جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 461)

قاعدة حرمة الإعانة على الإثم

وهي أيضاً من القواعد الفقهية التي يتمسّك بها الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم في جملة من الفروع الفقهية ، ويستدلّ بها في مثل مسألة بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً ، والخشب ممّن يعلم أنّه يجعله صنماً ، والموارد الكثيرة الاُخرى ، وتحقيق الحال فيها يقتضي التكلّم في جهات :

الجهة الاُولى : مدركها ومستندها ، وهو اُمور :

الأوّل : الكتاب ، قال الله تعالى في سورة المائدة : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الاِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(1) ولولا كون الجملة الثانية واقعة عقيب الجملة الاُولى معطوفة عليها ، لكانت دلالتها على حرمة التعاون على الإثم والعدوان ممّا لا مناقشة فيها ; لظهور النهي في التحريم على ما هو المحقّق في الاُصول ، ولكن وقوعها عقيبها وعطفها عليها صارت موجباً لتوهّم لزوم حمل النهي على الكراهة ; نظراً إلى أنّه يعلم من الخارج عدم وجوب مطلق التعاون على

  • (1) سورة المائدة 5 : 2 .

(الصفحة 462)

البرّ والتقوى .

نعم ، يجب التعاون في بعض الموارد ممّا يكون التعاون لأجل حفظ نفس محترمة ، كإنقاذ غريق أو حريق ، أو يكون من مصاديق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وأمّا التعاون في جميع موارد البرّ والتقوى فليس بواجب ، ومقتضى وحدة السياق بعد حمل الأمر على الاستحباب حمل النهي على الكراهة أيضاً . فلا دلالة للآية على حرمة التعاون على الإثم والعدوان .

ولكنّ الظّاهر ـ بعد تسلّم لزوم حمل الأمر على الاستحباب ـ أنّه لا وجه لحمل النهي على الكراهة بعد كون الآية مشتملة على حكمين مستقلين ، سيّما بعد كون أحدهما أمراً والآخر نهياً ، ومجرّد تتابع الجملتين في الذكر لا يقتضي وحدة السّياق ، وهذا غير ما ذكروه في مثل حديث الرفع(1) من كون وحدة السياق مقتضية لحمل «ما» الموصولة على الموضوع ; لكون معناها في بعض الفقرات ذلك ، فيجب أن يكون في الجميع كذلك .

وذلك ـ مضافاً إلى منع الاقتضاء في الحديث أيضاً ، والتحقيق في محلّه ـ لأجل الفرق بين المقام وبين الحديث ، من جهة أنّ الأشياء والاُمور التسعة المذكورة كلّها مرفوعة بعبارة واحدة وبرفع واحد ، ولم يستعمل في الجميع إلاّ كلمة رفع واحدة ، فهي مشتركة في المرفوعية وفي إسناد الرفع اليها ، وهذا بخلاف المقام الذي يشتمل على حكمين مستقلّين غير مرتبطين : أحدهما أمر ، والآخر نهي ، ولا ارتباط لأحدهما بالآخر أصلا ، فلا مجال فيه لدعوى وحدة السياق ، كما لا يخفى .

نعم ، يجري في الاستدلال بالآية للقاعدة ، المناقشة من جهة اُخرى ; وهي أنّ المأخوذ في القاعدة إنّما هو عنوان الإعانة التي مرجعها إلى كون أحد الشخصين مباشراً وفاعلا ، والآخر عوناً له ومساعداً في إيجاد بعض مقدّمات فعله ،

  • (1) تقدم في ص 296 .

(الصفحة 463)

والمأخوذ في الآية الشريفة إنّما هو عنوان التعاون الذي هو من باب التفاعل ، ومعناه اشتراك شخصين وتعاونهما في جهة صدور الفعل عنهما ، فلا ينطبق الدليل على المدّعى .

واُجيب عن ذلك بأنّ أمره تبارك وتعالى بالتعاون على البرّ والتقوى ، وكذلك نهيه عن التعاون على الإثم والعدوان ليس باعتبار فعل واحد وقضيّة واحدة وفي واقعة واحدة ، بل الخطاب إلى عموم المؤمنين والمسلمين ; بأن يكون كلّ واحد منهم عوناً للآخر في البرّ والتقوى ، ولا يكون عوناً لأحد في الإثم والعدوان ، فإطلاق لفظ التعاون باعتبار مجموع القضايا لا باعتبار قضية واحدة وفعل واحد ، فالمأمور به في الآية الشريفة إعانة كلّ مسلم لكلّ مسلم في ما يصدر عنه من فعل الخير والبرّ والتقوى ، والمنهيّ عنه إعانة كلّ شخص في فعله الذي هو إثم أو عدوان ، فينطبق الدليل على المدّعى .

ويؤيّد هذا الجواب : أنّه ـ مع وضوح كون حكم الإثم والعدوان متوجّهاً بالفاعل الذي يسند إليه الفعل ـ يكون مفاد الآية بيان حكم زائد ; وهو التحريم المتعلّق بالعون من آخر على ذلك ، ولو كان مفاد الآية بيان حكم متعلّق بعنوان التعاون الذي مرجعه إلى إسناد الفعل الى شخصين وصدوره منهما ، فلا يكون بياناً لحكم زائد ; لأنّ مرجع ثبوت الحكم لعنوان التعاون عدم ثبوت الحرمة للفعل الصادر من واحد منهما ; لأنّه لا يكاد يجتمع ثبوت الحرمة للواحد مع ثبوتها للمشترك ، كما لا يخفى .

نعم ، يمكن ثبوت الحكم للمشترك في بعض الموارد ، كما إذا توقّف حفظ نفس محترمة على عمل شخصين واشتراك رجلين مثلا ، لكنّه لا يكون في هذه الصورة إلاّ حكم واحد . وأمّا في المقام فلا يجتمع الحكم الذي يتحقّق بمخالفته الإثم ، مع كون المنهيّ عنه هو التعاون المتقوّم بشخصين مثلا ، فتدبّر .

(الصفحة 464)

ثمّ إنّ الظاهر أنّ «الإثم» بمعنى مطلق المعصية ، و«العدوان» بمعنى الظلم ، فإن كان معناه مطلق الظلم الشامل للظلم على النفس ، المتحقّق في كلّ معصية يكونان مترادفين ، وان كان معناه خصوص الظلم على الغير والعدوان عليه ، يكون عطفه على الإثم من قبيل عطف الخاصّ على العام ، ولعلّ النكتة فيه أهميّته وكونه من حقوق الناس . ويظهر من مجمع البيان حاكياً عن ابن عباس وأبي العالية وغيرهما من المفسّرين ، أنّ «الإثم» هو ترك ما امرهم الله تعالى به ، و«العدوان» ارتكاب ما نهاهم عنه ; لأنّه مجاوزة ما حدّ الله لعباده في دينهم وفرض لهم في أنفسهم(1) .

وعليه : فالإثم والعدوان كلاهما بمعنى العصيان . غاية الأمر أنّ الأوّل عدميّ والثاني وجوديّ ، ثمّ إنّه يظهر منه أيضاً أنّ قوله تعالى : {وَتَعَاوَنُوا . . .} وإن كان جزءاً من الآية الثانية ، إلاّ أنّه كلام مستقلّ وليس بعطف على ما قبله ، وعليه : فشأن نزول أصل الآية أيّاً ما كان لا يرتبط بهذا الذيل الذي هو كلام مستأنف ، فلا مجال للبحث في أنّ شأن نزول الآية هل يضرّ بحجيّة عموم مفاد الآية أم لا ، كما لا يخفى .

الثاني : الروايات الورادة في الموارد الخاصّة التي تدلّ على حرمة الإعانة على الإثم فيها ، أو على حرمة مصاديق الإعانة وأفرادها ، ولكنّه يستظهر من مجموعها أنّ الملاك هي نفس الإعانة على الإثم بعنوانها الكلّي ، سيّما بالإضافة إلى المعاصي الكبيرة ، وهي كثيرة :

منها : قوله (صلى الله عليه وآله)  : من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة ، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه : آيس من رحمة الله(2) ، ولا شبهة في أنّ الإيعاد سيّـما بهذا النحو يكشف عن الحرمة ، إنّـما الكلام في أنّ المستفاد منه هل هو كون الإعانة على القتل

  • (1) مجمع البيان : 3 / 257 ـ 258 .
    (2) المبسوط : 6 / 285 ، عوالي اللئالي : 2 / 333 ح 48 .

(الصفحة 465)

خصوصاً مع أهميّته حرام ، أو أنّ الملاك مطلق الإعانة على الإثم؟ لا يبعد الاوّل ، وذلك لأنّه لو كان المحمول هي الحرمة ، لأمكن أن يقال بعدم الخصوصية ، ولكنّ المحمول هو الإيعاد الخاصّ الذي لا يثبت في غير القتل ظاهراً ; فإنّ مطلق الإعانة على الحرام لا يكون موضوعاً لمثل هذا الوعيد ، وعليه فالمحمول الكاشف عن الحرمة مختصّ بالموضوع ، ولا يتجاوز عنه ، فكيف يمكن استفادة العموم منه؟

ومنها : قول النبي (صلى الله عليه وآله) في ما حكاه عنه أبو عبد الله (عليه السلام) على ما رواه في الكافي : من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه(1) ، فإنّه يستفاد منه مفروغية حرمة الإعانة على النفس وكونها موجبة لاستحقاق العقوبة ، لكنّه لا يستفاد منها أنّ حرمة الإعانة على نفسه هل هي من جهة كون المحرّم مطلق الإعانة على الإثم ، أو أنّ للإعانة على النفس خصوصية موجبة لحرمتها؟

ومنها : الروايات الكثيرة الواردة في معونة الظالمين في ظلمهم ، وهي من المكاسب المحرّمة المعنونة فيها ، وقد تعرّض لها الشيخ الأعظم (قدس سره) وفصّل الكلام فيها ، ومن جملة الروايات التي أوردها ما عن كتاب الشيخ ورّام بن أبي فراس قال :

قال (عليه السلام)  : من مشى الى ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم فقد خرج من الإسلام(2) .

قال : وقال (عليه السلام)  : إذا كان يوم القيامة ينادى مناد : أين الظلمة وأعوان الظلمة وأشباه الظلمة حتّى من برى لهم قلماً ، ولاق لهم دواة ، فيجتمعون في تابوت من حديد ، ثمّ يرمى به في جهنّم(3) .

وفي النبوي : من علّق سوطاً بين يدي سلطان جائر جعله الله حيّة طولها

  • (1) الكافي : 6 / 266 ح 8 ، تهذيب الأحكام : 9 / 89 ح 376 ، المحاسن : 2 / 387 ح2370 ، وعنها وسائل الشيعة : 24 / 222 ، كتاب الأطعمة والأشرب ، أبواب الأطعمة المحرّمة ب 58 ح 7 ، وفي البحار : 60 / 154 ح 15 عن المحاسن .
    (2 ، 3) تنبيه الخواطر : 54 ـ 55 ، وعنه وسائل الشيعة : 17 / 182 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ب 42 ح15 و 16 .