جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 298)

الموقف الثالث : في موارد تطبيق هذه القاعدة . فنقول : تارة : تلاحظ القاعدة بالنسبة إلى الإحسان بمعنى دفع الضرر ومنعه عن الغير ، واُخرى : بالإضافة إلى الإحسان بمعنى جلب المنفعة وإيصالها إلى الغير على تقدير كونه إحساناً .

أمّا الأوّل : فموارده كثيرة ، مثل ما إذا رأى اشتعال النّار في لباس إنسان وتوقّف طريق حفظه عن الهلاك أو الإحتراق على تمزيق لباسه وقطعه ، فإنّ الممزّق القاصد للحفظ لا شبهة في كونه محسناً تنطبق عليه القاعدة ، فيحكم بعدم ضمانه لذلك اللّباس ، ولو خرج عن المالية بالمرّة .

ومثل ما إذا رأى توجّه السيل المخرّب والمعدم إلى منزل شخص ، وتوقّف طريق حفظه على جعل بعض أثاث ذلك المنزل في مقابله ليتوجّه عنه إلى غيره ، فإنّ هذا الوضع المقرون بقصد حفظ المنزل عن ورود السيل عليه وخرابه يكون إحساناً تجري فيه القاعدة ، فلا يكون ضامناً للأثاث المذكور .

ومثل ما إذا ابتلي شخص بنوبة قلبيّة ، وكان حفظه متوقفاً على تمزيق بعض ألبسته كذلك ، وكذلك لو توقفت نجاة السفينة ومن فيها وما فيها على تخفيفها بإلقاء بعض الأموال في البحر ، وفرض كون الأموال لصاحب السفينة ، فإنّ هذا الإلقاء إحسان تنطبق على محسنه قاعدة الإحسان .

ومثل ما يكون متداولا في هذه الأزمنة من توقّف نجاة الطفل الذي في رحم الاُمّ على إجراء العملية الجراحيّة للاُمّ ، وقد يترتّب عليها موت الاُمّ أحياناً ، والأمثلة لهذا القسم كثيرة .

ولكنّ الإشكال فيه من جهة أنّ عدم الضمان في هذه الموارد إنّما هو لثبوت الإذن فيها ، بل الإيجاب في بعضها من ناحية الشارع ، كما في المثال الأوّل ; فإنّ الشارع أوجب الحفظ ، وتمزيق اللباس مقدّمة منحصرة لتحقّق الحفظ ، ومع الإذن

(الصفحة 299)

أو الإيجاب لا معنى لثبوت الضمان ، ولو لم يكن هناك قاعدة الإحسان ، فعدم ثبوت الضمان لا يكون مستنداً إلى القاعدة ، بل إلى قصور دليل الضمان عن الشمول له .

إلاّ أن يقال : إنّ عدم الشمول إنّما هو بلحاظ قاعدة ضمان اليد ، حيث إنّها قاصرة عن إفادة الضمان في اليد المأذونة من قبل المالك أو الشارع ، وأمّا بلحاظ قاعدة الإتلاف فلا مانع من الشمول والدلالة على الضمان وإن كانت اليد مأذونة . نعم ، إذا كان الإتلاف مأذوناً فيه فالظاهر عدم شمول قاعدة الإتلاف كما ذكرنا في البحث عنها(1) ، لكنّ الظاهر أنّ الإتلاف الخارج من القاعدة هو الإتلاف المأذون فيه بعنوانه ، كما إذا أذن المالك في الإتلاف .

وأمّا الموارد المتقدّمة فليس عنوان الإتلاف مأذوناً فيه ولو من قبل الشارع ; فإنّ الشارع إنّما أوجب حفظ النفس في المثال الأوّل ، وتوقّف الحفظ على تمزيق الألبسة يوجب عدم كونه متّصفاً بالحرمة مع الانحصار ; لأنّه لا تجتمع حرمة المقدّمة المنحصرة مع وجوب ذيها ، وأمّا كون المقدّمة مأذوناً فيها من قبل الشارع ، فلا ، إلاّ أن يقال : إنّ نفس عدم الحرمة كافية في الخروج عن القاعدة ، فتدبّر . ولكنّه يندفع بأنّ الشارع أوجب حفظ النفس ، ومع ذلك حكم بالضمان في ما إذا توقّف حفظها على أكل طعام الغير بدون رضاه .

وأمّا الثاني : فموارده أيضاً كثيرة ، مثل الأفعال الصادرة من الأولياء ، كالحاكم والأب والجدّ له ، لغرض إيصال النفع إلى المولّى عليه ، فاتّفق ترتّب الضرر عليه ; فإنّه حينئذ لا ضمان على الوليّ ; لكونه محسناً ، وقد فعل الفعل باعتقاد حصول مصلحة فيه ونفع عائد إلى المولّى عليه ، كما إذا اشتغل في قناة له بالحفر والإصلاح لغرض ازدياد الماء ، فصار ذلك سبباً لانهدام القناة بالمرّة أو بالبعض ; فإنّه لا يكون فيه ضمان ، وكما إذا أعطى الحاكم النقود التي عنده لإجراء العبادات ; كالصلاة

  • (1) في ص 49 .

(الصفحة 300)

للميت والحجّ مطلقاً للأجير الذي يكون ثقة عنده ، فاتّفق أنّه لم يأت بتلك العبادة ومات ولم يترك مالا ; فإنّه لا ضمان على الحاكم ; لكونه محسناً .

وكما إذا آجر الأب أو الجدّ له سفينة المولّى عليه أو إبله أو جمله ، فغرقت السفينة وهلكت البعير أو الجمل ، فلا ضمان عليه ، وكذا نظائره من الموارد الكثيرة .

ولهذا القسم موارد حكموا فيها بالضمان ; كالأمثلة المتقدّمة(1) في معنى الإحسان ، التي من جملتها ما إذا أخذ دابّة الغير فذهب بها إلى المرعى لترعى فيه فتلفت ; فإنّه مع كونه محسناً لكنّهم حكموا فيها بالضمان ، والفرق بينها وبين ما لم يحكموا فيه بالضمان هو ثبوت الإذن في التصرّف هناك وعدم ثبوته هنا ، ولأجله يشكل الحكم بعدم الضمان فيها مستنداً إلى قاعدة الإحسان ; لعدم الفرق في جريان القاعدة بين الموردين ; ضرورة أنّه إن كان الإحسان شاملا لجلب النفع ، فأيّ فرق بين الموردين؟ مع أنّ الظاهر أنّه لا خلاف بينهم في عدم الضمان في تلك الموارد ، مع أنّ شمول الإحسان لجلب المنفعة محلّ خلاف ، فالإنصاف أنّ عدم الضمان في تلك الموارد لا يكون مستنداً إلى القاعدة ، بل إلى عدم شمول قاعدة ضمان اليد لها بعد اختصاص موردها باليد غير المأذونة أو اليد العادية ، كما أنّك عرفت أنّ الحكم بعدم الضمان في القسم الأوّل أيضاً إنّما هو لقصور دليل الضمان عن الشمول لمثله ; سواء كان هي قاعدة ضمان اليد أو قاعدة ضمان الإتلاف ، فالباقي أنّ قاعدة الإحسان إمّا تصير بلا مورد ، أو يكون لها موارد قليلة على ما عرفت في القسم الأوّل ، فتدبر .

تتمّة : ربما يستشكل في القاعدة بأنّ الفقهاء ذكروا في باب اللقطة أنّ الملتقط بعد اليأس عن إيصال المال إلى صاحبه يتصدّق به عنه ، ومع ذلك حكموا بأنّه

  • (1) في ص 294 .

(الصفحة 301)

ضامن للمالك إذا ظهر بعد التصدّق وعلم به ولم يرض(1) ، مع أنّ الملتقط لا يكون في عمله هذا إلاّ محسناً محضاً ، فكيف يكون ضامناً؟

واُجيب عنه بأنّ الشارع حكم بجواز التصدّق مع الضمان إن ظهر صاحبه ، فالتصدّق إحسان مع هذا القيد ، فصرف التصدّق بدون هذا القيد لا يكون إحساناً ; إذ لا يمكن أخذ مال الناس والتصدّق به عنهم استناداً إلى أنّه إحسان ، فالتصدّق المقيّد مصداق للإحسان ، وهذا الحكم لا يكون مختصّاً باللقطة ، بل يجري في كلّ ما هو مجهول المالك ، كالأموال المسروقة الواقعة في يده التي لا يعلم صاحبها ، والدين المجهول صاحبه ، والقُراضة في دكّان الصائغ وأمثالها .

وربما يستشكل فيها أيضاً بحكمهم بضمان الطبيب مطلقاً ، أو في خصوص ما إذا باشر العلاج بنفسه(2) ، مع أنّه لا شبهة في كونه محسناً وغرضه علاج المريض ، فكيف يكون ضامناً؟

إلاّ أن يقال بأنّ الحكم بالضمان في مثله مستند إلى الروايات المتعدّدة التي يستفاد منها الضمان(3) ، وهذه الروايات تكون بمنزلة المخصّص لقاعدة الإحسان ، وفيه تأمّل ; لإباء سياقها عن التخصيص ، كما لا يخفى .

هذا تمام الكلام في قاعدة الإحسان .

29 ذي القعدة الحرام 1408 هـ

  • (1) شرائع الإسلام : 3 / 292 ، تحرير الأحكام : 4 / 463 ، مسالك الأفهام : 12 / 517 ـ 518 .
    (2) نكت النهاية : 3 / 420 ـ 421 ، اللمعة الدمشقية : 180 ، الروضة البهية : 10 / 108 ـ 110 ، جواهر الكلام : 43 / 46 .
    (3) وسائل الشيعة : 29 / 260 ، كتاب الديات ، أبواب موجبات الضمان ب 24 .