جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 32)

يكون مقتضى الجمع بين الروايات المتعارضة في المقام هو التصرّف في المطلقات منها ، وحملها على الرواية المفصِّلة التي يكون مقتضاها ثبوت الضمان مع التهمة وعدم كونه مأموناً ، وعدمه مع كونه كذلك ، وعليه تتحقّق المخالفة مع الروايات المتقدِّمة الظاهرة في عدم ضمان الأمين مطلقاً ، فاللازم أن يقال : إنّ الروايات الدالّة على الضمان في المقام خارجة عن محلّ البحث ; لأنّ موردها صورة الشك في تحقّق التلف في يد الصائغ والقصّار ومثلهما .

والدليل عليه ـ مضافاً إلى التعليل بكون تضمين أمير المؤمنين (عليه السلام) إنّما هو لأجل الاحتياط على أمتعة الناس ـ ذيل رواية السكوني الدالّ على أنّه لم يكن يضمّن من الغرق والحرق والشيء الغالب ; فإنّ مقتضاه أنّه مع العلم بثبوت التلف واستناده إلى أمر آخر دون مثل الصائغ ، لم يكن هناك تضمين أصلا ، فالتضمين الثابت في الصدر إنّما هو في مورد الشك في تحقّق التلف أو الشكّ في الاستناد إلى العامل واحتمال كونه هو المتلف .

ومنه يظهر أنّ مورد الرواية المفصِّلة أيضاً إنّما هو خصوص صورة الشكّ ، ويؤيّده بل يدلّ عليه أنّ نفس هذا التفصيل لا يلائم إلاّ مع هذه الصورة ; فإنّ الإتّهام وعدمه لا يرتبطان إلاّ بما إذا كان هناك شكّ ، وإلاّ فمع العلم بثبوت التلف وعدم الاستناد إلى العامل لا يكون فرق بين المتّهم وغيره ، فالإنصاف أنّ الروايات الدالّة على عدم الضمان محكّمة .

هذا ما ورد في باب الإجارة ، وقد ورد في أبواب اُخر بعض ما يدلّ على الضمان ; مثل ما ورد في باب المضاربة بمال اليتيم ، وأنّ العامل ضامن(1) . وما ورد في

  • (1) وسائل الشيعة : 9 / 83 ـ 89 ، كتاب الزكاة ، أبواب من تجب عليه الزكاة ب 1 و 2 و ج 19 / 27 : كتاب المضاربة ب 10 .

(الصفحة 33)

العارية ممّا يدلّ على ضمان عارية الدرهم والذهب والفضة(1) . وما ورد في الوصيّ ممّا يدلّ على ضمانه في الجملة(2) . وما ورد في باب اللقطة وأنّه إذا تلفت فالواجد ضامن لها(3) ، ولكنّها على تقدير عدم إمكان حملها على ما لا ينافي الروايات المتقدّمة ، يكون مفادها ضمان الأمين في الجملة ، ولا بأس به ; لأنّ قاعدة عدم ضمان الأمين قابلة للتخصيص ، ولا مجال للالتزام بابائها عنه أصلا .

ثمّ إنّه مع ما عرفت من وجود روايات متكثرة واردة في المسألة ، وأنّ الأمين لا يكون ضامناً إلاّ مع التعدّي أو التفريط ، يشكل الاستدلال في مقابل عموم قاعدة ضمان اليد ـ على تقديره ـ بإجماع الفقهاء وإرسالهم المقام إرسال المسلّمات ; فإنّه مع وجود روايات متكثّرة دالّة على عدم الضمان ، وثبوت حجيّة بعضها من جهة السّند أيضاً ، لا يبقى مجال للإجماع ولا لدعوى كونه دليلا مستقلاًّ في مقابل الروايات ، كما لا يخفى . نعم ، لو كانت الروايات بأجمعها قاصرة من حيث السّند ، لكان الإجماع كاشفاً عن الاعتبار وجابراً للضعف من جهة السّند .

وكيف كان ، فالعمدة على تقدير شمول قاعدة ضمان اليد هي الرّوايات الواردة في عدم ضمان الأمين . هذا كلّه من جهة الدليل على القاعدة .

وأمّا من سائر الجهات ، فيقع الكلام في اُمور :

الأمر الأوّل : أنّ الضمان المنفي هنا هو الضمان الثابت في قاعدة اليد ، وهو كون المال في ذمّة ذي اليد وفي عهدته ، الذي هو أمر اعتباري عند العقلاء والشرع وإن كان بينهما اختلاف في بعض الموارد ، وهو أي ثبوت المال في العهدة ـ وبتعبير الرواية «على اليد» ـ يستمرّ إلى أن يتحقّق أداء نفس المال مع وجوده وإمكان أدائه

  • (1) وسائل الشيعة : 19 / 96 ، كتاب العارية ب 3 .
    (2) وسائل الشيعة : 19 / 348 ، كتاب الوصايا ب 37 .
    (3) وسائل الشيعة : 25 / 460 ، كتاب اللقطة ب 14 .

(الصفحة 34)

أو أداء مثله أو قيمته عند تلفه أو ما بحكمه ، فمرجع الضمان المنفي هنا إلى عدم ثبوت المال التالف على عهدة الأمين وفي ذمّته ، فلايجب عليه أداء مثله أو قيمته ، وقد عبّر في مرسلة أبان المتقدّمة بأنّه ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أميناً(1) .

الأمر الثاني : أنّ المراد من الأمين هو مقابل الخائن الذي إذا وقع مال الغير تحت يده وفي اختياره لا يأبى من الخيانة فيه الموجبة لتلفه أو لحصول منقصة فيه ، وهل المراد من الأمين من كان غير خائن في نفسه وبحسب وصفه الواقعي ، كما اشتهر توصيف النبيّ (صلى الله عليه وآله) به قبل البعثة ; حيث كانوا يخاطبونه (صلى الله عليه وآله) بأنّه أمين ، أو أنّ المراد منه في المقام هو المؤتمن الذي ائتمنه صاحب المال بالنسبة إلى ماله الذي أوقعه تحت يده؟

وعلى التقدير الثاني ، هل المراد بالمؤتمن من كان مورداً لوثوق صاحب المال ، واطمئنانه بأنّه يكون محفوظاً عنده بجميع أجزائه وأوصافه ، ولا يتحقّق منه الخيانة بالنسبة إليه أصلا . أو أنّ المراد بالمؤتمن من كان طبع جعل المال في اختياره مقتضياً لعدم خيانته ; مثل ما إذا كان بصورة الوديعة التي غرضها حفظ المال ، أو العارية التي يكون غرضها الانتفاع مع بقاء المال بجميع شؤونه وإن لم يكن مورداً للوثوق بوجه أصلا؟

لابدّ للوصول إلى ما هو المراد من الأمين في القاعدة المبحوث عنها في المقام ، من ملاحظة عدم اختصاصها بالأمانة المالكيّة وشمولها للأمانة الشرعية التي يكون الإذن فيها من قبل الشارع ، ومن الواضح عدم تحقّق الأمانة في مقابل الخيانة بحسب الوصف الواقعي في كثير من مواردها ، كما أنّه لا معنى لتحقّق الإئتمان في جميعها بمعنى الوثوق بأنّه لا يتحقّق منه الخيانة ولا يصدر منه الخلاف .

  • (1) في ص 29 .

(الصفحة 35)

كما أنّه لابدّ من ملاحظة رواية المقنع المتقدّمة(1) التي وقع فيها السؤال عن المودع إذا كان غير ثقة ، فإنّ ظاهره تحقّق الإيداع من المالك مع عدم وثوقه بالمستودع ، إلاّ أن يقال : إنّ المراد هو عدم الوثاقة في القول غير المنافي للأمانة في مقام العمل ، أو يقال بخروجه عن الوثاقة بعد الإيداع وإن كان متّصفاً بها حينه ، ولكنّ الاحتمالين الأخيرين بعيدان ، والظاهر هو الأوّل .

ثمّ إنّه لابدّ من ملاحظة أمر ثالث ; وهو أنّ استثناء صورة التعدّي والتفريط من ضمان الأمين هل يكون بنحو الاستثناء المتّصل ، كما هو ظاهر عنوان القاعدة ، أو بنحو الاستثناء المنقطع الذي مرجعه إلى زوال وصف الأمانة في إحدى الصورتين؟ والمراد بالتعدّي هو أن يفعل فعلا يضرّ بالمال الذي يكون تحت يده ; كما إذا كان المال حيواناً فجعل غذاءه ممّا لا يناسبه ، كما أنّ المراد بالتفريط هو ترك فعل موجب لتلفه ; كما إذا ترك تغذيته بالمرّة في مثال الحيوان .

ربما يقال بالثاني كما اختاره المحقّق البجنوردي في قواعده الفقهية(2) ، حيث ذكر أنّ عدم التعدّي والتفريط مأخوذان في حقيقة الأمين ، والاستثناء في القاعدة مستدرك ; لأنّه إذا صدر عنه التعدّي أوالتفريط فهوخائنوليس بأمين ، فهما ضدّان .

ولكن ما أفاده ـ مضافاً إلى ما عرفت من كونه خلاف ظاهر عنوان القاعدة ـ فرع كون المراد من الأمين هو الأمين بحسب وصفه الواقعي في مقابل الخائن كذلك ، وهو أوّل الكلام ، بل محلّ منع بعد ما عرفت من عدم ثبوته في كثير من موارد الأمانة الشرعيّة بل المالكيّة ، على ما مرّ من ظهور السؤال في الرواية في ذلك(3) .

  • (1) في ص 29 .
    (2) القواعد الفقهية للمحقق للبجنوردي : 2 / 13 .
    (3) في ص 29 .

(الصفحة 36)

وبما ذكرنا ينقدح أنّ المراد من الأمين في المقام هو المؤتمن ، وأنّ المراد من المؤتمن هو الذي يكون طبع جعل المال بيده مقتضياً لعدم خيانته ، وكأنّه يكون مقيّداً به من دون فرق بين أن يكون الإذن من المالك أو من الله ، ولا يشترط ثبوت وصف الأمانة له في نفسه ، ولا الوثوق بكون المال محفوظاً عنده ، وعليه: يكون استثناء صورة التعدّي والتفريط بنحو الاستثناء غير المنقطع . نعم ، لابدّ حينئذ من إقامة الدليل عليه ، وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى .

ويدلّ على ما ذكرنا رواية المقنع ومرسلة أبان المتقدّمتين(1)، حيث وصف الإمام (عليه السلام) الرجل بكونه أميناً مع عدم تعرّض في السؤال لثبوت وصف الأمانة له ، ولا للوثوق لصاحب المال بعدم تحقّق الخيانة منه أصلا ، فمعناه أنّ نفس جعل المال في يد المستبضع مقتض لذلك وإن لم يكن هناك أمانة واقعاً ولا وثوق أصلا .

الأمر الثالث : في استثناء صورة التعدّي أو التفريط من الحكم بعدم ضمان الأمين ، ولا يخفى عدم ورود هذين العنوانين في دليل شرعيّ حتى يجب التكلّم في مفادهما من حيث موضوعيّتهما للحكم الشرعي ، بل الوجه في ثبوت الضمان في موردهما ـ مع ملاحظة أنّ المتفاهم العرفي من عنوان التعدّي هو التجاوز ; أي التجاوز عن دائرة الإذن والتعدّي عمّا هو المأذون فيه ، ومن عنوان التفريط هو التضييع ، فالتعدّي هو الإفراط والتجاوز ، والتفريط هو التضييع ـ هو كون التلف في موردهما مستنداً إلى من كان المال في يده ، فيتحقّق عنوان الإتلاف الذي هو سبب مستقلّ لتحقّق الضمان ; لقاعدة الإتلاف التي هي قاعدة مستقلّة غير قاعدة ضمان اليد .

والوجه فيه : وضوح أنّه لو غذّي الحيوان بما لا يناسبه كمّاً أو كيفاً فتلف ، يكون تلفه حينئذ مستنداً إلى من فعل به ذلك ، كما أنّه لو ترك تغذيته بالمرّة يستند

  • (1) في ص 29 .