جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 57)


ثواب الصالحين في الدنيا



ليس هنالك من عمل دون أجر وثواب في الشريعة الإسلامية السمحاء ، وإضافة إلى الأجر الذي ينتظر الصالحين في الآخرة ، فهناك الثواب الذي ينالوه في هذه الدنيا . ثواب الصالحين في الدنيا هو هذا الذكر الطيّب والسمعة الحسنة والصلاة والتسليم عليهم ، وهو الثواب الذي يتجاوز حدود الزمان الذي عاشوا فيه ونهضوا بمسؤولية الحكومة ليبقى خالداً على مرّ العصور والدهور ، ولذلك ما زال التأريخ يحتفظ بذاكرته بصورتين إحداهما بشعة قاتمة للظلمة والطواغيت ، واُخرى حسنة جميلة لحكّام العدل من أولياء الله . فإذا ما ذكر الصالحون على مدى التأريخ تعالت الأصوات بالمديح والتسليم والصلوات ، وليس للظلمة سوى اللعنات و . . .
يصف (عليه السلام) هذا الثواب فيقول:
«وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ ، فَلْيَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ» .
لقد استوحى الإمام (عليه السلام) هذه العبارة من القرآن الكريم الذي قال بهذا الشأن: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً} (1) فالآية تفيد تسلّل المؤمنين الصالحين إلى قلوب الاُمّة التي تكنّ لهم الحبّ والمودّة .
ومن الواضح أنّ مثل هذه المودّة القلبية والمحبّة الباطنية لن تختنق في هذه القلوب ، فلا مناص من تفعيل هذه المودّة في الخارج على مستوى الحركات التي
  • 1 . سورة مريم ، الآية 96 .

(الصفحة 58)

تعاضد المحبوب وتشدّ من أزره .
قد يقال: لابدّ أن يكون الإنسان صالحاً لدى الله مرضيّاً عنده; وإلاّ فما يفيده حسن سمعته وشهرته بالصلاح بين الناس؟ ثمّ ألا تحدّ الشهرة الحسنة بين الناس من القيمة الواقعية للإنسان وبالتالي تشكِّل ضرراً عليه؟ نقول: إنّ المحبّة لدى الناس والسمعة الحسنة لديهم تنطوي على عدّة فوائد نكتفي بذكر اثنتين منها رعاية للاختصار:
1 ـ أنّ الإنسان إذا حظي بحبّ الآخرين فإنّ ذلك سيدفعهم للوثوق به ، وفي ظلّ هذه الثقة يقوم هذا الإنسان بتفجير طاقاته الشخصية ليحيلها إلى ثورة اجتماعية عظمى ، فيقدر هذا الإنسان بمفرده أن يتحوّل إلى مشروع ضخم يقدّم آلاف الأعمال الخيّرة الجبّارة .
وهذا ما لمسناه في تجربتنا الإسلامية الرائعة; فقوّة الإمام الخميني هي التي زجّت بالجماهير المليونية الإيرانية لتقود المسيرات والتظاهرات في شوارع البلاد وأزقّتها ، لتطيح بالنظام الشاهنشاهي ـ الملكي ـ الذي حكم البلاد طيلة 2500 عام ، كما نعلم بأنّ اطمئنانه القلبي هو الذي استقطب كلّ مشاعر الحبّ والودّ من هذا الشعب . ولنا هنا أن نسأل لو لم تكن هذه المودّة والثقة في الاُمّة حيال زعيمها الإمام الخميني (رضي الله عنه)  ، فهل كان يسعه أن يقود هذه المسيرة التي تُوِّجت بالموفّقية والنجاح؟
2 ـ كلّنا نعلم بأهمّية دور التبليغ ، وأنّه أنجح وأعظم سلاح . وأنّ إحدى أهمّ وسائل التبليغ إنّما تكمن في التذكير بأقوال وأفعال الصالحين من العباد . ولاشكّ في أنّ هذا التذكير لا يعدّ تبليغاً لشخص ، بل وقفة إجلال وإكبار لمقام العمل الصالح وتبيين مكانة وموقف الصلحاء . فتخليد آية الله الشهيد مرتضى المطهّري ـ العالم
(الصفحة 59)

الإسلامي العاملـ لا يعني تخليد شخصه بقدر ما يعني إجلال الإسلام وعلمائه العالمين ومواقفهم وأعمالهم .

حسن السمعة: شهادة اُخروية للصالحين

ستعرض أعمال العباد يوم القيامة بكافّة تفاصيلها على الله ، وعلى حدّ تعبير القرآن {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَه* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَه} (1) وعليه فإنّ الحقّ سبحانه سيتعامل مع حسن سمعة العباد بمثابة الشهادة على صلاحهم ، فلا يخوض في جزئيات أعمالهم ، وبهذا يتيسّر السبيل أمام الصالحين لأن يعتقوا من النار ويفوزوا بالجنّة .
والآن وبعد أن وقفنا على الثواب الدنيوي للصالحين ، لابدّ لنا من الوقوف على أهمّية العمل الصالح وما هي السبل التي تمهِّد للقيام به وممارسته .

أهمّية العمل الصالح

تقوم النظرية الإسلامية على أساس استناد الإنسان إلى بعدين في وجوده:
* البعد المادّي (الترابي)
* البعد الملكوتي (الرحماني)
إنّ هذين البعدين إلى جانب الحرّية والاختيار التي تحكم طبيعة الإنسان جعلته يعيش على هامش الفساد والخسران ، بحيث يتعذّر عليه اجتيازه دون التواصي بالإيمان والحقّ والصبر والعمل الصالح . فقد صرّح القرآن الكريم بها قائلاً: {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِي خُسْر* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
  • 1 . سورة الزلزلة، الآيتان 7 ـ 8 .

(الصفحة 60)

وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (1) .
فقد قدّمت السورة القرآنية المباركة صورة ناصعة للدور الذي يلعبه العمل الصالح في حياة الإنسان ، لتصفه بالسبيل الوحيد الذي من شأنه إنقاذ الإنسان من هذا الفساد والخسران .
ما العمل الصالح والصالحات؟
بعد أن اتّضحت أهمّية العمل الصالح ، نتساءل ما هو العمل الصالح ، وما هي الصالحات وما هو السبيل الذي يمكن من خلاله تمييز العمل الصالح؟
هناك ثلاثة سبل لتمييز العمل الصالح:

* الأوّل: الواجب

تعدّ كافّة الواجبات التي كُلّف الإنسان بها من الصالحات ، فوجوبها يدلّ على صلاحها ، فلو لم تكن صالحة لما كلّف الرحمن عباده بالإتيان بها وعلى سبيل الوجوب .
وبناءً على ما تقدّم فإنّ الصوم والصلاة والخمس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر الواجبات الإسلاميّة من الأعمال الصالحة .

* الثاني: المدح والثناء

كلّ عمل مدح في القرآن وروايات أهل البيت (عليهم السلام) يعدّ من الأعمال الصالحة; ولو لم يكن كذلك فإنّ الحقّ تبارك تعالى لا يمدحه ويثني عليه .
وبناءً على هذا فإنّ الأعمال الواردة في الآية الكريمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (2) تعدّ من الصالحات . وقد وصف أميرالمؤمنين علي (عليه السلام) لهمام صفات المتّقين فقال: «منطقهم
  • 1 . سورة العصر ، الآيات 1 ـ 3 .
  • 2 . سورة المؤمنون ، الآيات 1 ـ 3 .

(الصفحة 61)

الصواب وملبسهم الاقتصاد ، عظم الخالق في نفوسهم فصغر مادونه في أعينهم . . . حاجاتهم خفيفة ونفوسهم عفيفة . . . وصبراً في شدّة ، وطلباً في حلال . . . خاشعاً قلبه قانعاً نفسه»(1) .

* الثالث: البيان

أشار القرآن الكريم وروايات أهل البيت (عليهم السلام) صراحةً إلى صلاح بعض الأعمال بالنظر إلى أهمّيتها وعظم خصائصها . فقد أعلن القرآن صراحة ـ وبعد تصويره لحالة مجاهدي صدر الإسلام ـ ما سيكتب لهم من عمل صالح بفعل بعض الخصائص ـ التي سنشير إليها ـ فقال بهذا الشأن: {مَا كَانَ لاَِهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الاَْعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَيْلا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ* وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) .

  • 1 . نهج البلاغة: 303 ، الخطبة 193 .
  • 2 . سورة التوبة ، الآيتان 120 ـ 121 .