جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 487)

التفريع ، كما لا يخفى .

هذا ، ولكن مقتضى ما ذكر : كون قيام البيّنة مقام العلم واعتبارها وحجيّتها مفروغاً عنه في مسألة الرؤية ، وأمّا كونها معتبرة في جميع الموارد والشبهات فلا دلالة للروايات عليه .

ومنها : الروايات المتعدّدة أيضاً الواردة في لزوم تصديق المسلم إذا شهد ، وقبول شهادة المؤمن ، مثل قوله (عليه السلام)  : إذا شهد عندك المسلمون فصدّقهم(1) .

وقوله (عليه السلام)  : إذا شهد عندكم المؤمنون فاقبلوا(2) ، وغيرهما من الروايات الواردة بهذا المضمون .

ولكنّ الظاهر أنّه لا دليل على كون المراد بالشهادة في مثل الروايتين هي شهادة المتعدّد من المسلم أو المؤمن ، بل يحتمل قويّا أن يكون المراد لزوم قبول قولهم وإن لم يكن متعدّداً ، بل وإن لم يكن عادلا ، فلا دلالة لها على اعتبار البيّنة المتقوّمة بالتعدّد والعدالة ، إلاّ أن يتحقّق السّلوك من طريق الأولوية ، وهي وإن كانت متحققة إلاّ أنّها تجدي فيما إذا كان الأصل مورداً للقبول ، مع أنّ لزوم التصديق بالنحو المذكور الذي هو مفاد الروايتين ممّا لم يقل به أحد .

هذا ، وقد احتمل في الروايتين أن يكون المراد منهما ما هو المراد من قوله تعالى : {يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}(3) من أنّ المراد هو القبول الصوري وعدم تكذيبهم ، لا ترتيب الآثار الواقعية على مجرّد إخبارهم وإن كان بضرر غيرهم .

الرّابع : الكتاب ، وقد وقع التعرّض فيه لشهادة العدلين في موارد ، ففي مورد

  • (1) الكافي : 5 / 299 قطعة من ح 1 ، وعنه وسائل الشيعة : 19 / 83 ، كتاب الوديعة ب 6 قطعة من ح 1 ، وفيهما : المؤمنون بدل «المسلمون» .
    (2) لم نظفر عليه في الكتب الروائية ، والناقل هو صاحب العناوين في ج 2 / 561 .
    (3) سورة التوبة 9 : 61 .

(الصفحة 488)

الدين قوله تعالى : {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ}(1) . وفي مورد الوصيّة ، قوله تعالى : {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْل مِّنْكُمْ}(2) . وفي مورد جزاء الصيد في حال الإحرام ، وحكم رجلين عدلين وشهادتهما بالمثلية للصيد : {يَحكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِّنْكُمْ}(3) . وفي مورد الطلاق : {وَأَشْهِدُوا ذَوَىْ عَدْل مِّنْكُمْ}(4) .

والمستفاد منها ـ بعد دلالتها على اعتبار البيّنة في الموارد المذكورة ; ضرورة أنّ الاستشهاد إنّما هو لغرض الشهادة ، فلو لم تكن الشهادة حجّة ومعتبرة لما كان وجه للاستشهاد ، فلزوم إشهاد عدلين عند الطلاق لا ينفكّ عن اعتبار شهادتهما به بعداً ـ أنّ البيّنة حجّة شرعية قائمة مقام العلم في جميع الموارد والموضوعات ، من دون أن تكون خصوصية للموارد المذكورة .

هذا ، وقد ورد في الكتاب أيضاً آيات دالّة على وجوب تحمّل الشهادة ووجوب أدائها وحرمة كتمانها ; كقوله تعالى : {وَأَقِيمُوا الْشَّهَادَةَ لِلّهِ}(5) . وقوله تعالى : {وَلاَ يَأْبَ الْشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}(6) . وقوله تعالى : {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ}(7) ، وظاهرها بمقتضى الدلالة الالتزامية الحجّية والاعتبار كما عرفت ; لأنّه لا معنى للزوم التحمّل والأداء وحرمة الكتمان مع عدم وجوب التصديق ، وعدم لزوم القبول ، وترتيب الأثر .

  • (1) سورة البقرة 2 : 282 .
    (2) سورة المائدة 5 : 106 .
    (3) سورة المائدة 5 : 95 .
    (4، 5) سورة الطلاق 65 : 2 .
    (6) سورة البقرة 2 : 282 .
    (7) سورة البقرة 2 : 283 .

(الصفحة 489)

وبالجملة : لا يبقى لمن امعن النظر في موارد قبول شهادة العدلين ارتياب في أنّه لا خصوصية لتلك الموارد ، بل حجّيتها إنّما هي بنحو العموم والشمول لجميع الموضوعات إلاّ ما خرج بالدليل ، مثل الزنا واللواط(1) وغيرهما .

الخامس : سيرة العقلاء من جميع الملل وإن لم يكونوا متشرّعين بشريعة أصلا ; فإنّهم يرون شهادة شخصين موثّقين طريقاً مثبتاً إلى الموضوعات التي تترتّب عليها الأحكام العرفية والآثار العقلائيّة .

ويرد عليه : عدم انطباق هذا الدليل على المدّعى ; فإنّ المدّعى كما عرفت يعتبر فيه التعدّد والعدالة ، فإنّه المراد من البيّنة بالمعنى الاصطلاحي ، والدليل وهي سيرة العقلاء إنّما يكون موردها مطلق الشهادة ولو لم يكن من الشخصين ، كما أنّه لا يعتبر فيه العدالة بل يكفي مجرّد الوثاقة ، وسيأتي أنّ السيرة بهذا العرض الوسيع مردوعة عنها في الشريعة ، إلاّ أن يقال : إنّ الرّدع إنّما هو بالإضافة إلى قسم من مورد جريان السيرة . وامّا بالنسبة إلى ما كان مشتملا على التعدّد والعدالة فلم يتحقّق الردع ، بل كان الأخبار الكثيرة المتقدّمة بمنزلة الإمضاء له ، كما لايخفى .

السادس : أنّ الموضوعات لا ريب في كون أكثرها خفية على أكثر الناس ; بمعنى أنّ كلّ صنف من الناس وإن كان لهم التسلّط على معرفة صنف من الموضوعات ، لكنّ الغالب لا بصيرة له في الغالب ، فلو كانت الأحكام معلّقة على العلم بالموضوعات لزم تعطيل الأحكام غالباً ، ولزم الهرج والمرج ، فلابدّ من كون شيء معتبراً في الشرع في الموضوعات غير العلم ممّا يوجب الوثوق بها ، ولا قائل بما هو أزيد من البيّنة من شهادة ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو نحو ذلك . نعم ، في حجّية شهادة العدل الواحد كلام يأتي البحث عنه إن شاء الله تعالى .

السّابع : لو دار ثبوت الموضوعات المترتّبة عليها الأحكام في الشريعة مدار

  • (1) يراجع تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب الحدود : 114 ـ 121 وص 288 ـ 293 .

(الصفحة 490)

حصول العلم لكلّ أحد ، لزم العسر والحرج الشديد المنفي بالنصّ والإجماع ، فكذا المقدّم ، فتثبت حجّية البيّنة بعدم القول بالفصل ; لأنّ كلّ من اعتبر ما سوى العلم فقد إعتبر البيّنة .

وهنا وجوه اُخر مذكورة لإثبات حجّية البيّنة في الموضوعات ، ولكن ملاحظة ما ذكرنا من الأدلّة وإن كان بعضها لا يخلو من المناقشة والنظر ، لا تبقي مجالا للارتياب في الحجّية المذكورة ، فلا وجه لما نسب إلى القاضي عبد العزيز بن البرّاج من عدم حجّية البيّنة في إثبات النجاسة(1) ، ولا لما نسب(2) إلى ظاهر السيّد في الذريعة(3) والمحقّق في المعارج(4) والمحقّق الثاني في الجعفريّة(5) وبعض آخر(6) من عدم ثبوت الاجتهاد بشهادة عدلين ; لعدم الدليل عليه .

وإن كان يمكن أن يكون الوجه في الأخير هو عدم كون الاجتهاد من الاُمور المحسوسة ، وحجّية البيّنة مقصورة على الاُمور المحسوسة ، كما أنّه يمكن أن يكون الوجه في الأوّل هو كون النجاسة أمراً مسبّبياً غير محسوس ، والبيّنة لابدّ وأن تكون في مورد أمر محسوس ، وسيأتي البحث عن ذلك في بعض المقامات الآتية إن شاء الله تعالى .

المقام الثاني : في مورد حجيّة البيّنة وسعة دائرتها وضيقها ، فنقول :

لا ريب في أنّ الموضوع الذي تكون البيّنة حجّة بالإضافة إليه لابدّ وأن يكون مترتّباً عليه أثر شرعيّ حتى يكون اعتبارها لأجل ترتّب ذلك الأثر عليه ، فكما

  • (1) المهذّب : 1 / 30 .
    (2) الناسب هو المحقّق النراقي في العوائد الأيّام : 811 ـ 812 .
    (3) الذريعة إلى اُصول الشريعة : 2 / 325 .
    (4) معارج الاُصول : 201 .
    (5) الرسالة الجعفريّة ، المطبوع مع رسائل المحقّق الكركي : 1 / 80 .
    (6) الوافية في اُصول الفقه : 299 .

(الصفحة 491)

أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب في الموضوعات الخارجية ترتّب الأثر الشرعي عليها ، فكذلك يعتبر في حجّية البيّنة ذلك ، فلو كان هناك موضوع لم يترتّب عليه حكم في الشريعة ، فلا مجال لاحتمال حجّية البيّنة فيه أصلا . وهذا ممّا لا شبهة فيه ، كما أنّه لا شبهة في أنّه إذا كان موضوع الأثر أمراً محسوساً كالماء والخلّ والخمر والكلب والخنزير وأشباهها ; لا شك في حجّية البيّنة فيه بعد القول باعتبار البيّنة في تمام الموارد من غير اختصاص بموارد خاصّة .

وأمّا إذا لم يكن موضوع الأثر أمراً محسوساً ، فتارة : تكون له آثار محسوسة بحيث يكون بينها وبين ذلك المشهود به ملازمة عرفيّة ، أو يكون لها أسباب مخصوصة محسوسة ، واُخرى : لا يكون كذلك ; بمعنى أنّه لا يكون له أثر محسوس ولا سبب مخصوص محسوس أيضاً .

فإن كان من قبيل الأوّل كالعدالة والاجتهاد والأعلميّة ونحوها في الصّورة الاُولى منه ، والنجاسة والزوجية والطلاق في الصورة الثّانية منه ، فالظّاهر حجّية البيّنة فيه أيضاً ; لأنّه وإن كانت كلمة «الشهادة» ظاهرة في الحضور والإخبار عن العين والعلم بإحدى الحواسّ الخمس ، وكذلك كلمة «البيّنة» ظاهرة في ما كان ظاهراً مشهوداً ; لأنّه صيغة مشبهة من «بان» بمعنى ظهر ، ومذكّرها «بّين» ، إلاّ أنّه إذا كان الموضوع الذي قام به البيّنة له أثر محسوس كالأمثلة المذكورة ، فحيث يكون بينه وبين أثره المحسوس ملازمة عرفية ، ففي الحقيقة يكون كأنّ المشهود به أمراً محسوساً .

وكذلك إذا كان له سبب محسوس كالأمثلة الاُخرى المذكورة أيضاً ، مضافاً إلى أنّ الشهادة بالمسبّب شهادة بالسبب ، بعد عدم انحصار دائرة الحجّية في الأمارات بخصوص المدلول المطابقي منها ، بل تسع دائرة الحجّية للوازم والملزومات والملازمات أيضاً .