جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 58)

فالشارب هو المكره ـ بالفتح ـ لكن حديث رفع الإكراه(1) بمقتضى حكومته على دليل الحرمة وعلى دليل ترتّب الحدّ ، يرفع كلا الأمرين ، وفي المقام أيضاً مقتضى قاعدة الإتلاف ثبوت الضمان على المكره المتلف ، لكن دليل رفع الإكراه يرفع الحكم الوضعي كما يرفع الحكم التكليفي .

وممّا ذكرنا يظهر أنّ بطلان معاملات المكره ليس لأجل عدم صدور المعاملة منه ، وعدم استناد المعاملة إليه ، بل لأجل اعتبار طيب النفس في المعاملة ، وهو لا يجتمع مع الإكراه بوجه ، كما أنّ إسناد هدم الدار إلى المكره في المثال ليس لأجل الإكراه ، بل لأجل كون الخدّام والغلمان بمنزلة الأدوات والآلات ، فتدبّر . ولكن مقتضى ما ذكرنا في الإكراه ، عدم ثبوت الضمان عليه أيضاً ; لعدم استناد الإتلاف إليه ، فالمكره ـ بالفتح ـ لا يكون ضامناً ; لاقتضاء حديث رفع الإكراه لعدم ضمانه ، والمكره ـ بالكسر ـ لا يكون ضامناً ; لعدم استناد الإتلاف إليه ، بل هو فعل اختياري صادر عن المكره ، وإن كان صدوره لأجل الإكراه .

ولا مجال لدعوى عدم تحقّق الضمان في صورة الإكراه أصلا بعد تحقّق إتلاف مال الغير وسببيته للضّمان ، ولأجله يشكل الحكم في باب الإكراه .

ثم إنّه لابدّ في توضيح هذا التفصيل من بيان أنّ مسألة شاهدي الزور التي حكم فيها بضمانهما مع كون المباشر للقتل هو الحاكم أو من يأتمر بأمره من الفاعل المختار ، تكون من مصاديق الغرور ، فقرار الضمان فيها على الغارّ وهو الشاهدان ، كما لا يخفى .

ثمّ إنّ في هذه المسألة ـ وهي مسألة اجتماع السبب والمباشر ـ فروعاً كثيرة

  • (1) الكافي : 2 / 462 ح 1 و 2 ، التوحيد : 353 ح 24 ، الخصال : 417 ح 9 ، الفقيه : 1 / 36 ح 132 ، وعنها وسائل الشيعة : 7 / 293 ، كتاب الصلاة ، أبواب قواطع الصلاة ب 37 ح 2، و ج 8 / 249 ، كتاب الصلاة ، أبواب الخلل ب 30 ح 2، و ج 15 / 369 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ب 56 ح 1 ـ 3 .

(الصفحة 59)

مذكورة في الكتب الفقهية ، وقد وقع في بعضها الاختلاف من جهة كون الضمان على السبب أو على المباشر ، ولا بأس بالتعرض لجملة منها :

منها : أنّه قال في الشرائع : لو ألقى صبيّاً في مسبعة ، أو حيواناً يضعف عن الفرار ، ضمن لو قتله السّبع(1) ، وذكر الصبي بقرينة توصيف الحيوان بأنّه يضعف عن الفرار ، إنّما هو لعدم قدرته على الفرار نوعاً ، لا لخصوصية فيه غير هذه الجهة ، ضرورة أنّه لا فرق في الحرّ بين الصغير والكبير ، وعلى ما ذكرنا فمنشأ الحكم بالضمان في هذا الفرع هي قاعدة الإتلاف المبحوث عنها في المقام ، ونظر المحقّق (قدس سره) إلى أنّ الإتلاف ـ مع فرض ضعف الصبي والحيوان عن الفرار ، وكون المباشر للقتل هو السبع الذي لا معنى لثبوت الضمان عليه ـ يستند إلى الإنسان الملقي ، فهو القاتل عن عمد واختيار ، ويترتّب على عمله القصاص مع إلقاء الصبي ، وضمان القيمة مع إلقاء الحيوان ، فمنشأ هذا الحكم هو أقوائية السبب من المباشر ، وثبوت الضمان على السبب .

ومنها : ما ذكر في الشرائع أيضاً من أنّه لو غصب شاة فمات ولدها جوعاً ، ففي الضمان تردّد ، وكذا لو حبس مالكَ الماشية عن حراستها فاتّفق تلفها ، وكذا التردّد لو غصب دابّة فتبعها الولد(2) ، والفتاوى فيه مختلفة ; فبعضهم يحكم بالضمان(3) ، وبعضهم يحكم بالعدم(4) ، وصاحب الشرائع يتردّد .

ربما يقال ـ بعد أنّه لا دليل على ضمان التسبيب بعنوانه ـ : إنّه لابدّ من ملاحظة العناوين التي اُخذت موضوعاً للحكم بالضمان في الرّوايات المتقدّمة ، وهي ثلاثة :

  • (1) شرائع الإسلام : 3 / 237 .
    (2) شرائع الإسلام : 3 / 237 ـ 238 .
    (3) الدروس الشرعية : 3 / 107 ، الروضة البهية : 7 / 25 ، حاشية الإرشاد (المطبوع مع غاية المراد): 2 / 393 .
    (4) مسالك الأفهام : 12 / 169 .

(الصفحة 60)

أحدها : عنوان «كلّ شيء يضرّ بطريق المسلمين»، وهذا العنوان غير متحقّق في شيء من هذه الموارد ، إلاّ أن يقال : إنّه لا خصوصيّة للطريق ، بل المناط هو الإضرار بالمسلمين ، وهو غير معلوم ، خصوصاً مع الإضافة إلى المسلمين وعدم اختصاص القاعدة بهم .

ثانيها : عنوان «من حفر بئراً في الطريق أو في ملك غيره»، وهذا أيضاً غير متحقّق في المقام ، إلاّ أن يقال : إنّه لا خصوصية لحفر البئر ، بل المراد إيجاد ما هو سبب تلف مال الغير في العادة ، مع وقوع التلف فعلا وترتّبه على السّبب .

ثالثها : ما جعل موضوعاً للضمان من الاُمور الخمسة في خبر السكوني المتقدّم ، مثل إخراج الميزاب أو الكنيف ، ويستظهر منه قاعدة كلّية ; وهي : أنّ كلّ فعل صدر من فاعل عاقل مختار ، وكان سبباً في العادة لوقوع تلف في مال المسلمين أو في أنفسهم ، ولم يتوسّط بين ذلك الفعل والتلف فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار ، بحيث يكون التلف مستنداً إليه عند العرف والعقلاء ، فهو ـ أي فاعل السبب ـ ضامن ، وهذا استظهار لا قياس .

وعليه : يكون الحكم في الموارد الثلاثة هو الضمان ، إلاّ أن يناقش في سند هذه الرواية ; لاشتراك السكوني بين من هو موثوق به ، إن كان المراد به إسماعيل بن مهران ، وغير موثوق ، إن كان المراد به هو إسماعيل بن أبي زياد ; فإنّه عامي(1) .

أقول : الظاهر أنّه لا اختلاف بين العنوان الثالث المذكور في خبر السكوني مع العنوان الأوّل ; فإنّ الاُمور الخمسة في خبر السكوني مقيّدة بالوقوع في طريق المسلمين ; ضرورة أنّ قوله (صلى الله عليه وآله)  : «في طريق المسلمين» ـ بعد الأمر الخامس ـ متعلّق بجميع الاُمور الخمسة ، لا بخصوص الأمر الخامس ، وعليه: فيتّحد العنوانان ، وقد

  • (1) القائل هو المحقّق البجنوردي في قواعده الفقهيّة : 2 / 38 ـ 39 .

(الصفحة 61)

اعترف بأنّه لا مجال لنفي الخصوصية عن الطريق ، خصوصاً بعد ما أضفنا إليه من الإضافة إلى المسلمين ، وعدم اختصاص القاعدة بخصوصهم ، فهذان العنوانان المتحدان لا ينطبقان على المقام بوجه .

وأمّا العنوان الثاني ، فبعد عدم انطباقه بنفسه على المقام ، لابدّ في الحكم بالضمان من التوسّل إلى دعوى أنّه لا خصوصية لحفر البئر المذكور في دليله ، ولا مجال لهذه الدعوى . أمّا في صورة حفر البئر في الطريق ، فلما عرفت من أنّه لا وجه لإلغاء خصوصية الطريق . وأمّا في صورة حفر البئر في ملك الغير ; فلأ نّه لا وجه لإلغاء الخصوصية منه ; فإنّه لو فرض أن أوثق دابّته في ملك الغير فتحقّق بسببه تلف مال أو نفس ، هل يمكن الالتزام بالضمان فيه؟ فالإنصاف أنّ في الضمان في المقام تردّداً كما في الشرائع . الاّ أن يقال بعدم اختصاص كون العناوين المأخوذة في الروايات موضوعةً للحكم بالضمان بالعناوين الثلاثة المذكورة في كلام القائل ; فإنّه حكم فيها بضمان مثل شاهدي الزور أيضاً ، ويمكن أن يقال بأ نّه لا فرق بينهما وبين المقام ; فكما أنّ شهادتهما صارت موجبة لقتل المشهود عليه ، كذلك غصب الشاة مثلا صار سبباً لموت ولدها ، وعليه فيمكن استفادة الحكم بالضمان في المقام ممّا ورد في شاهدي الزور ، فتدبّر .

ومنها : ما قاله في الشرائع أيضاً : من أنّه لو فكّ القيد عن الدابّة فشردت ، أو عن العبد المجنون فأبق ; ضمن ; لأنّه فعل يُقصد به الإتلاف ، وكذا لو فتح قفصاً عن طائر فطار ، مبادراً أو بعد مكث(1) .

ولعلّ الوجه في الضمان فيه أولويته من الضمان في شاهدي الزور ; فإنّه قد تحقّق فيه مباشرة القتل بفعل فاعل مختارِ ، ولكن حكم فيه بضمان السبب ، وفي مثل المقام لم يتوسط بين فكّ القيد وفتح القفص فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار ، بل كان

  • (1) شرائع الإسلام : 3 / 238 .

(الصفحة 62)

الفاعل حيواناً ، خصوصاً إذا كان وحشيّاً أو عبداً مجنوناً ، فالضمان في المقام أولى .

ومنها : ما في الشرائع أيضاً : من أنّه لو فتح باباً على مال فسرق ، أو أزال القيد عن عبد عاقل فأبق ، وكذا لو دلّ السارق على مال فسرق ، فلا ضمان في الجميع(1) . وحكى في الجواهر(2) عن العلاّمة في الإرشاد(3) القول بالضمان فيما لو دلّ السارق ، والظاهر أنّه لم يوافقه فيه أحد .

والوجه في عدم الضمان عدم استناد السرقة في المثالين ، وكذا الإباق ، إلاّ إلى الفاعل العاقل المباشر عن عمد واختيار ، ولا يستندان إلى الفاتح والدالّ ومزيل القيد بوجه ، فلا مجال للحكم بالضمان بالإضافة إليهم .

ثم إنّ في الشرائع(4) وكذا في الجواهر(5) فروعاً كثيرة اُخرى يظهر حكمها ممّا تقدّم ، هذا كلّه فيما إذا كان السّبب واحداً . وأمّا إذا كان السبب متعدّداً ، فإن كانا أو كانوا في عرض واحد من دون ترتّب وطوليّة ، ففي موارد الحكم بضمان السبب يشتركان أو يشتركوا في الضمان ، فإذا حفر جماعة بئراً في طريق المسلمين ، فوقع فيها دابّة مثلا ، يشتركون في ضمانها ، وإذا كان هناك ترتّب وتقدّم وتأخّر ، فمقتضى ثبوت الضمان على السبب ثبوته على أوّل السببين أو الأسباب ; لعين ما دلّ على ثبوته على أصل السّبب ، فلو حفر زيد بئراً في الطريق ، ووضع عمرو حجراً على حافّة تلك البئر ، فشردت دابّة بسبب ذلك الحجر ووقعت في البئر ، فالضمان على الحافر دون واضع الحجر ، كما لا يخفى .

هذا تمام الكلام في قاعدة الإتلاف.

  • (1) شرائع الإسلام : 3 / 238 .
    (2) جواهر الكلام : 37 / 68 .
    (3) إرشاد الأذهان : 1 / 444 .
    (4) شرائع الإسلام : 3 / 238 .
    (5) جواهر الكلام : 37 / 69 ـ 71 .