جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 357)

المنظورة للمولى .

وأمّا في المقام ، فالمفروض أنّ الغرض من أمر الولي ليس تحقق الصلاة من الطفل ، بل الغرض تحقق التمرين والتعويد ، وفي الحقيقة يكون المأمور به ذلك ، والمصلحة قائمة به ، إلاّ أن يقال بعدم تحقّق التمرين والعادة بمجرّد أمر الولي الطفل بالصلاة مثلا ، فإنّه إذا لم تتحقق من الطفل الموافقة لأمر وليّه والصّلاة مكرّراً ، لا تتحقق العادة بوجه .

وعليه : فالعادة حاصلة بفعل الطفل ، فإذا فرض قيام المصلحة بها ، ففي الحقيقة يكون فعل الطفل مشتملا على المصلحة ، لا بعنوان الصلاة ، بل بعنوان العادة وحصول الاعتياد ، لكنّه يرجع أيضاً إلى عدم كون الصلاة ذات مصلحة ، فلا تكون شرعيّة ، فتدبّر .

الثالث : أنّ عبادات الصبيّ شرعية تمرينيّة لا أنّها شرعية أصليّة ، والمراد بذلك أنّ إتيان الصبي لها مطلوب للشارع لا لأنفسها ، بل لحصول التعوّد والتمرّن على العمل بعد البلوغ ، فصلاة الصبي فيها جهتان :

جهة كونها صلاة ، وهذه الجهة ملغاة في الصبي ، لا فرق بين كونها صلاة أو قياماً أو نوماً أو نحو ذلك في أنّه لا رجحان فيها بالإضافة إليه ، ولا يترتّب عليها أجر من هذه الجهة .

وجهة كونها تعوّداً علي شيء يكون مطلوباً بعد البلوغ وإن كان لاغياً الآن في حدّ ذاته ، وهذه الجهة مطلوبة للشارع ويترتّب عليها الثواب ، ففي الحقيقة يكون الطفل مأموراً بالتمرّن والتعوّد ويثاب عليه ، لا على أصل العبادة . حكي هذا القول عن جماعة من المتأخّرين ، منهم : الشهيد الثاني(1) ، وربما يظهر من المحكي عن

  • (1) الحاكي هو السيد عبد الفتاح المراغي في العناوين : 2 / 666 ، ولكن لم نجده عن الشهيد الثاني عاجلا فيراجع المسالك وروض الجنان وغيرهما .

(الصفحة 358)

بعضهم تنزيل كلام المشهور أيضاً على ذلك لا الشرعية بالمعنى الأوّل(1) .

والثمرة بين هذا القول والقول الثاني ـ بعد اشتراكهما في بطلان عبادة الصّبي ، وعدم إمكان رعاية قصد الامتثال فيها ; لعدم رجحانها بالإضافة إليه أصلا ـ تظهر في ترتّب الثواب وحصول الأجر للصبي وعدمه ; فإنّه بناءً على القول الثاني يكون الصبيّ بعيداً عن الثواب بمراحل ; لعدم تعلّق خطاب إليه بوجه ، غاية الأمر كون الوليّ مستحقّاً للثواب إذا أمر الصبي بالعبادة وحمله عليها .

وأمّا بناءً على القول الثالث فالصبيّ يستحق الثواب باعتبار التمرّن والتعوّد لكونه مأموراً به بالإضافة إليه . ولا ينافي استحقاق الولي من جهة موافقة الأمر بالتمرين والتعويد . نعم ، لا يستحق الصبيّ ثواباً من جهة أصل العبادة وتحقق الصلاة والصيام ونحوهما .

وأمّا الفرق بين هذا القول والقول الأوّل المبنيّ على الشّرعية الأصلية ـ بعد اشتراكهما في استحقاق الصبي للثواب والأجر ، غاية الأمر أنّ استحقاقه له في الأوّل إنّما هو لأجل تحقّق العبادة المطلوبة منه ، ولأجل الإتيان بالصلاة الصحيحة مثلا ، وفي الثاني إنّما هو لأجل التمرّن والتعوّد لا لحصول الصلاة ـ فهو أنّ العبادة بناءً على القول الأوّل تكون متصفة بالصّحة لاجتماعها لجميع الشرائط المعتبرة فيها ، فيجوز أن تقع نيابة عن الغير حيّاً كان أو ميّتاً ، وسواء كانت في مقابل الاُجرة أو بدونها .

وأمّا بناءً على القول الثالث فلا تتصف بالصّحة أصلا ; لعدم كونها ذات مصلحة ومطلوبة للشارع ، والغرض حصول التمرّن والتعوّد ، وهو يتحقق بالمباشرة ولا يكون قابلا للنيابة بوجه ، ولا يكون في أصل الفعل ثواب قابل للرجوع إلى شخص آخر ، فلا يمكن أن تقع نيابة عن الغير مطلقاً .

  • (1) العناوين : 2 / 666 .

(الصفحة 359)

وربما يقال بظهور الثمرة في نيّة العبادات الواجبة ، فعلى التمرين ينوي الوجوب ، وعلى الشرعية ينوي الاستحباب ; لأنّه بناءً عليها يكون جميع العبادات مستحبّة بالإضافة إلى الصّبي .

ولكنّ الظاهر أنّه بناء على الّتمرين لا يلزم نيّة الوجوب ; لأنّه وإن كان بناءً عليه يكون المطلوب حصول صورة العمل بالنحو الذي يقع من البالغ ، إلاّ أنّ لزوم نيّة الوجوب ممنوعة ; لأنّ الغرض حصول التمرين العملي ليسهل عليه الإتيان به بعد البلوغ ، ولا دخالة للنيّة في ذلك ، فتدبّر .

الرّابع : أنّ عبادات الصبي شرعية فيها ثواب أصل العمل ، مثل ثواب عمل البالغ ، لكنّه في الصبي يرجع الثواب إلى الولي ولا يستحقّه الصغير بوجه .

الخامس : التفصيل بين العبادات الواجبة كالفرائض اليوميّة ، وبين العبادات المستحبة كصلاة الليل ، بالقول بالشرعيّة في الثانية وعدمها في الاُولى .

الجهة الثانية : في أدلّة الأقوال والاحتمالات المذكورة في الجهة الاُولى . فنقول : أمّا دليل القول الثاني ، وهو عدم المشروعيّة وكون عباداته تمرينيّة صرفة لا يترتّب عليها ثواب بالإضافة إلى الصغير أصلا ـ فمضافاً إلى أصالة عدم ترتّب الثواب إلاّ بالدليل وهو منتف ، وانصراف الأدلّة العامّة الواردة في التكاليف مطلقاً عن الصّبي واختصاصها بالبالغ ، ووضوح تقيّد بعض الأحكام قطعاً بالبلوغ ; كالواجبات والمحرّمات من جهة الإيجاب والتحريم ـ حديث «رفع القلم عن الصّبي» المعروف المعتمد عليه عند العامّة(1) والخاصّة(2) .

  • (1) السنن الكبرى للبيهقي : 6 / 327 ح 8391 ، سنن الدارقطني : 3 / 102 ح 3240 ، سنن الترمذي : 4 / 32 ح 1427 ، الحاوي الكبير : 9 / 485 ، المغني لابن قدامة : 10 / 88 وغيرها .
    (2) تقدم في ص 347 .

(الصفحة 360)

وتقريب دلالته : أنّ ظاهر الحديث رفع قلم مطلق التكليف ، أعمّ من الوجوب والاستحباب والحرمة والكراهة ، بل المباح أيضاً ، فالمعنى : أنّ القلم الجاري الموضوع على المكلّفين المتضمّن لثبوت التكليف عليهم فهو مرفوع عن الصبي حتى يحتلم ، وليس فيه إشعار ـ فضلا عن الدلالة ـ بأنّ المرفوع خصوص قلم التكليف الإلزامي وجوباً أو تحريماً ، بل المرفوع جميع الأحكام الخمسة التكليفيّة الثابتة على البالغ ، حتى الإباحة بعنوان أنّها حكم شرعيّ جرى عليها القلم .

ومنه يظهر أنّه لو نوقش في انصراف الأدلّة العامّة عن الصبي ، وقيل : بأنّ مقتضى عمومها الشمول له أيضاً ، لكان مقتضى قاعدة التخصيص حملها على خصوص البالغ ; لأنّ حديث «رفع القلم» بمنزلة المخصّص لتلك الأدلّة ويوجب اختصاصها بالبالغ .

ولو فرض كون النسبة بين بعض تلك الأدلّة ، وبين حديث «رفع القلم» عموماً من وجه ، كقوله : من قرأ سورة الفاتحة فله كذا وكذا من الأجر ، فإنّ النسبة بينه وبين الحديث عموم من وجه ; لاختصاص هذا القول بقراءة سورة الفاتحة ، وعمومه بالنسبة إلى الصبي ، واختصاص حديث الرفع بالصبي ، وعمومه لغير قراءة سورة الفاتحة ،فلاشك في عدم تحقّق التعارض ; لأنّ حديث «رفع القلم» حاكم على ذلك القول ، كحكومة حديث الرفع(1) المعروف على الأدلّة الأوّلية ، كما لايخفى .

فالنتيجة على جميع التقادير لزوم الأخذ بحديث «رفع القلم» ، والحكم بعدم ثبوت شيء من التكاليف الخمسة في حقّ الصبي ، والثواب الموجود في البين لا يرتبط بالصبي أصلا ، بل بالوليّ بعنوان كونه مأموراً بتمرينه وتعويده ، فعباداته لا تكون شرعيّة بل تمرينيّة صرفة .

  • (1) تقدم في ص 58 .

(الصفحة 361)

ويظهر الجواب عن دليل هذا القول بما سنذكره من أدلّة القول بالمشروعيّة الأصليّة ، فنقول :

أمّا ما يدلّ عليها فاُمور متعدّدة :

أحدها : ما دلّ من العمومات في الكتاب والسّنة على ترتّب الثواب على الأفعال ، كقوله تعالى : {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}(1) وقوله (عليه السلام)  : من صام يوم كذا فله من الأجر كذا وكذا(2) ; فإنّ سياقها مثل سياق «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» ، فكما أنّ الثاني لا يختصّ بالبالغ ; لما عرفت من عدم اشتراط الأحكام الوضعيّة بالبلوغ(3) ، كذلك لا ينبغي دعوى اختصاص الأوّل بالبالغ ، ودعوى الانصراف ممنوعة ، وعلى تقديره لا فرق بين المقامين كما هو ظاهر .

ثانيها : عموم الأدلّة الواردة في التكاليف الشامل للصبي أيضاً ، ولا مجال لادّعاء الانصراف فيها أصلا ، والقدر المسلّم ثبوت التخصيص بالإضافة إلى الأحكام الوجوبيّة والتحريميّة ، من جهة عدم ثبوت إلزام من ناحية الشارع على الصبي غير البالغ . وأمّا ثبوت التخصيص في أدلّة سائر الأحكام فغير حاصل ، وفي أدلّة الحكمين أيضاً بالإضافة إلى المشروعيّة والرجحان زائدة على اللزوم .

وأمّا حديث «رفع القلم» ، فإن اُخذ بمقتضى ظاهره فاللازم الحكم بعدم ثبوت الأحكام الوضعيّة في حقّ الصبي أيضاً ; لأنّ القلم المرفوع أعمّ من قلم الحكم التكليفي والحكم الوضعي ; لأنّ الضمان في مورد الإتلاف مثلا مجعول كالوجوب في مورد الصلاة ، ولا مجال لدعوى التخصيص فيه ; لعدم ملاءمة سياقه للتخصيص أصلا .

  • (1) سورة الأنعام 6 : 160 .
    (2) وسائل الشيعة : 10 / 471 ، كتاب الصوم ، أبواب الصوم المندوب ب 26 .
    (3) في ص 345 ـ 352 .