جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 95)

الرذيلة والفساد ـ إلى خلق فجوة بين الشعوب المستضعفة ودينها وسترها وعفافها ومعنوياتها وتمييع شخصيتها وهويّتها الإسلاميّة وإيقاعها في مصائد الفحشاء والمنكرات والرذائل ، وبالتالي الارتماء في أحضان المستعمر الطامع ، طبعاً عادةً ما يتشبّث الاستعمار بمختلف الأساليب الملتوية من أجل بقائه وديمومة حياته ، غير أنّه غالباً ما يركّز على إشاعة الفاحشة والمنكر التي تمثِّل أعظم معاوله الهدّامة .
فقد أيقن الاستعمار على مدى القرنين أو الثلاثة قرون الأخيرة أنّ العفاف والستر هي أعظم القلاع الصمّاء التي يصعب اختراقها من قبل الأجانب ، ولذلك إذا زالت هذه العفّة وحلّت محلّها الفاحشة والفساد ، تصدّعت عرى الأصالة الإنسانية ، وانقادت خصال الإنسانية إلى الأهواء والشهوات ، حتّى تتزلزل أركان الدين ودعائم العقائد ، فتتخلخل تلك القلعة الحصينة بحيث يتمهّد السبيل أمام تغلغل الاستعمار .
الإسلام من جانبه وبغية الحيلولة دون هذه المفاسد وقف بشدّة بوجه كافّة مظاهره ، كما يعاقب بأشدّ العقوبات كلّ مَن تسوّلت له نفسه ممارسة الفحشاء أمام أنظار الملأ العام أو حتّى في الخلوات بهدف إشاعة مثل هذه الممارسات ، ولذلك حَثَّ الإمام علي (عليه السلام)مالكاً على محاربة مظاهر الفساد والحيلولة دون شيوع الفاحشة ، بغية الحفاظ على كيان المجتمع الإسلامي وصونه من الانحراف والانحلال .

حلّ العقد

الوظيفة الاُخرى التي ينبغي أن يمارسها الحاكم وسائر مسؤولي البلاد ، تكمن في حلّ المعضلات وضمان المتطلّبات المادّية والمعنوية للأُمّة كما قال (عليه السلام) «أطلِقْ عن الناس عُقدةَ كلِّ حِقد» .

(الصفحة 96)

ومن الواضح أنّ الناس ـ وعلى ضوء طبعهم البشري وبموجب آمالهم وأحلامهم ـ كلّما عجزوا عن الظفر ببغيتهم فإنّما ينسبون الحرمان والمشاكل التي تواجههم في حياتهم إلى القائمين على الشؤون التنفيذية في الحكومة ، وهم يظنّون بأنّ الحكومة ـ وبالاستناد إلى الإمكانات المتاحة لديها ـ يمكنها أن تحقّق لهم جميع آمالهم وطموحاتهم .
وبالطبع فإنْ لم تحقّق الحكومة هذا الأمر ـ وحقّاً أنّه لمتعذّر عليها ـ فإنّ الناس سيضمرون البغض والعداء بما يجعل شأن الحكومة يتجه نحو الضعف والوهن والاُفول .
إذن ما نخلص إليه هو أنّ الحاكم لمّا لم يكن بإمكانه تحقيق كافّة طموحات الاُمّة فإنّ عليه ـ وباعتماد الأخلاق والآداب الإسلاميّة ـ أن يعرّف الأُمّة بالأزمات والمصاعب ، ويشركهم في البحث عن الحلول لهذه المعضلات ، وخلاصة القول عليه أن يسعى سعيه من أجل الظفر برضى الاُمّة .

الاستشارة في الإسلام

تعدّ الاسشارة في الثقافة الإسلاميّة من العناصر العملية في الحيلولة دون التسلّط والاستبداد ، إلى جانب الانفتاح على أفكار الآخرين والتوصّل إلى الأساليب الناجعة للتعامل مع بعض الاُمور ، ومن هنا فإنّ حسّاسية وخطورة الاستشارة إنّما تتناسب طردياً والقضية المطروحة للاستشارة . وتنشأ أهمّية الاستشارة من أمرين هما:
الأوّل: التطوّر والشمولية التي تشهدها كلّ يوم القضايا السياسية والثقافية والأخلاقية والفنّية والاقتصادية والصناعية وغيرها في كافّة مجالات الحياة ، ولا سيّما التعقيد والتخصّص الذي يكتنف أغلب المسائل ، الأمر الذي يجعل من
(الصفحة 97)

الصعوبة فهمها وإدراك مغزاها ، وبالتالي لا مناص من استشارة ذوي الخبرة والاختصاص .
الثاني: أنّ كلّ فرد من أفراد البشر مهما امتلك من قوّة عضلية وفكر جبّار وذكاء حادّ مقارنة بالآخرين ، فإنّه يبقى إنساناً محدوداً ليس لديه سوى فكرة واحدة ، فإذا استشار الآخرين وتعرّف على أفكارهم ، حصل على نتيجة أفضل . وقد وردت التأكيدات القرآنية وروايات الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) على هذا الأمر .
ومن ذلك ما خاطب به الحقّ سبحانه رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) الذي يمثِّل ذروة العقل والفكر البشري والملهم المباشر من مصدر الوحي داعياً إيّاه للاستشارة: {فَبِمَا رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الاَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (1) .
وقال الإمام علي (عليه السلام) بشأن الاستشارة: «مَن استبدّ برأيه هلك ، ومَن شاور الرجال شاركها في عقولها»(2) .
أمّا الآن وبعد أن اتّضحت لدينا ضرورة الاستشارة وأهمّيتها ، لابدّ أن نتعرّف على الأفراد الذين ينبغي استشارتهم ، وهل يجوز استشارة كلّ إنسان؟!

  • 1 . سورة آل عمران ، الآية 159 .
  • 2 . نهج البلاغة: 500 حكم 161 .

(الصفحة 98)


المعايير الأخلاقية للمستشارين



يستفيد عالمنا المعاصر اليوم من قضية الاستشارة ويحاول الانفتاح على تجارب الآخرين ، ولا سيّما في الأجهزة المرتبطة بالدولة التي توظّف الأفراد من ذوي العلم والتجربة والاختصاص ، غير أن الأمر الذي أغفلته أغلب الأوساط إنّما يكمن في المعايير الأخلاقية التي ينبغي أن تتوفّر في المستشارين .
وبعبارة أوضح فإنّ الحكومات غير الإسلاميّة لاترى أيّة شروط ينبغي توفّرها في المستشار سوى اتّصافه بالعلم والتجربة وحسن الإدارة ، بينما ترى المدرسة الإسلاميّة ضرورة توفّر المعايير والأُسس الأخلاقية إلى جانب العقل والدراية والتجربة .

الشروط الإيجابية

ينبغي توفّر الشروط الآتية في المستشار:
1 ـ الإسلام .
2 ـ العقل .
3 ـ الحلم .
4 ـ النصح .
5 ـ التقوى .
6 ـ التجربة .
وبالالتفات إلى هذه الشروط نفهم أنّ الإسلام يقرّ استشارة الفرد المسلم ، العاقل ، الحليم ، الناصح والتقي المجرّب ، بينما لا يؤمن باستشارة الفرد غير المسلم ،
(الصفحة 99)

الفاسق ، الجاهل الطائش وعديم التقوى والتجربة .
فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)أنّه قال: «شاور في أُمورك ممّا يقتضي الدين مَن فيه خمس خصال: عقل و حلم و تجربة ونصح وتقوى»(1) .

* الشروط السلبية

أمّا الشروط التي لا ينبغي توفّرها في المستشار فهي:
1 ـ الجبن .
2 ـ البخل .
3 ـ الحرص .
4 ـ الوغادة .
5 ـ التلوّن .
6 ـ اللجاجة .
7 ـ الجهل .
فمثل هؤلاء الأفراد لا يستحقّون الاستشارة ، وروي عن الصادق (عليه السلام) بهذا الخصوص أنّه قال: «ولا تشر على مستبدّ برأيه ، ولا على وغد ولا على متلوّن ولا على لجوج»(2) .
وقال عليّ (عليه السلام) بهذا الشأن:
«ولا تُدخِلَنَّ في مَشُورَتِكَ بَخِيلاً يَعدِلُ بكَ عن الفضلِ ، ويَعِدُك الفَقرَ ، ولا جباناً يُضْعِفُكَ عن الاُمورِ ، ولا حريصاً يزيّنُ لكَ الشَرَه بالجور ، فإنّ البُخلَ والجُبْنَ والحِرصَ غَرائزُ شَتّى يَجمَعُها سوءُ الظنِّ باللّه» .

  • 1 . مصباح الشريعة: 152، بحار الأنوار: 75 / 103 ب48 ح33 .
  • 2 . بحار الأنوار: 75 / 104 ب48 ح37 .