جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 134)


تخفيف الضرائب



تعتبر الطبقة الفلاّحية من أجهد الطبقات وأكثرها عَناءً ، فحياتهم مرهونة بالعوامل والظواهر الطبيعية ، ولعلّ أدنى إهمال لهذه الحوادث الطبيعية والظواهر الصعبة قد يؤدّي إلى أضرار بالغة . وهذا بدوره يجعل الفلاّح يركّز جُلَّ تفكيره طيلة ليله ونهاره من عامه وفي جميع الأحوال ويقضي أوقاته في أرضه ومزرعته دون أدنى غفلة ، بخلاف سائر الطبقات التي تتعامل حسبما تريد مع عملها . فإذا كانت طبيعة عمله بهذه الصعوبة والتعقيد وجب أن يكون مستواه المعاشي ومقدار دخله يتناسب وتلك الحالة ، ليشعر الفلاّح أنّ ثمرة جهوده لاتذهب إلى غيره ، بينما هو الذي يتحمّل أعباءها ، وبالتالي لا ينبغي أن يشعر بظلمه من قبل الآخرين واستغلالهم لجهوده ، بل إنّ الأرض له وملكه وليس لكائن مَن كان أن يجرّده منها ويسلبها عنه .
إلى جانب ذلك لابدّ من الاهتمام بآرائه ومقترحاته بشأن الأرض والزراعة والثمر ، فلو شعر بأنّ الضرائب تفوق دخله ، أو هجمت على محاصيله بعض الآفات الزراعية بحيث يرى نفسه عاجزاً عن أداء الخراج ، وجب على عمّال الدولة أن يُدركوا مشكلاته ويخفّفوا عنه عبء الضرائب والخراج ، أو يتنازلوا عنها تماماً; لأنّ الحدّ من الخراج والضرائب ـ عند حاجة المزارعين ـ يختزن عدّة فوائد تعود على الدولة .
إضافة إلى ذلك فإنّه يبعث الأمل في قلوب المزارعين ، ويثير فيهم الرضى والسرور بما يدفعهم ـ وهم يشكّلون غالبية أفراد المجتمع ـ للتضامن مع الدولة وشدّ أزرها حين الحاجة وحلول الأزمة; ولذلك قال (عليه السلام):

(الصفحة 135)

«فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلاً أَوْ عِلَّةً ، أَوِ انْقِطَاعَ شِرْب أَوْ بَالَّة ، أَوْ إِحَالَةَ أَرْض اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ ، أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ ، خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ . وَلاَ يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَؤُونَةَ عَنْهُمْ ، فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلادِكَ ، وَتَزْيِينِ وِلايَتِكَ مَعَ اسْتِجْلابِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ ، وَتَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ الْعَدْلِ فِيهِمْ ، مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ ، بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ وَ الثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ وَ رِفْقِكَ بِهِمْ . فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ ، فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ » .

نتائج تجاهل المزارعين

نفهم من كلام الإمام علي (عليه السلام) أنّه إذا فرضت على المزارعين ما يثقل كاهلهم من الضرائب ، وتقاعست الدولة عن إعمار الأراضي الزراعية ، وأهملت القطّاع الزراعي ، فإنّ ذلك سيدفع بالمزارعين لأن يشعروا بأنّهم لا يعملون لأجل أنفسهم وضمان معاشهم وأنّهم لا يحصلون على الدخل الذي يتناسب وحجم جهودهم ، وأنّ الآخرين هم الذين يستثمرونهم ويستفيدون من طاقاتهم .
ولا شكّ في أنّ مثل هذا الشعور سيؤدّي بالمزارعين إلى الكذب والخداع والتهريب والسرقة لتأمين متطلّبات حياتهم ، الأمر الذي يدفعهم إلى الجريمة والجناية ، وربما أصبحوا قطّاع طرق يكمنون في طريق الإنسانية .
أمّا الأثر الآخر الذي ستفرزه هذه الأوضاع هو الهجرة التي تلجأ إليها القوى الفاعلة من شباب القرى بغية التمتّع بحياة المدينة ، وليس أمامهم سوى أن يتحوّلوا إلى باعة في الطرق إلى جانب التلوّث بالرذيلة والفساد ، الأمر الذي يؤدّي في خاتمة المطاف إلى تصدّع كيان الدولة .

(الصفحة 136)


عوامل سقوط الحكومة وانحطاطها



يرى الإمام علي (عليه السلام) أن هنالك ثلاثة عوامل تؤدّي إلى انحطاط الدولة وسقوطها:
1 ـ روحية التكاثر وجمع الأموال لدى مسؤولي الدولة .
2 ـ سوء الظنّ والتشاؤم ببقاء الدولة وديمومتها .
3 ـ عدم الاعتبار بالعبر والتجارب السابقة .
إنّ ساسة البلاد إنّما يقودون الدولة إلى الانحطاط والسقوط إذا لم يثقوا ببقاء الدولة وديمومتها وتصوّروا بأنّها زائلة ، واتّجهوا صوب التكاثر وجمع الثروة وولّوا ظهورهم للعبر ولم يتّعظوا بها . فالواقع أنّه لن يكتب البقاء لمثل هذه الدولة وسيُسحب البساط من تحتها ، وهي زائلة شاءت أم أبت .
«وَإِنَّمَا يُؤْتَى خَرَابُ الْأَرْضِ مِنْ إِعْوَازِ أَهْلِهَا ، وَإِنَّمَا يُعْوِزُ أَهْلُهَا لإِشْرَافِ أَنْفُسِ الْوُلاةِ عَلَى الْجَمْعِ ، وَسُوءِ ظَنِّهِمْ بِالْبَقَاءِ ، وَقِلَّةِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْعِبَرِ» .

(الصفحة 137)


أفضل المعايير في اختيار موظّفي الدولة



إنّ إقامة العدل والقسط في ربوع المجتمع وإيصال الأُمّة الإسلاميّة إلى الاعتدال يعدّ من الأهداف الرئيسية للإسلام ، فاذا أراد الوالي أن يراعي العدل ـ ولابدّ له من ذلك ـ في انتخاب معاونيه ، وجب عليه أن يختار أحسن الأفراد من حيث الأخلاق ، أي الفرد المتخلّق بأخلاق الله . ومن الواضح أنّ الفرد المتخلّق باخلاق الله يتّصف بالصفات الآتية; إنّه:
* مفكِّر وعالم .
* أمين .
* عليم .
* دقيق في العمل .
* مبدع .
* أديب وسمح .
* يحبّ الصالحين ويبغض الطالحين والظالمين .
* متواضع .

وخلاصة القول يتّصف بالفضائل التي أشار إليها الإمام علي (عليه السلام):
«ثُمَّ انْظُرْ فِي حَالِ كُتَّابِكَ ، فَوَلِّ عَلَى أُمُورِكَ خَيْرَهُمْ ، وَاخْصُصْ رَسَائِلَكَ الَّتِي تُدْخِلُ فِيهَا مَكَائِدَكَ وَأَسْرَارَكَ بِأَجْمَعِهِمْ لِوُجُوهِ صَالِحِ الأَخْلَاقِ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ الْكَرَامَةُ ، فَيَجْتَرِئَ بِهَا عَلَيْكَ فِي خِلاف لَكَ بِحَضْرَةِ مَلأ ، وَلاَتَقْصُرُ بِهِ الْغَفْلَةُ عَنْ إِيرَادِ مُكَاتَبَاتِ عُمِّالِكَ عَلَيْكَ ، وَإِصْدَارِ جَوَابَاتِهَا عَلَى الصَّوَابِ عَنْكَ ، وفِيمَا يَأْخُذُ لَكَ وَ يُعْطِي مِنْكَ ، وَلاَ يُضْعِفُ عَقْداً اعْتَقَدَهُ لَكَ ، وَلاَ يَعْجِزُ
(الصفحة 138)

عَنْ إِطْلاقِ مَا عُقِدَ عَلَيْكَ ، وَلاَ يَجْهَلُ مَبْلَغَ قَدْرِ نَفْسِهِ فِي الأُمُورِ ، فَإِنَّ الْجَاهِلَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ يَكُونُ بِقَدْرِ غَيْرِهِ أَجْهَلَ» .

حسن الخدمة والمعرفة الشخصية لا تكفيان



قلنا بأنّ أفضل انتخاب يراه الإمام (عليه السلام) هو ذلك القائم على أساس الخُلق الإلهي ، فما أن يفرغ الإمام (عليه السلام) من بيان ذلك حتّى يتعرّض لقضية اُخرى ، فيكشف النقاب بفطنته الربّانية عن سرّ متجذّر في الإنسان ونابع من تركيبته المعقّدة فكلّنا يعلم بأنّ الأفراد الذين يتولّون الاُمور يكثر ويزداد عدد الأصدقاء لهم ، والعجيب أنّ أغلب هذا النوع من الأصدقاء يتمتّع ظاهرياً بالأخلاق الحسنة .
نعم ، فقد يطالعوننا أحياناً بلباس الزهّاد والعبّاد ، واُخرى يتحدّثون عن الشجاعة والبسالة ليسخروا من بسالة إسفنديار ورستم . يحسبون أنّهم أكرم من حاتم الطائي تارة ، وتارة اُخرى يتصوّرون أنفسهم من جهابذة علماء القرن . والحال أنّ هذه الاُمور ليست إلاّ حركات مصطنعة وألاعيب ساذجة يرومون من خلالها إلفات انتباه مصادر القرار من المتصدِّين بغية الأخذ بزمام الاُمور .
ولذلك يوصي الإمام (عليه السلام)مالكاً بعدم اعتماد المعرفة الشخصية كملاك للانتخاب ، ولابدّ من رعاية الاُمور الآتية:
«ثُمَّ لاَ يَكُنِ اخْتِيَارُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى فِرَاسَتِكَ وَاسْتِنَامَتِكَ وَحُسْنِ الظَّنِّ مِنْكَ ، فَإِنَّ الرِّجَالَ يَتَعَرَّضُونَ لِفِرَاسَاتِ الْوُلاةِ بِتَصَنُّعِهِمْ وَحُسْنِ خِدْمَتِهِمْ ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ النَّصِيحَةِ وَالأَمَانَةِ شَيْءٌ . وَ لَكِنِ اخْتَبِرْهُمْ بِمَا وُلُّوا لِلصَّالِحِينَ قَبْلَكَ ، فَاعْمِدْ لأَحْسَنِهِمْ كَانَ فِي الْعَامَّةِ أَثَراً ، وَأَعْرَفِهِمْ بِالأَمَانَةِ وَجْهاً ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَصِيحَتِكَ لِلَّهِ وَلِمَنْ وُلِّيتَ أَمْرَهُ» .