جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 272)

كما لا  يخفى .

ومنها : حقوق الله المشتركة بين الله وبين المخلوقين كالزكاة والخمس ، والظاهر شمول الحديث لها ، وقال في الجواهر في باب الزكاة : ومنه يستفاد ما صرّح به جماعة من سقوطها بالإسلام وإن كان النصاب موجوداً ; لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله ، المنجبر سنداً ودلالة بعمل الأصحاب ـ إلى أن قال : ـ بل يمكن القطع به بملاحظة معلوميّة عدم أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأحد ممّن تجدّد إسلامه من أهل البادية وغيرهم بزكاة إبلهم في السنين الماضية ، بل ربما كان ذلك منفرّاً لهم عن الإسلام ، كما أنّه لو كان شيء منه لذاع وشاع ، ثمّ قال : فمن الغريب ما في المدارك من التوقّف في هذا الحكم ; لضعف الخبر المزبور سنداً ومتناً(1) .

وقد عرفت أنّ الإشكال في الحديث من جهة السند ممّا لا مجال له أصلا(2) ، وأمّا من جهة الدلالة فلا وجه له ; لظهور شموله لهذه الموارد ، والإشكال فيها من جهات اُخرى سيأتي البحث عنه ، فانتظر .

نعم ، استشكل في السقوط في هذه الحقوق تارة : من جهة ما عرفت من مجمع البحرين من العطف على الحديث قوله : والتوبة تجبّ ما قبلها من الكفر والمعاصي والذنوب(3) ; نظراً إلى اتّحاد السياق ، وذكر الكفر في عداد المعاصي والذنوب ، مع أنّ التوبة لا أثر لها إلاّ بالإضافة إلى العقوبة ، فجبّ الإسلام أيضاً يكون بهذه الملاحظة فقط .

واُخرى : من جهة أنّ الحديث إنّما هو في مقام الامتنان ، كحديث الرفع، ودليل نفي العسر والحرج ، وهو إنّما يتمّ إذا لم يعارض بالامتنان في مورد آخر ، وفي المقام

  • (1) جواهر الكلام : 15 / 62 .
    (2 ، 3) في ص 267 ـ 268 .

(الصفحة 273)

يكون الامتنان على الكافر بإسقاط الزكاة عنه معارضاً لحقّ مستحقّي الزكاة من الأصناف الثمانية المذكورة في الكتاب(1) .

وثالثة : بأنّ البعث سبب إلى العمل المبعوث إليه ، فإذا كان العمل المبعوث إليه مقيّداً بالإسلام ، وكان الإسلام مسقطاً للتكليف يلزم علّية الشيء لعدم نفسه ، وهو مستحيل .

والجواب : أنّ عطف التوبة لا يقتضي الإتّحاد بعد كونهما حكمين مستقلّين ، خصوصاً بعد ملاحظة الموارد المتقدّمة التي ورد فيها الحديث والامتنان في المقام ، حيث أنّه يرجع إلى أساس الإسلام في مقابل الكفر ، وإلى التحريض والترغيب في رفع اليد عن الكفر ، فلا يقاس بالامتنان الذي يتضمّنه جعل الزكاة للأصناف الثمانية خروجاً عن الفقر والمسكنة وغيرهما ، مع أنّه ليس بالإضافة إلى كلّ واحد من الأصناف امتناناً ، فإنّ العاملين عليها إنّما يأخذون اُجرة عملهم ، ولو لا الزكاة لكانوا يعملون في بعض الاُمور الاُخرى ، فالاشكال من هذه الجهة مندفع .

وأمّا الاستحالة ، فربما يجاب عنها بأنّ مقتضى الحديث أنّ الإسلام يكون علّة لإثبات التكاليف عليه في المستقبل فقط لا بالنسبة إلى الماضي .

ومرجع هذا الجواب إلى أنّ ما اشتهر من كون الكفّار مكلّفين بالفروع كالاُصول(2) ، إنّما هو بالنسبة إلى الكافر الذي بقي على كفره إلى آخر عمره ، وأمّا الكافر الذي أسلم فلا يكون مكلّفاً بالفروع في زمن كفره ، وهذا في غاية الضعف والوهن ; فإنّه لا دلالة لحديث الجبّ على ذلك بوجه ، بل مفاده أنّ الكافر وإن كان

  • (1) سورة التوبة : 9 / 60 .
    (2) غنية النزوع ، بحث الاُصول : 304 ، المعتبر : 2 / 595 ، إرشاد الأذهان : 1 / 271 ، منتهى المطلب : 2 / 188 ، الحدائق الناضرة : 3 / 39 ، ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد : 563 ، معتمد الشيعة : 235 ، عوائد الأيّام : 279 عائدة 30 ، العناوين : 2 / 714 ، جواهر الكلام : 17 / 10 .

(الصفحة 274)

مكلّفاً ، إلاّ أنّ الإسلام رفع اليد عمّا سبق وجعله كالعدم ، فالتكليف كان ثابتاً ، ولكنّه رفع عنه بعد الإسلام ، كحديث الرفع(1) بالإضافة إلى الاُمور المذكورة فيه .

والحقّ في الجواب أن يقال ـ مضافاً إلى النقض بالصلاة والصيام والحجّ ، فإنّ تركها مجبوب بالإسلام ، مع أنّها لا تصحّ في حال الكفر ; لمدخليّة الإسلام في صحّتها ـ : إنّ هذه الاستحالة إنّما تتحقّق إذا كان الخطاب متوجّها إلى خصوص الكفّار ، كالخطاب المتوجّه إلى العاجز ، وأمّا لو كان الخطاب متوجّها إلى العموم من دون فرق بين المسلم والكافر ، فلا تكون صحّة هذا الخطاب متوقّفة على صحّته بالنسبة إلى كلّ واحد من المخاطبين ، ألا ترى أنّه يصحّ الخطاب إلى جماعة بخطاب واحد أن يعملوا عملا ولو مع العلم بعدم قدرة بعضهم على إيجاد العمل؟ نعم ، لو كان الجميع أو الأكثر غير قادرين لما صحّ الخطاب .

وأمّا مع عجز البعض فلا مانع منه ، مع أنّه لو إنحلّ الخطاب الواحد إلى خطابات متعدّدة لما صحّ ; لاستحالة بعث العاجز مع العلم بعجزه ، وفي المقام أيضاً كذلك ; فإنّ قوله تعالى : {أَقِيمُوا الْصَّلَوةَ وَآتُوا الزَّكَوةَ}(2) عامّ يشمل المسلم والكافر ، ولا ينحلّ إلى خطاب خاصّ بالكافر حتى يقال بالاستحالة ; نظراً إلى علّيّة الشيء لعدم نفسه ، فالكافر مادام كافراً يكون مكلّفاً بالعبادات المذكورة ، ومن شرائط صحّتها الإسلام ، وبعد الإسلام لا يجب عليه إتيان ما فات في حال الكفر ، فتدبّر جيّداً .

ومنها : الحقوق المختصّة بالمخلوقين مع اعتقادهم بثبوتها في أديانهم ، كالدّين وضمان المغصوب وضمان الإتلاف ونحو ذلك ، والظاهر أنّه لا دلالة للحديث على

  • (1) تقدم في ص 58 .
    (2) سورة البقرة : 2 / 43 ، سورة النساء 4 : 77 ، سورة النور 24 : 56 .

(الصفحة 275)

سقوطها ; لما ذكرنا(1) من أنّ مفاده سقوط الآثار المترتّبة في الإسلام فقط ، وأمّا الآثار الثابتة في حال الكفر أيضاً بمقتضى الدين ، أو بمقتضى حكم العقل وقضاء ضرورته ، فلا دلالة للحديث على سقوطها ، والحقوق المذكورة من هذا القبيل ، فيلزم على الكافر الذي تجدّد إسلامه أداء ديونه والخروج عن عهدة الغصب والإتلاف ونحوها ، وظاهر الأصحاب أيضاً عدم السقوط .

ومنها : الحقوق المختصّة بالمخلوقين مع عدم اعتقادهم بثبوتها في أديانهم ، كما لو لم يعتقدوا أنّ قتل العمد فيه القصاص ، أو أنّ قتل الخطأ فيه الدية على العاقلة ، فإذا أسلم الكافر وقد ارتكب القتل عمداً أو خطأً فهل يسقط القصاص أو الدية عنه في الإسلام ، أم لا؟

ظاهر كلمات الأصحاب عدم السقوط ; لإطلاقهم أنّ حقّ المخلوق لا يسقط(2) . ولكنّ الظاهر بمقتضى ما ذكرنا في مفاد الحديث إجمالا هو السقوط ; لأنّ المفروض ثبوت القصاص مثلا في الإسلام ، ولم يكن له سابقة في سائر الأديان ، وليس ثبوته بمقتضى حكم العقل والعقلاء ، وقوله تعالى : {وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِى الاَْلْبَابِ}(3) يشعر بعدم تخضّع أولي الألباب في أنفسهم لهذا الحكم الإلهي ، بل يحتاج إلى إرشاد الله تبارك وتعالى ، خلافاً لما يحكم به العقل البدوي من كون القصاص ضمّ موت إلى موت آخر ، وإعدام زائد على إعدام آخر .

وعليه : فمقتضى قوله (صلى الله عليه وآله)  : «الإسلام يجبّ ما قبله» ، هو السقوط ، خصوصاً في مسألة ثبوت الدية على العاقلة ، الذي لا يتطرّق إليه العقل بوجه .

نعم ، هنا إشكال ; وهو أنّ الظاهر ثبوت القصاص في النفس في الأديان

  • (1) في ص 271 .
    (2) العناوين : 2 / 498 ـ 500 .
    (3) سورة البقرة 2 : 179 .

(الصفحة 276)

السّابقة أيضاً ، دون القصاص في ما دون النفس ; فإنّه ثابت في الإسلام ومن أحكامه ، ومقتضى ما ذكرنا في معنى الحديث عدم جبّ الإسلام ما كان ثابتاً فيه وفي الأديان السابقة ، بل يختصّ الجبّ بخصوص ما ثبت في الإسلام من الآثار والأحكام ، فاللازم حينئذ عدم رفع الإسلام للقصاص الذي هو من حقوق المخلوقين ، وكان ثابتاً عند الكافر وعلى حسب اعتقاده أيضاً ، مع أنّ الظاهر أنّه (صلى الله عليه وآله) لم يحكم بقصاص من أسلم من الكفّار القاتلين ، بل يظهر من قصّة إسلام المغيرة بن شعبة المحكيّة في الطبقات لابن سعد المتقدّمة(1) عدم حكمه (صلى الله عليه وآله) بقصاصه، مع أنّه غدر بأصحابه وقتلهم وفرّ إلى المدينة .

ودعوى أنّ عدم الحكم بالقصاص لا يكون مستنداً إلى قاعدة الجبّ ، بل مستند إلى قوله (صلى الله عليه وآله)  : كلّ دم كان في الجاهلية فهو تحت قدميّ هاتين(2) ، مدفوعة باستناد النبيّ (صلى الله عليه وآله)  : في قصّة المغيرة إلى أنّ الإسلام يجبّ ما قبله ، وهو ظاهر في دلالة القاعدة على سقوط القصاص أيضاً .

واللازم أن يقال بعدم دلالة الحديث على سقوط القصاص كما ذكرنا في معناه ، وقصّة المغيرة لا تكون معتبرة بجميع خصوصياتها ، بل حكايتها إنّما هي للاشتمال على القاعدة . وبعبارة اُخرى : حجّيتها بالإضافة إلى القاعدة المذكورة فيها لا تستلزم حجّيتها بالإضافة إلى جميع الخصوصيات الواقعة فيها ، التي منها القتل الموجب للقصاص ، كما لا يخفى .

فالحقّ أنّ سقوط القصاص كان مستنداً إلى أمر آخر ، من دون فرق بين القتل الواقع في القضايا الشخصية والموارد الجزئية ، وبين القتل الواقع في الغزوات الواقعة

  • (1) في ص265 ـ 266 .
    (2) الكافي : 8 / 246 ح 342 ، مسند أحمد بن حنبل : 5 / 248 ح 15388 و ج 7 / 376 قطعة من ح 20720 ، سنن ابن ماجة : 3 / 504 قطعة من ح 3074 .