جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 123)


القضاء وشخصيّة القاضي في الإسلام



إنّما تترسّخ دعائم الحكومة وتتجذّر إذا ما غاب الظلم والجور والفساد والعدوان عن المجتمع ، ولا يزول الظلم والفساد إلاّ في ظلّ سيادة العدالة والأمن القضائي وممارسته لاقتداره في المجتمع بحيث يكتسح كافّة أساليب البغي والعدوان ، وهذا بدوره لا يتيسّر إلاّ إذا تمكّنت الحكومة من إسناد منصب القضاء إلى القضاة الصلحاء ممّن تتوفّر فيهم شرائطه ومقوّماته .
نعم ، إنّ الحكومة التي تفتقر إلى الصلحاء من القضاء الأكفّاء ، إنّما تقود قضاءها إلى التحلّل والفساد وانعدام الأمن وسيادة الغطرسة والعدوان ، بينما تزول حاكمية القانون وتعمّ الفوضى والهرج والمرج .
وعليه فإنّنا نحتاج إلى القضاة الصلحاء قبل كلّ شيء بغية سيادة القانون والنظام ، وهنا يطرح هذا السؤال: ما الخصائص التي ينبغي أن يتحلّى بها القاضي؟ أو مَن هو القاضي الذي يشتمل على هذه الخصائص؟
يكشف الإمام (عليه السلام) عن القاضي الجدير بهذا المنصب في أنّه الفرد الذي يتمتّع بالصفات التالية:
1 ـ أن يكون من أفضل الأفراد .
2 ـ أن يكون واسع الصدر محيطاً بكافّة ملابسات القضية التي يحكم فيها بالعدل .
3 ـ شهم الأخلاق ، يقرّ بخطأه فيقلع عنه فوراً .
4 ـ بطيء الغضب ولاسيّما حين سماعه لمرافعة المدّعين .
5 ـ أن يكون ذا روح عالية لا تجعله يخشى أصحاب القوّة والسطوة .

(الصفحة 124)

6 ـ عزيز النفس وعالي الهمّة ، بعيداً عن أطماع الدنيا ، مترفّعاً عن الرشوة .
7 ـ من أهل التأمّل والتحقيق ولا يمرّ بسهولة على القضايا ، ولا يقضي دون دليل وعلم ، ولا يكتفي بسماع الأقوال في إصداره لأحكامه .
8 ـ إذا اشتبهت عليه الاُمور وبدت له صعوبتها لم يفقد القدرة على الاحتياط والتأمّل ، ولا يتخلّى عن كشف الواقع على أساس الأدلّة والبراهين .
9 ـ طلق الوجه مع الخصوم ، لا يكلّ عن سماع دعواهم .
10 ـ لا يخدع بأساليب المكر والحيلة ولا يستهويه التملّق والإطراء .
11 ـ أن يكون صارماً في إصدار الأحكام العادلة إذا تكشّفت الحقائق وليس هنالك من يعيقه ، فليس في حكمه محاباة لأحد و لا بخس لآخر .
ثمّ ينبّه الإمام (عليه السلام) واليه إلى أنّ مثل هؤلاء الأفراد قلّة ، وأنّ الظفر بمثل هؤلاء القضاة توفيق عظيم:
«ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ أَفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ ، مِمَّنْ لاَتَضِيقُ بِهِ الأُمُورُ ، وَلاَ تُمَحِّكُهُ الْخُصُومُ ، وَ لاَ يَتَمَادَى فِي الزَّلَّةِ ، وَلاَ يَحْصَرُ مِنَ الْفَيْءِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ ، وَلاَ تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَى طَمَع ، وَ لاَ يَكْتَفِي بِأَدْنَى فَهْم دُونَ أَقْصَاهُ ، وَأَوْقَفَهُمْ فِي الشُّبُهَاتِ ، وَآخَذَهُمْ بِالْحُجَجِ ، وَأَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الْخَصْمِ ، وَأَصْبَرَهُمْ عَلَى تَكَشُّفِ الأُمُورِ ، وَأَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الْحُكْمِ ، مِمَّنْ لاَ يَزْدَهِيهِ إِطْرَاءٌ ، وَلاَ يَسْتَمِيلُهُ إِغْرَاءٌ ، وَأُولَئِكَ قَلِيلٌ» .

(الصفحة 125)


وظائف الحاكم تجاه القضاة



قلنا بأنّ الأفراد الذين تتوفّر فيهم صفات القاضي العادل قليلون ، وعلى الولاة أن يسعوا جهدهم من أجل إسناد القضاء لمثل هؤلاء الأفراد ، إلاّ أنّ مسؤولية الوالي أو الحاكم لا تقتصر على هذا الحدّ ، فما إن ينصّب مثل هذا الفرد الصالح للقضاء ، حتّى تبرز أمامه قضيّتان مهمّتان بشأن وظائفه وسلوكه حيال القضاة ، ولعلّ هذا أهمّ حتّى من الظفر بالقاضي الصالح وهما:
أوّلاً: على الحاكم أن يلتفت إلى ضرورة عدم معاناة القاضي من ضيق الحياة المادّية; وذلك لأنّه إما أن يستقيل من منصبه ، أو أن يثبّط عزمه فلا يمارس وظيفته كما ينبغي ، أو أن يخشى عليه من الزلل بحيث تنفذ إليه الرشوة التي تجعله يقلب الحقّ رأساً على عقب .
وثانياً: على الحاكم أن يعزّز منزلة القاضي ويمنحه مكانة رفيعة لديه ، حتّى أوّلاً: لا يتمكّن أحد من فرض آرائه وإرادته عليه ، وثانياً: لا يطمع فيه أحد أبداً ، وثالثاً: لا يحقّ لأحد سوى الحاكم عزله عن منصبه ، ورابعاً: لا يجرأ أحد على الوشاية به والتواطئ عليه ، وليعلم الجميع بأنّ القاضي العادل والصالح مأمون الجانب لدى الحاكم من كلّ وشاية وسعاية .
وما إن يفرغ الإمام (عليه السلام) من استعراض وظائف الحاكم حيال القاضي العادل حتّى يؤكّد على عظم منزلة القاضي واستقرار العدل والقانون لدى الحكومة ، ثمّ يتطرّق (عليه السلام) إلى العصر الذي أعقب رحيل النبي (صلى الله عليه وآله) والذي أصبح فيه الإسلام اُلعوبة بيد الأشرار وقد ارتكبوا أشنع الأفعال باسمه ، ولاسيّما الجهاز القضائي الذي جعلوه مطيّة لأطماعهم ومآربهم:

(الصفحة 126)

«ثُمَّ أَكْثِرْ تَعَاهُدَ قَضَائِهِ ، وَافْسَحْ لَهُ فِي الْبَذْلِ مَا يُزِيلُ عِلَّتَهُ ، وَتَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إِلَى النَّاسِ . وَأَعْطِهِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ لَدَيْكَ مَا لاَ يَطْمَعُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ خَاصَّتِكَ ، لِيَأْمَنَ بِذَلِكَ اغْتِيَالَ الرِّجَالِ لَهُ عِنْدَكَ . فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ نَظَراً بَلِيغاً ، فَإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً فِي أَيْدِي الأَشْرَارِ ، يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى ، وَتُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا » .

الضوابط معيار التوظيف في الحكومة لا العلاقات



إنّ من أهمّ مميّزات المجتمع الإسلامي والحكومة الإسلاميّة هي سيادة العدل واعتماد المساواة دون التمييز وتغييب الوساطة والاتّجاهات السياسية والأهواء الشخصية .
وبعبارة اُخرى: أنّ المعايير الشخصية والفئوية والعلاقات الخاصّة المعتمدة في إسناد المناصب في الحكومات غير الإسلاميّة ليس لها وجود في الحكومة الإسلاميّة ، فالمقرّرات والضوابط هي المعتمدة في النظام الإسلامي بدلاً من العلاقات والرغبات الشخصية ، وأنّ رعاية العدالة الإسلامية تقتضي اعتماد الخصال الإسلاميّة والامتيازات الخلقية في توزيع المناصب ، بحيث يشغل كلّ فرد المنصب الذي تؤهّله إليه كفاءته وجدارته وعلمه و تقواه وورعه .
ولذلك يرى الإمام (عليه السلام) أنّ الوالي الناصح مَن يعتمد العدل والحقّ في توزيع المسؤوليات وألاّ يسندها إلاّ بعد تعريض الفرد للامتحان والاختبار . ولذلك يطالب مالكاً باعتماد الملاكات الإسلاميّة في استعمال الأفراد بعيداً عن كافّة أشكال المحاباة والمجاملات .
أمّا الملاكات المعتبرة من وجهة نظر الإمام (عليه السلام) فيمكن إيجازها في مايلي:
1 ـ التجربة والاختصاص والتعايش مع القضايا والمشاكل .

(الصفحة 127)

2 ـ النجابة والعفّة والحياء وصون النفس عن الرذيلة والفحشاء .
3 ـ الترعرع على التقوى والورع والفضيلة في البيوتات الصالحة وعدم النشوء في أجواء الفساد والانحراف والجور والخيانة .
4 ـ امتلاكه للسابقة الحسنة في الإسلام بما يجعله يتقدّم على غيره ، أي يكون ممّن تعايش مع الإسلام قبل تنامي شوكته واتّساع نطاقه ، لا من أولئك الذين اعتنقوه عندما أصبح أمراً واقعاً إرضاءاً لنزواتهم وأطماعهم في الثروة والجاه .
5 ـ أن يكون من الشخصيات الذين جهدوا في صون نفوسهم وتهذيب أرواحهم وبعدوا عن الزلاّت والعثرات .
6 ـ أن يكون ممّن له القدرة على الإدارة وبُعد النظر ، ومن أهل التدبّر والتأمّل في مختلف الأُمور .
7 ـ أن يكون عالي الهمّة بعيداً عن مطامع الدنيا وحطامها وزخرفها .
وفي ذات الوقت وضمن الإشارة إلى خصائص الولاة والعمّال ، يبيّن (عليه السلام)مسؤوليات الحاكم في انتخاب مثل هؤلاء الأفراد ، التي منها:
1 ـ أن يعرض ولاته وعمّاله للاختبار والامتحان .
2 ـ ألاّ يعتمد آراءه الشخصية والأثرة بما يعتقد في انتخاب الولاة ، وعليه استشارة الآخرين واحترام آرائهم .
3 ـ أن يمنح ولاته الفرصة التي يعبّرون فيها عن كفاءتهم وأهليّتهم .
4 ـ ألاّ يسند المناصب للأفراد على ضوء رغبته وعلاقاته الشخصية أو إثر صفة توسّمها في فرد قد لا يكون جديراً بذلك المنصب .
وأخيراً يذكّر (عليه السلام) بأنّ عدم اعتماد مثل هذه المعايير والملاكات في الوظائف لاتكون له نتيجة سوى شيوع الظلم والاضطهاد والخيانة:
«ثُمَّ انْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً ، وَلاَ تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَأَثَرَةً ،