جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 107)

في الانتخاب ، بينما يولي الآخر الأصالة للرسالية في الاختيار .
لقد تضمّن كلام الإمام (عليه السلام) ضرورة الجمع بين الأمرين في اختيار الأفراد لممارسة المسؤولية في الدولة ، فقد أشار (عليه السلام)على مالك بمدارسة العلماء من أجل تحقّق الصفة الرسالية ، كما أوصاه بمناقشة الحكماء والانتفاع بها ، بغية تحقّق صفة الاختصاص .

المصير المشترك ووحدة طبقات المجتمع


تقوم الرؤية العلوية للمجتمع على أنّه جسد واحد ذو أعضاء متّحدة المصير ، وللوقوف على هذه الرؤية لابدّ من استعراض بعض المقدّمات:
* مفهوم المجتمع
عادة ما يتألّف المجتمع من مجموعة من الأفراد الذين تحكمهم الروابط والعلاقات التي تصل بعضهم بالبعض الآخر . وعليه فالمجتمع تركيب يفتقر لوجوده وكيانه في حالة غياب الأفراد .
* استقلال المجتمع
نريد أن نتعرّف على هذا الكيان بعد أن عرفنا أنّه مركّب من عدد من الأفراد ، كما نروم الوقوف على العلاقة القائمة بين الفرد والمجتمع ، وهل للمجتمع من وجود وشخصية إزاء هؤلاء الأفراد وفي حالة غيابهم أم لا؟
بعبارة اُخرى: هل هناك من وجود عيني وخارجي لمجتمع دون وجود أفراده ، أم بالعكس ليس هناك من استقلال لمجتمع دون أفراد الجنس البشري؟
لقد طُرق هذا الموضوع لأول مرة في وسط الفلاسفة المسلمين من قبل ابن خلدون في مقدّمته لكتابه التأريخي «العبر» فقال: كلّ مجتمع يعيش مرحلة الولادة
(الصفحة 108)

والطفولة والشباب ثمّ الكهولة فالموت ، فإنّه بالتالي سيموت شاء أم أبى ، كما تكهّن بمتوسّط عمر كلّ مجتمع(1) .
ومن الواضح أنّ المجتمع لمّا كان يتألّف من الأفراد ، فإنّ هؤلاء الأفراد يرتبط بعضهم بالبعض الآخر وأنّهم يعيشون مصيراً مشتركاً واحداً ، فإنّهم يتأثّرون بأعمال بعضهم البعض شاءوا أم أبوا . فإن كانت الأكثرية الساحقة سيّئة انعكس ذلك أيضاً على الأقلّية الصالحة ، وإن كانت الأكثرية صالحة استفادت الأقلّية من خيّرات ذلك الصلاح ، وهكذا يتداخل مصير كلّ طائفة مع سائر الطوائف .
وبناءً على هذا فإنّ الإمام (عليه السلام) يرى أنّ من وظائف الحاكم ضرورة التعرّف على طبقات المجتمع والالتفات إلى سلامة كلّ منها ، فقال (عليه السلام):
«وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ طَبَقَاتٌ لاَ يَصْلُحُ بَعْضُهَا إِلاّ بِبَعْض ، وَلاَ غِنَى بِبَعْضِهَا عَنْ بَعْض: فَمِنْهَا جُنُودُ اللَّهِ ، وَمِنْهَا كُتَّابُ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ ، وَمِنْهَا قُضَاةُ الْعَدْلِ ، وَمِنْهَا عُمَّالُ الإِنْصَافِ وَالرِّفْقِ ، وَمِنْهَا أَهْلُ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَمُسْلِمَةِ النَّاسِ ، وَمِنْهَا التُّجَّارُ وَأَهْلُ الصِّنَاعَاتِ ، وَمِنْهَا الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ ، وَكُلٌّ قَدْ سَمَّى اللَّهُ لَهُ سَهْمَهُ ، وَوَضَعَ عَلَى حَدِّهِ فَرِيضَةً فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ (صلى الله عليه وآله) عَهْداً مِنْهُ عِنْدَنَا مَحْفُوظاً» .

  • 1 . مقدّمة ابن خلدون: 170 وما بعدها; ترجمة مقدّمة ابن خلدون: 1 / 324 .

(الصفحة 109)


قوامُ كلّ طبقة يعتمد على قوام اُخرى قوامُ كلّ طبقة يعتمد على قوام اُخرى



تحدّثنا سابقاً عن المصير المشترك لأفراد المجتمع والتحام الطبقات الاجتماعية; ونضيف هنا أنّ الإمام (عليه السلام) يرى بأنّ قوام كلّ طبقة يتوقّف على سائر الطبقات ، وبعبارة اُخرى لا غنى لأيّة طبقة عن اُخرى ، وإذا أرادت طبقة ـ مهما كان شأنها وموقعها ـ أن تحفظ كيانها وجب عليها أن تسعى لحفظ كيان سائر الطبقات .
ولا ينبغي أن يعتقد بأنّ وجودها يتوقّف على انعدام الاُخرى; وذلك لأنّ المجتمع الذي لا يمتلك القوّات المسلّحة لا يعيش الأمن ، وإذا انعدم الأمن ، اختلّت التجارة وتعثّرت الزراعة ، فإذا كان ذلك كذلك زالت الضرائب التي تضمن ميزانية القوّات المسلّحة .
كما أنّ عمل الولاة والقضاة هو الإشراف المستمرّ على سير الأعمال والأنشطة الاجتماعية المختلفة ، فإذا لم يكن هنالك من إشراف ومتابعة سادت المجتمع موجة من القلق والفوضى والاضطراب .
ولذلك يرى الإمام (عليه السلام) بأنّ كلّ طبقة تتقوّم بالاُخرى دون أن تمتاز عليها أو تفضلها ، وإذا فقدت أحدها كيانها أثّرت على سائر الطبقات:
«فَالْجُنُودُ بِإِذْنِ اللَّهِ حُصُونُ الرَّعِيَّةِ ، وَزَيْنُ الْوُلاةِ وَعِزُّ الدِّينِ وَسُبُلُ الأَمْنِ ، وَلَيْسَ تَقُومُ الرَّعِيَّةُ إِلاّ بِهِمْ . ثُمَّ لاَ قِوَامَ لِلْجُنُودِ إِلاّ بِمَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ الَّذِي يَقْوَوْنَ بِهِ عَلَى جِهَادِ عَدُوِّهِمْ ، وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَيَكُونُ مِنْ وَرَاءِ حَاجَتِهِمْ . ثُمَّ لاَ قِوَامَ لِهَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ إِلاّ بِالصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنَ الْقُضَاةِ وَالْعُمَّالِ وَالْكُتَّابِ ، لِمَا يُحْكِمُونَ مِنَ الْمَعَاقِدِ ، وَيَجْمَعُونَ مِنَ الْمَنَافِعِ ، وَيُؤْتَمَنُونَ عَلَيْهِ مِنْ خَوَاصِّ الأُمُورِ وَعَوَامِّهَا . وَلاَ قِوَامَ لَهُمْ جَمِيعاً إِلاّ بِالتُّجَّارِ
(الصفحة 110)

وَذَوِي الصِّنَاعَاتِ ، فِيمَا يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ مَرَافِقِهِمْ وَ يُقِيمُونَهُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ ، وَ يَكْفُونَهُمْ مِنَ التَّرَفُّقِ بِأَيْدِيهِمْ ما لاَ يَبْلُغُهُ رِفْقُ غَيْرِهِمْ . ثُمَّ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ وَ الْمَسْكَنَةِ الَّذِينَ يَحِقُّ رِفْدُهُمْ وَ مَعُونَتُهُمْ» .

تقسيم السلطات وتوزيع الأعمال حسب الاستحقاق


قلنا: إنّ التحام الطبقات الاجتماعية وقوام كلّ منها يتوقّف على ما سواها ، وهذا بدوره يؤدّي إلى ضرورة توزيع الأعمال وتقسيم السلطات التي تُعدّ من صميم وظائف الحاكم الإسلامي .
ومن البديهي أنّ الأنشطة والفعّاليات سوف تصاب بالتعثّر والعرقلة ما لم تسير على ضوء منهاج ونظام ، وعليه فلابدّ للحاكم الإسلامي من تعيين آليّة السلطات ، ومن ثمّ يسند الأعمال إلى أصحابها وفقاً لأهليّتهم وجدارتهم ، ويحول دون تأثير العلاقات الشخصية بدلاً من المقرّرات والضوابط .
وممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المسؤولية تعدّ من أهمّ وأصعب وأخطر مهامّ الحاكم الإسلامي ، والتي لا يتسنّى له القيام بها إلاّ من خلال سعيه الدؤوب واستعانته بالحقّ تبارك وتعالى من أجل أداء هذه المهمّة الخطيرة:
«وَفِي اللَّهِ لِكُلّ سَعَةٌ ، وَلِكُلّ عَلَى الْوَالِي حَقٌّ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهُ ، وَلَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ إِلاّ بِالاهْتِمَامِ وَ الاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ ، وَتَوْطِينِ نَفْسِهِ عَلَى لُزُومِ الْحَقِّ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ فِيمَا خَفَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَقُلَ» .

(الصفحة 111)


مميّزات قوّاد الجيش الإسلامي



ينبغي أن تتحلّى القوّات الإسلاميّة ـ التي تحمل أرواحها على أكفّها ذوداً عن الدين والقرآن والحكومة الإسلاميّة ـ بالأخلاق والآداب الإسلاميّة الرفيعة .
وبعبارة اُخرى فإنّ الفرد إنّما يستحقّ لقب جندي الإسلام إذا ما تمتّع بعدد من الصفات ، من قبيل الإيمان والعفّة والتقوى والأثرة والاستماتة من أجل إعلاء كلمة الله ، بينما هناك صفات إضافية ينبغي أن يتّصف بها قادة الجيش ، ممّن ينهضون بمهمّة قيادة الجيش الإسلامي والذين لهم اتّخاذ القرار بشنّ الحرب والقتال ، بحيث لايتسنّى هذا المنصب لكائن من كان من الأفراد .
فلابدّ أن تتوفّر في هذا الفرد ـ إلى جانب الإيمان والتقوى والشجاعة والأثرة والفطنة والقدرة على الزعامة ـ سائر الصفات من قبيل سموّ الروح والهيبة والجلد على تحمّل المواقف الصعبة ، ومكارم الأخلاق والشدّة والصرامة واللين والمدارة ، كلّ في وقتها حتّى لا يجرّ طيشه وتهوّره مَن كان تحت إمرته إلى المهلكة من جهة ، وحتّى لا تدعوه شدّته وصرامته وقدرته لاستغلال الآخرين ، فيؤدّي بحياتهم إرضاءً لنزواته من جهة اُخرى .
فالذي نستشفّه من وصايا أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّ القائد ينبغي أن يتحلّى بالصفات التالية:
1 ـ الحرص على إجراء أحكام الله وأوامر رسوله (صلى الله عليه وآله) ووليّ الأمر الإمام الزعيم للاُمّة ، إضافة إلى امتثاله للقيادة والنصح لها .
2 ـ سعة الصدر والاطمئنان الروحي .
3 ـ الورع والتقوى والعفاف .