جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 130)

يصطلح الإسلام على مثل هؤلاء الأفراد الذين يمارسون مهمّة الإشراف والتحرّي بـ «العيون» والحقّ أنّه اسم على مسمّى ، فالحكومة عمياء إذا ما افتقرت لهذا الجهاز الدقيق والموثوق; ولذلك يأمر الإمام (عليه السلام) واليه ببعث هذه العيون سرّاً في مختلف مناطق البلاد; لأنّ المراقبة السرّية تدفع بالعمّال إلى الأمانة واجتناب الخيانة والاستغلال من جانب ، وتحثّهم على الرأفة والشفقة بالأُمّة والإسراع في إنجاز أعمالها من جانب آخر .
كما يؤكّد (عليه السلام) على وجوب ثقة الحاكم بعيونه ، فيرى أخبارهم حجّة ينبغي ترتيب الأثر عليها; إذ لو شعر العيون بريبة الحاكم في تقاريرهم التي تتضمن عيوب الولاة ومفاسدهم ، وعدم التعامل معها ، فسوف لن يعد هناك مَن يكترث لجهاز المراقبة والإشراف ، ويفتح الباب على مصراعيه أمام المغرضين ليرتكبوا ما شاءوا من المفاسد حتّى يقضوا على النظام السائد في المجتمع ، ولذلك يوصي (عليه السلام) بكفاية الوثوق بالتقارير السرّية التي يرفعها العيون والتي تؤيّد فساد وخيانة بعض العمّال وإن كانوا من أقرب مقرّبي الوالي .
ثمّ يوضّح (عليه السلام) كيفيّة مجابهة الخائن إذا ثبت جرمه ، فيقول: أبسط على الخائن العقوبة ، وأقم عليه الحدّ دون زيادة أو نقيصة ، ثمّ انصبه بمقام المذلّة ، وسِمْهُ بالخيانة ، وقلِّده عار التهمة; ليكون عبرة للآخرين ، ورادعاً لهم عن الخيانة والفساد .
الجدير بالذكر في كلام الإمام (عليه السلام)أنّه قدّم الأجوبة مسبقاً لكلّ سؤال يمكن طرحه بشأن الاعتماد على العيون . نعم ، إذا كانت هنالك بعض التقارير الكاذبة رغم الدقّة في انتخاب العيون فما معنى الثقة التامّة بهم؟
لابدّ من الالتفات إلى أنّ الإمام (عليه السلام)وضمن تأكيده على الدقّة في انتخاب العيون والوثوق بسلامتهم الروحية ومكارمهم الخلقية فإنّه يدعو الولاة أيضاً إلى
(الصفحة 131)

متابعة سير الأعمال من مختلف الطرق والقنوات ، بحيث يزول شكّه في صحّة ما يرده من تقارير إذا وردت من عدّة قنوات .
ومعنى هذا الكلام أنّه ورغم توفّر كافّة الشرائط المعتمدة في انتخاب العيون فإنّ التقرير بمفرده ليس بحجّة هذا أوّلاً ، وثانياً: إذا لم يكن هناك من اتّفاق ووحدة رأي في تقرير فلابدّ من القيام بمزيد من التحقيق والتحرّي .
وبغضّ النظر عن ذلك فإنّ التقرير الكاذب لأحد العيون بمثابة الخيانة واستغلال المنصب الحكومي ، والذي يجابه بأشدّ العقوبات والفضيحة أمام الملأ:
«ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ ، وَابْعَثِ الْعُيُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي السِّرِّ لأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِعْمَالِ الأَمَانَةِ ، وَالرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ . وَتَحَفَّظْ مِنَ الأَعْوَانِ ، فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَة اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً ، فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ ، وَأَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ، ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ الْمَذَلَّةِ ، وَوَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ ، وَقَلَّدْتَهُ عَارَ التُّهَمَةِ» .

أهمّية الزراعة والمفهوم الاصطلاحي للخراج



لم يكن للصناعة في صدر الإسلام من دور في الآلية الاقتصادية ، بسبب ضعفها ومحدوديّتها ، إلى جانب ضعف التجارة نتيجة انعدام المواصلات والطرق التجارية وعدم توفّر الغطاء الأمني ، الأمر الذي جعل الاقتصاد يعتمد بالمرّة على الأراضي الزراعية والمحاصيل المستخرجة منها; ولذلك كانت «الضرائب» مقتصرة على الأراضي والمحاصيل الزراعية .
ويصطلح فقهياً بالخراج والمقاسمة على هذه الضرائب ، فإذا عيّنت الحكومة
(الصفحة 132)

مقداراً معيّناً من الأرض مثل ثلثها أو نصفها ـ كضرائب أُطلق عليها اسم «المقاسمة» ، وإذا عيّنت بصورة قطعية ـ مثلاً مائتي درهم لكلّ هكتار ـ سمّيت «خراجاً» كما يطلق «أهل الخراج» على الأفراد الذين يؤدّون الخراج والمقاسمة .
ولنرى الآن أهمّية الزراعة ودورها في المسيرة التكاملية الاقتصادية للمجتمع بعد أن اتّضح لدينا المفهوم الاصطلاحي للخراج ، فأغلب الأفراد الذين يعيشون في المدينة وقد تطبّعوا على أساليبها إنّما هم أفراد مستهلكون ـ وكلّما كانوا أكثر رفاهية كانوا أكثر استهلاكاً ـ يغطّون حاجاتهم من خلال ما ينتجه المزارعون ، بينما لا طاقة إنتاجية لهم ، فإذا نشط المزارعون ونهضوا بمحاصيلهم الزراعية فإنّ ذلك يؤدّي إلى ضمان حاجات أهل المدينة ، وإلاّ عجز أهل المدن حتّى عن إعداد حاجتهم من المواد الأوّلية; ولذلك فإنّ قيمة المزارع باقية لكونه الضامن على الدوام لحاجة الأفراد .
من جانب آخر فإنّ أهل المدن لا يؤمّنون حاجاتهم بصورة مباشرة دون واسطة ، بل يعتمدون على التجّار والوسطاء وسائر العناصر العاملة التي تشتري بدورها فائض المنتجات الحيوانية والنباتية من المزارعين .
وبالطبع فإنّ المزارعين إنّما يوفّرون أدواتهم المنزلية من قبيل الملبس ووسائل العمل وسائر الحاجات من خلال الأموال التي يحصلون عليها من بيع منتجاتهم ومحاصيلهم الزراعية .
ومن شأن هذه المقايضة أن تؤدّي إلى ازدهار وتطوّر اقتصاد المجتمع ، وكلّ ذلك يرتكز على أنشطة المزارعين; ولذلك فإنّ أيّ تعثّر تتعرّض له أنشطة المزارعين فإنّه يمتدّ إلى كافّة مرافق المجتمع ، الأمر الذي يؤدّي إلى شلل العملية الاقتصادية وتهديدها بالزوال والانهيار:
«وَتَفَقَّدْ أَمْرَ الْخَرَاجِ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ; فَإِنَّ فِي صَلاحِهِ وَ صَلاحِهِمْ صَلاحاً
(الصفحة 133)

لِمَنْ سِوَاهُمْ ، وَلاَ صَلاحَ لِمَنْ سِوَاهُمْ إِلاّ بِهِمْ ، لأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ عِيَالٌ عَلَى الْخَرَاجِ وَأَهْلِهِ» .

الدولة والتنمية الزراعية



إذا أرادت الدولة أن تعوّل على الضرائب والخراج فإنّ عليها أن تعدّ مقدّماتها وتمهّد السبيل أمامها ، وذلك من خلال تقديم العون للمزارعين في توفير المياه وتنظيم عمليات السقي وشقّ الأنهار والتُرع وحفر الآبار وإيجاد السدود وشقّ الطرق بين الأراضي الزراعية ، وفي هذه الحالة يحقّ للدولة أن تتوقّع جباية الخراج ، وإلاّ فلو اُصيب القطّاع الزراعي بالشلل وتعذّر على المزارعين تأمين معاشهم وحاجاتهم عن طريق الزراعة ، فإنّ فرض الضرائب على الاُمّة سيستنزف جهودها ويحمّلها فوق طاقتها ، الأمر الذي يثير سخطها وغضبها ، وبالتالي ستندفع البلاد إلى حالة من الفوضى وعدم الأمن وسقوط الدولة; ولذلك يوصي الإمام (عليه السلام)عامله بالتركيز على العمارة قبل التفكير في الضرائب ، فيقول (عليه السلام):
«وَ لْيَكُنْ نَظَرُكَ فِي عِمَارَةِ الأَرْضِ أَبْلَغَ مِنْ نَظَرِكَ فِي اسْتِجْلابِ الْخَرَاجِ ، لأَنَّ ذَلِكَ لاَ يُدْرَكُ إِلاّ بِالْعِمَارَةِ ، وَمَنْ طَلَبَ الْخَرَاجَ بِغَيْرِ عِمَارَة أَخْرَبَ الْبِلادَ ، وَأَهْلَكَ الْعِبَادَ ، وَلَمْ يَسْتَقِمْ أَمْرُهُ إِلاّ قَلِيلاً» .

(الصفحة 134)


تخفيف الضرائب



تعتبر الطبقة الفلاّحية من أجهد الطبقات وأكثرها عَناءً ، فحياتهم مرهونة بالعوامل والظواهر الطبيعية ، ولعلّ أدنى إهمال لهذه الحوادث الطبيعية والظواهر الصعبة قد يؤدّي إلى أضرار بالغة . وهذا بدوره يجعل الفلاّح يركّز جُلَّ تفكيره طيلة ليله ونهاره من عامه وفي جميع الأحوال ويقضي أوقاته في أرضه ومزرعته دون أدنى غفلة ، بخلاف سائر الطبقات التي تتعامل حسبما تريد مع عملها . فإذا كانت طبيعة عمله بهذه الصعوبة والتعقيد وجب أن يكون مستواه المعاشي ومقدار دخله يتناسب وتلك الحالة ، ليشعر الفلاّح أنّ ثمرة جهوده لاتذهب إلى غيره ، بينما هو الذي يتحمّل أعباءها ، وبالتالي لا ينبغي أن يشعر بظلمه من قبل الآخرين واستغلالهم لجهوده ، بل إنّ الأرض له وملكه وليس لكائن مَن كان أن يجرّده منها ويسلبها عنه .
إلى جانب ذلك لابدّ من الاهتمام بآرائه ومقترحاته بشأن الأرض والزراعة والثمر ، فلو شعر بأنّ الضرائب تفوق دخله ، أو هجمت على محاصيله بعض الآفات الزراعية بحيث يرى نفسه عاجزاً عن أداء الخراج ، وجب على عمّال الدولة أن يُدركوا مشكلاته ويخفّفوا عنه عبء الضرائب والخراج ، أو يتنازلوا عنها تماماً; لأنّ الحدّ من الخراج والضرائب ـ عند حاجة المزارعين ـ يختزن عدّة فوائد تعود على الدولة .
إضافة إلى ذلك فإنّه يبعث الأمل في قلوب المزارعين ، ويثير فيهم الرضى والسرور بما يدفعهم ـ وهم يشكّلون غالبية أفراد المجتمع ـ للتضامن مع الدولة وشدّ أزرها حين الحاجة وحلول الأزمة; ولذلك قال (عليه السلام):