جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه الدولة الإسلامية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 29)

دخلت في الإسلام كارهاً وخرجت منه طائعاً»(1) . فلمّا وصلت رسالته إلى معاوية واطّلع عليها ويئس من قيس ، عاود حيلته مرة اُخرى ، فزوّر رسالة نسبها إلى قيس وضمّ إليها الرسالة السابقة ، ثمّ أعلن أمام الملأ من الشام: أنّ قيساً رسول علي إلى مصر قد انصرف عن مولاه وبايعني(2) .
فبلغ الخبر أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فحزنوا حزناً شديداً وكثر اللغط بينهم ، فأصرّ بعض أصحابه ـ ولا سيما عبدالله بن جعفر ـ على إخماد نار الفتنة وعزل قيس عن ولاية مصر ، إلاّ أنّه لم يوافقهم (عليه السلام) قائلاً: هناك خدعة ، وإنّي لأعرف قيساً ولا يصدر منه مثل هذا الكلام ، ولا أراه سوى تهمة . مع ذلك فقد دفعت الأجواء والضجيج آنذاك بالإمام ـ رغم ثقته بقيس ـ إلى عزله عن مصر واستبداله بمحمّد   بن أبي بكر(3) فلمّا بلغ محمّد بن أبي بكر مصر وتولّى ولايتها ، كتب لأميرالمؤمنين (عليه السلام)رسالة طلب فيها من الإمام أن يكتب له كتاباً يبّين له فيه وظائفه ويضمّنه الأحكام الإسلامية والحلال والحرام ليعتمدها في حكومته دون الخروج عن هذه الأحكام . فكتب (عليه السلام)رسالة مفصّلة ضمّنها توجيهاته ومواعظه ، وهي
  • 1 . تاريخ اليعقوبي 2 : 187 .
  • 2 . تاريخ الطبري : 3/64 ـ 66 .
  • 3 . لعلّ هنالك من يقول: أفيمكن للإمام (عليه السلام) أن يعزل قيساً من منصبه الذي يستحقّه رغم علمه ببراءته واتّهامه بالباطل استجابةً للأجواء التي أثارها بعض أصحابه؟ نقول: بلى ، هذه هي السياسة الصائبة والجدّية بغية حفظ كيان الإسلام ، والحيلولة دون الفوضى التي من شأنها أن تؤدّي إلى الفساد والانحراف ، فقد يضطرّ القائد أحياناً للقيام بعمل على أساس الظرف المحيط به بهدف إعادة الهدوء إلى المجتمع رغم عدم إيمانه بذلك العمل .
  • وقد رأينا شبيه ذلك في تجربتنا في الجمهورية الإسلاميّة بشأن بني صدر الذي اُبقي لزمان في منصبه رغم عدم استحقاقه وأعماله المناهضة للثورة ، فلمّا عُزل ، قال الإمام الخميني (قدس سره): «كنت أعلم قبل عام تقريباً أنّ هذا الشخص يتحرك ضدّ الثورة» إلاّ أنّ الظروف المحيطة آنذاك والمجتمع لم تكن مناسبة لطرح قضية بني صدر وفضحه; الأمر الذي جعل الإمام يتحمّله لسنة في منصبه . ويمكننا من هذه القرينة أن نتحسّس صعوبة الأجواء والظروف التي أحاطت بالإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) .

(الصفحة 30)

الرسالة القريبة المضامين من عهده الذي عهده إلى مالك ، ومن أراد المزيد فليراجع نهج البلاغة ويتدبّر رسالته إلى محمّد بن أبي بكر(1) .

شهادة محمّد بن أبي بكر

لم يكتب لولاية محمّد بن أبي بكر الدوام ، فلم تمرّ مدّة طويلة حتّى بعث معاوية بمستشاره الماكر عمرو بن العاص إلى مصر لإثارة الفتن والقلاقل ، ويتمكّن في خاتمة المطاف من قتل محمّد بن أبي بكر . ولمّا استشهد محمّد ظفر عمرو بن العاص على ما كان بحوزة محمّد من كتب ورسائل وعهود ومواعظ ، بما فيها رسالة الإمام (عليه السلام) له حين ولاّه مصر ، فلمّا اطّلع عليها بعث بها إلى معاوية ، فذهل معاوية لما شاهد فيها من علوم ومعارف عرضها على أصحابه . فأشار عليه الوليد بن عقبة ـ الذي اعتلى المنبر مخموراً إبّان خلافة عثمان وصلّى بالمسلمين الصبح أربع ركعات ثم التفت إليهم ساخراً وهو يقول: أفأزيدكم(2) ـ بإحراقها .
إلاّ أنّ معاوية رفض إحراقها وقال: لست من أهل الرأي; أو تحرق مثل هذه الرسالة ، لابدّ أن نحفظها ونستفيد من مضامينها ، فإن أحرقناها سوف لن نجد من يحسن كلمة من هذه العلوم والمعارف فيعلّمناها .
فقال الوليد: أَمِنَ الصواب أن تفهم الاُمّة أنّك تقتدي بكتب علي وتعمل بمقتضاها؟ فأجابه معاوية: أفتشير عليّ بإحراق علم فريد كالذي ورد في هذه الرسالة؟ والله لم أر حتّى الآن علماً جامعاً ونافعاً كالذي رأيته في هذه الرسالة . فقال الوليد: إنّك لا تتمالك نفسك أمام رسالة من رسائل علي التي تحكي جزءاً من شخصيته فما لك تهبّ لقتاله ولا تمدّ يدك لبيعته؟

  • 1 . نهج البلاغة : 383 ، الكتاب 27 .
  • 2 . شرح نهج البلاغة : 3/18 .

(الصفحة 31)

فلم ير معاوية من جواب منطقي لهذا السؤال سوى أن لجأ إلى الهروب من الحقيقة وتبرير قتاله لعلي (عليه السلام)باتّهامه بدم عثمان و المطالبة به ، ثمّ قال: طبعاً سوف لن أخبر الناس بأنّ هذه رسالة علي (عليه السلام) ، بل سأقول لهم بأنّ أبابكر قد كتب هذا الكتاب لولده محمّد وضمّنه هذه التعاليم العظيمة(1)!!
أمّا كيفيّة شهادة محمّد بن أبي بكر ، فهي أنّه قد حذّر عقب ولايته لمصر طائفة من أولئك الذين لم يبايعوا عليا (عليه السلام)بالبيعة أو الجلاء من مصر . فلم يستجيبوا للبيعة وأخذوا يستعدّون للقتال حتّى نشب بينهم وبين محمّد بن أبي بكر . فلمّا سمع معاوية بذلك اقتحم الميدان ، سيّما أنّه كان يطمع بمصر ويهمّ بالسيطرة عليها ، بغية مواجهة علي (عليه السلام) والقضاء على حكومته العادلة; وقد ترسّخ عزمه على اجتياح مصر إثر اختتام معركة صفّين بالتحكيم الذي تمّ لصالح معاوية . أمّا صحبه فقد أشاروا عليه بالقتال ، فجهّزوا جيشاً بإمرة عمرو بن العاص ، فالتحق ابن العاص بمعسكر المتمرّدين واشتبك مع محمّد بن أبي بكر في معركة طاحنة أسفرت عن شهادة محمّد .
وفي ظلّ هذه الظروف الصعبة والأوضاع المتوتّرة اختار عليّ (عليه السلام) مالك الأشتر لولاية مصر; ومن هنا نقف على مدى حسّاسيّة مصر وخطورة موقعها; فهي تمتاز بكبر مساحتها وازدحام سكّانها ، حيث يقطنها مختلف الأقوام والقبائل ذات الثقافات المختلفة والأساليب الفكرية المتعدّدة ، إلى جانب كونها منطقة بعيدة عن مركز الخلافة ، الأمر الذي يعني صعوبة الإشراف على شؤونها وتسيير الاُمور فيها ، كما أنّها المنطقة التي عرفت بتمرّدها بُعيد ثلاث سنوات من استسلامها أمام المسلمين ، حيث ولّت ظهرها من جديد للإسلام وأسلست قيادها للبيزنطيين
  • 1 . شرح نهج البلاغة : 6/72 .

(الصفحة 32)

أعدى أعداء الإسلام آنذاك . وهي التي ثارت على الخليفة الثالث وقتلته بعد أن نقمت من عمّاله وولاته ، وأخيراً هي التي وقفت بوجه مبعوث الإمام (عليه السلام) وخليفته عليهم واشتبكت معه في معركة أدّت إلى قتله ، إلى غير ذلك .
نعم ، إنّ حسّاسية هذه المنطقة اقتضت أن يكون واليها فرداً كمالك الأشتر ، ولابدّ له من اعتماد مثل ذلك العهد التأريخي بغية إدارة شؤون الحكومة; وهذا ما قام به الإمام علي (عليه السلام) .
(الصفحة 33)

الدولة الإسلامية

شرح لعهد الإمام علي (عليه السلام)

إلى مالك الأشتر النخعي