جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 359)

وربما يقال بظهور الثمرة في نيّة العبادات الواجبة ، فعلى التمرين ينوي الوجوب ، وعلى الشرعية ينوي الاستحباب ; لأنّه بناءً عليها يكون جميع العبادات مستحبّة بالإضافة إلى الصّبي .

ولكنّ الظاهر أنّه بناء على الّتمرين لا يلزم نيّة الوجوب ; لأنّه وإن كان بناءً عليه يكون المطلوب حصول صورة العمل بالنحو الذي يقع من البالغ ، إلاّ أنّ لزوم نيّة الوجوب ممنوعة ; لأنّ الغرض حصول التمرين العملي ليسهل عليه الإتيان به بعد البلوغ ، ولا دخالة للنيّة في ذلك ، فتدبّر .

الرّابع : أنّ عبادات الصبي شرعية فيها ثواب أصل العمل ، مثل ثواب عمل البالغ ، لكنّه في الصبي يرجع الثواب إلى الولي ولا يستحقّه الصغير بوجه .

الخامس : التفصيل بين العبادات الواجبة كالفرائض اليوميّة ، وبين العبادات المستحبة كصلاة الليل ، بالقول بالشرعيّة في الثانية وعدمها في الاُولى .

الجهة الثانية : في أدلّة الأقوال والاحتمالات المذكورة في الجهة الاُولى . فنقول : أمّا دليل القول الثاني ، وهو عدم المشروعيّة وكون عباداته تمرينيّة صرفة لا يترتّب عليها ثواب بالإضافة إلى الصغير أصلا ـ فمضافاً إلى أصالة عدم ترتّب الثواب إلاّ بالدليل وهو منتف ، وانصراف الأدلّة العامّة الواردة في التكاليف مطلقاً عن الصّبي واختصاصها بالبالغ ، ووضوح تقيّد بعض الأحكام قطعاً بالبلوغ ; كالواجبات والمحرّمات من جهة الإيجاب والتحريم ـ حديث «رفع القلم عن الصّبي» المعروف المعتمد عليه عند العامّة(1) والخاصّة(2) .

  • (1) السنن الكبرى للبيهقي : 6 / 327 ح 8391 ، سنن الدارقطني : 3 / 102 ح 3240 ، سنن الترمذي : 4 / 32 ح 1427 ، الحاوي الكبير : 9 / 485 ، المغني لابن قدامة : 10 / 88 وغيرها .
    (2) تقدم في ص 347 .

(الصفحة 360)

وتقريب دلالته : أنّ ظاهر الحديث رفع قلم مطلق التكليف ، أعمّ من الوجوب والاستحباب والحرمة والكراهة ، بل المباح أيضاً ، فالمعنى : أنّ القلم الجاري الموضوع على المكلّفين المتضمّن لثبوت التكليف عليهم فهو مرفوع عن الصبي حتى يحتلم ، وليس فيه إشعار ـ فضلا عن الدلالة ـ بأنّ المرفوع خصوص قلم التكليف الإلزامي وجوباً أو تحريماً ، بل المرفوع جميع الأحكام الخمسة التكليفيّة الثابتة على البالغ ، حتى الإباحة بعنوان أنّها حكم شرعيّ جرى عليها القلم .

ومنه يظهر أنّه لو نوقش في انصراف الأدلّة العامّة عن الصبي ، وقيل : بأنّ مقتضى عمومها الشمول له أيضاً ، لكان مقتضى قاعدة التخصيص حملها على خصوص البالغ ; لأنّ حديث «رفع القلم» بمنزلة المخصّص لتلك الأدلّة ويوجب اختصاصها بالبالغ .

ولو فرض كون النسبة بين بعض تلك الأدلّة ، وبين حديث «رفع القلم» عموماً من وجه ، كقوله : من قرأ سورة الفاتحة فله كذا وكذا من الأجر ، فإنّ النسبة بينه وبين الحديث عموم من وجه ; لاختصاص هذا القول بقراءة سورة الفاتحة ، وعمومه بالنسبة إلى الصبي ، واختصاص حديث الرفع بالصبي ، وعمومه لغير قراءة سورة الفاتحة ،فلاشك في عدم تحقّق التعارض ; لأنّ حديث «رفع القلم» حاكم على ذلك القول ، كحكومة حديث الرفع(1) المعروف على الأدلّة الأوّلية ، كما لايخفى .

فالنتيجة على جميع التقادير لزوم الأخذ بحديث «رفع القلم» ، والحكم بعدم ثبوت شيء من التكاليف الخمسة في حقّ الصبي ، والثواب الموجود في البين لا يرتبط بالصبي أصلا ، بل بالوليّ بعنوان كونه مأموراً بتمرينه وتعويده ، فعباداته لا تكون شرعيّة بل تمرينيّة صرفة .

  • (1) تقدم في ص 58 .

(الصفحة 361)

ويظهر الجواب عن دليل هذا القول بما سنذكره من أدلّة القول بالمشروعيّة الأصليّة ، فنقول :

أمّا ما يدلّ عليها فاُمور متعدّدة :

أحدها : ما دلّ من العمومات في الكتاب والسّنة على ترتّب الثواب على الأفعال ، كقوله تعالى : {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}(1) وقوله (عليه السلام)  : من صام يوم كذا فله من الأجر كذا وكذا(2) ; فإنّ سياقها مثل سياق «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» ، فكما أنّ الثاني لا يختصّ بالبالغ ; لما عرفت من عدم اشتراط الأحكام الوضعيّة بالبلوغ(3) ، كذلك لا ينبغي دعوى اختصاص الأوّل بالبالغ ، ودعوى الانصراف ممنوعة ، وعلى تقديره لا فرق بين المقامين كما هو ظاهر .

ثانيها : عموم الأدلّة الواردة في التكاليف الشامل للصبي أيضاً ، ولا مجال لادّعاء الانصراف فيها أصلا ، والقدر المسلّم ثبوت التخصيص بالإضافة إلى الأحكام الوجوبيّة والتحريميّة ، من جهة عدم ثبوت إلزام من ناحية الشارع على الصبي غير البالغ . وأمّا ثبوت التخصيص في أدلّة سائر الأحكام فغير حاصل ، وفي أدلّة الحكمين أيضاً بالإضافة إلى المشروعيّة والرجحان زائدة على اللزوم .

وأمّا حديث «رفع القلم» ، فإن اُخذ بمقتضى ظاهره فاللازم الحكم بعدم ثبوت الأحكام الوضعيّة في حقّ الصبي أيضاً ; لأنّ القلم المرفوع أعمّ من قلم الحكم التكليفي والحكم الوضعي ; لأنّ الضمان في مورد الإتلاف مثلا مجعول كالوجوب في مورد الصلاة ، ولا مجال لدعوى التخصيص فيه ; لعدم ملاءمة سياقه للتخصيص أصلا .

  • (1) سورة الأنعام 6 : 160 .
    (2) وسائل الشيعة : 10 / 471 ، كتاب الصوم ، أبواب الصوم المندوب ب 26 .
    (3) في ص 345 ـ 352 .

(الصفحة 362)

فاللازم أن يقال بأنّ المرفوع في الحديث هو قلم المؤاخذة والعقوبة الاُخروية أو الدنيوية أيضاً ، كما مرّ في العبارة المتقدّمة عن الشيخ (قدس سره) (1) ، ولازمه عدم ثبوت التكليف اللزومي في حقّه ، وعدم ترتّب استحقاق العقوبة على ترك الواجب وفعل الحرام ، فيقتصر في تخصيص عمومات أدلّة التكاليف على هذا المقدار .

ودعوى أنّ لازم ذلك عدم تحقّق التخصيص في أدلّة المستحبات والمكروهات فقط . وأمّا أدلّة الواجبات والمحرّمات ، فبعد عروض التخصيص لها لا محالة كيف يستكشف مشروعيّة عبادة الصبي ـ مثل الصلاة ورجحانها ـ حتى يحكم بصحّتها؟ لأنّ الدليل الكاشف هو تعلّق الأمر بها ، وبعد انحصار دائرة الأمر بالبالغ ليس هنا ما يكشف عن رجحانها بالإضافة إلى الصبي .

وبعبارة اُخرى : مدّعى القائل بالمشروعيّة كون الواجبات في حقّ البالغين مستحبات في حقّ غير البالغين ، وكون المحرّمات في حقّ الطائفة الاُولى مكروهات في حقّ الطائفة الثانية ، وحينئذ يسأل عنهم : أنّه مع تخصيص أدلّة الواجبات والمحرّمات بحديث «رفع القلم» لا يبقى ما يدلّ على استحباب الاُولى وكراهة الثانية ; لأنّ الدليل كان منحصراً بدليل الواجب والمحرّم ، والمفروض عروض التخصيص لهما ، فمن أين يستكشف رجحان الواجب واستحبابه وحزازة الحرام وكراهته بالإضافة إلى الصّبي؟

نعم ، أدلّة المستحبات والمكروهات حيث لم يعرض لها التخصيص كما هو المفروض ، تكون باقية بحالها .

مدفوعة بما قيل أو يمكن أن يقال في جوابها من اُمور متعدّدة :

الأوّل : أنّ مقتضى طبع الطلب الصادر من المولى هو الوجوب ; لحكم العقل بلزوم إطاعته ، إلاّ أن يأذن المولى في الترك ، والإذن في الترك كما يحصل بالتصريح

  • (1) في ص 348 ـ 349 .

(الصفحة 363)

به كذلك يحصل بعناوين اُخر ، مثل رفع العسر والحرج ، ورفع قلم الإلزام ، فحديث «رفع القلم» بمنزلة الإذن في ترك الواجبات ، فقهراً يكون مفاد الأدلّة الأوّلية في حقّ الصبي بعد ورود الإذن في الترك بلسان «رفع القلم» هو الاستحباب ; فهو لا يرفع الخطاب الوجوبي من رأس ، بل يأذن في الترك ، فيتحقق الاستحباب لا محالة .

الثاني : أنّه لا مانع مع الشك من الرجوع إلى استصحاب بقاء الرجحان الذي كان متحقّقاً في ضمن الوجوب ، وشك في بقائه مع ارتفاع الوجوب قطعاً ، ولا يرد عليه أنّ إثبات الاستحباب الذي هو فرد من القدر الجامع باستصحاب بقاء القدر الجامع يكون مثبتاً ، وهو لا يجري على ما هو التحقيق من عدم جريان الاُصول المثبتة ; وذلك لأنّه لا حاجة إلى إثبات الاستحباب بعنوانه ، بل يكفي بقاء القدر الجامع في المشروعية والرّجحان الموجبة لصحّة العبادة .

هذا ، ولكن هذين الجوابين لا يمكن أن يكونا موردين لنظر المشهور القائل بمشروعية عبادة الصبي ; لكون الجواب الثاني مبنيّاً على جريان الاستصحاب في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي ، ولم يعلم ذهاب المشهور إلى جريانه ، كما أنّ الجواب الأوّل مخالف لظاهرهم قطعاً ، فإنّهم يقولون بانقسام الطلب في نفسه إلى قسمين : وجوبيّ واستحبابي ، كما أنّهم يقولون بدلالة هيئة «إفعل» في نفسها على الوجوب ، لا أنّ الوجوب مستفاد من حكم العقل وأنّ الاستحباب مستفاد من الإذن في الترك ، فلابدّ من الجواب على طبق نظر المشهور .

والظاهر أن يقال : إنّه بناءً على ما ذكرنا في معنى حديث «رفع القلم» من كون المرفوع قلم المؤاخذة والعقوبة ـ ومرجعه إلى عدم استحقاق العقوبة على ترك الواجب وفعل الحرام ـ لابدّ وأن يقال بثبوت التكليف في حقّ الصبي مطلقاً ، ولكنّه لا يترتّب على المخالفة مؤاخذة وعقوبة ، فتصرّف الحديث في الأدلّة العامّة ليس