جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 66)

دوافع الفساد والتلوّث

نفهم بعض الدوافع التي تسوق الإنسان إلى ممارسة الفساد والرذيلة من خلال عبارته (عليه السلام): «وتَعرِضُ لهم العِلَلُ» فأغلب المفاسد والرذائل التي ترتكب من قبل الأفراد وإن كان بعضها يستند إلى العمد والشقاء و . . . إلاّ أن بعض الحالات ـ التي ليست بالقليلة ـ هي الدوافع التي تكمن وراء هذه الأعمال . فلو أخذنا على سبيل المثال قضية شيوع الزنا ، فإنّها وإن كانت معلولة لضعف الإيمان ، إلاّ أنّه لاينبغي التنكّر إلى دور النقص العاطفي الذي يسود بعض الاُسر وضعفه بين الأزواج ، إلى جانب الفوارق الروحية بينهما وحالات الزواج المفروضة القسرية وغيرها ، والتي يعتبر كلّ واحد منها عاملاً في الجنوح نحو هذه الرذيلة البشعة .

مفهوم العصمة والعدالة والفسق

لابدّ من الخوض في بعض المصطلحات الفقهية للتعرّف على عباراته (عليه السلام)الواردة بهذا الشأن . يصطلح فقهياً بـ «الفاسق» على الفرد الذي لا يتورّع عن ارتكاب الذنب والمعصية ، فهو يمارس الرذيلة متى ما عرضت له . وبالمقابل هنالك الأفراد الذين مارسوا الرياضة الروحية في السيطرة على النفس حتّى خلقوا لأنفسهم ملكة جعلتهم يجتنبون المحرّمات ويقبلون على الفرائض والواجبات ، ويطلق على مثل هذه الحالة العدالة ، بينما يوصف صاحبها بالعادل . وهي ليست من الصفات الملازمة للإنسان ، على الدوام ، فلعلّها تزول بعد مدّة من الزمان ولا تعدّ فاعلة أمام بعض المعاصي والإغراءات بالشكل الذي تحول دون التلوّث بالفساد ومقارفة الرذيلة .
فقد لا يرتكب مثل هؤلاء الأفراد المعصية من أجل مائة دينار ، لكن لايستعبد ـ على سبيل المثال ـ عدم اهتزازه والتغرير به تجاه مبلغ أكبر قد يصل إلى
(الصفحة 67)

المليون دينار . كما يمكن للبعض الآخر أن يملك هواه إذا ما اُغري ببعض المناصب من قبيل إدارة مؤسّسة أو الإشراف على منظّمة ، بينما يسلس لنفسه القياد إذا ما عرضت عليه وزارة معيّنة . فالإنسان العادل واستناداً لملكة العدالة لا يقارف المعصية في حالة العلم وعدم النسيان ، إلاّ أنّه قد يرتكبها تحت طائلة الغفلة والنسيان ، لكنّ هذه المقارفة لا تعدّ ذنباً و معصية لدى الله ، كما لا يؤاخذ عليها ولا تسلخه من عدالته التي سرعان ما يعود إليها .
وأمّا «العصمة» فهي ملكة دائمية ملازمة للمعصوم (عليه السلام) ـ خلاف العدالة ـ تحول دونه ودون الوقع في الذنب عمداً وسهواً على الدوام ، واستنادا لهذه الملكة فإنّ المعصوم (عليه السلام) لن يقارف الذنب أبداً .

هل المعصوم لا يستطيع مقارفة الخطيئة؟

ما يردّده الفقهاء من أنّ المعصوم (عليه السلام) لا يرتكب الذنب ، ولا يقارف المعصية أبداً ، أيراد بذلك أن المعصوم (عليه السلام) قادر على ارتكاب الذنب ولا يذنب ، أم أنّه ليس بقادر فلا يذنب؟
إذا كانت عصمة المعصوم (عليه السلام) تعني عدم القدرة على إرتكاب الذنب ، فإنّ مثل هذه العصمة لا تعدّ فضيلة ومنقبة له عمّن سواه ، أمّا إن كانت تعني عدم ارتكاب الذنب رغم القدرة على مقارفته فهي فضيلة ومنقبة .
وهنا يطرح سؤال ، وهو أنّه كيف يمكن تصوّر هذه الحالة ، أي عدم الذنب مع القدرة؟ للإجابة على هذا السؤال وتوضيح مفهوم العصمة على أنّها مقام إلهي وفضيلة تميّز صاحبها عمّن سواه ، نرى من الضروري إيراد هذه المقدّمة:
إنّ بعض الأفراد العاديين غير المعصومين يتحلّون بالعصمة تجاه بعض الذنوب ، أي أنّهم لم ولن يقارفوها في ذات الوقت الذي يمتلكون القدرة على
(الصفحة 68)

ارتكابها . فكشف العورة عمل قبيح ومخالف للقوانين الإسلاميّة ، وكلّ عاقل قادر أن يبدي عورته أمام الملأ العام إلاّ أنّه لا يقدم ـ إن كان بكامل عقله ـ على مثل هذا العمل أبداً فلِمَ لا يرتكب العاقل مثل هذه الرذيلة؟ لأنّ قبح هذا العمل الشنيع واضحة لديه تماماً . وبناءً على هذه النظرة يمكننا أن نكتشف سرّ العصمة لدى الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) .
فقد ذكرنا سابقاً أنّ الأنبياء والأئمّة المعصومين (عليهم السلام) لا يقارفون المعصية قط ، فالمعصومون (عليهم السلام) لا يرتكبون الذنب رغم قدرتهم على ارتكابه ، وكيفية ذلك اتّضحت ممّا أوردناه قبل قليل ، فالعاقل الذي يقف بصورة تامّة على قبح عمل لا يقارفه أبداً ، وبتركه لعمل وآخر يتحصّل لديه نوعٌ من العصمة ، والمعصومون (عليهم السلام)يمتلكون هذه العصمة بصورة أوسع وأشمل ، وذلك لإحاطتهم التامّة بقبح وشناعة جميع الذنوب ، وعليه فهم لا يقارفونها ويتخطّون الحدود الشرعية أبداً .
وبناءً على ما تقدّم ندرك أنّ الأنبياء والأئمّة المعصومين (عليهم السلام) في الوقت الذي يملكون القدرة على مقارفة القبائح والحرمات ، ولكن حيث يتمتّعون بالرؤية الربّانية والمعرفة التامّة بحسن الأعمال وقبحها استناداً لمصادر الوحي ، فإنّهم لايرتكبون ما يخالف الشرع أبداً ، ويتحلّون بالعصمة عن ارتكاب القبائح عمداً وسهواً .

العصمة في النسيان

قلنابأنّ ميدان عصمة المعصومين (عليهم السلام) أوسع ممّا عليه عامّة الأفراد من ناحيتين:
الاُولى: أنّ للمعصومين (عليهم السلام)عصمة مطلقة تجاه كافّة الأعمال .
والثانية: أنّهم لا يتخطّون المقرّرات الشرعية حتّى في حالة السهو والنسيان .
ولعلّ هناك من يسأل: ما سرّ العصمة في حالة النسيان؟ بعبارة اُخرى ما
(الصفحة 69)

الضير في أن يقارف المعصومون (عليهم السلام) الذنب حال النسيان و يعملوا بما يخالف الشرع؟ أو ليس النسيان مرفوعاً عن الأُمّة ، فما يرتكب حين السهو والنسيان لايعدّ معصية يؤاخذ الإنسان عليها؟
نحن نعلم بأنّ كلّ واحد من الأنبياء (عليهم السلام) وعلى ضوء الوصف القرآني بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ، غير أنّهم في نفس الوقت زعماء الأُمّة وقادة المجتمع ، فلو خرج هذا الزعيم عن الجادّة ، ولو في حالة السهو والغفلة والنسيان ، فإنّ موقعه سيختلّ في نظر الأُمّة وتضعف قاعدته الشعبية رغم أنّ خروجه ليس بمعصية .
فلو قارف الأنبياء (عليهم السلام) الذين تزعّموا المجتمعات البشرية طيلة التأريخ عملاً ولو على نحو السهو والنسيان لأدّى ذلك لا محالة إلى هبوط منزلتهم ولدبّ الضعف والوهن في زعامتهم .
ومن هنا نقول بأنّ للأنبياء والأئمّة المعصومين (عليهم السلام) عصمة تحول دونهم في ارتكاب القبيح على نحو العمد أو الخطأ أو النسيان .

تعنيف الاُمّة بمثابة محاربة الله



يرى الإمام علي (عليه السلام) أنّ تعنيف الأُمّة وظلم العباد بمثابة محاربة اللّه ، وسنثبت لاحقاً أنّه ليس للظلمة والطواغيت من عاقبة سوى الفشل والسقوط والانهيار; وذلك لأنّه لا طاقة لأحد أمام الله ـ الذي يفيض القدرة على من يشاء ـ ولا غنى لحاكم عن عفوه ورحمته:
«ولا تَنصِبَنَّ نفسَكَ لحربِ الله ، فإنّه لا يَدَ لكَ بنقمَتِه ، ولا غِنى بكَ عن عَفوِه ورحمَتِه ، ولا تندمَنَّ على عفو ، ولا تَبْجَحَنَّ بعقوبة ، ولا تُسْرِعَنَّ إلى بادرة وَجَدْتَ منها مَنْدوحَةً» .

(الصفحة 70)


الدكتاتورية والاستبداد



إنّ خصلة التكبّر والغطرسة التي تنبع من الاغترار بالذات والاعتزاز بها إلى جانب حبّ التسلّط والفرعنة إنّما تقود الإنسان إلى الطغيان والاستبداد بالرأي وفرض أفكاره على الآخرين . وإذا ما اشتمل الحاكم على هذه الخصلة وأخذ بزمام الاُمور ودار دفّة الحكم بهذه الذهنية فإنّه لا يلجأ في خاتمة المطاف إلى الغطرسة والكذب والرعب وإضاعة الحقوق فحسب ، بل سيقضي على الدين ـ الإسلام الحنيف ـ ليحيل عزّة المسلمين ذلاًّ وسعادتهم بؤساً وشقاءً:
«ولا تقولنّ: إنّي مُؤَمَّر آمرٌ فأُطاع ، فإنَّ ذلك إدغالٌ في القلب ، ومَنْهَكَةٌ للدين ، وتقرّبٌ من الغِيَرِ» .

مناهضة الاستكبار



قلنا: إنّ جذور الغطرسة والاستبداد تعود إلى التأثّر بالذات والعجب بها إلى جانب حبّ التسلّط والهيمنة ، ونضيف إلى ذلك هنا أنّ مصدر كلّ هذه الأمراض هو الجهل البشري ، فلو وقف الإنسان على آليته الروحية والجسمية ، والتفت إلى مدى ضعفه وعجزه مقابل الذات الربوبية المقدّسة ، وأيقن أنّ كلّ مالديه منه وإليه سبحانه وأنّه «بحوله وقوّته يقوم ويقعد» لهرب من هذا الطغيان والتفرعن ، ولشعر بالخجل من هذا التمرّد والشموس .
ولذلك يذكِّر الإمام علي (عليه السلام) بالتأمّل في نفسه والالتفات إلى موقعه ، من خلال استحضار عظمة اللّه وجبروته كي لا يخالجه أدنى شعور بالكبر والرفعة: