جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 152)

هذه الرؤية ـ وبعبارة اُخرى هذا النوع من التعامل مع الناس ـ إلى أن يتحلّى الوالي بملكة ضبط النفس ، الأمر الذي سيقوده إلى محاربة أهوائه وزلاّته ، إلى جانب مكافحة عثرات وشهوات الآخرين .
2 ـ إزالة الملابسات توجب تعرّف الأُمّة على الحقّ ، وبالتالي التزامها به وبالعدل وعدم التحرّج في بسطهما وإشاعتهما من قبل الأُمّة .

السلام والحياة الوادعة



لقد دعا الإسلام البشرية جمعاء إلى الصلح والسلام ، حتّى تبنّى القرآن شعاره الخالد: «الصلح خير» على أنّه من صميم الأهداف الرسالية ، كما صرّح القرآن به في قوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}(1) .
كما دعا عامّة المسلمين للصلح والسلام قائلاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}(2) .
فالآيتان الكريمتان وسائر الآيات الواردة بشأن روابط المسلمين بالكفّار ، إلى جانب السيرة النبوية العطرة ، تفيد أنّ الصلح والسلام هو الركيزة الأساسية التي شيّدت عليها صروح السياسة الخارجية والداخلية للإسلام .
وبناءً على هذا فإنّ الحاكم الإسلامي مدعوّ للاستجابة للصلح والسلام ونبذ الحرب والقتال متى تقدّم العدوّ بذلك .
ولكن ينبغي هنا طرح هذا السؤال: هل يقرّ الإسلام السلام بصورة مطلقة دون قيودأو شروط، أم هناك شروط معيّنة ينبغي أن ينطوي عليهاالصلح والسلام؟

  • 1 . سورة الأنفال ، الآية 61 .
  • 2 . سورة البقرة ، الآية 208 .

(الصفحة 153)

يجمع كافّة فقهاء الشيعة على أنّ الشرط الأساسي في الصلح أن يكون لصالح الإسلام والمسلمين ، ولا يجوز الصلح إذا كان يضرّ بالإسلام والمسلمين ، ويؤدّي بهم إلى الوهن والضعف; ولذلك قال (عليه السلام):
«وَلاَ تَدْفَعَنَّ صُلْحاً دَعَاكَ إِلَيْهِ عَدُوُّكَ ولِلَّهِ فِيهِ رِضًا ، فَإِنَّ فِي الصُّلْحِ دَعَةً لِجُنُودِكَ ، وَرَاحَةً مِنْ هُمُومِكَ ، وَأَمْناً لِبِلادِكَ ، وَلَكِنِ الْحَذَرَ كُلَّ الْحَذَرِ مِنْ عَدُوِّكَ بَعْدَ صُلْحِهِ ، فَإِنَّ الْعَدُوَّ رُبَّمَا قَارَبَ لِيَتَغَفَّلَ ، فَخُذْ بِالْحَزْمِ ، وَاتَّهِمْ فِي ذَلِكَ حُسْنَ الظَّنِّ» .
وتتّضح المعطيات التي يفرزها الصلح ـ كما وردت في كلمات الإمام (عليه السلام) ـ حيث تتمتّع القوّات المسلّحة بالهدوء والراحة في ظلّ استقرار الصلح والسلام ، كما يشعر الحاكم بالأمن والاستقرار الروحي وطرد الهموم والغموم ، فيتّجه صوب تنظيم شؤون البلاد ، والأهمّ من كلّ ذلك أنّ أفراد المجتمع يرون تحقّق آمالهم في ظلّ الأمن والسلام .
ثمّ يتطرّق الإمام (عليه السلام) إلى ضرورة عدم الخلود إلى الغفلة عن العدو بعد عقد الصلح; فالعدوّ هو العدو والذي يفكّر دائماً في القضاء على مَن يقف بوجهه . ولعلّ اقتراح الصلح وسيلة لإعادة تنظيم القوى ، وعليه لابدّ للحاكم من الحيطة والحذر وأن يدع لنفسه إساءة الظن بالعدوّ .

(الصفحة 154)


الوفاء بالعهد



يعتبر الوفاء بالعهد والالتزام بالوعود من أعظم الفضائل الإنسانية من وجهة نظر الإسلام ، وقد ورد التأكيد على أنّ الوفاء بالعهد من عرى الإيمان ، وأنّ نقضه يسلب الدين والإيمان ، كما صرّح بذلك القرآن والروايات(1) .
ولا يقتصر هذا المبدأ على الروابط المحلّية بين المسلمين فحسب ، بل على المسلمين أن ينتهجوه حيال الكفّار والأجانب:
«وَإِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً ، أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً ، فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ ، وَارْعَ ذِمَّتَكَ بِالأَمَانَةِ ، وَاجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ شَيْءٌ النَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اجْتِمَاعاً ، مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ وَتَشَتُّتِ آرَائِهِمْ ، مِنْ تَعْظِيمِ الْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ ، وَقَدْ لَزِمَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا اسْتَوْبَلُوا مِنْ عَوَاقِبِ الْغَدْرِ ، فَلاتَغْدِرَنَّ بِذِمَّتِكَ ، وَلاَ تَخِيسَنَّ بِعَهْدِكَ ، وَلاَ تَخْتِلَنَّ عَدُوَّكَ ، فَإِنَّهُ لاَ يَجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ إِلاّ جَاهِلٌ شَقِيٌّ . وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ عَهْدَهُ وَ ذِمَّتَهُ أَمْناً أَفْضَاهُ بَيْنَ الْعِبَادِ بِرَحْمَتِهِ ، وَحَرِيماً يَسْكُنُونَ إِلَى مَنَعَتِهِ ، وَيَسْتَفِيضُونَ إِلَى جِوَارِهِ ، فَلا إِدْغَالَ وَلاَ مُدَالَسَةَ(2) وَلاَ خِدَاعَ فِيهِ . وَلاَ تَعْقِدْ عَقْداً تُجَوِّزُ فِيهِ
  • 1 . سأل أبومالك الإمام السجاد (عليه السلام) : أخبرني بجميع شرائع الدِّين ، قال: قول الحقّ ، والحكم بالعدل ، والوفاء بالعهد . الخصال: 113 ح90 ، مستدرك الوسائل: 11 / 316 ، كتاب الجهاد باب وجوب العدل ح1 .
  • 2 . إذا كان اللفظ له معنيان والمتكلِّم يقصد المعنى الثاني ، فهذا النوع من الكلام يقال له: التورية .
  • إنّنا نقرأ في التاريخ عن سعيد بن جبير أحد أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)  ، دخل مكرهاً إلى قصر الحجّاج بن يوسف الثقفي ، فسأله الحجّاج: ما تقول فيَّ؟ فقال سعيد: قاسط عادل ، فقال الحاضرون: ما أحسن ما قال! ظنّوا أنّه وصفه بالقسط والعدل ، قال الحجّاج: يا جَهَلَة سمّاني مشركاً ظالماً ، ثمّ تلا: (وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّمَ حطباً) . وقصده من كلمة «عادل» هو العدول عن الحقّ .
  • وفي مواضع أُخرى عندما أمر هارون الرشيد بقتل البرامكة أيّام حكومته ، حضرت لديه امرأة من البرامكة تطلب منه المساعدة ، فأمر هارون بإعطائها ، وبعد أن أخذت المال قالت لهارون الرشيد: أقرّ الله عينيك وفرّحك بما آتاك ، حكمتَ بالقسط والعدل . فسألها هارون: من أيّ قبيلة أنتِ؟ قالت: من البرامكة الذين أمرتَ بقتل رجالهم . وبعد أن انصرفت قال هارون للحاضرين: إنّ هذه المرأة كانت تقصد سوءً بكلامها ، فهي تقصد من قولها: «أقرّ» أي استقرّت عيناك وعميت ، ومن قولها: «فرّحك» أي إشارة إلى الآية النازلة بخصوص هذه الدُّنيا ، ومن قولها: «بالقسط» أي الآية (وأمّا القاسطون فكانوا لجهنّم حطباً)  ، ومن قولها: «والعدل» أي العدول عن الحقّ والحقيقة .
  • اُنظر فيض القدير شرح الجامع الصغير: 2 / 599 .

(الصفحة 155)

الْعِلَلَ ، وَلاَ تُعَوِّلَنَّ عَلَى لَحْنِ قَوْل بَعْدَ التَّأْكِيدِ وَالتَّوْثِقَةِ ، وَلاَ يَدْعُوَنَّكَ ضِيقُ أَمْر لَزِمَكَ فِيهِ عَهْدُ اللَّهِ إِلَى طَلَبِ انْفِسَاخِهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، فَإِنَّ صَبْرَكَ عَلَى ضِيقِ أَمْر تَرْجُو انْفِرَاجَهُ وَفَضْلَ عَاقِبَتِهِ خَيْرٌ مِنْ غَدْر تَخَافُ تَبِعَتَهُ ، وَأَنْ تُحِيطَ بِكَ مِنَ اللَّهِ فِيهِ طِلْبَةٌ ، لاَ تَسْتَقْبِلُ فِيهَا دُنْيَاكَ وَ لاَ آخِرَتَكَ» .
وهذا هو الاُسلوب الذي سار عليه الأنبياء (عليهم السلام) ، فقد ورد عن الصادق (عليه السلام)بشأن إسماعيل (عليه السلام) بأنّه وعد شخصاً خارج مكّة في منطقة يقال لها: «صفاح» فأقام فيها مدّة ولم يحضر ذلك الشخص ، فطلبه أهل مكّة فلم يجدوه ، حتّى مرّ به رجل فقال له: يا نبيّ الله ، ضعفنا بعدك وهلكنا . فقال (عليه السلام): لقد وعدت فلاناً فلن أبرح حتّى يأتي ، فانطلق إليه الناس وقالوا له: يا عدوّ الله ، وعدتَ نبي الله فأخلفته؟ فانطلق إلى إسماعيل (عليه السلام) وقال: يا نبيّ الله لقد نسيت ميعادك . ثمّ قال الصادق (عليه السلام): ولذلك وصفه الله في كتابه أنّه {صَادِقَ الْوَعْدِ}(1) ،(2) .
ثمّ قال الصادق (عليه السلام) بشأن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنّه وعد رجلاً إلى صخرة فقال: أنا لك هاهنا حتّى تأتي قال: فاشتدّت الشمس عليه فقال له أصحابه: يارسول الله (صلى الله عليه وآله)
  • 1 . سورة مريم ، الآية 54 .
  • 2 . بحار الأنوار: 13 / 390 ح5 .

(الصفحة 156)

لو أنّك تحوّلت إلى الظلّ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) قد وعدته إلى هاهنا وإن لم يجئ كان منه المحشر(1) .
ونفهم من هذه الروايات وسائر الأخبار ـ التي وردت عن الأئمّة (عليهم السلام)بخصوص العهد ـ أنّ نقضه يستلزم عواقب وخيمة مدمّرة; لأنّ الإنسان مدني بالطبع ـ كما يصفه الفلاسفةـ وهو دائم البحث عن مدّ الجسور وإقامة العلاقات مع الآخرين ، وأنّ مثل هذه الحياة الاجتماعية تقتضي التزام كلّ فرد بتعهّداته ووعوده ونبذ كافّة العوامل ـ والتي أوجزها الإمام (عليه السلام) بالإدغال والمدالسة والخداع ـ التي من شأنها نقض العهود والإخلال بالوعود ، وإلاّ تصدّع النظام الاجتماعي برمّته .
وهذا هو الذي دفع برجال القانون والحقوق لأن يفردوا عدّة مباحث لموضوع «المعاهدات» حيث يرون ضرورة ربط العلاقات الدولية بهذه المعاهدات ، بهدف إشاعة الأجواء السلمية والتفاهم بين الدول والشعوب; وعلى هذا الأساس أبرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)المعاهدات مع المشركين ونصارى نجران وسائر أهل الكتاب والقبائل العربية في الجزيرة .

  • 1 . بحار الأنوار: 16 / 239 ح24 .