جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 88)

ومدى الدور الذي يلعبه كلّ منهما في الحكومة فقال:
«وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَؤُونَةً فِي الرَّخَاءِ ، وَأَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلاءِ ، وَأَكْرَهَ لِلإِنْصَافِ ، وَأَسْأَلَ بِالإِلْحَافِ ، وَأَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الإِعْطَاءِ ، وَأَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ ، وَأَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ» .
الصفة الرئيسيّة التي يتميّز بها عامّة الناس ومستضعفو المجتمع ، هي أنّهم يكتفون دائماً بالمقدار المتواضع من المأكل والمشرب والملبس وسائر متطلّبات الحياة ويواصلون مسيرتهم بالقناعة والرضى بالقليل ، ومن هنا فهم لن يثقلوا كاهل الوالي والحكومة أبداً .
بينما يطالعنا مترفو المجتمع بما هم عليه من مظاهر البذخ والترف الذين يثقلون كاهل الحاكم كلّ يوم بما يمارسون من ضغوط ، بغية تحقيق رغباتهم وإسرافهم ، وبالمقابل إذا ما عمّ البلاء ونشبت الحروب وسائر الخطوب ، ولّوا ظهورهم وتركوا المستضعفين لوحدهم في الساحة; وهنا يندفع المستضعفون ليضحّوا بالغالي والنفيس ، مستندين في ذلك إلى صبرهم وصمودهم وقناعتهم .

التزام العدل والإنصاف

يعتبر العدل أحد القيم الإنسانية ـ الإسلاميّة الراقية التي تطبع الاُمّة ، بحيث وظّف الحاكم الإسلامي ـ وبحكم القرآن الكريم القائل: {أُمِرْتُ لاَِعْدِلَ بَيْنَكُمْ} (1)ـ ببسط العدل والقسط ورعاية الإنصاف تجاه أبناء الأُمّة . وتتقدم الجماعة المستضعفة ـ بحكم فطرتها الأصيلة والإسلاميّة ـ في التزامها بالعدل على الجماعة المترفة من الأُمّة والتي تضيق ذرعاً بهذه العدالة ، فهي تعلم بأنّ تطبيق العدل
  • 1 . سورة الشورى ، الآية 15 .

(الصفحة 89)

وإقرار المساواة بين أفراد الأُمّة سوف يحول دون إسرافها وسيطرتها على الأموال والثروات التي تحصل عليها بمختلف الطرق والوسائل .

شكر النعم

يرى الإنسان نفسه وبوحي من فطرته ملزماً بأداء الشكر لمن أسدى إليه إحساناً أو كافأه بنعمة . فالمحرومون ـ وبدافع من فطرتهم الإنسانية الأصيلة ـ لايَدَعون ألسنتهم تنفكّ عن شكر ما يسديه إليهم الحاكم من إحسان ، فهم لا ينسون أو يتناسون أياديه قط; بينما لا يكترث المترفون وبدافع من شرههم لهذه النعم مهما بلغت ، بل يرون إسداء النعم من قبيل وظائف الحاكم ، الأمر الذي لايَدَعهم يشعرون بأنّ هناك إحساناً اُسدي إليهم ويجب عليهم شكره .

قبول العذر وعدم الإصرار

إنّ ضمان معيشة أفراد الاُمّة وتلبية حاجاتهم ومتطلّباتهم تعتبر وظيفة الحاكم الإسلامي والدولة الإسلاميّة . ومن الطبيعي أن تكون هذه الوظيفة مرنة على ضوء توفّر الظروف والإمكانات . فقد تقوم الدولة بهذه الوظيفة على أحسن ما يرام إذا ما توفّرت الإمكانات وتهيّأت الظروف بحيث تنال رضى الاُمّة ، بينما قد تعرض بعض الظروف وتستجدّ بعض الأزمات ـ والتي قد تباغت الدولة ولم تكن قد تكهّنت بها ـ بحيث يتعذّر على الدولة أن تقوم بهذه الوظيفة كما ينبغي ، ففي مثل هذه الحالة لا ترى الدولة التي ترى نفسها منبثقة من وسط الناس من وسيلة سوى الاعتذار للاُمّة .

(الصفحة 90)

وهنا يطالعنا التباين في المواقف ، حيث يسارع المحرومون لقبول العذر ويتنازلون عن متطلّباتهم ، بينما لا يقبل المترفون العذر ولا يتزحزحون قيد أنملة عن متطلّباتهم بكلّ إصرار وعناد .

الصبر على النوائب



لا تخلو المسيرة الاجتماعية لكلّ اُمّة من رفاهية ودعة وسلامة وأمن في حياتها تارة ، ومن ضيق وشدائد تارة اُخرى . وليس هناك من اُمّة أو حاكم يسعه الادّعاء بأنّه سوف لن يشهد بعض الصعاب والمعضلات وسيعيش حياته على الدوام بصورة مرفّهة وآمنة .
ولمّا كان محروموا المجتمع قد عاشوا مع الحرمان والضيق والشدّة وغير ذلك من الابتلاءات فإنّهم عادة ما يكونون أصبر على الشدائد وأجلد على النوائب ، بينما لا تبدي الجماعة المترفة مثل هذا الصبر والجلد ، بفعل حالة البذخ والترف التي تسود حياتهم اليومية .
هذا غيض من فيض الخصائص ـ التي سنتطرّق إلى المزيد منها ـ التي تدفع بالحاكم لأن يتحرّك من أجل الطبقات المستضعفة المحرومة بهدف تأمين متطلّباتها والفوز برضاها .
«وَإِنَّمَا عِمَادُ الدّينِ ، وَجِمَاعُ الْمُسْلِمينَ ، وَالْعُدَّةُ لِلاَْعْداءِ الْعَامَّةُ مِنَ الاُْمَّةِ ، فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ ، وَمَيْلُكَ مَعَهُمْ» .
نستنتج من وصايا الإمام (عليه السلام) والآيات القرآنية ـ التي مرّت ـ أنّ الإسلام دين
(الصفحة 91)

العامّة من الأُمّة . وهذه العامّة هي التي تؤمن ـ استنادا لكون حياتهم قائمة على أساس الحقّ والعدل والمساواة التي يتبنّاها الدين ـ بأنّ الإسلام هو الدين الوحيد الذي من شأنه خلق الشخصية الإسلاميّة وإنقاذها ، فهي لا تتوانى في التضحية بالغالي والنفيس من أجل هذا الدين .

جنود الحقّ

إنّ تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي تهدف إلى تحطيم القيود والأغلال المفروضة على الناس ، وتحرير المستضعفين والمحرومين ممّا يعانون من ظلم وإجحاف ، وتدعوهم لمقارعة المستعمر الطامع ، إنّما تستتبع على الدوام إثارة حفيظة المترفين المستكبرين الناهبين لثروات العالم ، الأمر الذي يدفع بهم لمواجهة الإسلام والقضاء عليه .
وهنا تنشب الحرب على قدم وساق لينبري المستضعفون لخوضها بكلّ شجاعة وبسالة ، بينما يتنحّى جانباً المتنعِّمون والأثرياء ويخلو الميدان . وقد لمسنا هذه الحقيقة في جبهات صراع الحقّ ضدّ الباطل إبّان الحرب المفروضة من قبل النظام العراقي البائد على الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ورأينا كيف اتّخذ أصحاب الثروة موقف المتفرِّج من تلك الحرب .
وهنا نقول بأنّ هذه الصفة ـ التي تتجسّد في العبارة «والعدّة للأعداء» ـ وسائر صفات المستضعفين ـ التي بيّناها سابقاً ـ تدفع بالحاكم لأن يتحرّك من أجل المستضعفين وضمان مصالحهم وتلبية متطلّباتهم المشروعة .

(الصفحة 92)