جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 242)

والجواب : أنّ مجرّد المسبوقيّة بذلك لا دلالة له على الاختصاص ، وقد اشتهر أنّ المورد لا يكون مخصّصاً ، غاية الأمر أنّ المسبوقية توجب تعميم مفاد الآية والحكم بأنّ مرادها أنّ الله لن يجعل الغلبة للكافر على المؤمن ، لا في مقام التشريع وجعل الأحكام ، ولا في يوم القيامة ، وهذا المعنى ممّا يساعده ويؤيّده تناسب الحكم والموضوع ; فإنّ عدم جعل السبيل بهذا النحو الكلّي يناسب مع عدم ثبوت الغلبة في يوم القيامة ، فتدبّر .

وأمّا الرواية الواردة في التفسير ـ فمضافاً إلى عدم اعتبارها ـ يكون الغرض المهمّ فيها نفي جعل السبيل التكويني والغلبة الخارجية التي يكذّبها الوجدان ; بمعنى ثبوتها في الخارج وجداناً ، ولا دلالة لها على نفي الجعل التشريعي بوجه .

ومنها : أنّ المراد بالسبيل هي الحجّة كما عن بعض المفسّرين(1) ، وقد ورد في الخبر أيضاً ، وهو ما روى في العيون عن أبي الحسن (عليه السلام) ردّاً على من زعم أنّ المراد بها نفي تقدير الله سبحانه بمقتضى الأسباب العادية تسلّط الكفّار على المؤمنين ، حتى أنكروا لهذا المعنى الفاسد الذي لا يتوهّمه ذو مسكة : أنّ الحسين بن علي (عليهما السلام) لم يقتل ، بل شبّه لهم ورفع كعيسى (عليه السلام) (2) ، فيكون مفادها : أنّه تعالى لن يجعل حجّة للكافر على المؤمن ، بل الحجّة للثاني على الأوّل ، فيكون سبيل الآية سبيل قوله تعالى : {كَتَبَ اللهُ لاََغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِى}(3) ، بناءً على أن يكون المراد منه هي الغلبة في مقام الحجّة والاحتجاج ، فالحجّة في جميع الموارد بنفع المؤمن وفي جانبه .

والجواب : أنّ حمل السبيل على الحجّة إن كان بلحاظ المسبوقية بيوم القيامة ، فقد عرفت الجواب عنه ، وإن كان في نفسه فلا مجال له ; لعدم الدليل عليه

  • (1) التبيان في تفسير القرآن : 3 / 364 ، مجمع البيان : 3 / 212 ، تفسير الصافي : 1 / 406 .
    (2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام)  : 2 / 203 ح 5 .
    (3) سورة المجادلة 58 : 21 .

(الصفحة 243)

أصلا ; فإنّ السّبيل له معنى عامّ يشمل الحجّة وغيرها ، ولا وجه لحمله على خصوصها ، مع أنّه ربما يقال بأنّه على هذا التقدير أيضاً يتمّ الاستدلال بالآية ; نظراً إلى أنّ حجّة الملك والزوجية والولاية من أعظم الحجج ، فتأمّل .

ومنها : أنّ الكافرين وكذا المؤمنين في الآية جمعان محلّيان باللاّم مفيدان للعموم ، وعليه : فمفاد الآية أنّه تعالى لم يجعل لكلّ فرد من أفراد الكافر على كلّ فرد من أفراد المؤمن سبيلا ، فهي تدلّ على سلب العموم لا عموم السلب الذي هو المدّعى ، فلا تنافي الآية وجود السبيل لبعض أفراد الكفّار على جميع أفراد المسلم فضلا عن بعضه ، كما لا يخفى .

والجواب : وضوح كون المراد من الجمعين هو الجنس الذي هو أحد معاني الجمع المحلّى باللاّم ، ومناسبة الحكم والموضوع تقتضي ذلك أيضاً ، مع أنّ سلب العموم في الآية يدلّ على عموم السّلب بعدم القول بالفصل ، والآية لا تنفيه بوجه ، كما لا يخفى .

الثالث : ما رواه الصّدوق في باب ميراث أهل الملل من قوله (صلى الله عليه وآله)  : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، والكفّار بمنزلة الموتى لا يحجبون ولا يرثون(1) . وضعف السند مجبور باشتهار التمسك به بين الفقهاء واستنادهم إليه في الموارد المختلفة .

وتوضيح دلالته على القاعدة : أنّ قوله (صلى الله عليه وآله)  : «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» لو لم يكن مذيّلا بالذيل المذكور ، لكان يحتمل أن يكون في مقام الإخبار عن علوّ الإسلام في مستقبل الزمان ، وأنّه ينتشر في أقطار العالم ، وتنحصر مرتبة العلوّ والحكومة به ، ويصير نظير قوله تعالى : {هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ

  • (1) الفقيه : 4 / 243 ح 778 ، وعنه وسائل الشيعة : 26 / 125 ، كتاب الفرائض والمواريث ، أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب 15 ح 2 .

(الصفحة 244)

الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(1) بناءً على كونه إخباراً بغلبة الدين الحنيف على سائر الأديان في عهد مولانا صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف .

ولكنّ الذيل المذكور في الحديث يرشدنا إلى أمرين :

أحدهما : كون الرواية في مقام الإنشاء والجعل دون الإخبار .

ثانيهما : كون مقابل الإسلام هو الكفّار دون الكفر ، فالمراد بالإسلام هو المسلمون المتديّنون به لا نفس الإسلام .

وبعد ذلك يتّضح المراد من الحديث الشريف ، وأنّ معناه أنّ المسلم لم يجعل عليه حكم يوجب علوّ الكافر بالإضافة إليه ، بل الأحكام المجعولة في الإسلام فيما يرجع إلى الاُمور التي بين المسلمين والكفّار كلّها مجعولة للمسلمين ، وقد روعي فيها جانبهم ولوحظ فيها علوّهم ، فملكية الكافر للمسلم الموجبة لعلوّه بالنسبة إليه غير مجعولة في الإسلام ، من دون فرق بين أن يراد بيعه منه ، وبين أن يسلّم العبد الكافر للمولى الكافر ، وهكذا غير الملكيّة من الزوجية والولاية وغيرهما .

فالإنصاف تمامية دلالة الحديث على القاعدة ، إلاّ أن يناقش فيها من حيث السند ; نظراً إلى أنّ المقدار المجبور بالشهرة والاستناد إنّما هو صدر الرواية دون جميعها ، وصدرها في نفسه لا ينطبق على القاعدة كما عرفت ، إلاّ أن يقال : إنّ فهم الفقهاء منه ذلك دليل على اعتبارهم لذيل الرواية أيضاً ، فتأمّل .

هذا ، ولكن لصاحب كتاب «العناوين» تحقيق في هذا المقام يظهر منه دلالة الحديث على القاعدة مع قطع النظر عن الذيل أيضاً ; حيث إنّه بعد نفي كون المراد بعلوّ الاسلام هو علوّ الشرف والرتبة ، نظراً إلى كونه سبيل النجاة دون سائر الأديان ، قال ما ملخّصه : إن كان المراد الإخبار عن أنّ الإسلام تزيد شوكته وقوّته

  • (1) سورة الصف 61 : 9 .

(الصفحة 245)

بحيث يعلو على سائر الأديان بكثرة المتديّنين والأعوان ، فلا ريب أنّ الإخبار عن هذا المعنى ليس ممّا هو وظيفة للشارع من حيث هو كذلك ، مع أنّا نرى علوّ سائر الأديان وكثرة الكفر والشرك ومقهوريّة المسلمين .

واحتمال إرادة أنّه يعلو في أواخر الأزمنة بحيث يضمحلّ الكفر ، فالإخبار عن هذا المعنى ممّا لا ريب في بعده من الخبر عند الإنصاف ، سيّما مع التأكيد بقوله : «ولا يعلى عليه» ; فإنّ الظاهر من إثبات العلوّ للإسلام في المستقبل وإن كان أعمّ من كونه دائماً ، أو في زمان من الأزمنة المستقبلة ، لكن نفي علوّ غيره في المستقبل مع حذف المتعلّق والزّمان ظاهر في النفي دائماً .

فالفقرة الاُولى مجملة في إثبات العلوّ من هذه الجهة ، والمتيقّن منه بعض الأزمنة ، ولكنّه لا ينفي العلوّ في الجميع ، والفقرة الثانية دالّة على عدم علوّ غيره مطلقاً ; لأنّ المصدر في ضمن الفعل نكرة ، فإذا دخل عليه أداة النفي إقتضى العموم المستلزم لنفي جميع أفراد العلوّ في الزمن المستقبل ، وهذا مدلول لا معارض له في الفقرة الاُولى ، غاية الأمر دورانه بين علوّ الإسلام في بعض الأوقات ، ومساواته مع الكفر في بعض آخر ، أو علوّه دائماً ، فيدور الأمر بين الاحتمالين .

وعلى أيّ تقدير يكون مدلول الخبر الإخبار عن عدم علوّ الكفر على الإسلام في وقت من الأوقات ، ولازمه الكذب ; لأنّا نرى بالوجدان قوّة الكفّار ومقهوريّة المسلمين في بعض الأزمنة ، فلا وجه لحمل الخبر على الإخبار ، بل ينحصر الطريق في حمله على الإنشاء(1) .

ثمّ إنّه ممّا ذكرنا ظهر أنّ حمل الرواية على أنّ الإسلام يعلو في الحجّة والبرهان على سائر الأديان في غاية البعد ، وليس احتماله مبطلا للاستدلال بها ، خصوصاً بعد عدم مساعدة معنى العلوّ للغلبة على الخصم في مقام الاحتجاج ; لأنّ العلوّ بمعنى

  • (1) العناوين : 2 / 354 ـ 355 .

(الصفحة 246)

التسلّط والغلبة بالحجّة ليس تسلّطاً على الخصم .

نعم ، هنا إشكال على الاستدلال بالرّواية ، وكذا بآية نفي السبيل المتقدمة ; وهو ثبوت السبيل والعلوّ للكافر على المسلم في الجملة ، كما إذا اقترض المسلم من الكافر غير الحربي ، أو أتلف ماله ، فإنّه لا شبهة في ثبوت التسلّط والسبيل للكافر على أخذ ماله وثبوت الضمان للمسلم في مقابله .

واُجيب عن ذلك تارة بالالتزام بالتخصيص في مفاد الدليلين ، واُخرى بعدم شمولهما لمثل هذه الفروض حتى يحتاج إلى التخصيص ; لأنّ المتبادر منهما عدم جعل السبيل ، وكذا عدم ثبوت العلوّ بأصل الشرع ; بمعنى أنّ الشارع لم يسلّط الكافر على المسلم ابتداءً وأمّا إذا فعل المسلم فعلا سلّطه على نفسه ، فلا دخل لذلك بالإسلام وعلوّه ، وإنّما هو شيء خارجي .

والجواب عن الأوّل : وضوح كون الدليلين سيّما الآية المشتملة على كلمة «لن» آبيين عن التخصيص ; ضرورة منافاة سياقهما لعروض أيّ تخصيص عليهما .

وعن الثاني : ـ مضافاً إلى النقض بما إذا أرادت المرأة المؤمنة تزويج نفسها من الكافر ، فإنّه لا فرق بينه وبين صورة الاقتراض بوجه ، مع أنّهم لا يقولون بالجواز في النكاح ـ أنّ منشأ التسلّط في هذه الفروض أيضاً جعل الشارع وحكمه بلزوم أداء القرض إلى المقرض ، وكون الإتلاف سبباً للضمان ; ضرورة أنّه مع عدم هذا الجعل لم يكن المقترض ملزماً بالأداء ولا المتلف ضامناً لماله أصلا ، فالإشكال لا يندفع بمثل ذلك .

ويمكن الجواب عن النقض بأنّ عدم جوازتزويج المرأة المؤمنة نفسها من الكافر مستند إلى الرّوايات الخاصّة الواردة في مورده(1) ، ولم يعلم أنّ الوجه فيه هي قاعدة نفي السبيل ،بل يمكن أن يكون بملاك آخر لا يوجد في مثل الاقتراض والضمان .

  • (1) وسائل الشيعة : 20 / 533 ، كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالكفر ب 1 ، و ص 542 ب 5 ح 5 .