جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 146)


سرّ موفّقية السلطة التنفيذية



تطرّقنا آنفاً لضرورة فصل السلطات وتوزيع الأعمال ، ونضيف هنا بأنّ سرّ نجاح القائمين على الشؤون التنفيذية إنّما يكمن في أمرين أساسيّين:
1 ـ من الواضح أنّ كبار المسؤولين لا يتمكّنون من القيام بكافّة مهامّهم ، فيضطرّون لتفويض البعض منها لمساعديهم ومستشاريهم ، وبالطبع فإنّ هنالك المهامّ التي ينبغي لهم ممارستها مباشرة بأنفسهم ، ولكي يستطيع المسؤول من ممارسة إشرافه على سير مهامّ مساعديه ، إلى جانب مباشرته لبعض الأعمال ، فإنّ عليه أن يفرّق بين الأعمال ذات الأولويّة عن تلك الثانوية غير الضرورية ـ الأعمال التي يقوى مساعدوه على القيام بهاـ فيقوم مباشرة بممارسة الأعمال ذات الأولوية على نحو السرعة والدقّة ، بينما يستعين بمساعديه في سائر الأعمال .
2 ـ ما إن يتمّ فرز الأعمال الضرورية من غيرها حتّى يعيّن لها أوقاتها ، فلا يؤجّل عمل اليوم إلى الغد:
«ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لاَبُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا: مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ ، وَمِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ ، وَأَمْضِ لِكُلِّ يَوْم عَمَلَهُ ، فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْم مَا فِيهِ» .
(الصفحة 147)


تهذيب النفس أفضل مرَوِّح



إنّ تزكية النفس وتهذيبها من الأُصول التربوية الإسلاميّة ، والهدف من التزكية هو أن ينقّي الإنسان نفسه من كلّ خصلة قبيحة تحول دون سموّها وكمالها وقدرتها على نيل الخصال الحميدة النبيلة .
والإسلام يعتبر كلّ عمل مفيد بدافع التقرّب إلى الحقّ عبادة ، وعليه فإنّ كافّة أنشطة العمّال والولاة وكادر الدولة ستكون عبادة إن كانت خالصة للّه سبحانه .
والإمام (عليه السلام) وبغية إلفات نظر المسؤولين إلى أنّ كافّة أعمالهم عبادة ، والحيلولة دون الاستغراق فيها والغفلة عن الإتيان بالفرائض ، يوصي مالكاً بأفراد أفضل أوقاته للعبادة ، وأن يزيّن كافّة أعماله بالصلاة والإتيان بها كاملة غير منقوصة بكلّ كيانه ، فهي قربانه من الحقّ ووفادته عليه:
«وَاجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ ، وَأَجْزَلَ تِلْكَ الأَقْسَامِ ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَسَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ .
وَلْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ: إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً ، فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ ، وَوَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلاً غَيْرَ مَثْلُوم وَ لاَ مَنْقُوص ، بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ . وَإِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ لِلنَّاسِ ، فَلاتَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَلاَمُضَيِّعاً ، فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَلَهُ الْحَاجَةُ ، وَقَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى الْيَمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ؟ فَقَالَ: صَلِّ بِهِمْ كَصَلاةِ أَضْعَفِهِمْ ، وَكُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً» .
ورغم الدقّة والتشدّد في هذه العبارة البليغة «بالغاً من بدنك ما بلغ» في العبادة الفردية ، إلاّ أنّ الإمام (عليه السلام)أكّد على ضرورة رعاية ضعفاء المأمومين في صلاة
(الصفحة 148)

الجماعة ، على أنّه أصل من الأُصول الإسلاميّة ، وما ذلك إلاّ لأنّ الإسلام يرى قيمة كبرى لاجتماع الناس وانتظامهم في صفّ واحد ، ومن هنا جعل الشارع أجزل الثواب على حضور الجماعة ، بغية الحيلولة دون تشتّت الأُمّة ورهبنتها .

ثمرة الشعبية ومفسدة العزلة



قلنا بأنّ الحاكم الشعبي هو مَن كان من الناس وفي الناس دون أن يحجبه حاجب عنهم . ويبيّن الإمام (عليه السلام) هنا ثمرات الحياة الشعبية وسط الأُمّة ومفاسد اعتزالهم:
«وَأَمَّا بَعْدُ فَلاتُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ ، فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلاةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّيقِ ، وَقِلَّةُ عِلْم بِالأُمُورِ ، وَالاحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ ، فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِيرُ ، وَيَعْظُمُ الصَّغِيرُ ، وَيَقْبُحُ الْحَسَنُ ، وَيَحْسُنُ الْقَبِيحُ ، وَيُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ ، وَإِنَّمَا الْوَالِي بَشَرٌ لاَ يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الأُمُورِ ، وَلَيْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ . وَإِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ ، فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقّ تُعْطِيهِ ، أَوْ فِعْل كَرِيم تُسْدِيهِ ، أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مِمَّا لاَمَؤونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ: مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَة ، أَوْ طَلَبِ إِنْصَاف فِي مُعَامَلَة» .
فقد ورد التأكيد في كلامه على أمرين:
1 ـ هناك طريقان للحصول على المعلومات: الأوّل: أن يحيط الحاكم بقضايا البلاد وأحداثها من خلال تجنيده للأجهزة السرّية والعلنية وسائر القنوات . والثاني أن يرتبط الحاكم من حين لآخر مباشرة بالأُمّة فيقف على أُمور البلاد من
(الصفحة 149)

خلالها ، وبالطبع فيهم الموالي والمعادي .
أمّا الإمام (عليه السلام) فيرى الارتباط المباشر أفضل الطريقين; وذلك لأنّ الأُمّة حين تقترب من الوالي ـ وعلى ضوء الشروط التي ذكرت سابقاً بشأن الحاكم الشعبي ـ ستتحدّث عن الحقائق وتكشف النقاب عن الواقعيات ، وبهذه الطريقة سيتمكّن الحاكم من تقييم صحّة المعلومات التي وردته عن طريق الأجهزة السرّية فيقف تماماً على حقائق الاُمور .
2 ـ تتعذّر معرفة اتجاهات الحقّ من الباطل ـ ولا سيما في القضايا الاجتماعية من دون الاطّلاع على أفكار الأُمّة وذهنيّاتها ، والاقتصار على التفكير أو المعلومات الواصلة أو التوفيق بين هذين السبيلين; لأنّ الأفراد ليسوا مستعدّين لإطلاع المخبرين على كافّة الحقائق كما هي وبالشكل الذي تختلج في ضمائرهم ، بينما سيطرحونها على حقيقتها للحاكم بفعل قربهم منه وثقتهم به .

الغاية إجراء الأحكام الشرعية



الهدف من الحكومة في الإسلام هو إجراء الأحكام الشرعية ، وأنّ الحكّام هم أُمناء الأُمّة وحماة حقوقها . ومن هنا خاطب الإمام (عليه السلام) واليه على آذربيجان قائلاً: «وإنّ عملك ليس لك بطعمة ، ولكنه في عنقك أمانة وأنت مسترعى لِمَن فوقك . ليس لك أن تفتات في رعيّة»(1) .
وعلى هذا الضوء فقد تعيّنت وظيفة الحاكم إلى جانب وظيفة قرابته وبطانته . فوظيفة الحاكم ألاّ يتصوّر بأنّ الحكومة طعمة ليجني منها حطام الدنيا العفن ، بل
  • 1 . نهج البلاغة: 366 ، الكتاب 5 .

(الصفحة 150)

هدفه تطبيق أحكام الله . قرابة الحاكم أيضاً لا ينبغي أن تستغلّ الحاكم لتحقيق أغراضها ومآربها; فإن لم يرعووا وجب على الحاكم أن يجابههم بعدالته ، فيهبّ للدفاع عن حقوق المستضعفين ويجتثّ جذور المستغلّين ويوقفهم عند حدّهم:
«ثُمَّ إِنَّ لِلْوَالِي خَاصَّةً وَبِطَانَةً ، فِيهِمُ اسْتِئْثَارٌ وَتَطَاوُلٌ وَقِلَّةُ إِنْصَاف فِي مُعَامَلَة ، فَاحْسِمْ مَادَّةَ أُولَئِكَ بِقَطْعِ أَسْبَابِ تِلْكَ الأَحْوَالِ .
وَلاَ تُقْطَعَنَّ لأَحَد مِنْ حَاشِيَتِكَ وَحَامَّتِكَ قَطِيعَةً ، وَلاَ يَطْمَعَنَّ مِنْكَ فِي اعْتِقَادِ عُقْدَة تَضُرُّ بِمَنْ يَلِيهَا مِنَ النَّاسِ فِي شِرْب أَوْ عَمَل مُشْتَرَك يَحْمِلُونَ مَؤُونَتَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ ، فَيَكُونَ مَهْنَأُ ذَلِكَ لَهُمْ دُونَكَ ، وَعَيْبُهُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» .

الجميع سواسية أمام القانون



إنّ أحد الاُسس الإسلاميّة الحيوية يكمن في المساواة بين جميع أفراد الأُمّة وأنّهم سواسية أمام القانون . وبناءً على هذا الأساس فإنّ الشارع قد أقرّ عقوبات تشمل الجميع في حالة ارتكاب الجرم بغضّ النظر عن موقعهم الاجتماعي ومدى قربهم وبعدهم عن الحاكم ، فمن يجرم ينتظر العقاب دون هوادة .
أمّا العالم المتحضّر الذي يزعم أنّ قوانينه قد طالت الجميع فلم يخرج هذا الزعم إلى الواقع ولم يكتب له النجاح على مستوى العمل . ففضيحة «واترغيت» من أبشع الجرائم التي عرفتها الدنيا برمّتها ، وقد رأينا كيف كانت اُلعوبة بيد الرئيس الأمريكي «جيرالد فورد» كما أودع «نيكسون» القضية الفلانية طيّ النسيان!!
أمّا في الإسلام فقد رأينا الحاكم الإسلامي الأعلى للدولة الإمام علي (عليه السلام) الذي سرق درعه بينما وقف عاجزاً عن أخذه حين شاهده بيد أحد الناس ، ولم تدعه قدرته وزعامته لسلبه منه ، ولم يكن أمامه من سبيل سوى الترافع إلى القاضي