جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 96)

ومن الواضح أنّ الناس ـ وعلى ضوء طبعهم البشري وبموجب آمالهم وأحلامهم ـ كلّما عجزوا عن الظفر ببغيتهم فإنّما ينسبون الحرمان والمشاكل التي تواجههم في حياتهم إلى القائمين على الشؤون التنفيذية في الحكومة ، وهم يظنّون بأنّ الحكومة ـ وبالاستناد إلى الإمكانات المتاحة لديها ـ يمكنها أن تحقّق لهم جميع آمالهم وطموحاتهم .
وبالطبع فإنْ لم تحقّق الحكومة هذا الأمر ـ وحقّاً أنّه لمتعذّر عليها ـ فإنّ الناس سيضمرون البغض والعداء بما يجعل شأن الحكومة يتجه نحو الضعف والوهن والاُفول .
إذن ما نخلص إليه هو أنّ الحاكم لمّا لم يكن بإمكانه تحقيق كافّة طموحات الاُمّة فإنّ عليه ـ وباعتماد الأخلاق والآداب الإسلاميّة ـ أن يعرّف الأُمّة بالأزمات والمصاعب ، ويشركهم في البحث عن الحلول لهذه المعضلات ، وخلاصة القول عليه أن يسعى سعيه من أجل الظفر برضى الاُمّة .

الاستشارة في الإسلام

تعدّ الاسشارة في الثقافة الإسلاميّة من العناصر العملية في الحيلولة دون التسلّط والاستبداد ، إلى جانب الانفتاح على أفكار الآخرين والتوصّل إلى الأساليب الناجعة للتعامل مع بعض الاُمور ، ومن هنا فإنّ حسّاسية وخطورة الاستشارة إنّما تتناسب طردياً والقضية المطروحة للاستشارة . وتنشأ أهمّية الاستشارة من أمرين هما:
الأوّل: التطوّر والشمولية التي تشهدها كلّ يوم القضايا السياسية والثقافية والأخلاقية والفنّية والاقتصادية والصناعية وغيرها في كافّة مجالات الحياة ، ولا سيّما التعقيد والتخصّص الذي يكتنف أغلب المسائل ، الأمر الذي يجعل من
(الصفحة 97)

الصعوبة فهمها وإدراك مغزاها ، وبالتالي لا مناص من استشارة ذوي الخبرة والاختصاص .
الثاني: أنّ كلّ فرد من أفراد البشر مهما امتلك من قوّة عضلية وفكر جبّار وذكاء حادّ مقارنة بالآخرين ، فإنّه يبقى إنساناً محدوداً ليس لديه سوى فكرة واحدة ، فإذا استشار الآخرين وتعرّف على أفكارهم ، حصل على نتيجة أفضل . وقد وردت التأكيدات القرآنية وروايات الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) على هذا الأمر .
ومن ذلك ما خاطب به الحقّ سبحانه رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) الذي يمثِّل ذروة العقل والفكر البشري والملهم المباشر من مصدر الوحي داعياً إيّاه للاستشارة: {فَبِمَا رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الاَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (1) .
وقال الإمام علي (عليه السلام) بشأن الاستشارة: «مَن استبدّ برأيه هلك ، ومَن شاور الرجال شاركها في عقولها»(2) .
أمّا الآن وبعد أن اتّضحت لدينا ضرورة الاستشارة وأهمّيتها ، لابدّ أن نتعرّف على الأفراد الذين ينبغي استشارتهم ، وهل يجوز استشارة كلّ إنسان؟!

  • 1 . سورة آل عمران ، الآية 159 .
  • 2 . نهج البلاغة: 500 حكم 161 .

(الصفحة 98)


المعايير الأخلاقية للمستشارين



يستفيد عالمنا المعاصر اليوم من قضية الاستشارة ويحاول الانفتاح على تجارب الآخرين ، ولا سيّما في الأجهزة المرتبطة بالدولة التي توظّف الأفراد من ذوي العلم والتجربة والاختصاص ، غير أن الأمر الذي أغفلته أغلب الأوساط إنّما يكمن في المعايير الأخلاقية التي ينبغي أن تتوفّر في المستشارين .
وبعبارة أوضح فإنّ الحكومات غير الإسلاميّة لاترى أيّة شروط ينبغي توفّرها في المستشار سوى اتّصافه بالعلم والتجربة وحسن الإدارة ، بينما ترى المدرسة الإسلاميّة ضرورة توفّر المعايير والأُسس الأخلاقية إلى جانب العقل والدراية والتجربة .

الشروط الإيجابية

ينبغي توفّر الشروط الآتية في المستشار:
1 ـ الإسلام .
2 ـ العقل .
3 ـ الحلم .
4 ـ النصح .
5 ـ التقوى .
6 ـ التجربة .
وبالالتفات إلى هذه الشروط نفهم أنّ الإسلام يقرّ استشارة الفرد المسلم ، العاقل ، الحليم ، الناصح والتقي المجرّب ، بينما لا يؤمن باستشارة الفرد غير المسلم ،
(الصفحة 99)

الفاسق ، الجاهل الطائش وعديم التقوى والتجربة .
فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام)أنّه قال: «شاور في أُمورك ممّا يقتضي الدين مَن فيه خمس خصال: عقل و حلم و تجربة ونصح وتقوى»(1) .

* الشروط السلبية

أمّا الشروط التي لا ينبغي توفّرها في المستشار فهي:
1 ـ الجبن .
2 ـ البخل .
3 ـ الحرص .
4 ـ الوغادة .
5 ـ التلوّن .
6 ـ اللجاجة .
7 ـ الجهل .
فمثل هؤلاء الأفراد لا يستحقّون الاستشارة ، وروي عن الصادق (عليه السلام) بهذا الخصوص أنّه قال: «ولا تشر على مستبدّ برأيه ، ولا على وغد ولا على متلوّن ولا على لجوج»(2) .
وقال عليّ (عليه السلام) بهذا الشأن:
«ولا تُدخِلَنَّ في مَشُورَتِكَ بَخِيلاً يَعدِلُ بكَ عن الفضلِ ، ويَعِدُك الفَقرَ ، ولا جباناً يُضْعِفُكَ عن الاُمورِ ، ولا حريصاً يزيّنُ لكَ الشَرَه بالجور ، فإنّ البُخلَ والجُبْنَ والحِرصَ غَرائزُ شَتّى يَجمَعُها سوءُ الظنِّ باللّه» .

  • 1 . مصباح الشريعة: 152، بحار الأنوار: 75 / 103 ب48 ح33 .
  • 2 . بحار الأنوار: 75 / 104 ب48 ح37 .

(الصفحة 100)


الوزراء والساسة



الوزراء هم أرفع الأفراد الذين يضطلعون بمسؤولية برمجة مشاريع الحكومة . وهم الذين يمكنهم قيادة المسيرة نحو الصلاح والفلاح ، أو جرّها إلى الفساد والانحراف ، ومن هنا كانت هنالك علاقة وطيدة ومباشرة بين صلاح الحكومة وعلوّ مقامها وبين صلاح هؤلاء الأفراد ونضجهم .
ومن الطبيعي أن يسلب صلاحية التصدّي للوزارة والمناصب الحسّاسة في الحكومة مَن كان ذا تجربة وسابقة في وزارات الحكومات الطاغية والجائرة والأنظمة الفاسدة; وذلك لأنّ مثل هؤلاء الأفراد قد تأقلموا على الثقافة الفاسدة السائدة في ذلك النظام ، فهم لا يتورّعون عن الظلم ، الأمر الذي يحول بينهم وبين التجانس مع حكومة العدل التي ترفض كافّة أشكال الظلم والاضطهاد . وناهيك عمّا سبق فإنّ الأُمّة إذا رأت هؤلاء الأفراد الذين ذاقت منهم الأمرّين في الحكومة الطاغوتية السابقة وقد تسلّلوا الآن إلى مواقع الحكومة الجديدة ، فإنّها لا تملك سوى القول بأنّ تلك الحكومة مازالت قائمة وقد انخرط فيها هؤلاء الأفراد لتحقيق أغراضهم ومآربهم الشخصية!
وعلى هذا الأساس فإنّ الأُمّة ستشعر ثانية بالظلم وتسحب ثقتها من هذه الحكومة ، وبالتالي ستكون هناك هوّة سحيقة بين الأُمّة والحكومة ، قد تدفع بالاُمّة لمقاطعة الحكومة وزجّها إلى مصير لا تحسد عليه ، ولذلك قال (عليه السلام):
«إِنَّ شَرَّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلأَشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً ، وَمَنْ شَرِكَهُمْ فِي الآثَامِ فَلا يَكُونَنَّ لَكَ بِطَانَةً ، فَإِنَّهُمْ أَعْوَانُ الأَثَمَةِ وَإِخْوَانُ الظَّلَمَةِ ، وَأَنْتَ وَاجِدٌ مِنْهُمْ خَيْرَ الْخَلَفِ مِمَّنْ لَهُ مِثْلُ آرَائِهِمْ وَ نَفَاذِهِمْ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِثْلُ آصَارِهِمْ وَأَوْزَارِهِمْ