جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 131)

متابعة سير الأعمال من مختلف الطرق والقنوات ، بحيث يزول شكّه في صحّة ما يرده من تقارير إذا وردت من عدّة قنوات .
ومعنى هذا الكلام أنّه ورغم توفّر كافّة الشرائط المعتمدة في انتخاب العيون فإنّ التقرير بمفرده ليس بحجّة هذا أوّلاً ، وثانياً: إذا لم يكن هناك من اتّفاق ووحدة رأي في تقرير فلابدّ من القيام بمزيد من التحقيق والتحرّي .
وبغضّ النظر عن ذلك فإنّ التقرير الكاذب لأحد العيون بمثابة الخيانة واستغلال المنصب الحكومي ، والذي يجابه بأشدّ العقوبات والفضيحة أمام الملأ:
«ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ ، وَابْعَثِ الْعُيُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي السِّرِّ لأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الأَمَانَةِ ، وَالرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ . وَتَحَفَّظْ مِنَ الأَعْوَانِ ، فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَة اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً ، فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ ، وَأَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ، ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ ، وَوَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ ، وَقَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ» .

أهمّية الزراعة والمفهوم الاصطلاحي للخراج



لم يكن للصناعة في صدر الإسلام من دور في الآلية الاقتصادية ، بسبب ضعفها ومحدوديّتها ، إلى جانب ضعف التجارة نتيجة انعدام المواصلات والطرق التجارية وعدم توفّر الغطاء الأمني ، الأمر الذي جعل الاقتصاد يعتمد بالمرّة على الأراضي الزراعية والمحاصيل المستخرجة منها; ولذلك كانت «الضرائب» مقتصرة على الأراضي والمحاصيل الزراعية .
ويصطلح فقهياً بالخراج والمقاسمة على هذه الضرائب ، فإذا عيّنت الحكومة
(الصفحة 132)

مقداراً معيّناً من الأرض مثل ثلثها أو نصفها ـ كضرائب أُطلق عليها اسم «المقاسمة» ، وإذا عيّنت بصورة قطعية ـ مثلاً مائتي درهم لكلّ هكتار ـ سمّيت «خراجاً» كما يطلق «أهل الخراج» على الأفراد الذين يؤدّون الخراج والمقاسمة .
ولنرى الآن أهمّية الزراعة ودورها في المسيرة التكاملية الاقتصادية للمجتمع بعد أن اتّضح لدينا المفهوم الاصطلاحي للخراج ، فأغلب الأفراد الذين يعيشون في المدينة وقد تطبّعوا على أساليبها إنّما هم أفراد مستهلكون ـ وكلّما كانوا أكثر رفاهية كانوا أكثر استهلاكاً ـ يغطّون حاجاتهم من خلال ما ينتجه المزارعون ، بينما لا طاقة إنتاجية لهم ، فإذا نشط المزارعون ونهضوا بمحاصيلهم الزراعية فإنّ ذلك يؤدّي إلى ضمان حاجات أهل المدينة ، وإلاّ عجز أهل المدن حتّى عن إعداد حاجتهم من المواد الأوّلية; ولذلك فإنّ قيمة المزارع باقية لكونه الضامن على الدوام لحاجة الأفراد .
من جانب آخر فإنّ أهل المدن لا يؤمّنون حاجاتهم بصورة مباشرة دون واسطة ، بل يعتمدون على التجّار والوسطاء وسائر العناصر العاملة التي تشتري بدورها فائض المنتجات الحيوانية والنباتية من المزارعين .
وبالطبع فإنّ المزارعين إنّما يوفّرون أدواتهم المنزلية من قبيل الملبس ووسائل العمل وسائر الحاجات من خلال الأموال التي يحصلون عليها من بيع منتجاتهم ومحاصيلهم الزراعية .
ومن شأن هذه المقايضة أن تؤدّي إلى ازدهار وتطوّر اقتصاد المجتمع ، وكلّ ذلك يرتكز على أنشطة المزارعين; ولذلك فإنّ أيّ تعثّر تتعرّض له أنشطة المزارعين فإنّه يمتدّ إلى كافّة مرافق المجتمع ، الأمر الذي يؤدّي إلى شلل العملية الاقتصادية وتهديدها بالزوال والانهيار:
«وَتَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ; فَإِنَّ فِي صَلاحِهِ وَ صَلاحِهِمْ صَلاحاً
(الصفحة 133)

لِمَنْ سِوَاهُمْ ، وَلاَ صَلاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلاّ بِهِمْ ، لأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَأَهْلِهِ» .

الدولة والتنمية الزراعية



إذا أرادت الدولة أن تعوّل على الضرائب والخراج فإنّ عليها أن تعدّ مقدّماتها وتمهّد السبيل أمامها ، وذلك من خلال تقديم العون للمزارعين في توفير المياه وتنظيم عمليات السقي وشقّ الأنهار والتُرع وحفر الآبار وإيجاد السدود وشقّ الطرق بين الأراضي الزراعية ، وفي هذه الحالة يحقّ للدولة أن تتوقّع جباية الخراج ، وإلاّ فلو اُصيب القطّاع الزراعي بالشلل وتعذّر على المزارعين تأمين معاشهم وحاجاتهم عن طريق الزراعة ، فإنّ فرض الضرائب على الاُمّة سيستنزف جهودها ويحمّلها فوق طاقتها ، الأمر الذي يثير سخطها وغضبها ، وبالتالي ستندفع البلاد إلى حالة من الفوضى وعدم الأمن وسقوط الدولة; ولذلك يوصي الإمام (عليه السلام)عامله بالتركيز على العمارة قبل التفكير في الضرائب ، فيقول (عليه السلام):
«وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلابِ الْخَرَاجِ ، لأَنَّ ذَلِكَ لاَ يُدْرَكُ إِلاّ بِالْعِمَارَةِ ، وَمَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَة أَخْرَبَ الْبِلادَ ، وَأَهْلَكَ الْعِبَادَ ، وَلَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلاّ قَلِيلاً» .

(الصفحة 134)


تخفيف الضرائب



تعتبر الطبقة الفلاّحية من أجهد الطبقات وأكثرها عَناءً ، فحياتهم مرهونة بالعوامل والظواهر الطبيعية ، ولعلّ أدنى إهمال لهذه الحوادث الطبيعية والظواهر الصعبة قد يؤدّي إلى أضرار بالغة . وهذا بدوره يجعل الفلاّح يركّز جُلَّ تفكيره طيلة ليله ونهاره من عامه وفي جميع الأحوال ويقضي أوقاته في أرضه ومزرعته دون أدنى غفلة ، بخلاف سائر الطبقات التي تتعامل حسبما تريد مع عملها . فإذا كانت طبيعة عمله بهذه الصعوبة والتعقيد وجب أن يكون مستواه المعاشي ومقدار دخله يتناسب وتلك الحالة ، ليشعر الفلاّح أنّ ثمرة جهوده لاتذهب إلى غيره ، بينما هو الذي يتحمّل أعباءها ، وبالتالي لا ينبغي أن يشعر بظلمه من قبل الآخرين واستغلالهم لجهوده ، بل إنّ الأرض له وملكه وليس لكائن مَن كان أن يجرّده منها ويسلبها عنه .
إلى جانب ذلك لابدّ من الاهتمام بآرائه ومقترحاته بشأن الأرض والزراعة والثمر ، فلو شعر بأنّ الضرائب تفوق دخله ، أو هجمت على محاصيله بعض الآفات الزراعية بحيث يرى نفسه عاجزاً عن أداء الخراج ، وجب على عمّال الدولة أن يُدركوا مشكلاته ويخفّفوا عنه عبء الضرائب والخراج ، أو يتنازلوا عنها تماماً; لأنّ الحدّ من الخراج والضرائب ـ عند حاجة المزارعين ـ يختزن عدّة فوائد تعود على الدولة .
إضافة إلى ذلك فإنّه يبعث الأمل في قلوب المزارعين ، ويثير فيهم الرضى والسرور بما يدفعهم ـ وهم يشكّلون غالبية أفراد المجتمع ـ للتضامن مع الدولة وشدّ أزرها حين الحاجة وحلول الأزمة; ولذلك قال (عليه السلام):

(الصفحة 135)

«فَإِنْ شَكَوْا ثِقَلاً أَوْ عِلَّةً ، أَوِ انْقِطَاعَ شِرْب أَوْ بَالَّة ، أَوْ إِحَالَةَ أَرْض اغْتَمَرَهَا غَرَقٌ ، أَوْ أَجْحَفَ بِهَا عَطَشٌ ، خَفَّفْتَ عَنْهُمْ بِمَا تَرْجُو أَنْ يَصْلُحَ بِهِ أَمْرُهُمْ . وَلاَ يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ شَيْءٌ خَفَّفْتَ بِهِ الْمَؤُونَةَ عَنْهُمْ ، فَإِنَّهُ ذُخْرٌ يَعُودُونَ بِهِ عَلَيْكَ فِي عِمَارَةِ بِلادِكَ ، وَتَزْيِينِ وِلايَتِكَ مَعَ اسْتِجْلابِكَ حُسْنَ ثَنَائِهِمْ ، وَتَبَجُّحِكَ بِاسْتِفَاضَةِ الْعَدْلِ فِيهِمْ ، مُعْتَمِداً فَضْلَ قُوَّتِهِمْ ، بِمَا ذَخَرْتَ عِنْدَهُمْ مِنْ إِجْمَامِكَ لَهُمْ وَ الثِّقَةَ مِنْهُمْ بِمَا عَوَّدْتَهُمْ مِنْ عَدْلِكَ عَلَيْهِمْ وَ رِفْقِكَ بِهِمْ . فَرُبَّمَا حَدَثَ مِنَ الْأُمُورِ مَا إِذَا عَوَّلْتَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدُ احْتَمَلُوهُ طَيِّبَةً أَنْفُسُهُمْ بِهِ ، فَإِنَّ الْعُمْرَانَ مُحْتَمِلٌ مَا حَمَّلْتَهُ » .

نتائج تجاهل المزارعين

نفهم من كلام الإمام علي (عليه السلام) أنّه إذا فرضت على المزارعين ما يثقل كاهلهم من الضرائب ، وتقاعست الدولة عن إعمار الأراضي الزراعية ، وأهملت القطّاع الزراعي ، فإنّ ذلك سيدفع بالمزارعين لأن يشعروا بأنّهم لا يعملون لأجل أنفسهم وضمان معاشهم وأنّهم لا يحصلون على الدخل الذي يتناسب وحجم جهودهم ، وأنّ الآخرين هم الذين يستثمرونهم ويستفيدون من طاقاتهم .
ولا شكّ في أنّ مثل هذا الشعور سيؤدّي بالمزارعين إلى الكذب والخداع والتهريب والسرقة لتأمين متطلّبات حياتهم ، الأمر الذي يدفعهم إلى الجريمة والجناية ، وربما أصبحوا قطّاع طرق يكمنون في طريق الإنسانية .
أمّا الأثر الآخر الذي ستفرزه هذه الأوضاع هو الهجرة التي تلجأ إليها القوى الفاعلة من شباب القرى بغية التمتّع بحياة المدينة ، وليس أمامهم سوى أن يتحوّلوا إلى باعة في الطرق إلى جانب التلوّث بالرذيلة والفساد ، الأمر الذي يؤدّي في خاتمة المطاف إلى تصدّع كيان الدولة .