جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 159)

فهل نعتبر مَن يقوم بهذه الجرائم البشعة والجنايات القذرة ، إنساناً ، ولو اعتبرناه إنساناً ذا حقوق فما بالك بحقوق أولئك الأفراد الذين يمزّق أجسادهم بقنابل غدره؟ فإذا كان الاقتصاص من القاتل الذي يؤدّي بحياة العشرات من الأبرياء وتطهير المجتمع من دنسه يعدّ عملاً وحشياً وغير إنساني ، فهل من تبرير وتوجيه لقتل الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا يعرفون حتّى قاتلهم وهدفه من ذلك القتل؟ أليست هذه الأفعال الشنيعة والجرائم البشعة تتناقض والإنسانية؟ أفلا يتمتّع ضحايا هؤلاء المجرمين بقيمة وحقوق إنسانية معتبرة ، وليست هناك من حقوق سوى لذلك القاتل أقرّتها له الدول الكبرى؟ وهل للحكومة الإسلاميّة أن تستجيب لهذه الحقوق المضحكة والتي تدعو للسخرية فتحترم حقوق القتلة وتسهر على توفير الدعم لهم وتولّي ظهرها للضحايا الأبرياء؟
وهذه هي الخزعبلات التي كانت تضطرّ الشهيد المظلوم الدكتور السيّد البهشتي لعقد المؤتمرات والندوات للردّ على الشكوك والشبهات التي تثار بشأن القصاص .
وعوداً على بدء فإنّ الإمام علي (عليه السلام) واستلهاماً من القرآن أكّد على ضرورة اعتماد القصاص حتّى بالنسبة لأقرب مقرّبيه من قبيل مالك الأشتر .

علاج مرض العجب



تعرّضنا سابقاً إلى أنّ أحد الأمراض الأخلاقية ـ التي قد تجد طريقها إلى مسؤولي الدولة ـ يكمن في العجب والاغترار بالنفس . ونحاول أن نطرح أسلوب علاج هذا المرض من وجهة النظر الفلسفية:
إنّ أحد المباحث المهمّة التي تثيرها الفلسفة مبحث رابطة ممكن الوجود
(الصفحة 160)

بواجب الوجود ، والمراد بممكن الوجود الإنسان وكافّة ظواهر العالم التي يتساوى وجودها وعدمها ، أمّا واجب الوجود فهوالله سبحانه الغني بالذات .
وهناك جوابان بشأن الرابطة بين واجب الوجود وممكن الوجود ، ويمكن القول بنظرة سطحية عابرة: أنّ الإنسان وسائر الكائنات عبارة عن «شيء له الربط» وهو محتاج قد اكتسب وجوده من واجب الوجود ، والأعمق من ذلك ما أورده الفيلسوف المعروف صدر المتألّهين حيث قال: رابطة ممكن الوجود بواجب الوجود هي أنّ ممكن الوجود ليس شيء له الربط ، بل «هو عين الربط»(1) .
فإذا كانت هذه هي رابطة الإنسان بخالقه ، فأنّى له بالعجب والاغترار بذاته ، وهو يسمع القرآن يهتف به آناء الليل والنهار: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ}(2) ويقرّ بأنّ «لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه»؟(3) .
إذن فأفضل علاج للاستكبار أن يضع نصب عينيه رابطته باللّه ، ويقف على مدى فقره وحاجته أمام الذات الغنية المطلقة ليرى هل العجب إلاّ شعور بالبلاهة والحماقة! ثمّ ألم يقل الحقّ: «الكبرياء ردائي»؟(4) أو ليس المتكبِّر يرى نفسه بمصافّ الله؟ أو ليس هذا من الشرك الخفي؟ ولذلك يحذّر الإمام (عليه السلام) مالكاً من العواقب المشؤومة التي يخلّفها العجب والتكبّر:
«وَإِيَّاكَ وَالإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ ، وَالثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَحُبَّ الإِطْرَاءِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ ،
  • 1 . الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة: 1 / 327 ـ 331 .
  • 2 . سورة فاطر ، الآية 15 .
  • 3 . الكافي: 2 / 425 و521 و523 و525 و530 و . . .
  • 4 . المسند لابن حنبل: 3 / 315 ح8903 وص390 ح9370، النهاية في غريب الحديث: 1/44، الترغيب والترهيب: 3 / 563 ح41،بحار الأنوار:1/152 وج49/13 ، وج73/192 و195 و210 وج 87 / 302.

(الصفحة 161)

وَإِيَّاكَ وَالْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ ، أَوِ التَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ ، أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ ، فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الإِحْسَانَ ، وَالتَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ ، وَالْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَالنَّاسِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لاتَفْعَلُونَ} (1)» .
فما إن يفرغ الإمام (عليه السلام) من تصوير بشاعة الاستكبار حتّى يتعرّض إلى ثلاثة مواضيع:
* الأوّل: المِنّة
لقد أدانت التعاليم الإسلاميّة «المنّة» كيفما كانت ، سواء منّة الناس على بعضهم البعض أو منّة الدولة على الأُمّة; وذلك لأنّه:
أوّلاً: أنّ الإنفاق والصدقة ـ وبعبارة اُخرى مساعدة الآخرين ـ إنّما تهدف إلى انتشال الفقراء والمعوزين من ضائقتهم المادّية والتحفيف من توتّراتهم الروحية من خلال تلبية حاجاتهم المعيشيّة ، فإذا استبطنت المنّة هذا الإنفاق والصدقة فإنّها سوف لن تقضي على الهدف المذكور فحسب ، بل ستسدّد ضربة موجعة لروح الفقراء والمحتاجين .
وثانياً: ما تقدّمه الدولة من خدمات للاُمّة إنّما يمثِّل وظيفة لايمكن المنّة بها على أحد .
وثالثاً: أنّ الإنفاق والبذل لابدّ أن يكتسب صبغة ربّانية ، أمّا المنّة فهي تفيد أنّ العمل مجرّد من تلك الصبغة .
ورابعاً: لم يمنّ الله على عباده رغم إغداقه لكافّة النِّعم سوى نعمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)والإسلام ، فلو منّ أحد على آخر إثر إحسان أسداه إليه فإنّ ذلك يفيد أنّه يرى
  • 1 . سورة الصفّ ، الآية 3 .

(الصفحة 162)

استقلاليه لنفسه وأنّ النعمة صادرة منه ، والحال أنّنا نقرّ بأنّ مالك الكون كلّه هو الله: «لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه» وهو منه: {إِنَّا للهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}(1) .
* الثاني: خُلف الوعد
يرى الإسلام أنّ خلف الوعد بحكم التنصّل من الدين والإيمان . وقد قال القرآن بهذا الشأن: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ} وبالمقابل فإنّ الوفاء بالعهد من علامات الإيمان والالتزام بالتعاليم الإسلاميّة . فإذا وعد المسؤول الأُمّة وعداً ونقضه ، فإنّ ضرر ذلك سيصيب الدولة إلى جانب مؤاخذته من الله .
وعليه فالأفضل أن يعد المسؤولون الاُمّة بما يستطيعوا الوفاء به والتحفّظ عن سائر الوعود والعهود .
* الثالث: المبالغة
تتمتّع الحقيقة وكلّ ما يمتّ لها بصلة بنور خاصّ ، ولذلك فإنّ الفرد الذي يكذب ـ على سبيل المثال ـ يعيش العذاب في أعماقه وضميره ويغطّ في ظلمات قاتمة ، بينما يفيض الصادق نوراً وإشراقاً .
وعلى هذا الأساس فإنّ قول ما يمكن تحقّقه لا ينفّر الناس ، بل يشدّهم ما يشاهدونه من نور إلى الحقيقة ، وعليه فلا يليق بالدولة الإسلاميّة أن تبالغ لدى الأُمّة بشأن الأعمال التي قامت بها; لأنّ الأُمّة تعشق الحقيقة حين تلمس الأشياء حسب واقعها ، بينما تعتبر المسؤولين حفنة من الخونة وعديمي الإيمان بالمبادئ الإسلاميّة إذا شعروا بالمبالغة وتضخيم الاُمور .

  • 1 . سورة البقرة ، الآية 156 .

(الصفحة 163)


القرار الناجح



يكمن سرّ الانتصار في اتّخاذ المسؤولين للقرارات الحاسمة ، فإذا اتّخذ المسؤول قراره الحاكم بوقته كان ناجحاً ، وإلاّ كان فاشلاً متخبّطاً .
وبناءاً على ذلك فإنّ المسؤول ينبغي أن يتحرّك بادئ ذي بدء استناداً إلى هدف معيّن واضح ، فإذا توفّرت الظروف اللازمة اتّخذ قراره دون تردّد أو إبطاء ، وبالطبع فإنّ القرار إنّما يكون قاطعاً صائباً إذا اتّخذ في الوقت المناسب إلى جانب توفّر الشروط المذكورة: «وَإِيَّاكَ وَالْعَجَلَةَ بِالأُمُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا ، أَوِ التَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا ، أَوِ اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ ، أَوِ الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ ، فَضَعْ كُلَّ أَمْر مَوْضِعَهُ ، وَأَوْقِعْ كُلَّ أَمْر مَوْقِعَهُ» .
ويمكننا أن نقف على عمق أهمّية الوقت فيما لو تأمّلنا الصلوات الخمس اليومية ، بحيث يُضحّى بأغلب الشرائط من أجل الوقت ، فعلى سبيل المثال لو تعذر الماء أمكن التيمّم للصلاة ولكن في وقت الصلاة لا خارجه ، وهكذا ضرورة الالتفات لمسألة الوقت في سائر العبادات ، كالحجّ الذي يجب أن تُؤدّى مناسكه في أوقات معيّنة ، والصوم في شهر رمضان . وكلّ هذه المقرّرات الشرعية إنّما تفيد أهمّية الوقت وعمق الأضرار التي يخلّفها عدم الالتفات إليه ، وقد قال الإمام أبو محمّد الحسن العسكري (عليه السلام): . . . . فلا تعجل على ثمرة لم تدرك ، وإنّما تنالها في أوانها ، واعلم أنّ المدبّر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه ، فثق بخيرته في جميع اُمورك يصلح حالك ، ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها ، فيضيق قلبك وصدرك ويخشاك القنوط ، واعلم . . .(1) .

  • 1 . أعلام الدين: 313 ، بحار الأنوار: 78 / 378 ح4 .