جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 145)

الأرضية اللازمة للاجتماع بهم دون أيّة تكلّفات واحترازات وفي أجواء مفعمة بالودّ وبعيدة عن الخوف والرهبة ، ليتمكّنوا من بثّ همومهم وطرح مشاكلهم دون أدنى حذر أو خيفة:
«وَاجْعَلْ لِذَوِي الْحَاجَاتِ مِنْكَ قِسْماً تُفَرِّغُ لَهُمْ فِيهِ شَخْصَكَ ، وَتَجْلِسُ لَهُمْ مَجْلِساً عَامّاً فَتَتَوَاضَعُ فِيهِ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَكَ ، وَتُقْعِدُ عَنْهُمْ جُنْدَكَ وَ أَعْوَانَكَ مِنْ أَحْرَاسِكَ وَ شُرَطِكَ حَتَّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُمْ غَيْرَ مُتَتَعْتِع ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ فِي غَيْرِ مَوْطِن: «لَنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لاَ يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقُّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَتَعْتِع» .
ثُمَّ احْتَمِلِ الْخُرْقَ مِنْهُمْ وَالْعِيَّ ، وَنَحِّ عَنْهُمُ الضِّيقَ وَالأَنَفَ ، يَبْسُطِ اللَّهُ عَلَيْكَ بِذَلِكَ أَكْنَافَ رَحْمَتِهِ ، وَيُوجِبُ لَكَ ثَوَابَ طَاعَتِهِ ، وَأَعْطِ مَا أَعْطَيْتَ هَنِيئاً ، وَامْنَعْ فِي إِجْمَال وَ إِعْذَار» .
وهنا نتساءل لو دخلت هذه الوصية حيّز التطبيق لدى الحكومة ، فهل ستكون هناك من فرصة وذريعة لدى الخونة والعملاء لإشاعة الفساد والانحراف وممارسة الخيانة والرذيلة وتسريبها إلى الأُمّة والدفع بالمسؤولين لاتخاذ القرارات الجائرة بسبب ابتعادهم عن الأُمّة واكتواء الأُمّة . بمصائبها بفعل ابتعادها عن الحاكم؟
(الصفحة 146)


سرّ موفّقية السلطة التنفيذية



تطرّقنا آنفاً لضرورة فصل السلطات وتوزيع الأعمال ، ونضيف هنا بأنّ سرّ نجاح القائمين على الشؤون التنفيذية إنّما يكمن في أمرين أساسيّين:
1 ـ من الواضح أنّ كبار المسؤولين لا يتمكّنون من القيام بكافّة مهامّهم ، فيضطرّون لتفويض البعض منها لمساعديهم ومستشاريهم ، وبالطبع فإنّ هنالك المهامّ التي ينبغي لهم ممارستها مباشرة بأنفسهم ، ولكي يستطيع المسؤول من ممارسة إشرافه على سير مهامّ مساعديه ، إلى جانب مباشرته لبعض الأعمال ، فإنّ عليه أن يفرّق بين الأعمال ذات الأولويّة عن تلك الثانوية غير الضرورية ـ الأعمال التي يقوى مساعدوه على القيام بهاـ فيقوم مباشرة بممارسة الأعمال ذات الأولوية على نحو السرعة والدقّة ، بينما يستعين بمساعديه في سائر الأعمال .
2 ـ ما إن يتمّ فرز الأعمال الضرورية من غيرها حتّى يعيّن لها أوقاتها ، فلا يؤجّل عمل اليوم إلى الغد:
«ثُمَّ أُمُورٌ مِنْ أُمُورِكَ لاَبُدَّ لَكَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا: مِنْهَا إِجَابَةُ عُمَّالِكَ بِمَا يَعْيَا عَنْهُ كُتَّابُكَ ، وَمِنْهَا إِصْدَارُ حَاجَاتِ النَّاسِ يَوْمَ وُرُودِهَا عَلَيْكَ بِمَا تَحْرَجُ بِهِ صُدُورُ أَعْوَانِكَ ، وَأَمْضِ لِكُلِّ يَوْم عَمَلَهُ ، فَإِنَّ لِكُلِّ يَوْم مَا فِيهِ» .
(الصفحة 147)


تهذيب النفس أفضل مرَوِّح



إنّ تزكية النفس وتهذيبها من الأُصول التربوية الإسلاميّة ، والهدف من التزكية هو أن ينقّي الإنسان نفسه من كلّ خصلة قبيحة تحول دون سموّها وكمالها وقدرتها على نيل الخصال الحميدة النبيلة .
والإسلام يعتبر كلّ عمل مفيد بدافع التقرّب إلى الحقّ عبادة ، وعليه فإنّ كافّة أنشطة العمّال والولاة وكادر الدولة ستكون عبادة إن كانت خالصة للّه سبحانه .
والإمام (عليه السلام) وبغية إلفات نظر المسؤولين إلى أنّ كافّة أعمالهم عبادة ، والحيلولة دون الاستغراق فيها والغفلة عن الإتيان بالفرائض ، يوصي مالكاً بأفراد أفضل أوقاته للعبادة ، وأن يزيّن كافّة أعماله بالصلاة والإتيان بها كاملة غير منقوصة بكلّ كيانه ، فهي قربانه من الحقّ ووفادته عليه:
«وَاجْعَلْ لِنَفْسِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَفْضَلَ تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ ، وَأَجْزَلَ تِلْكَ الأَقْسَامِ ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلَّهِ إِذَا صَلَحَتْ فِيهَا النِّيَّةُ وَسَلِمَتْ مِنْهَا الرَّعِيَّةُ .
وَلْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ بِهِ لِلَّهِ دِينَكَ: إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ خَاصَّةً ، فَأَعْطِ اللَّهَ مِنْ بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ ، وَوَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ كَامِلاً غَيْرَ مَثْلُوم وَ لاَ مَنْقُوص ، بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ . وَإِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ لِلنَّاسِ ، فَلاتَكُونَنَّ مُنَفِّراً وَلاَمُضَيِّعاً ، فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ بِهِ الْعِلَّةُ وَلَهُ الْحَاجَةُ ، وَقَدْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) حِينَ وَجَّهَنِي إِلَى الْيَمَنِ كَيْفَ أُصَلِّي بِهِمْ؟ فَقَالَ: صَلِّ بِهِمْ كَصَلاةِ أَضْعَفِهِمْ ، وَكُنْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً» .
ورغم الدقّة والتشدّد في هذه العبارة البليغة «بالغاً من بدنك ما بلغ» في العبادة الفردية ، إلاّ أنّ الإمام (عليه السلام)أكّد على ضرورة رعاية ضعفاء المأمومين في صلاة
(الصفحة 148)

الجماعة ، على أنّه أصل من الأُصول الإسلاميّة ، وما ذلك إلاّ لأنّ الإسلام يرى قيمة كبرى لاجتماع الناس وانتظامهم في صفّ واحد ، ومن هنا جعل الشارع أجزل الثواب على حضور الجماعة ، بغية الحيلولة دون تشتّت الأُمّة ورهبنتها .

ثمرة الشعبية ومفسدة العزلة



قلنا بأنّ الحاكم الشعبي هو مَن كان من الناس وفي الناس دون أن يحجبه حاجب عنهم . ويبيّن الإمام (عليه السلام) هنا ثمرات الحياة الشعبية وسط الأُمّة ومفاسد اعتزالهم:
«وَأَمَّا بَعْدُ فَلاتُطَوِّلَنَّ احْتِجَابَكَ عَنْ رَعِيَّتِكَ ، فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلاةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةٌ مِنَ الضِّيقِ ، وَقِلَّةُ عِلْم بِالأُمُورِ ، وَالاحْتِجَابُ مِنْهُمْ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتَجَبُوا دُونَهُ ، فَيَصْغُرُ عِنْدَهُمُ الْكَبِيرُ ، وَيَعْظُمُ الصَّغِيرُ ، وَيَقْبُحُ الْحَسَنُ ، وَيَحْسُنُ الْقَبِيحُ ، وَيُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ ، وَإِنَّمَا الْوَالِي بَشَرٌ لاَ يَعْرِفُ مَا تَوَارَى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الأُمُورِ ، وَلَيْسَتْ عَلَى الْحَقِّ سِمَاتٌ تُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ . وَإِنَّمَا أَنْتَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إِمَّا امْرُؤٌ سَخَتْ نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ ، فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ وَاجِبِ حَقّ تُعْطِيهِ ، أَوْ فِعْل كَرِيم تُسْدِيهِ ، أَوْ مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ فَمَا أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا أَيِسُوا مِنْ بَذْلِكَ ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مِمَّا لاَمَؤونَةَ فِيهِ عَلَيْكَ: مِنْ شَكَاةِ مَظْلِمَة ، أَوْ طَلَبِ إِنْصَاف فِي مُعَامَلَة» .
فقد ورد التأكيد في كلامه على أمرين:
1 ـ هناك طريقان للحصول على المعلومات: الأوّل: أن يحيط الحاكم بقضايا البلاد وأحداثها من خلال تجنيده للأجهزة السرّية والعلنية وسائر القنوات . والثاني أن يرتبط الحاكم من حين لآخر مباشرة بالأُمّة فيقف على أُمور البلاد من
(الصفحة 149)

خلالها ، وبالطبع فيهم الموالي والمعادي .
أمّا الإمام (عليه السلام) فيرى الارتباط المباشر أفضل الطريقين; وذلك لأنّ الأُمّة حين تقترب من الوالي ـ وعلى ضوء الشروط التي ذكرت سابقاً بشأن الحاكم الشعبي ـ ستتحدّث عن الحقائق وتكشف النقاب عن الواقعيات ، وبهذه الطريقة سيتمكّن الحاكم من تقييم صحّة المعلومات التي وردته عن طريق الأجهزة السرّية فيقف تماماً على حقائق الاُمور .
2 ـ تتعذّر معرفة اتجاهات الحقّ من الباطل ـ ولا سيما في القضايا الاجتماعية من دون الاطّلاع على أفكار الأُمّة وذهنيّاتها ، والاقتصار على التفكير أو المعلومات الواصلة أو التوفيق بين هذين السبيلين; لأنّ الأفراد ليسوا مستعدّين لإطلاع المخبرين على كافّة الحقائق كما هي وبالشكل الذي تختلج في ضمائرهم ، بينما سيطرحونها على حقيقتها للحاكم بفعل قربهم منه وثقتهم به .

الغاية إجراء الأحكام الشرعية



الهدف من الحكومة في الإسلام هو إجراء الأحكام الشرعية ، وأنّ الحكّام هم أُمناء الأُمّة وحماة حقوقها . ومن هنا خاطب الإمام (عليه السلام) واليه على آذربيجان قائلاً: «وإنّ عملك ليس لك بطعمة ، ولكنه في عنقك أمانة وأنت مسترعى لِمَن فوقك . ليس لك أن تفتات في رعيّة»(1) .
وعلى هذا الضوء فقد تعيّنت وظيفة الحاكم إلى جانب وظيفة قرابته وبطانته . فوظيفة الحاكم ألاّ يتصوّر بأنّ الحكومة طعمة ليجني منها حطام الدنيا العفن ، بل
  • 1 . نهج البلاغة: 366 ، الكتاب 5 .