جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 86)


معايير القرار لدى الحاكم



ينبغي أن تستند القرارات التي يتّخذها الحاكم الإسلامي إلى الضوابط والمعايير الإسلاميّة . وعلى هذا الأساس فإنّ معيار الحاكم في كافّة قراراته وممارساته الحكومية إنّما يكمن في إرساء دعائم الحقّ وبسط العدل والقسط وضمان رفاهية عامة الاُمّة:
«ولْيَكُن أَحَبُّ الأُمورِ إليكَ أَوسَطَها في الحقِّ ، وأَعَمَّها في العدل ، وأَجمَعَها لرضى الرعية ، فإنَّ سُخْطَ العامّةِ يُجحِفُ برضى الخاصّة ، وإنّ سُخْطَ الخاصّةِ يُغتَفَرُ مع رضى العامّة» .
ليس المراد من مراعاة الحقّ والعدل هو قيام المدينة الفاضلة الخيالية في عالم الأذهان ، وهذا ما يؤدّي بدوره إلى تحجيم القرارات العملية والدفع بالحاكم إلى المثالية .
ولذلك يحثّ الإمام (عليه السلام) الحاكم بقوله: «أوسطها في الحقّ» إلى الأخذ بنظر الاعتبار الواقع والإمكانات المتاحة في المجتمع ، وعليه فهو يوصي الوالي والحاكم بمراعاة كلّ ما من شأنه التقريب من الحقّ ، وعدم التهرّب من المسؤولية بذريعة تعذّر إقامة الحقّ بكلّ ما لهذه الكلمة من معنى .
وعلى ضوء هذه النظرة الواقعية فإنّ الإمام (عليه السلام)يوصي مالكاً بشأن العدالة من خلال الأخذ بنظر الاعتبار كافّة جوانب الأمر ، فيؤكّد عليه بإيلاء الأهمّية القصوى لكلّ شأن ذي صلة بالعدالة ، وأخيراً يرى الإمام علي (عليه السلام) أنّ رضى عامة الأُمّة هو الملاك الرئيسي في حركة الحاكم بعد إحقاق الحقّ وبسط القسط والعدل .

(الصفحة 87)

ما علّة الاهتمام برضى الاُمّة؟

عادة ما ينقسم المجتمع إلى طائفتين هما:
* الأكثرية
* الأقلّية
تتشكّل الأكثرية الساحقة في المجتمع من أفراده العاديّين ، أي عامّة الناس من طبقات المجتمع الذين غالباً ما يتمتّعون بالإمكانات القليلة مقارنة بفئة صغيرة من المجتمع تحظى بكافّة الإمكانات ، الأمر الذي يجعلها تتصوّر أنّها طبقة مختارة ومن خواصّ الاُمّة ، فترى لنفسها شخصية وامتيازات أعظم ممّا للآخرين من عامّة الأُمّة!! وليس لأيّ حاكم في إطار إدارته لشؤون البلاد أن يرضي تماماً أكثرية الاُمّة وأقلّيتها; وذلك أنّه سيحظى بسخط الأقليّة لو تحرّك باتجاه الأغلبية المسحوقة من المجتمع ، كما سيتعرّض لسخط العامّة لو ساس الاُمور لصالح الأقليّة .
ومن البديهي أن تكون حركة الحاكم ـ على ضوء هذا التقسيم ـ لصالح عامّة الناس ، والتي يعدّ ضمان مصالحها لأمن الحكومة وتحقيق أهدافها بما لا يعرّضها لأيّ خطر من قبل تلك الأقلّية المعدودة .

خصائص العامّة والخاصّة ودور كلّ منهما في الحكومة



ذكرنا سابقاً تعذّر إرضاء الحاكم لكافّة أبناء المجتمع ـ من العامّة والخاصّة ـ ما لم يعتمد أساليب المكر والخداع ، حيث إنّ إرضاء جماعة يؤدّي بما لا يقبل الشكّ إلى إغضاب الجماعة الاُخرى . وقد تعرّض (عليه السلام) إلى خصائص كلّ من هاتين الفئتين
(الصفحة 88)

ومدى الدور الذي يلعبه كلّ منهما في الحكومة فقال:
«وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ أَثْقَلَ عَلَى الْوَالِي مَؤُونَةً فِي الرَّخَاءِ ، وَأَقَلَّ مَعُونَةً لَهُ فِي الْبَلاءِ ، وَأَكْرَهَ لِلإِنْصَافِ ، وَأَسْأَلَ بِالإِلْحَافِ ، وَأَقَلَّ شُكْراً عِنْدَ الإِعْطَاءِ ، وَأَبْطَأَ عُذْراً عِنْدَ الْمَنْعِ ، وَأَضْعَفَ صَبْراً عِنْدَ مُلِمَّاتِ الدَّهْرِ مِنْ أَهْلِ الْخَاصَّةِ» .
الصفة الرئيسيّة التي يتميّز بها عامّة الناس ومستضعفو المجتمع ، هي أنّهم يكتفون دائماً بالمقدار المتواضع من المأكل والمشرب والملبس وسائر متطلّبات الحياة ويواصلون مسيرتهم بالقناعة والرضى بالقليل ، ومن هنا فهم لن يثقلوا كاهل الوالي والحكومة أبداً .
بينما يطالعنا مترفو المجتمع بما هم عليه من مظاهر البذخ والترف الذين يثقلون كاهل الحاكم كلّ يوم بما يمارسون من ضغوط ، بغية تحقيق رغباتهم وإسرافهم ، وبالمقابل إذا ما عمّ البلاء ونشبت الحروب وسائر الخطوب ، ولّوا ظهورهم وتركوا المستضعفين لوحدهم في الساحة; وهنا يندفع المستضعفون ليضحّوا بالغالي والنفيس ، مستندين في ذلك إلى صبرهم وصمودهم وقناعتهم .

التزام العدل والإنصاف

يعتبر العدل أحد القيم الإنسانية ـ الإسلاميّة الراقية التي تطبع الاُمّة ، بحيث وظّف الحاكم الإسلامي ـ وبحكم القرآن الكريم القائل: {أُمِرْتُ لاَِعْدِلَ بَيْنَكُمْ} (1)ـ ببسط العدل والقسط ورعاية الإنصاف تجاه أبناء الأُمّة . وتتقدم الجماعة المستضعفة ـ بحكم فطرتها الأصيلة والإسلاميّة ـ في التزامها بالعدل على الجماعة المترفة من الأُمّة والتي تضيق ذرعاً بهذه العدالة ، فهي تعلم بأنّ تطبيق العدل
  • 1 . سورة الشورى ، الآية 15 .

(الصفحة 89)

وإقرار المساواة بين أفراد الأُمّة سوف يحول دون إسرافها وسيطرتها على الأموال والثروات التي تحصل عليها بمختلف الطرق والوسائل .

شكر النعم

يرى الإنسان نفسه وبوحي من فطرته ملزماً بأداء الشكر لمن أسدى إليه إحساناً أو كافأه بنعمة . فالمحرومون ـ وبدافع من فطرتهم الإنسانية الأصيلة ـ لايَدَعون ألسنتهم تنفكّ عن شكر ما يسديه إليهم الحاكم من إحسان ، فهم لا ينسون أو يتناسون أياديه قط; بينما لا يكترث المترفون وبدافع من شرههم لهذه النعم مهما بلغت ، بل يرون إسداء النعم من قبيل وظائف الحاكم ، الأمر الذي لايَدَعهم يشعرون بأنّ هناك إحساناً اُسدي إليهم ويجب عليهم شكره .

قبول العذر وعدم الإصرار

إنّ ضمان معيشة أفراد الاُمّة وتلبية حاجاتهم ومتطلّباتهم تعتبر وظيفة الحاكم الإسلامي والدولة الإسلاميّة . ومن الطبيعي أن تكون هذه الوظيفة مرنة على ضوء توفّر الظروف والإمكانات . فقد تقوم الدولة بهذه الوظيفة على أحسن ما يرام إذا ما توفّرت الإمكانات وتهيّأت الظروف بحيث تنال رضى الاُمّة ، بينما قد تعرض بعض الظروف وتستجدّ بعض الأزمات ـ والتي قد تباغت الدولة ولم تكن قد تكهّنت بها ـ بحيث يتعذّر على الدولة أن تقوم بهذه الوظيفة كما ينبغي ، ففي مثل هذه الحالة لا ترى الدولة التي ترى نفسها منبثقة من وسط الناس من وسيلة سوى الاعتذار للاُمّة .

(الصفحة 90)

وهنا يطالعنا التباين في المواقف ، حيث يسارع المحرومون لقبول العذر ويتنازلون عن متطلّباتهم ، بينما لا يقبل المترفون العذر ولا يتزحزحون قيد أنملة عن متطلّباتهم بكلّ إصرار وعناد .

الصبر على النوائب



لا تخلو المسيرة الاجتماعية لكلّ اُمّة من رفاهية ودعة وسلامة وأمن في حياتها تارة ، ومن ضيق وشدائد تارة اُخرى . وليس هناك من اُمّة أو حاكم يسعه الادّعاء بأنّه سوف لن يشهد بعض الصعاب والمعضلات وسيعيش حياته على الدوام بصورة مرفّهة وآمنة .
ولمّا كان محروموا المجتمع قد عاشوا مع الحرمان والضيق والشدّة وغير ذلك من الابتلاءات فإنّهم عادة ما يكونون أصبر على الشدائد وأجلد على النوائب ، بينما لا تبدي الجماعة المترفة مثل هذا الصبر والجلد ، بفعل حالة البذخ والترف التي تسود حياتهم اليومية .
هذا غيض من فيض الخصائص ـ التي سنتطرّق إلى المزيد منها ـ التي تدفع بالحاكم لأن يتحرّك من أجل الطبقات المستضعفة المحرومة بهدف تأمين متطلّباتها والفوز برضاها .
«وَإِنَّمَا عِمَادُ الدّينِ ، وَجِمَاعُ الْمُسْلِمينَ ، وَالْعُدَّةُ لِلاَْعْداءِ الْعَامَّةُ مِنَ الاُْمَّةِ ، فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ ، وَمَيْلُكَ مَعَهُمْ» .
نستنتج من وصايا الإمام (عليه السلام) والآيات القرآنية ـ التي مرّت ـ أنّ الإسلام دين