جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 59)

الإسلامي العاملـ لا يعني تخليد شخصه بقدر ما يعني إجلال الإسلام وعلمائه العالمين ومواقفهم وأعمالهم .

حسن السمعة: شهادة اُخروية للصالحين

ستعرض أعمال العباد يوم القيامة بكافّة تفاصيلها على الله ، وعلى حدّ تعبير القرآن {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَه* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَه} (1) وعليه فإنّ الحقّ سبحانه سيتعامل مع حسن سمعة العباد بمثابة الشهادة على صلاحهم ، فلا يخوض في جزئيات أعمالهم ، وبهذا يتيسّر السبيل أمام الصالحين لأن يعتقوا من النار ويفوزوا بالجنّة .
والآن وبعد أن وقفنا على الثواب الدنيوي للصالحين ، لابدّ لنا من الوقوف على أهمّية العمل الصالح وما هي السبل التي تمهِّد للقيام به وممارسته .

أهمّية العمل الصالح

تقوم النظرية الإسلامية على أساس استناد الإنسان إلى بعدين في وجوده:
* البعد المادّي (الترابي)
* البعد الملكوتي (الرحماني)
إنّ هذين البعدين إلى جانب الحرّية والاختيار التي تحكم طبيعة الإنسان جعلته يعيش على هامش الفساد والخسران ، بحيث يتعذّر عليه اجتيازه دون التواصي بالإيمان والحقّ والصبر والعمل الصالح . فقد صرّح القرآن الكريم بها قائلاً: {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِي خُسْر* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
  • 1 . سورة الزلزلة، الآيتان 7 ـ 8 .

(الصفحة 60)

وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (1) .
فقد قدّمت السورة القرآنية المباركة صورة ناصعة للدور الذي يلعبه العمل الصالح في حياة الإنسان ، لتصفه بالسبيل الوحيد الذي من شأنه إنقاذ الإنسان من هذا الفساد والخسران .
ما العمل الصالح والصالحات؟
بعد أن اتّضحت أهمّية العمل الصالح ، نتساءل ما هو العمل الصالح ، وما هي الصالحات وما هو السبيل الذي يمكن من خلاله تمييز العمل الصالح؟
هناك ثلاثة سبل لتمييز العمل الصالح:

* الأوّل: الواجب

تعدّ كافّة الواجبات التي كُلّف الإنسان بها من الصالحات ، فوجوبها يدلّ على صلاحها ، فلو لم تكن صالحة لما كلّف الرحمن عباده بالإتيان بها وعلى سبيل الوجوب .
وبناءً على ما تقدّم فإنّ الصوم والصلاة والخمس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر الواجبات الإسلاميّة من الأعمال الصالحة .

* الثاني: المدح والثناء

كلّ عمل مدح في القرآن وروايات أهل البيت (عليهم السلام) يعدّ من الأعمال الصالحة; ولو لم يكن كذلك فإنّ الحقّ تبارك تعالى لا يمدحه ويثني عليه .
وبناءً على هذا فإنّ الأعمال الواردة في الآية الكريمة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (2) تعدّ من الصالحات . وقد وصف أميرالمؤمنين علي (عليه السلام) لهمام صفات المتّقين فقال: «منطقهم
  • 1 . سورة العصر ، الآيات 1 ـ 3 .
  • 2 . سورة المؤمنون ، الآيات 1 ـ 3 .

(الصفحة 61)

الصواب وملبسهم الاقتصاد ، عظم الخالق في نفوسهم فصغر مادونه في أعينهم . . . حاجاتهم خفيفة ونفوسهم عفيفة . . . وصبراً في شدّة ، وطلباً في حلال . . . خاشعاً قلبه قانعاً نفسه»(1) .

* الثالث: البيان

أشار القرآن الكريم وروايات أهل البيت (عليهم السلام) صراحةً إلى صلاح بعض الأعمال بالنظر إلى أهمّيتها وعظم خصائصها . فقد أعلن القرآن صراحة ـ وبعد تصويره لحالة مجاهدي صدر الإسلام ـ ما سيكتب لهم من عمل صالح بفعل بعض الخصائص ـ التي سنشير إليها ـ فقال بهذا الشأن: {مَا كَانَ لاَِهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الاَْعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوّ نَيْلا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ* وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمْ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2) .

  • 1 . نهج البلاغة: 303 ، الخطبة 193 .
  • 2 . سورة التوبة ، الآيتان 120 ـ 121 .

(الصفحة 62)


السيطرة على النفس



لمّا كانت الحكومة الإسلاميّة تتطلّب وجود الولاة الأتقياء الأحرار من كافّة الأهواء والميول النفسية وغير ذلك ، أمر الإمام علي (عليه السلام) الذي أرسى دعائم النموذج التامّ للحكومة الإسلاميّة ـ واليه مالكاً الأشتر قائلاً:

«فَامْلِك هَواكَ»

وقد ذكرنا سابقا ما يتعلّق بالتقوى وحفظ النفس و كبح جماحها ، ونريد أن نتعرّف هنا على الرابطة بين ملك الهوى ـ الواردة في وصيّة الإمام ـ والعمل الصالح . وهل ملك الهوى هو ذات العمل الصالح ، والعمل الصالح هو ملك الهوى ، أم أنّهما مفهومان منفصلان؟
يمكننا القول بأنّ السيطرة على النفس هي إحدى مصاديق الأعمال الصالحة ، وأنّ العمل الصالح لا يقتصر على العمل باليد والرجل وسائر الأعضاء الظاهرية من جسم الإنسان . «فالأعمال القلبية» هي عمل أيضاً ، وأفضل دليل يمكنه تأييد صحّة هذا الاحتمال ما أورده القرآن: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (1) .
فقد بيّنت العبارة في الآية «نهى النفس» بصورة فعل ، وهذا بدوره ما يفيد البُعد العملي للنفس الإنسانية ، أي أنّ الإنسان ينبغي أن ينهى نفسه عن الهوى ويمنعها من الشطط ، بغية الانطلاق نحو السموّ والتكامل .
ونخلص على هذا الأساس إلى أنّ كبح جماح النفس والأخذ بزمامها يعدّ من
  • 1 . سورة النازعات ، الآيتان 40 ـ 41 .

(الصفحة 63)

الأعمال الصالحة وأهمّها; وهي الأهمّية التي كشف رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن حقيقتها حين قال:«لولا تكثير في كلامكم وتمريج في قلوبكم لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع»(1) .
وبالمقابل فإنّ هناك من لا يرى السيطرة على النفس جزءاً من الأعمال الصالحة ، بل يعتبرها مقدّمة له ، أي أنّ الإنسان إذا أراد أن يقوم بعمل صالح وجب عليه قبل ذلك أن يكبح جماح نفسه ويمسك بهواها .

تهذيب الغرائز



لا تتّفق المدرسة الإسلاميّة ونظرية «فرويد» في إطلاق العنان للغرائز الجنسية بصفته العامل المهمّ في صنع التأريخ ، كما تختلف والرهبنة المزيّفة التي ترى في الوصول إلى الحقائق يكمن في قمع هذه الغرائز ، وتعتقد بأنّ هذه الغرائز قد أودعت لدى الإنسان من جانب الحكيم الخبير ، فهي ليست مصدراً للشرّ والفساد والحيلولة دون نيل الحقائق ، وللإنسان أن يشبعها على ضوء الطرق المشروعة ووفقاً للضوابط الإسلاميّة .
ومن الطبيعي أن يؤدّي الالتزام بالمبادئ الإسلاميّة والضوابط الشرعية إلى تهذيب هذه الغرائز وصدّها عن الانحراف الذي يتنافى والاُسس الإسلاميّة .
والذي يمكن أن نخلص إليه هو أنّ الإسلام يتبنّى منهاج التوازن في الغرائز لا قمعها أو إطلاق العنان لها ، الأمر الذي جعل الإسلام يهبّ لمجابهة التحلّل الجنسي
  • 1 . تفسير الميزان: 5 / 270 ، وروى نحوه محمّد بن جرير الطبري في كتابه صريح السنّة: 29، والهيثمي في مجمع الزوائد: 1 / 208، والمنذري في الترغيب والترهيب: 3 / 497 .