جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصلاة
صفحات بعد
صفحات قبل
( صفحه 486 )

ثانيهما: قوله ـ تعالى ـ : ( يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا ْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا ْ الْبَيْعَ ذَ  لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )(1).

فإنّ المراد بالنداء إلى الصلاة في الآيتين هو الأذان; إذ لو كان المراد به غيره لنقل ذلك في كتب التواريخ والسير المعدّة لنقل جميع حالات النبيّ (صلى الله عليه وآله) والمسلمين في زمانه، ومن المعلوم عدمه، فلا ينبغي التأمّل في أنّ المراد به هو الأذان لا شيء آخر.

والتعبير عنه بالنداء إلى الصلاة يشعر بل يدلّ على أنّه مجعول لدعوة الناس إلى إقامة الجماعة في المساجد; إذ النداء لغة عبارة عن الصوت البليغ الذي يسمعه جمع من الناس(2)، وهو لا يناسب الصلاة منفرداً، كما أنّ التعبير عنه بالنداء يدلّ على خروجه عن حقيقة الصلاة جزءاً وشرطاً; لأنّ النداء إلى الشيء يغاير ذلك الشيء.

والظاهر أنّ الإقامة أيضاً نداء، غاية الأمر أنّ الأذان نداء ودعوة للغائبين، والإقامة تنبيه للحاضرين المجتمعين في المسجد، نظراً إلى اشتغالهم نوعاً بذكر الاُمور الدنيويّة بعد حصول الاجتماع والحضور في المسجد، فربما لا يلتفتون إلى قيام الصلاة إلاّ بعد ركعة أو أزيد، والإقامة تنبيه لهم إلى قيامها.

ويؤيّد ذلك ما ورد في بعض الأخبار الآتية(3) من التعبير عن الأذان والإقامة معاً بالأذان، والظاهر أنّه ليس من باب التغليب، بل من جهة أنّ


  • (1) سورة الجمعة 62: 9.
  • (2) لسان العرب 6: 165، النهاية لابن الأثير 5: 37، مجمع البحرين 3: 1766.
  • (3) في ص488 ـ 496.

( صفحه 487 )

الإقامة أيضاً أذان وإعلام، والفرق بين الإعلامين ما ذكرنا. وعليه: فكما يكون الأذان خارجاً عن حقيقة الصلاة، كذلك تكون الإقامة أيضاً خارجة عنها.

وبهذا يظهر عدم وجوب شيء منهما ـ لا بنحو الوجوب الاستقلالي، ولا بنحو الوجوب الشرطي ـ لأصل الصلاة أو للجماعة; لأنّ القول بالوجوب حينئذ مساوق للقول بوجوب الجماعة، مع أنّها فضيلة للصلاة إجماعاً، فكيف يكون النداء إليها بشيء من النداءين واجباً، فالوجوب الاستقلالي يدفعه الارتباط بينهما، وبين الصلاة; لكونهما نداءين إليها، والوجوب الشرطي للجماعة ينافيه المغايرة بين النداء إلى الشيء، وبين ذلك الشيء، والوجوب الشرطي لأصل الصلاة لا يجتمع مع ارتباطهما بصلاة الجماعة، والتعبير عنهما بالنداء، كما عرفت.

وأمّا استحبابهما في صلاة المنفرد، فالنكتة فيه ما ورد في الروايات الكثيرة المشتملة على التحريص والترغيب إلى فعلهما بالنسبة إلى المنفرد; من التعليل بأنّ الصلاة مع الأذان والإقامة سبب لائتمام صفّين من الملائكة به، ومع الإقامة فقط موجب لائتمام صفّ واحد، وفي بعضها: أنّ حدّ الصفّ ما بين المشرق والمغرب، وفي بعضها: توصيف الصفّ بأنّه لا يرى طرفاه(1).

وكيف كان، فالمصلحة الموجبة لمطلوبيّتهما في صلاة المنفرد، هي صيرورتها بهما أو بأحدهما جماعة، وبعدما كانت الجماعة فضيلة للصلاة لا واجبة، فلا وجه لوجوبهما، وإن شئت قلت: إنّهما في صلاة المنفرد أيضاً


  • (1) وسائل الشيعة 5: 381 ـ 383، كتاب الصلاة، أبواب الأذان والإقامة ب4.

( صفحه 488 )

إيذان وإعلام، غاية الأمر أنّه إعلام للملائكة بالاجتماع والشركة في انعقاد الجماعة.

ثمّ إنّه ربما(1) يستدلّ على عدم الوجوب بأنّه لو كانا واجبين لزم أن يكون وجوبهما ضروريّاً، كوجوب أصل الصلاة; لاشتراكهما معها في عموم البلوى، فلو كانا واجبين يلزم أن لا يكون وجوبهما مشكوكاً مورداً للاختلاف بين المسلمين، بل اللاّزم وضوحه بحيث يعرفه الناس في زمان النبيّ (صلى الله عليه وآله) .

وبالجملة: كثرة الابتلاء بهما ككثرة الابتلاء بالصلاة، وعدم التفات البعض، أو الكثير، أو الأكثر إلى فعلهما ـ كما ربما يستفاد من الأخبار الكثيرة الدالّة على التحريض والترغيب إلى فعلهما ـ تدلّ على عدم وجوبهما.

ويمكن المناقشة في ذلك بأنّ لازم هذا الكلام أن لا يكون شيء من أجزاء الصلاة وشرائطها والخصوصيّات المعتبرة فيها مشكوكاً أصلا، بحيث كان الشكّ فيها مساوقاً للحكم بعدم مدخليّتها في الصلاة بوجه، وذلك لما ذكره المستدلّ من عموميّة البلوى، مع أنّه ليس كذلك، بل الظاهر أنّ أصل وجوب الصلاة بنحو الإجمال أمر ضروريّ لا مجال للارتياب فيه. وأمّا الخصوصيّات المعتبرة التي لها دخل في كيفيّتها; فيمكن جريان الشكّ فيها، ولا يكون ملازماً لاستفادة عدم الوجوب أصلا.

ويدلّ على استحباب الأذان والإقامة أيضاً ما رواه عبيد بن زرارة، عن أبيه، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل نسى الأذان والإقامة حتّى دخل في


  • (1) السرائر 1: 209، مصباح الفقيه 11: 227، نهاية التقرير 1: 532.

( صفحه 489 )

الصلاة؟ قال: فليمض في صلاته، فإنّما الأذان سنّة(1).

والمراد بالأذان في قوله (عليه السلام) : «إنّما الأذان سنّة» ليس خصوص الأذان المقابل للإقامة، وإلاّ لم يكن وجه لتعليل المضيّ في الصلاة ولو مع نسيان الإقامة، كما هو مورد السؤال في الرواية بكون الأذان سنّة، والمصحّح لهذا الاستعمال ما عرفت(2) من أنّ الإقامة أيضاً إيذان وتنبيه، غاية الأمر أنّها إعلام للقريب، والأذان إعلام للبعيد.

وتقريب دلالتها على عدم الوجوب، أنّ الظاهر أنّ المراد بالسنّة الواقعة في التعليل هو الاستحباب مقابل الفريضة بمعنى الوجوب; لأنّه ـ مضافاً إلى كونه الظاهر من «السنّة» ـ يكون الدليل عليه هو وقوعها في مقام التعليل لعدم الإعادة ووجوب المضيّ في الصلاة، وصلاحيّة السنّة بهذا المعنى لوقوعها تعليلا لذلك واضحة.

وأمّا احتمال أن يكون المراد بالسنّة في الرواية هو ما ثبت مطلوبيّته من قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) أو فعله، فإن كان المراد به ما لم يكن فرضاً من الله تعالى، مأموراً به في الكتاب العزيز ـ وبعبارة اُخرى: ما لم يكن ثابتاً بالكتاب ـ فالأذان والإقامة وإن لم يكن شيء منهما مأموراً به في الكتاب العزيز، إلاّ أنّ أكثر الفروض والواجبات الشرعيّة تكون كذلك، ولا تصلح السنّة بهذا المعنى لأن تقع تعليلا لعدم قدح تركه; إذ ليس من خصوصيّات الثابت بغير


  • (1) تهذيب الأحكام 2: 285 ح1139، الاستبصار 1: 304 ح1130، وعنهما وسائل الشيعة 5: 434، كتاب الصلاة، أبواب الأذان والإقامة ب29 ح1.
  • (2) في ص486 ـ 487.

( صفحه 490 )

الكتاب ذلك في مقابل الثابت بالكتاب ضرورة.

وإن كان المراد به ما لم يكن فرضاً من الله تعالى، بل من الرسول، غاية الأمر أنّه كان مورداً لامضاء الله تعالى، ويؤيّده اختلاف الفرضين في بعض الأحكام، كعدم قدح الشكّ في الركعة في فرض النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، الذي هي الركعتان الأخيرتان من الصلوات الرباعيّة، وقدحه في فرض الله، فيدفعه أنّ الأذان والإقامة لا يكون شيء منهما كذلك، والدليل عليه الأخبار الكثيرة المستفيضة بل المتواترة، الواردة في مقام التعريض على العامّة الزاعمين أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أخذ الأذان من رؤيا عبدالله بن زيد في منامه، بقوله (عليه السلام) : ينزل الوحي على نبيّكم، فتزعمون أنّه أخذ الأذان من عبدالله بن زيد(1)؟!

وقد روي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال: لمّا اُسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء فبلغ البيت المعمور، وحضرت الصلاة، فأذّن جبرئيل (عليه السلام) وأقام، فتقدّم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصفّ الملائكة والنبيّون خلف محمّد (صلى الله عليه وآله) (2).

وروى منصور بن حازم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لـمّا هبط جبرئيل (عليه السلام) بالأذان على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان رأسه في حجر عليّ (عليه السلام) ، فأذّن جبرئيل وأقام، فلمّا انتبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يا عليّ سمعت؟ قال: نعم، قال: حفظت؟ قال:


  • (1) المسند لابن حنبل 5: 539 ـ 540 ح16477 و 16478، سنن الدرامي 1: 191 ح1185 و 1189، سنن أبي داود: 84 ـ 85 ح498 و 499، سنن ابن ماجه 1: 383 ـ 384 ح706 و 707، سنن الترمذي 1: 358 ـ 359 ح189، السنن الكبرى للبيهقي 2: 137 ح1873، ذكرى الشيعة 3: 195، وعنه وسائل الشيعة 5: 370، كتاب الصلاة، أبواب الأذان والإقامة ب1 ح3.
  • (2) الكافي 3: 302 ح1، تهذيب الأحكام 2: 60 ح210، الاستبصار 1: 305 ح1134، وعنها وسائل الشيعة 5: 369، كتاب الصلاة، أبواب الأذان والإقامة ب1 ح1، وص416 ب19 صدر ح8 .