جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 157)


انهيار الحكومة بسفك الدماء



لا يؤمن الإسلام على غرار حكومات الشرق والغرب بتشييد صرح الدولة على إراقة الدماء وسفكها ، ويرى أنّ سفك الدم يشكّل اللبنة الأساسيّة في تآكل الحكومة وانتقالها إلى الآخرين .
والنظرة الإسلاميّة إنّما تستند إلى الإيمان الراسخ بكرامة الإنسان ، بل أبعد من ذلك أنّ الإسلام يرى قتل الفرد بمثابة قتل البشرية برمّتها ، وإحياء الفرد إحياءً لكافّة الإنسانية . فقد صرّح القرآن بهذا الخصوص قائلاً:
{مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْس أَوْ فَسَاد فِي الاَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}(1) .
ويبدو أنّ السرّ في ذلك هو أنّ الإنسان إذا استعدّ لقتل أحد دونما سبب فقد خالف في ذلك أصل ظهور الإنسان والإنسانية وأنّه لا يرى لهذا الكائن من وجود على سطح الأرض ، فليس هنالك من فارق بين قتل زيد و عمرو ، فمن يُقدم عبثاً على قتل زيد لا يتحفّظ عن قتل عمرو ، ولو استطاع لأهلك كلَّ مَن على الأرض .
وقد تبلور هذا الأمر في كلام القرآن الناطق الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)حيث قال:
«إِيَّاكَ وَ الدِّمَاءَ وَ سَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى لِنِقْمَة ، وَلاَ أَعْظَمَ لِتَبِعَة ، وَ لاَ أَحْرَى بِزَوَالِ نِعْمَة ، وَانْقِطَاعِ مُدَّة ، مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقِّهَا ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مُبْتَدِئٌ بِالْحُكْمِ بَيْنَ الْعِبَادِ فِيمَا تَسَافَكُوا مِنَ الدِّمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ،
  • 1 . سورة المائدة ، الآية 32 .

(الصفحة 158)

فَلاتُقَوِّيَنَّ سُلْطَانَكَ بِسَفْكِ دَم حَرَام ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُضْعِفُهُ وَيُوهِنُهُ ، بَلْ يُزِيلُهُ وَيَنْقُلُهُ . وَلاَ عُذْرَ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ عِنْدِي فِي قَتْلِ الْعَمْدِ; لأَنَّ فِيهِ قَوَدَ الْبَدَنِ ، وَإِنِ ابْتُلِيتَ بِخَطَإ وَأَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ سَيْفُكَ أَوْ يَدُكَ بِالْعُقُوبَةِ ، فَإِنَّ فِي الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً ، فَلاتَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ» .
ويتّضح من كلامه (عليه السلام) أمران رئيسيّان:
1 ـ يرى الإمام (عليه السلام) أنّ أكبر أثر وضعي لسفك الدماء بغير حقّ هو انهيار الحكومات وزوالها ، وأفضل دليل على ما أورده الإمام (عليه السلام) ما لمسته الأُمّة الإيرانية المسلمة من انهيار حكومة الاُسرة الشاهنشاهية ـ الملكيّة ـ المقبورة إثر الدماء الطاهرة التي أراقتها ، فلم تظفر إلاّ باللعنات التي تطاردها صباح مساء وفي الآخرة عذاب أليم .
2 ـ لا يرى أدعياء حقوق الإنسان شرعية القصاص الذي وصفه القرآن(1)بأنّه الوسيلة الضرورية لحفظ الحياة الإنسانية وصونها من الاقتتال ، ويرونه يتناقض مع هذه الحقوق ، الأمر الذي جعلهم يعزفون ليلاً و نهاراً على وتر انتهاك إيران الإسلام لحقوق الإنسان .
إلاّ أنّ السؤال الذي ينبغي طرحه هنا: ما هذه الحقوق التي يتحدّث عنها هؤلاء؟ ومَن هو الإنسان المعنيّ بهذه الحقوق؟ فهل يستحقّ إسم الإنسان من يشهر سلاحه في وضح النهار ليفتك بالأطفال والشيوخ ويحرق الأخضر واليابس؟ وهل هناك من حقوق لمن يزرع القنابل في الأزقّة والأسواق والطرقات ويفجِّر منشآت نقل الركّاب فيودي بحياة النساء والأطفال ويحيل أجسادهم رماداً؟

  • 1 . (وَلَكُمْ فِى الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِى اْلأَلْبابِ) سورة البقرة، الآية 179 .

(الصفحة 159)

فهل نعتبر مَن يقوم بهذه الجرائم البشعة والجنايات القذرة ، إنساناً ، ولو اعتبرناه إنساناً ذا حقوق فما بالك بحقوق أولئك الأفراد الذين يمزّق أجسادهم بقنابل غدره؟ فإذا كان الاقتصاص من القاتل الذي يؤدّي بحياة العشرات من الأبرياء وتطهير المجتمع من دنسه يعدّ عملاً وحشياً وغير إنساني ، فهل من تبرير وتوجيه لقتل الأطفال والنساء والشيوخ الذين لا يعرفون حتّى قاتلهم وهدفه من ذلك القتل؟ أليست هذه الأفعال الشنيعة والجرائم البشعة تتناقض والإنسانية؟ أفلا يتمتّع ضحايا هؤلاء المجرمين بقيمة وحقوق إنسانية معتبرة ، وليست هناك من حقوق سوى لذلك القاتل أقرّتها له الدول الكبرى؟ وهل للحكومة الإسلاميّة أن تستجيب لهذه الحقوق المضحكة والتي تدعو للسخرية فتحترم حقوق القتلة وتسهر على توفير الدعم لهم وتولّي ظهرها للضحايا الأبرياء؟
وهذه هي الخزعبلات التي كانت تضطرّ الشهيد المظلوم الدكتور السيّد البهشتي لعقد المؤتمرات والندوات للردّ على الشكوك والشبهات التي تثار بشأن القصاص .
وعوداً على بدء فإنّ الإمام علي (عليه السلام) واستلهاماً من القرآن أكّد على ضرورة اعتماد القصاص حتّى بالنسبة لأقرب مقرّبيه من قبيل مالك الأشتر .

علاج مرض العجب



تعرّضنا سابقاً إلى أنّ أحد الأمراض الأخلاقية ـ التي قد تجد طريقها إلى مسؤولي الدولة ـ يكمن في العجب والاغترار بالنفس . ونحاول أن نطرح أسلوب علاج هذا المرض من وجهة النظر الفلسفية:
إنّ أحد المباحث المهمّة التي تثيرها الفلسفة مبحث رابطة ممكن الوجود
(الصفحة 160)

بواجب الوجود ، والمراد بممكن الوجود الإنسان وكافّة ظواهر العالم التي يتساوى وجودها وعدمها ، أمّا واجب الوجود فهوالله سبحانه الغني بالذات .
وهناك جوابان بشأن الرابطة بين واجب الوجود وممكن الوجود ، ويمكن القول بنظرة سطحية عابرة: أنّ الإنسان وسائر الكائنات عبارة عن «شيء له الربط» وهو محتاج قد اكتسب وجوده من واجب الوجود ، والأعمق من ذلك ما أورده الفيلسوف المعروف صدر المتألّهين حيث قال: رابطة ممكن الوجود بواجب الوجود هي أنّ ممكن الوجود ليس شيء له الربط ، بل «هو عين الربط»(1) .
فإذا كانت هذه هي رابطة الإنسان بخالقه ، فأنّى له بالعجب والاغترار بذاته ، وهو يسمع القرآن يهتف به آناء الليل والنهار: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ}(2) ويقرّ بأنّ «لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه»؟(3) .
إذن فأفضل علاج للاستكبار أن يضع نصب عينيه رابطته باللّه ، ويقف على مدى فقره وحاجته أمام الذات الغنية المطلقة ليرى هل العجب إلاّ شعور بالبلاهة والحماقة! ثمّ ألم يقل الحقّ: «الكبرياء ردائي»؟(4) أو ليس المتكبِّر يرى نفسه بمصافّ الله؟ أو ليس هذا من الشرك الخفي؟ ولذلك يحذّر الإمام (عليه السلام) مالكاً من العواقب المشؤومة التي يخلّفها العجب والتكبّر:
«وَإِيَّاكَ وَالإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ ، وَالثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا وَحُبَّ الإِطْرَاءِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِنْ إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ ،
  • 1 . الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة: 1 / 327 ـ 331 .
  • 2 . سورة فاطر ، الآية 15 .
  • 3 . الكافي: 2 / 425 و521 و523 و525 و530 و . . .
  • 4 . المسند لابن حنبل: 3 / 315 ح8903 وص390 ح9370، النهاية في غريب الحديث: 1/44، الترغيب والترهيب: 3 / 563 ح41،بحار الأنوار:1/152 وج49/13 ، وج73/192 و195 و210 وج 87 / 302.

(الصفحة 161)

وَإِيَّاكَ وَالْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِكَ بِإِحْسَانِكَ ، أَوِ التَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِكَ ، أَوْ أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَكَ بِخُلْفِكَ ، فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الإِحْسَانَ ، وَالتَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ ، وَالْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّهِ وَالنَّاسِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لاتَفْعَلُونَ} (1)» .
فما إن يفرغ الإمام (عليه السلام) من تصوير بشاعة الاستكبار حتّى يتعرّض إلى ثلاثة مواضيع:
* الأوّل: المِنّة
لقد أدانت التعاليم الإسلاميّة «المنّة» كيفما كانت ، سواء منّة الناس على بعضهم البعض أو منّة الدولة على الأُمّة; وذلك لأنّه:
أوّلاً: أنّ الإنفاق والصدقة ـ وبعبارة اُخرى مساعدة الآخرين ـ إنّما تهدف إلى انتشال الفقراء والمعوزين من ضائقتهم المادّية والتحفيف من توتّراتهم الروحية من خلال تلبية حاجاتهم المعيشيّة ، فإذا استبطنت المنّة هذا الإنفاق والصدقة فإنّها سوف لن تقضي على الهدف المذكور فحسب ، بل ستسدّد ضربة موجعة لروح الفقراء والمحتاجين .
وثانياً: ما تقدّمه الدولة من خدمات للاُمّة إنّما يمثِّل وظيفة لايمكن المنّة بها على أحد .
وثالثاً: أنّ الإنفاق والبذل لابدّ أن يكتسب صبغة ربّانية ، أمّا المنّة فهي تفيد أنّ العمل مجرّد من تلك الصبغة .
ورابعاً: لم يمنّ الله على عباده رغم إغداقه لكافّة النِّعم سوى نعمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)والإسلام ، فلو منّ أحد على آخر إثر إحسان أسداه إليه فإنّ ذلك يفيد أنّه يرى
  • 1 . سورة الصفّ ، الآية 3 .