرض أو ما هو أسوأ منه ، وكأنّنا قد استثنينا من قانون المرض . فهل فكّر مثل ذلك المريض الذي كان يتمتّع بكلّ أسباب الصحة والسلامة أنّه سيكون طريح الفراش؟
بإمكانكم أن تزوروا جميع المستشفيات وتتحدّثوا إلى كافّة المرضى فسترون بأنّ أحداً لم يفكّر منهم حين كان سالماً بأنّه سيرقد يوماً ما في المستشفى .
وعليه فالإنسان إنّما يغفل حتّى عن القضايا البديهية التي تتربّص بجميع الأفراد ، بل قيل عن هذا الإنسان: إنّه يقضي عمره في الغفلة ، وأيّ غفلة؟ غفلة عن القضايا التي ليس في حدوثها ما يثير العجب والدهشة ، فهي قضايا طبيعية يمكن حدوثها في كلّ آن . فإذا غفل الإنسان العادي الفاقد للقدرة في حياته اليومية عن وقوع مثل هذه القضايا العادية ، فما ظنّك به إذا شعر بتنامي شوكة قدرته وغرق في بحر غفلته؟!
فالواقع أنّ أعظم آفات القدرة هي هذه الغفلة والأخطاء الجسام التي تجرّها على الأفراد بالمناسبة ، فمن المتعذّر أن ينال الإنسان قدرة ولا يتأثّر بها ويفقد توازنه من جرّائها .

(الصفحة 76)

فالإنسان مبتلى بهذا الضعف الروحي الذي يجعله بمجرّد نيله لهذه القدرة يتصوّر أنّها خالدة له وليس هنالك ما يدعو لزوالها ، والحال ما أكثر ما تسلب هذه القدرة بُعيد لحظات . فهو اليوم وزير ومحافظ ، إلاّ أنّه ولمجرّد فعل بسيط يعزل غداً عن هذا المنصب . وقد لمسنا النماذج العينية لهذا الأمر في ثورتنا الإسلاميّة المباركة ، وما هو من التأريخ ببعيد .

العدل والإنصاف ومقارعة الظلم



نورد قول أمير المؤمنين (عليه السلام) لنتعرّف على مفهوم إنصاف الله ، وإنصاف الناس ، فقد قال (عليه السلام):
أَنصِفِ اللهَ وأنصفِ الناسَ من نفسِكَ ، ومِن خاصَّةِ أهلِكَ ، ومَن لَكَ فيه هوًى من رعيّتِكَ ، فإنَّك إلاّ تَفْعلْ تَظْلِمْ .
يتضمّن كلامه (عليه السلام) موضوعين مهمّين جديرين بالتأمّل:
الأوّل: أن نمتثل التعاليم الإلهية بما فيها الأوامر والنواهي .
الثاني: استحضار النعم الإلهية وأداء شكرها والامتنان لله بالتفضّل بها علينا ، فهناك الأفراد الذين يمارسون حياتهم اليومية وهم يتمتّعون بكامل الصحّة والسلامة والعافية ولايفكِّرون في قيمة هذه النعمة ، وبالتالي لا يشكرون الله عليها ، وهذا هو السرّ الذي يقف وراء قولهم بعدم شعور الفرد بقيمة العافية مادام يتمتّع بها ، فالإنسان الذي يمتلك الأسنان السالمة في مضغه للطعام ، ويراها تقوم بعملها بشكل عادي كلّ يوم ، لا يلتفت إلى نعمة وجودها ، بل لا يكلّف نفسه عناء التفكير بها ولو لبرهة عابرة من الزمان ، ولكن ما إن تتصدّع سلامة هذه الأسنان وتعاني من تسوّس أو ألم في العصب حتّى تظلمّ الدنيا في عينيه ، ولم تعدّ مشكلته في
(الصفحة 77)

تعذّر تناوله للطعام فحسب ، بل يصرعه وجعها بما يعيقه عن القيام بأدنى الأعمال ، وقد تصل به الحالة لأن يؤثر هذا الوجع على سمعه وبصره والذي يقود بالتالي إلى عدم قيام الدماغ بممارسة أنشطته العادية .
أو عندما يمتلك الإنسان أرجلاً سالمة ويتنقّل بها من مكان إلى آخر بكلّ نشاط وفعّالية ، لم يخطر بباله ولو للحظة واحدة طوال ساعات مسيره قيمة هذه النعمة ، نعمة وجود الأرجل السالمة! أمّا هذا الشخص إذا تعرّض أحد أسنانه للألم وأثّر ذلك في عصب أسنانه فسوف يُقيم الدُّنيا ويقعدها وتظلمّ الدنيا في عينيه ، وليت الأمر يقف عند هذا الحدّ ، بل سيتعذّر عليه مضغ الطعام بسهولة ، وسيطرحه الألم على الأرض ويجلس في أحد زوايا البيت ، وسيصعب عليه أداء أيّ عمل .
وما دام الإنسان يشعر بوجع أسنانه فإنّ ذلك سيؤثّر على أنشطة بقيّة الأعضاء ، فهو لم يعد يسمع جيّداً ولا يبصر جيّداً ، وحتّى أنّ دماغه سوف يضعف عن العمل . وسوف لا يفكِّر حينئذ إلاّ بوجع الضرس الذي أَلَمَّ به ، وعندها سيتذكّر أيّ نعمة عجيبة كانت لديه ، إنّها نعمة الأسنان الموجودة في الفم ، حيث كان قبل الألم لم يُعيرها أيّة أهمّية ، وقلّما يستشعر دورها في حياته . أو إذا تعرّضت رِجْلاه إلى ضرر ، وفَقَد القدرة على الحركة والمشي ، فلابدّ هنا أن يفقد ذلك النشاط وتلك الحيوية ، ويصبح جليس داره ، وعند ذلك يفهم قيمة هذه النعمة ، نعمة وجود الأرجل التي يمشي بها على الأرض!
وأحياناً قد يُصاب الإنسان بوعكة صحّية خفيفة إلاّ أنّها تؤلمه وتعذّبه ، حتّى كأنّ حياته باتت مشلولة .
وكلّنا يستفيد من عيونه منذ بزوغ الفجر وحتّى وقت النوم ، فإذا كان البصر سالماً يستطيع الإنسان أن يؤدّي وظائفه على أكمل وجه ، إنّ معظم الأعمال التي ينجزها الإنسان يستفيد فيها من هذه القوّة البَصَرية ، ولم يفكِّر ولو مرّة واحدة أنّ
(الصفحة 78)

هذين الجسمين الكرويّين الشفّافين ـ اللذين هما بهذا التركيب المعقّد والعجيب ـ هما من نِعَم الله العظيمة التي لا تعدّ ولا تحصى ، وأنّهما إذا أُصيبتا بضرر فأيّ نعمة عظيمة سيفقدها ، وأيّ معاناة وآلام سيتجرّعها .
إنّ هذا الشخص لا يفهم حجم الخسارة والألم الذي يصيبه عندما يتعرّض هذا البناء العجيب لخلل ولو كان صغيراً ، وبعبارة ثانية فإنّ هذا الإنسان عندما يصبح غير قادر على الرؤية أو تمييز الأشياء ومعرفتها ، فسوف يعرف قدر نعمة البصر وحجم الضرر الذي تعرّض له ، وكيف أنّه صار موجوداً ضعيفاً لا يقوى على فعل شيء ، وكم هو حجم المشكلات التي تواجهه والعذاب النفسي الذي يعيشه ، في حين لم يكن من قبل يتصوّر أو يخطر بباله ما حدث له!
إنّه لم يخطر بباله أنّه يمكن أن يتضرّر بصره وما سيعانيه إثر هذا الضرر ، إنّه لم يخطر بباله أنّ هذه النعمة البسيطة ـ ظاهراً ـ نعمة هذا العضو الصغير ـ العين ـ كم لها من القدر والأهمّية في حياته . إنّه لم يدرك أنّ هذا العضو عندما يختلّ فسوف يعكّر عليه صفو عيشه ، ويوقف مسيرة حياته ، ولا يجعله يدرك ويميّز الاُمور المحيطة به ، ولا يتمكّن من المطالعة والتعلّم ومواصلة المسير نحو الله تعالى .
وهنا لابدّ من طرح مسألة الإنصاف في التعامل مع الله سبحانه ، والتي من أهمّها شكر نعمائه ، والذي طريقها الطبيعي يتجسّد في تطبيق التعاليم و المناهج الربّانية .
أَمِن الإنصاف أن يهب الله تعالى كلّ هذه النِّعم وبدون مقابل ، ثمّ يجحدها الإنسان ويتنكّر لها ، ويتمرّد على أوامر الله تعالى وأحكامه! مع أنّ أوامر الله تعالى وأحكامه ميسّرة وسهلة ، تكفّلت بصلاح الإنسان وسعادته وفلاحه ، وإلاّ فإنّ الله سبحانه غنيّ عن طاعتنا ، لا تنفعه طاعة من أطاعه ولا تضرّه معصية من عصاه .
وممّا يجدر ذكره أنّنا أحياناً نشعر بالخجل والحياء والامتنان حيال بعض