جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 93)


الحكومة والوشاة



تعتبر النميمة في الإسلام من أقبح الرذائل ، كما أنّ النمّـام من أقبح الأفراد ، حتّى صوّره رسول الله (عليه السلام) لأصحابه قائلاً: «ألا أُنبِّئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الأحِبّة»(1) .
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): محرّمة الجنّة على القتّاتين المشّائين بالنميمة(2) .
ولو تدبّرنا حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) لوقفنا على مدى قبح النميمة ودورها الخطير ، إلى جانب قدرة النمّام على تصديع علاقات الأفراد فيما بينهم ، إضافة إلى تصديع العلاقات بين أبناء المجتمع والحكومة .
ومن هنا يعلم أنّ النمّـام ـ الذي لا يتورّع عن الكذب ـ ما إن شاهد نقطة ضعف صغيرة من أحد الأفراد حتّى يسارع إلى تضخيمها وتفخيمها عند صاحبه ، بهدف التفريق بينهما وإثارة أحقادهما وأضغانهما . فلو قدّر لمثل هذا الفرد أن يتسلّل إلى المناصب الحكومية ويكون أحد كوادرها بحيث يتردّد على سائر مسؤولي الحكومة ، فإنّه سيتمكّن بكلّ بساطة من استغلال نقاط ضعف الآخرين ، ليبعد الحاكم عن الأُمّة من جهة ويؤلّب الأُمّة على الحاكم من جهة اُخرى ، الأمر الذي يُفقد الحاكم القدرة على الاستناد إلى القاعدة الجماهيرية ، وبالتالي يؤدّي إلى عجزه وانهياره . وهذا ما جعل الإمام (عليه السلام) ينبّه واليه إلى هذا الأمر ، بهدف إشاعة أجواء الأمن والثقة المتبادلة ، فقال (عليه السلام):
«وَلْيَكُنْ أَبْعَدَ رَعِيَّتِكَ مِنْكَ وَأَشْنَأَهُمْ عِنْدَكَ أَطْلَبُهُمْ لِمَعَائِبِ النَّاسِ ، فَإِنَّ فِي
  • 1  ، 2 . الكافي: 2 / 369 ح1  ، 2 .

(الصفحة 94)

النَّاسِ عُيُوباً ، الْوَالِي أَحَقُّ مَنْ سَتَرَهَا ، فَلاَ تَكْشِفَنَّ عَمَّا غَابَ عَنْكَ مِنْهَا ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ تَطْهِيرُ مَا ظَهَرَ لَكَ ، وَاللَّهُ يَحْكُمُ عَلَى مَا غَابَ عَنْكَ ، فَاسْتُرِ الْعَوْرَةَ مَا اسْتَطَعْتَ ، يَسْتُرِ اللَّهُ مِنْكَ مَا تُحِبُّ سَتْرَهُ مِنْ رَعِيَّتِكَ . أَطْلِقْ عَنِ النَّاسِ عُقْدَةَ كُلِّ حِقْد ، وَاقْطَعْ عَنْكَ سَبَبَ كُلِّ وِتْر ، وَتَغَابَ عَنْ كُلِّ مَا لاَ يَضِحُ لَكَ ، وَلاَ تَعْجَلَنَّ إِلَى تَصْدِيقِ سَاع ، فَإِنَّ السَّاعِيَ غَاشٌّ وَإِنْ تَشَبَّهَ بِالنَّاصِحِينَ» .

الائتمان على الأسرار وستر العيوب

يعتبر الائتمان على الأسرار وعدم البوح بها وستر عيوب الناس من وظائف الحاكم ومن الاُسس والمبادئ الإسلاميّة الحيوية . وهذا ما أوصى به أمير المؤمنين (عليه السلام) واليه «الوالي أحقُّ مَن سَتَرَها . . .» ويضيف (عليه السلام): «فاسترِ العورةَ ما استطعتَ يستر الله منك ما تحبُّ سترَه من رعيتك» .
وروي عن الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «لا تطلبوا عثرات المؤمنين; فإنَّ مَن تتبّع عثرات أخيه تتبّع الله عثراتِهِ ، ومن تتبّع الله عثراته يفضحه ولو في جوف بيته»(1) .

ألاعيب الامبريالية

تتمثّل أبرز ألاعيب الامبريالية والاستعمار بإشاعة الفحشاء والفساد في مختلف المجتمعات ، فالمدرسة المادّية والشيوعية تسعى إلى استئصال الدين والاعتقاد من الناس وإشاعة الكفر والإلحاد والقضاء على كافّة القيم والمثل ، بينما يسعى الاستعمار والامبريالية ـ ومن خلال القضاء على العفّة والستر وإشاعة
  • 1 . الكافي: 2 / 355 ح5 .

(الصفحة 95)

الرذيلة والفساد ـ إلى خلق فجوة بين الشعوب المستضعفة ودينها وسترها وعفافها ومعنوياتها وتمييع شخصيتها وهويّتها الإسلاميّة وإيقاعها في مصائد الفحشاء والمنكرات والرذائل ، وبالتالي الارتماء في أحضان المستعمر الطامع ، طبعاً عادةً ما يتشبّث الاستعمار بمختلف الأساليب الملتوية من أجل بقائه وديمومة حياته ، غير أنّه غالباً ما يركّز على إشاعة الفاحشة والمنكر التي تمثِّل أعظم معاوله الهدّامة .
فقد أيقن الاستعمار على مدى القرنين أو الثلاثة قرون الأخيرة أنّ العفاف والستر هي أعظم القلاع الصمّاء التي يصعب اختراقها من قبل الأجانب ، ولذلك إذا زالت هذه العفّة وحلّت محلّها الفاحشة والفساد ، تصدّعت عرى الأصالة الإنسانية ، وانقادت خصال الإنسانية إلى الأهواء والشهوات ، حتّى تتزلزل أركان الدين ودعائم العقائد ، فتتخلخل تلك القلعة الحصينة بحيث يتمهّد السبيل أمام تغلغل الاستعمار .
الإسلام من جانبه وبغية الحيلولة دون هذه المفاسد وقف بشدّة بوجه كافّة مظاهره ، كما يعاقب بأشدّ العقوبات كلّ مَن تسوّلت له نفسه ممارسة الفحشاء أمام أنظار الملأ العام أو حتّى في الخلوات بهدف إشاعة مثل هذه الممارسات ، ولذلك حَثَّ الإمام علي (عليه السلام)مالكاً على محاربة مظاهر الفساد والحيلولة دون شيوع الفاحشة ، بغية الحفاظ على كيان المجتمع الإسلامي وصونه من الانحراف والانحلال .

حلّ العقد

الوظيفة الاُخرى التي ينبغي أن يمارسها الحاكم وسائر مسؤولي البلاد ، تكمن في حلّ المعضلات وضمان المتطلّبات المادّية والمعنوية للأُمّة كما قال (عليه السلام) «أطلِقْ عن الناس عُقدةَ كلِّ حِقد» .

(الصفحة 96)

ومن الواضح أنّ الناس ـ وعلى ضوء طبعهم البشري وبموجب آمالهم وأحلامهم ـ كلّما عجزوا عن الظفر ببغيتهم فإنّما ينسبون الحرمان والمشاكل التي تواجههم في حياتهم إلى القائمين على الشؤون التنفيذية في الحكومة ، وهم يظنّون بأنّ الحكومة ـ وبالاستناد إلى الإمكانات المتاحة لديها ـ يمكنها أن تحقّق لهم جميع آمالهم وطموحاتهم .
وبالطبع فإنْ لم تحقّق الحكومة هذا الأمر ـ وحقّاً أنّه لمتعذّر عليها ـ فإنّ الناس سيضمرون البغض والعداء بما يجعل شأن الحكومة يتجه نحو الضعف والوهن والاُفول .
إذن ما نخلص إليه هو أنّ الحاكم لمّا لم يكن بإمكانه تحقيق كافّة طموحات الاُمّة فإنّ عليه ـ وباعتماد الأخلاق والآداب الإسلاميّة ـ أن يعرّف الأُمّة بالأزمات والمصاعب ، ويشركهم في البحث عن الحلول لهذه المعضلات ، وخلاصة القول عليه أن يسعى سعيه من أجل الظفر برضى الاُمّة .

الاستشارة في الإسلام

تعدّ الاسشارة في الثقافة الإسلاميّة من العناصر العملية في الحيلولة دون التسلّط والاستبداد ، إلى جانب الانفتاح على أفكار الآخرين والتوصّل إلى الأساليب الناجعة للتعامل مع بعض الاُمور ، ومن هنا فإنّ حسّاسية وخطورة الاستشارة إنّما تتناسب طردياً والقضية المطروحة للاستشارة . وتنشأ أهمّية الاستشارة من أمرين هما:
الأوّل: التطوّر والشمولية التي تشهدها كلّ يوم القضايا السياسية والثقافية والأخلاقية والفنّية والاقتصادية والصناعية وغيرها في كافّة مجالات الحياة ، ولا سيّما التعقيد والتخصّص الذي يكتنف أغلب المسائل ، الأمر الذي يجعل من
(الصفحة 97)

الصعوبة فهمها وإدراك مغزاها ، وبالتالي لا مناص من استشارة ذوي الخبرة والاختصاص .
الثاني: أنّ كلّ فرد من أفراد البشر مهما امتلك من قوّة عضلية وفكر جبّار وذكاء حادّ مقارنة بالآخرين ، فإنّه يبقى إنساناً محدوداً ليس لديه سوى فكرة واحدة ، فإذا استشار الآخرين وتعرّف على أفكارهم ، حصل على نتيجة أفضل . وقد وردت التأكيدات القرآنية وروايات الأئمّة المعصومين (عليهم السلام) على هذا الأمر .
ومن ذلك ما خاطب به الحقّ سبحانه رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله) الذي يمثِّل ذروة العقل والفكر البشري والملهم المباشر من مصدر الوحي داعياً إيّاه للاستشارة: {فَبِمَا رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الاَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (1) .
وقال الإمام علي (عليه السلام) بشأن الاستشارة: «مَن استبدّ برأيه هلك ، ومَن شاور الرجال شاركها في عقولها»(2) .
أمّا الآن وبعد أن اتّضحت لدينا ضرورة الاستشارة وأهمّيتها ، لابدّ أن نتعرّف على الأفراد الذين ينبغي استشارتهم ، وهل يجوز استشارة كلّ إنسان؟!

  • 1 . سورة آل عمران ، الآية 159 .
  • 2 . نهج البلاغة: 500 حكم 161 .