جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 444)

يكون مستند المجمعين الكتاب والسنّة ، فالإجماع حينئذ لا يكون حجّة برأسه .

الرّابع : بناء العقلاء على الرجوع إلى القرعة في بعض الموارد ، وقد أشرنا(1)إلى أنّ المساهمة المحكيّة في الكتاب في موردين لعلّها كانت هي المساهمة العقلائية الجارية في مثل الموردين ، من اشتباه العبد الآبق على نقل ، أو إشرافهم على الغرق ، فرأوا طرح واحد منهم لنجاة الباقين على نقل آخر ، ومن يتكفّل مريم من الأشخاص المتعدّدين ، فالظاهر ثبوت هذا البناء وعدم الردع عنه في الشريعة ، بل تحقّق الإمضاء بمقتضى الكتاب والسنّة ، لكنّ الكلام في ضابط المورد الذي يرجع فيه العقلاء إلى القرعة ، وسيأتي بيان الضابط في تحقيق مفاد الرّوايات .

المقام الثاني : في بيان مقدار دلالة الأدلّة الورادة في مشروعيّتها ، سيّما مُفاد الطوائف الثلاث من الروايات الواردة فيها .

فنقول : إنّ الذي يظهر بعد التتبّع والتأمّل في غير الطائفة الاُولى من الطائفتين الأخيرتين أنّ مورد القرعة ومحلّ جريانها هو موارد تزاحم الحقوق وعدم ثبوت المرجّح لأحدها على الآخر ، وهذا هو الجامع بين جميع الموارد التي حكم فيها بالقرعة . نعم ، مورد التخلّف فيما ذكرنا إنّما هي مسألة الغنم الموطوءة التي حكم فيها بالقرعة ، مع عدم تحقّق الجامع المذكور فيها .

ولكن يمكن الجواب عنه ـ مضافاً إلى أنّه يمكن فرض تزاحم الحقوق فيها أيضاً ، بأن كان القطيع مركّباً من أغنام أزيد من مالك واحد ، كما كان هو الشائع في تلك الأزمنة ، بل في زماننا هذا أيضاً ـ بأن يقال : إنّ الرواية الدالّة على ثبوت القرعة في المورد المفروض مشعرة بكون هذا المورد أيضاً من موارد تزاحم الحقوق ; لأنّه قد عبّـر فيها ـ بعد الحكم بالقرعة واستخراج الموطوءة بها ـ بأنّه «قد نجت سائرها»; فإنّ نجاة السائر إنّما هي مع التزاحم، كما لا يخفى .

  • (1) في ص 435 ـ 437 .

(الصفحة 445)

نعم ، لابدّ من ملاحظة الطائفة الاُولى الدالّة بظاهرها على أنّ كلّ مجهول ففيه القرعة ، ونقول : إنّ عمدة ما يمكن أن يكون مستنداً للعموم هي رواية محمد بن حكيم المتقدّمة(1) ، وحيث إنّ السؤال فيها ناقص ; ضرورة أنّ السؤال عن الشيء لا ينطبق عليه الجواب بثبوت القرعة لكلّ أمر مجهول ، بل نفس هذا السؤال لا يكاد يصدر من عاقل ، فهذا يكشف عن أنّ السؤال كان عن أمر لم ينقل إلينا ، وحينئذ يبقى احتمال أنّه لو كان السؤال مذكوراً لكان من الممكن أن يكون قرينة على عدم شمول الجواب لجميع الموارد .

هذا ، مع أنّه لو اُغمض النظر عن ذلك نقول : قد عرفت أنّ القرعة ليست أمراً شرعيّاً اخترعه الشارع ، بل كانت معمولا بها عند العقلاء قبل الشرع أيضاً ، وقد عرفت أنّ المساهمة المحكية في الكتاب في موردين كانت هي المساهمة العقلائية ظاهراً ، ومن المعلوم أنّ مورد إجراء القرعة ومحلّها عند العقلاء لا يكون عامّاً شاملا لجميع موارد الاشتباه والجهل ، بل العقلاء يعملون بها في موارد مخصوصة ، والظاهر أنّ ضابطها تزاحم الحقوق ، وبعد ثبوت هذا البناء لا يكاد يفهم من مثل رواية محمد بن حكيم العموم لغير تلك الموارد .

ويؤيّد ما ذكرنا أنّه مع كون هذه الرواية بمرأى ومسمع من الأصحاب ـ بل ادّعي الإجماع على صدور مضمونها من الشيخ(2) والشهيد(3) وغيرهما(4) ، وتمسّكوا بها في غير مورد من مسائل القضاء وأشباهها ـ لم يظهر من أحد منهم التمسّك بها والفتوى بمضمونها في غير موارد تزاحم الحقوق . نعم ، حكي عن ابن

  • (1) في ص 435 ـ 437 .
    (2) الخلاف : 3 / 298 مسألة 8 و ج 6 / 234 مسألة 32 و ص 399 مسألة 24 ، النهاية : 345 ـ 346  .
    (3) القواعد والفوائد : 2 / 22 ـ 23 قاعدة 4 و ص 183 قاعدة 213 .
    (4) السرائر : 2 / 170 .

(الصفحة 446)

طاووس الفتوى بالقرعة في مورد اشتباه القبلة(1) ، ولكنّه من الشذوذ بمكان ، مضافاً إلى كونه مخالفاً للنصّ الوارد في تلك المسألة(2) .

ويؤيّد بل يدلّ على ما ذكرنا ما دلّ على أنّ أصل القرعة من الكتاب ; لأنّه ليس المراد دلالة الكتاب على شرعيّة القرعة ; لأنّه لم يرد فيه كما عرفت(3) إلاّ حكاية المساهمة في موردين ، والحكاية أعمّ ، بل المراد دلالة الكتاب على وجود هذا الأمر وثبوته بين العقلاء ، فلابدّ في تشخيص مورده ومجراه من الرجوع إليهم ، كما لا يخفى .

وأمّا قولهم في مطاوى كتبهم الفقهيّة : «القرعة لكلّ أمر مجهول» أو «مشتبه» فالظاهر أنّ المراد بالأمر فيه هو الأمر الذي يرجع إلى الحاكم ، على ما يشهد به استعمال هذه الكلمة في باب القضاء; فإنّه حيثما يطلق في كتاب القضاء لا يراد منه إلاّ ذلك ، كلفظ «الحكم» المعبّـر به في ذلك الكتاب . ومن هنا يظهر سرّ تقييد الحلّـي في السرائر مورد القرعة بما إذا كان الأمر المجهول مشتبه الحكم(4) ; فإنّ مراده من الأمر المجهول هو الأمر الذي يرجع إلى الحاكم ، ومن الحكم المشتبه هو الحكم الذي هو وظيفة القاضي لا الحكم الشرعي الكلّي .

ويؤيّد أيضاً ما ذكرنا ما ورد ممّا يدلّ على عدم جواز استخراج المجهول بالقرعة لغير الإمام(5) ، الذي يعنى به من يجوز له التصدّي للقضاء ; فإنّ تخصيص

  • (1) الأمان من أخطار الأسفار والأزمان : 93 ـ 95 .
    (2) الكافي : 3 / 285 ح 7 وص 286 ح 10 ، تهذيب الأحكام : 2 / 45 ح 144 ـ 146 ، الاستبصار : 1 / 295 ح 1085 ـ 1087 ، الفقيه : 1 / 179 و 180 ح 845 و 854 ، وعنها وسائل الشيعة : 4 / 307 ، كتاب الصلاة ، أبواب القبلة ب 6 ح 1 و ص 310 ـ 311 ح 1 ـ 5 .
    (3) في ص 435 ـ 436 .
    (4) السرائر : 2 / 173 .
    (5) الكافي : 6/197 ح14 ، تهذيب الأحكام : 6/240 ح592 و ج8/230 ح830 ، وعنها وسائل الشيعة : 23/ 61 ، كتاب العتق ب 34 ح 1 و ج 27 / 259 ، كتاب القضاء ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 13 ح 9 .

(الصفحة 447)

جواز الاستخراج به لا يلائم مع ثبوت القرعة في جميع الاُمور المشتبهة ، بل المناسب له هو اختصاص موردها بموارد تزاحم الحقوق التي لابدّ فيها من الرجوع إلى الحاكم الشرعي لفصل الخصومة ، ويؤيّد ما ذكرنا أيضاً عدم خروج الموارد الخاصّة الواردة فيها القرعة عن الضابطة المذكورة .

وقد انقدح ممّا حقّقناه تمييز موارد القرعة عن غيرها ، وحينئذ يظهر لك أنّه لا يكون لعمومها بالنسبة إلى مواردها تخصيصات كثيرة حتّى يلزم الاستهجان ، ويحتاج في العمل بها إلى عمل الأصحاب ، كما هو المشهور بين المعاصرين وغيرهم(1) ، بل لا يكون لعمومها تخصيص إلاّ في مسألة درهم الودعي ; حيث إنّ مقتضى القاعدة القرعة فيها ، ولكن النصّ الخاصّ قد حكم بالتنصيف(2) .

ثمّ إنّه لو أبيت عمّا ذكرنا من كون المراد بـ «أمر» في الرواية النبويّة(3) وفي قولهم : «كلّ أمر مجهول ففيه القرعة» هو الأمر الذي يرجع فيه إلى الحاكم ; نظراً إلى إطلاق لفظ الأمر في الرّواية والفتوى ، نقول : إنّ المراد بالأمر هل هو الحكم أو الموضوع؟ وتوصيفه بكونه مجهولا هل يراد به الشبهة الحكميّة أو الشبهة الموضوعيّة؟ لا مجال للأوّل ; لأنّ الشبهات الحكميّة وإن كانت في بادئ النظر متّصفة بالجهل والاشتباه ، إلاّ أنّها بلحاظ تبيّن حكمها في لسان الشارع وبيان الوظيفة الشرعيّة فيها ، لا تتّصف بالجهالة والاشتباه ; فإنّ شرب التتن (التبغ) الذي يجري فيه احتمال الحرمة لا يكون مجهولا ; لأنّه قد حكم الشارع بحلّيته بمقتضى

  • (1) الرسائل للإمام الخميني في الاُصول : 1 / 346 ـ 351 ، فرائد الاُصول : 3 / 386 ، كفاية الاُصول : 493 ، أجود التقريرات : 4 / 260 ـ 262 ، نهاية الأفكار : 4 ، القسم الثاني : 107 .
    (2) الكافي : 7 / 58 ح 5 ، الفقيه : 4 / 174 ح 610 ، تهذيب الأحكام : 9 / 162 ح 666 ، وعنها وسائل الشيعة : 19 / 323 ، كتاب الوصايا ب 25 ح 1 و ج 23 / 184 ، كتاب الإقرار ب 2 ح 1 .
    (3) تقدمت في ص 438 .

(الصفحة 448)

أصالة الحلّية الجارية في مثله ، وكذا صلاة الجمعة التي يجري فيها استصحاب الوجوب فرضاً بمقتضى قوله (عليه السلام)  : لا تنقض اليقين بالشكّ(1) ، لا تكون مشتبهة بوجه ، وهكذا .

وإن شئت قلت : إنّ الجهل في المثالين إنّما هو بالإضافة إلى الحكم الواقعي ، وأمّا بلحاظ الوظيفة الشرعيّة فالحكم معلوم لا يجري فيه جهالة ، ولا مجال لدعوى كون المراد من الجهل في الرواية النبويّة وفي الفتاوى هو الجهل بالحكم الواقعي بعد إطلاق الجهل وعدم تقييده به . ويؤيّد ما ذكرنا التعبير بالأعضال في بعض الروايات(2) الذي لا يبقى له مجال مع وضوح الوظيفة الشرعيّة ولو بحسب الحكم الظّاهري ، فالشبهة الحكميّة خارجة عن مُفاد العبارة .

وأمّا الشبهة الموضوعيّة ، فإن كانت بدوية ، فالحكم فيها معلوم غير مجهول أيضاً ; سواء كان هي البراءة أو الاحتياط ، وإن كانت مقرونة بالعلم الإجمالي ، فهي أيضاً حكمها معلوم ; سواء كان الشبهة محصورة أم غير محصورة ; لأنّ الحكم في الأوّل هو الاحتياط على ما هو المشهور(3) ، والبراءة على غيره ، وفي الثاني هو البراءة على المشهور(4) أيضاً ، فلم يبق لنا إلاّ موارد تزاحم الحقوق في الشبهة الموضوعيّة التي لم يبيّن حكمها في الشريعة ، فإذا دار أمر مال بين أن يكون لزيد أو لعمرو ، وأقام كلّ واحد منهما بيّنة على مدّعاه ، فهذا هو الأمر المجهول والمشتبه والمعضل ، الذي لا محيص فيه عن إعمال القرعة والرجوع إليها ; لعدم بيان حكمه في شيء من أدلّة الأمارات الشرعيّة والاُصول المعتبرة بوجه .

  • (1) تهذيب الأحكام : 1 / 8 ح 11 ، وعنه وسائل الشيعة : 1 / 245 ، كتاب الطهارة ، أبواب نواقض الوضوء ب1 ح1 .
    (2) تقدم في ص 438 .
    (3) فرائد الاُصول : 2 / 210 .
    (4) نهاية الأفكار : 3 / 328 و 331 .