جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 296)

أنّه مع عدم المصادفة ربما يكون معذوراً ، ولا يعدّ محسناً .

وأمّا اعتبار القصد فالظاهر أنّه أيضاً كذلك ; لأنّ العرف لا يرى غير القاصد للإحسان ، بل القاصد للإساءة محسناً بمجرّد مصادفة الواقع ، فلو كان السقي في المثال المذكور دفع مضرّة بحسب الواقع وإساءة بحسب القصد والاعتقاد ، هل يكون السّاقي عند العرف محسناً؟ الظاهر لا ; فالعرف يرى اعتبار كلا الأمرين ، ولا يكتفي بوجود واحد منهما ، كما لا يخفى .

الجهة الثانية : في بيان المراد من مجموع الجملة الواقعة في الآية .

فنقول : الظاهر أنّ هذه الآية كآية نفي السبيل للكافرين على المؤمنين(1) واقعة في مقام الإنشاء ، وحاكية عن عدم جعل السبيل على المحسن في الشريعة وإن كانت خالية عن لفظ الجعل ، بخلاف آية نفي السبيل ، إلاّ أنّ الظاهر اشتراك الآيتين وكون كليهما حاكيتين عن عدم جعل السبيل في الشريعة ، وكون مورد الآية في المقام هو العذاب الاُخروي كما تقدّم(2) لا يقتضي أن تكون الآية في مقام الإخبار ; فإنّ نفي العذاب الاُخروي عن المذكورين في الآية الاُولى والآية الثانية مرجعه إلى عدم ثبوت التكليف بالجهاد والشركة في الحرب بالإضافة إليهم ، فمعنى نفي السبيل خروجهم عن دائرة التكليف بالجهاد .

ولذا سأل ابن اُمّ مكتوم عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه هل كان لي رخصة في التخلّف عن الجهاد؟ فمعنى نفي السبيل ثبوت الرّخصة والخروج عن دائرة التكليف ، ولأجله تكون هذه الآية حاكمة على الأدلّة الأوليّة الظاهرة في ثبوت التكليف بالجهاد ، أو التكاليف الاُخر والأحكام الوضعيّة كالضمان ونحوه ، ودالّة على عدم كون مفاد الأدلّة الأوّلية شاملا للمحسن وإن كان بحسب الدلالة اللفظية عامّاً ، فلا مجال

  • (1) سورة النساء 4 : 141 .
    (2) في ص 290 .

(الصفحة 297)

للإشكال في مفاد الآية من هذه الجهة .

وأمّا كلمة «المحسنين» فهي جمع محلّى باللاّم مفيدة للعموم ، أي جميع أفراد المحسنين ومصاديقهم ، كما أنّ «السبيل» نكرة واقعة في سياق النّفي ، وهي أيضاً تفيد العموم ، وليس السلب الذي تفيده الآية سلب العموم غير المنافي للإثبات الجزئي ، بل عموم السلب الذي لا يجتمع مع الموجبة الجزئيّة ، ومرجعه إلى انتفاء كلّ فرد أو نوع من أفراد السبيل أو أنواعه عن كلّ فرد من أفراد المحسن ، فالإحسان وطبيعته لا يلائم مع السبيل وطبيعته بوجه ، وهذا هو المتفاهم العرفي من مثل تعبير الآية ، لا سلب العموم الذي لا يصلح للاستدلال به ولو في مورد ، بل عموم السلب ، وهو صالح للاستدلال به في جميع الموارد ; لكونه بمنزلة كبرى كليّة وقاعدة عامّة .

ثمّ إنّه فرق بين هذه الآية وبين آية نفي السبيل ، من جهة أنّ مقتضى تلك الآية كما ذكرنا في معناها(1) عدم ثبوت السبيل للكافر على المؤمن من ناحية الشرع ، وأمّا لو فتح المسلم سبيلا له عليه ، كما إذا أتلف ماله المحترم ، فضمانه ثابت عليه ، ولا ينافي الآية بوجه ، والسرّ فيه أنّ نفي السبيل وقع بلسان نفي جعل الله إيّاه ، وهو الظاهر فيما هو من جانب الشرع ابتداءً . وأمّا هذه الآية فلسانها نفي ثبوت السبيل مطلقاً ، وهو ينافي الضمان في المورد المزبور ومثله ، فتدبّر .

ثمّ إنّ تعليق الحكم على الإحسان ظاهر في ارتباط نفي السبيل بحيثية الإحسان ، فمرجعه إلى عدم ثبوت السبيل من ناحية الإحسان ، وفي مورده المرتبط به ، وأمّا السبيل بلحاظ عنوان آخر موجب للضمان ، فلا مانع منه ، وإن كان مقروناً بالإحسان ، فلو أتلف الودعي الوديعة اختياراً وعمداً يكون ضامناً لها ; لارتباط الضمان بما هو خارج عن الإحسان ، وداخل في عنوان آخر ، فلا منافاة بين الأمرين .

  • (1) في ص 240 .

(الصفحة 298)

الموقف الثالث : في موارد تطبيق هذه القاعدة . فنقول : تارة : تلاحظ القاعدة بالنسبة إلى الإحسان بمعنى دفع الضرر ومنعه عن الغير ، واُخرى : بالإضافة إلى الإحسان بمعنى جلب المنفعة وإيصالها إلى الغير على تقدير كونه إحساناً .

أمّا الأوّل : فموارده كثيرة ، مثل ما إذا رأى اشتعال النّار في لباس إنسان وتوقّف طريق حفظه عن الهلاك أو الإحتراق على تمزيق لباسه وقطعه ، فإنّ الممزّق القاصد للحفظ لا شبهة في كونه محسناً تنطبق عليه القاعدة ، فيحكم بعدم ضمانه لذلك اللّباس ، ولو خرج عن المالية بالمرّة .

ومثل ما إذا رأى توجّه السيل المخرّب والمعدم إلى منزل شخص ، وتوقّف طريق حفظه على جعل بعض أثاث ذلك المنزل في مقابله ليتوجّه عنه إلى غيره ، فإنّ هذا الوضع المقرون بقصد حفظ المنزل عن ورود السيل عليه وخرابه يكون إحساناً تجري فيه القاعدة ، فلا يكون ضامناً للأثاث المذكور .

ومثل ما إذا ابتلي شخص بنوبة قلبيّة ، وكان حفظه متوقفاً على تمزيق بعض ألبسته كذلك ، وكذلك لو توقفت نجاة السفينة ومن فيها وما فيها على تخفيفها بإلقاء بعض الأموال في البحر ، وفرض كون الأموال لصاحب السفينة ، فإنّ هذا الإلقاء إحسان تنطبق على محسنه قاعدة الإحسان .

ومثل ما يكون متداولا في هذه الأزمنة من توقّف نجاة الطفل الذي في رحم الاُمّ على إجراء العملية الجراحيّة للاُمّ ، وقد يترتّب عليها موت الاُمّ أحياناً ، والأمثلة لهذا القسم كثيرة .

ولكنّ الإشكال فيه من جهة أنّ عدم الضمان في هذه الموارد إنّما هو لثبوت الإذن فيها ، بل الإيجاب في بعضها من ناحية الشارع ، كما في المثال الأوّل ; فإنّ الشارع أوجب الحفظ ، وتمزيق اللباس مقدّمة منحصرة لتحقّق الحفظ ، ومع الإذن

(الصفحة 299)

أو الإيجاب لا معنى لثبوت الضمان ، ولو لم يكن هناك قاعدة الإحسان ، فعدم ثبوت الضمان لا يكون مستنداً إلى القاعدة ، بل إلى قصور دليل الضمان عن الشمول له .

إلاّ أن يقال : إنّ عدم الشمول إنّما هو بلحاظ قاعدة ضمان اليد ، حيث إنّها قاصرة عن إفادة الضمان في اليد المأذونة من قبل المالك أو الشارع ، وأمّا بلحاظ قاعدة الإتلاف فلا مانع من الشمول والدلالة على الضمان وإن كانت اليد مأذونة . نعم ، إذا كان الإتلاف مأذوناً فيه فالظاهر عدم شمول قاعدة الإتلاف كما ذكرنا في البحث عنها(1) ، لكنّ الظاهر أنّ الإتلاف الخارج من القاعدة هو الإتلاف المأذون فيه بعنوانه ، كما إذا أذن المالك في الإتلاف .

وأمّا الموارد المتقدّمة فليس عنوان الإتلاف مأذوناً فيه ولو من قبل الشارع ; فإنّ الشارع إنّما أوجب حفظ النفس في المثال الأوّل ، وتوقّف الحفظ على تمزيق الألبسة يوجب عدم كونه متّصفاً بالحرمة مع الانحصار ; لأنّه لا تجتمع حرمة المقدّمة المنحصرة مع وجوب ذيها ، وأمّا كون المقدّمة مأذوناً فيها من قبل الشارع ، فلا ، إلاّ أن يقال : إنّ نفس عدم الحرمة كافية في الخروج عن القاعدة ، فتدبّر . ولكنّه يندفع بأنّ الشارع أوجب حفظ النفس ، ومع ذلك حكم بالضمان في ما إذا توقّف حفظها على أكل طعام الغير بدون رضاه .

وأمّا الثاني : فموارده أيضاً كثيرة ، مثل الأفعال الصادرة من الأولياء ، كالحاكم والأب والجدّ له ، لغرض إيصال النفع إلى المولّى عليه ، فاتّفق ترتّب الضرر عليه ; فإنّه حينئذ لا ضمان على الوليّ ; لكونه محسناً ، وقد فعل الفعل باعتقاد حصول مصلحة فيه ونفع عائد إلى المولّى عليه ، كما إذا اشتغل في قناة له بالحفر والإصلاح لغرض ازدياد الماء ، فصار ذلك سبباً لانهدام القناة بالمرّة أو بالبعض ; فإنّه لا يكون فيه ضمان ، وكما إذا أعطى الحاكم النقود التي عنده لإجراء العبادات ; كالصلاة

  • (1) في ص 49 .

(الصفحة 300)

للميت والحجّ مطلقاً للأجير الذي يكون ثقة عنده ، فاتّفق أنّه لم يأت بتلك العبادة ومات ولم يترك مالا ; فإنّه لا ضمان على الحاكم ; لكونه محسناً .

وكما إذا آجر الأب أو الجدّ له سفينة المولّى عليه أو إبله أو جمله ، فغرقت السفينة وهلكت البعير أو الجمل ، فلا ضمان عليه ، وكذا نظائره من الموارد الكثيرة .

ولهذا القسم موارد حكموا فيها بالضمان ; كالأمثلة المتقدّمة(1) في معنى الإحسان ، التي من جملتها ما إذا أخذ دابّة الغير فذهب بها إلى المرعى لترعى فيه فتلفت ; فإنّه مع كونه محسناً لكنّهم حكموا فيها بالضمان ، والفرق بينها وبين ما لم يحكموا فيه بالضمان هو ثبوت الإذن في التصرّف هناك وعدم ثبوته هنا ، ولأجله يشكل الحكم بعدم الضمان فيها مستنداً إلى قاعدة الإحسان ; لعدم الفرق في جريان القاعدة بين الموردين ; ضرورة أنّه إن كان الإحسان شاملا لجلب النفع ، فأيّ فرق بين الموردين؟ مع أنّ الظاهر أنّه لا خلاف بينهم في عدم الضمان في تلك الموارد ، مع أنّ شمول الإحسان لجلب المنفعة محلّ خلاف ، فالإنصاف أنّ عدم الضمان في تلك الموارد لا يكون مستنداً إلى القاعدة ، بل إلى عدم شمول قاعدة ضمان اليد لها بعد اختصاص موردها باليد غير المأذونة أو اليد العادية ، كما أنّك عرفت أنّ الحكم بعدم الضمان في القسم الأوّل أيضاً إنّما هو لقصور دليل الضمان عن الشمول لمثله ; سواء كان هي قاعدة ضمان اليد أو قاعدة ضمان الإتلاف ، فالباقي أنّ قاعدة الإحسان إمّا تصير بلا مورد ، أو يكون لها موارد قليلة على ما عرفت في القسم الأوّل ، فتدبر .

تتمّة : ربما يستشكل في القاعدة بأنّ الفقهاء ذكروا في باب اللقطة أنّ الملتقط بعد اليأس عن إيصال المال إلى صاحبه يتصدّق به عنه ، ومع ذلك حكموا بأنّه

  • (1) في ص 294 .