جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 54)

هناك من قدرة تضاهيها ، فهي قدرة تفوق جميع القدرات ، وقد تعارف الناس في حواراتهم اليومية على هذا المعنى لليد ، كأن يقال : «ليس في يده شيء» و «يده قصيرة عن الإتيان بهذا العمل» ولا يراد بها سوى القوّة والقدرة .
ومن هنا يتّضح لدينا مراده من قوله (عليه السلام) لمالك : «وإن ينصر الله سبحانه بيده» . فالمقصود هو أنّه ينبغي لمالك ـ ونحن أيضا مشمولون بهذا الخطاب ـ أن يجنّد جميع طاقاته وإمكاناته ويوظّفها في نصرة الله وتطبيق أحكامه وقوانينه بغية تحقيق الأهداف الإسلامية المقدّسة .

* الثالث: النصرة باللسان

إنّ دور التبليغ لم يعد اليوم بخاف على أحد ، فسلاح التبليغ أشدّ قوّة وأعظم فتكاً من سائر الأسلحة ، فأهمّ وسيلة تبليغية ـ أو الأفضل أن نقول : الوسيلة الأعظم تأثيراً ـ هي اللسان . وبالنتيجة فإنّ اللسان وسيلة مؤثّرة فاعلة تتوقّف على الكيفية والاتجاه الذي تتحرك في إطاره . فإن وظّف لسان الإنسان ـ ولا سيّما ذلك الذي يتحلّى بقدرة على البيان والكلام المؤثّر ـ باتّجاه تشويه الأفكار وإضلال الناس وخداعهم والتغرير بهم ، كان لابدّ من القول بأنّه وسيلة تبليغية هدّامة تهدف إلى نشر الانحراف والانحطاط ، وأمّا إن استخدمت من أجل تبليغ الأحكام السماوية وخدمة الخلق فينبغي أن يقال بأنّ هذا الإنسان قد نصر الله بلسانه وسار باتّجاه نصرة الحقّ .

الوعد الإلهي الحقّ

إنّ النصر الإلهي حليف الإنسان الذي ينصر الله بقلبه ولسانه ويده ولا يهدف إلاّ إلى بسط الحقّ وإشاعة الدين وتطبيق الأحكام الشرعية ، والله هو الذي قطع
(الصفحة 55)

هذا الوعد على نفسه فقال عَزَّ من قائل: {إِنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ . . .} (1) ويتضمّن هذا الوعد الإلهي بعدين جديرين بالتعمّق والتدّبر أكثر من غيرهما وهما:
أوّلاً: أنّ صاحب الوعد هو الله ، وأنّ وعده ليس من قبيل وعود أغلب الناس المعسولة والجوفاء ، بل هو الوعد الحقّ الآتي لا محالة حيث يشاء الله .
ثانياً: أنّ الناصر هو الله وأنّ قدرته مطلقة لا متناهية ، ومن الطبيعي أنّ هذه القدرة المطلقة إذا وقفت إلى جانب قدرة الإنسان المحدودة فإنّه ليس هنالك من قدرة يمكنها أن تقف بوجه هذا الإنسان {إنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ} (2) .
وقد تجسّد النموذج العيني للنصرة الإلهية في زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام الخميني العظيم ، فقد وظّف هذا الزعيم الربّاني كلّ ما بوسعه ـ من رجل وامرأة وولد ووطن ودرس وغير ذلك ـ في سبيل الله وإقامة الأحكام الإسلامية فأمدّه الله بنصرته فبلغ به ما بلغ .
أمّا النتيجة الاُخرى التي نستشفّها من كلمات الإمام (عليه السلام) فإنّما تتجسّد في القضية التي تشهدها اليوم الاُمّة الإسلامية الإيرانية ، والتي سيشمل مصيرها كافّة الشعوب الإسلامية والتأريخ الإسلامي ، ألا وهي الحرب التي فرضتها القوى الاستكبارية ضدّ ثورتنا الإسلامية .
نعم ، لقد هبّ الشعب الإيراني المسلم بكافّة طبقاته ووظّف كافّة إمكاناته وقواه من أجل نصرة الحقّ ، وليس هنالك من شكّ بأنّ الله سينصره ويكتب له الغلبة . والحقّ لقد تحقّقت هذه النصرة فخرجت إيران من هذه الحرب عزيزة مرفوعة الرأس ، ولم يكتب لعدوّها الجبان سوى الهزيمة والخذلان .

  • 1 . سورة محمّد ، الآية 7 .
  • 2 . سورة آل عمران ، الآية 160 .

(الصفحة 56)


نسيان الذات



يتحلّى البعض بالإيمان والالتزام والشفقة والنهوض بالمسؤولية ، حتّى أنّ إيمانه والتزامه يدفعه لتوجيه بعض الانتقادات ـ ماعدا أولئك الذين ينتقدون من موقع الترف الفكري واستعراضاً للذات وتمتّعهم بالثقافة بينما ليسوا مستعدّين للنهوض بأيّة مسؤولية ـ إلى مسؤولي البلاد ومراقبة أعمالهم وما يصدر منهم ، إلاّ أنّهم وبمجرّد وصولهم للسلطة والأخذ بزمام الاُمور ينسون أعمالهم وتصرّفاتهم ، بل ينسون أنفسهم وكأنّ تسلّمهم المسؤولية قد أزال كلّ نقص وجعل الأوضاع تنتظم وتعود إلى مجاريها الطبيعية .
ولذلك يذكِّر الإمام علي (عليه السلام) مالكاً بالماضي القريب ـ والذي كان يوجّه فيه انتقاداته ـ بهدف الحيلولة دون نسيان الذات والتي تقود بالتالي إلى العجب والاغترار بالنفس ، فيخاطبه (عليه السلام)قائلاً:
«ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلاد قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ ، مِنْ عَدْل (1) وَجَوْر ، وَأَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلاةِ قَبْلَكَ ، وَيَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ» .
وهنا نتساءل لو أخذ المسؤولون هذه الوصية بنظر الاعتبار وحاسبوا أنفسهم بينهم و بين الله ـ دون تحكيم أهوائهم وإراداتهم وقبل أن تنظر الاُمّة في أعمالهم وتصرّفاتهم ـ فهل ستبقى هنالك من مصاعب ومطبّات في هذه المسيرة؟

  • 1 . هناك رأيان في مراده (عليه السلام) بدول العدل قبل مالك: أحدهما أن نقول: المراد عصر حكومة سعد بن قيس ومحمّد بن أبي بكر ، والثاني أن يكون المراد حكومة نبيّ الله يوسف (عليه السلام); وذلك لأنّ لفظة الدولة لا تصدق على ولاية سعد بن قيس ومحمّد بن أبي بكر .

(الصفحة 57)


ثواب الصالحين في الدنيا



ليس هنالك من عمل دون أجر وثواب في الشريعة الإسلامية السمحاء ، وإضافة إلى الأجر الذي ينتظر الصالحين في الآخرة ، فهناك الثواب الذي ينالوه في هذه الدنيا . ثواب الصالحين في الدنيا هو هذا الذكر الطيّب والسمعة الحسنة والصلاة والتسليم عليهم ، وهو الثواب الذي يتجاوز حدود الزمان الذي عاشوا فيه ونهضوا بمسؤولية الحكومة ليبقى خالداً على مرّ العصور والدهور ، ولذلك ما زال التأريخ يحتفظ بذاكرته بصورتين إحداهما بشعة قاتمة للظلمة والطواغيت ، واُخرى حسنة جميلة لحكّام العدل من أولياء الله . فإذا ما ذكر الصالحون على مدى التأريخ تعالت الأصوات بالمديح والتسليم والصلوات ، وليس للظلمة سوى اللعنات و . . .
يصف (عليه السلام) هذا الثواب فيقول:
«وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ ، فَلْيَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ» .
لقد استوحى الإمام (عليه السلام) هذه العبارة من القرآن الكريم الذي قال بهذا الشأن: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدّاً} (1) فالآية تفيد تسلّل المؤمنين الصالحين إلى قلوب الاُمّة التي تكنّ لهم الحبّ والمودّة .
ومن الواضح أنّ مثل هذه المودّة القلبية والمحبّة الباطنية لن تختنق في هذه القلوب ، فلا مناص من تفعيل هذه المودّة في الخارج على مستوى الحركات التي
  • 1 . سورة مريم ، الآية 96 .

(الصفحة 58)

تعاضد المحبوب وتشدّ من أزره .
قد يقال: لابدّ أن يكون الإنسان صالحاً لدى الله مرضيّاً عنده; وإلاّ فما يفيده حسن سمعته وشهرته بالصلاح بين الناس؟ ثمّ ألا تحدّ الشهرة الحسنة بين الناس من القيمة الواقعية للإنسان وبالتالي تشكِّل ضرراً عليه؟ نقول: إنّ المحبّة لدى الناس والسمعة الحسنة لديهم تنطوي على عدّة فوائد نكتفي بذكر اثنتين منها رعاية للاختصار:
1 ـ أنّ الإنسان إذا حظي بحبّ الآخرين فإنّ ذلك سيدفعهم للوثوق به ، وفي ظلّ هذه الثقة يقوم هذا الإنسان بتفجير طاقاته الشخصية ليحيلها إلى ثورة اجتماعية عظمى ، فيقدر هذا الإنسان بمفرده أن يتحوّل إلى مشروع ضخم يقدّم آلاف الأعمال الخيّرة الجبّارة .
وهذا ما لمسناه في تجربتنا الإسلامية الرائعة; فقوّة الإمام الخميني هي التي زجّت بالجماهير المليونية الإيرانية لتقود المسيرات والتظاهرات في شوارع البلاد وأزقّتها ، لتطيح بالنظام الشاهنشاهي ـ الملكي ـ الذي حكم البلاد طيلة 2500 عام ، كما نعلم بأنّ اطمئنانه القلبي هو الذي استقطب كلّ مشاعر الحبّ والودّ من هذا الشعب . ولنا هنا أن نسأل لو لم تكن هذه المودّة والثقة في الاُمّة حيال زعيمها الإمام الخميني (رضي الله عنه)  ، فهل كان يسعه أن يقود هذه المسيرة التي تُوِّجت بالموفّقية والنجاح؟
2 ـ كلّنا نعلم بأهمّية دور التبليغ ، وأنّه أنجح وأعظم سلاح . وأنّ إحدى أهمّ وسائل التبليغ إنّما تكمن في التذكير بأقوال وأفعال الصالحين من العباد . ولاشكّ في أنّ هذا التذكير لا يعدّ تبليغاً لشخص ، بل وقفة إجلال وإكبار لمقام العمل الصالح وتبيين مكانة وموقف الصلحاء . فتخليد آية الله الشهيد مرتضى المطهّري ـ العالم