جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 292)

الضمان ، لا يصحّ الحكم بعدم الضمان بصرف هذا الاستحسان(1) .

وأنت خبير بأنّ اتلاف مال الغير لا يجتمع مع الإحسان . نعم ، في ما إذا لم يكن الإتلاف عن عمد والتفات يمكن الاجتماع ، وكذلك التعدّي والتفريط لا يجتمعان مع الإحسان ، والمراد بالإذن إن كان أعمّ من المالك والشارع لا يتحقّق مورد من موارد الإحسان يكون خالياً عن إذن واحد منهما ، كما لا يخفى .

وعلى ما ذكرنا يرد على هذا الوجه أنّ الحكم بعدم الضمان في غير مورد الإتلاف والتعدّي والتفريط لا يكون مستنداً إلى قاعدة الإحسان ، بل إلى عدم الدليل على الضمان ; لاختصاص قاعدة ضمان اليد بغير اليد المأذونة من قبل المالك أو الشارع ، ولا دليل على الضمان غير هذه القاعدة .

نعم ، لو فرض عنوان موجب للضمان ومجتمع مع عنوان الإحسان كالإتلاف في حال النوم مثلا في الموارد المذكورة ، لا مانع من الحكم فيه بعدم الضمان وإن كان مقتضى قاعدة الإتلاف ثبوته ; لأنّ حكم العقل بعدم مكافأة الإحسان بالإساءة والتغريم حكم عقليّ قطعي ، ولا مجال لدعوى كونه من الظنون الاستحسانية غير القابلة لإثبات الحكم أو نفيه .

الثالث : الإجماع(2) على ثبوت هذه القاعدة على ما يظهر من تتبّع كلمات الأصحاب ; فإنّ الفقهاء يستدلّون بها في كتبهم وفتاويهم في موارد كثيرة ، فتراهم يستدلّون بها على عدم ضمان المستودع إذا كان المال عنده في مكان معدّ للحفظ ومناسب له ، ثمّ غيّر مكانه إلى مكان آخر يعتقد أنّه أحفظ من المكان الأوّل ، ولكنّه قد انكسرت الوديعة أو تلفت في حال النقل ; نظراً إلى كونه محسناً في هذا النقل ،

  • (1) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 4 / 13 .
    (2) جواهر الكلام : 27 / 146 ـ 147 .

(الصفحة 293)

ولا معنى لثبوت الضمان عليه للقاعدة(1) ، وهكذا الموارد الاُخرى الكثيرة التي حكم فيها بعدم الضمان معلّلا بالقاعدة(2) .

ولكنّ الظاهر عدم اتّصاف الإجماع بالأصالة والكاشفية عن رأي المعصوم (عليه السلام)  ، بل استناده إلى الآية الشريفة كما يصرّحون به كثيراً ، ويؤيّده تعبيراتهم المقتبسة من الآية من الإحسان والسبيل وغيرهما ، فالإجماع لا يكون حجّة برأسه في مقابل الآية ، كما لا يخفى .

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا في هذا الموقف أنّه لا مجال للإشكال في القاعدة من حيث المدرك والمستند .

الموقف الثاني : في بيان المراد من هذه القاعدة وشرح معناها ، والعمدة في هذا الموقف أيضاً ترجع إلى توضيح المراد من الآية الشريفة(3) ، فنقول : التكلّم في الآية من جهتين :

الجهة الاُولى : في بيان المراد من مفردات الآية ; وهي عنوان الإحسان ومفهوم السبيل ، وكلمتا «ما» و«على» فنقول :

لا إشكال في أنّ «ما» نافية ، والغرض منها إفادة نفي السبيل وعدم ثبوته على المحسن ، كما أنّ كلمة «على» للضرر ، ومرجعها إلى عدم ثبوت سبيل وحكم يوجب تضرّر المحسن والإساءة إليه المقابلة للإحسان .

وأمّا «السّبيل» فقد عرفت أنّه بلحاظ موارد الآيات وشأن نزولها يشمل العذاب الاُخروي والعقوبة في عالم الآخرة ، ولكنّه لا يختصّ بها ; لأنّ المورد لا يكون مخصّصاً ، بل قوله تعالى : {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيل} واقع في مقام إفادة

  • (1) مسالك الأفهام : 5 / 117 ـ 118 .
    (2) جامع المقاصد : 6 / 157 ، تذكرة الفقهاء : 2 / 256 ط الحجري .
    (3) سورة التوبة 9 : 91 .

(الصفحة 294)

قاعدة كلّية وضابطة عامّة ، غاية الأمر لابدّ وأن يكون شاملا للمورد ; وهو العذاب الاُخروي لئلاّ يلزم الاستهجان ، فالسبيل له معنى عامّ يشمل ذلك ، والتكاليف الشاقّة ، والأحكام الضرريّة الدنيوية ، مثل الضمان والتعزير وشبههما .

وأمّا الإحسان ، فهل المراد منه خصوص جلب المنفعة ، أو خصوص دفع المضرّة ، أو يعمّ كلاهما؟ وجوه واحتمالات ، ربّما يقال بالثاني كما حكاه صاحب العناوين عن شيخه الاُستاذ(1) ، ولكنّه اختار نفسه الوجه الثالث ; نظراً إلى شمول اللفظ لكليهما ، بل ربما يكون صدقه على إيصال النفع أوضح وأظهر من صدقه على منع المضرّة ودفعها .

والظاهر أنّه لا مجال للإشكال في العموم والشمول بمقتضى مفهوم اللفظ ومعنى الإحسان ، ولكنّه هنا موارد قد حكموا فيها بالضمان ; وهي من موارد جلب المنفعة ; كما إذا أخذ دابّته بغير إذنه وذهب بها إلى المرعى لأن ترعى فيه ، أو نقل متاعه كذلك إلى مكان للبيع بالثمن الأوفى ، أو أخذ ماله كذلك للاسترباح به ، ونحو ذلك ; فإنّه يكون مشتملا على جلب المنفعة ، ومع ذلك قد حكموا فيها بالضمان ; لأنّ الإستيلاء على مال الغير كان بغير إذنه ، فإن قلنا بأنّها من موارد قاعدة الإحسان يلزم الإلتزام بالتخصيص في مفادها ، وسياقها آب عن التخصيص ، فاللاّزم بعد ثبوت الضمان فيها وعدم جريان المناقشة فيه الالتزام بخروجها عن عنوان الإحسان المذكور في الآية الشريفة .

نعم ، ربما يقال : إنّ كون وضع اليد على مال الغير إحساناً ، إنّما يكون كذلك في صورة دفع المضرّة ، أمّا في صورة جلب المنفعة فليس إثبات اليد جلب نفع ، بل إيصال النفع إنّما هو بشيء آخر ، فيتعلّق الضمان بإثبات اليد ، ولا ينفع بعد ذلك الإحسان المتأخّر .

  • (1) العناوين : 2 / 477 .

(الصفحة 295)

ويرد عليه ـ مضافاً إلى النقض بدفع المضرّة ; فإنّ المال قد يؤخذ من يد السارق مثلا ، وقد يؤخذ من مكان يجري فيه احتمال السّرقة بعداً ، والفرض الثاني مماثل للأمثلة المذكورة في جلب المنفعة ـ : أنّ الإثبات بقصد الإحسان المتأخّر نفسه إحسان ، كما لا يخفى .

ثمّ إنّه هل يعتبر في مفهوم الإحسان مجرّد القصد إليه واعتقاد كون عمله إحساناً وإن لم يكن في الواقع كذلك ، أو يعتبر الواقع ; بأن يكون العمل بحسب الواقع دفع مضرّة ومنعها ، أو يعتبر الأمران معاً ، فلا يتحقّق الإحسان إلاّ بعد كونه بحسب الواقع كذلك ، وكان اعتقاده مطابقاً للواقع ، فلو سقى الدابّة بلحاظ كونها عطشى وكانت في الواقع كذلك ، يكون هذا السقي متّصفاً بالإحسان ، فلو تلفت الدّابة في حال السقي مثلا لا يكون على الساقي المحسن ضمان ، وهذا بخلاف ما لو اختلّ أحد الأمرين من الاعتقاد والواقع؟ وجوه واحتمالات .

يظهر ثالثها من صاحب العناوين(1) ، وثانيها من المحقق البجنوردي ، وقد استدلّ الأخير بأنّ الظاهر من العناوين والمفاهيم التي اُخذت موضوعاً للحكم الشرعي هو واقعها والمعنى الحقيقي لها ، ولا شك في أنّ العرف لا يفهم من لفظ الإحسان غير ما هو المعنى الحقيقي له(2) .

أقول : لا خفاء في كون الظاهر من العناوين هو المعنى الحقيقي لها ، إنّما البحث في ذلك المعنى الحقيقي ، وأنّه هل يعتبر فيه القصد والاعتقاد كالعناوين القصدية التي تكون معانيها الحقيقية متقوّمة بالقصد ، أو يعتبر فيه واقع دفع المضرّة ومنعها وإن لم يكن مقصوداً بل ولا معتقداً به بوجه ، أو يعتبر فيه كلا الأمرين؟ هذا ، والظاهر بحسب نظر العرف هو الأخير ، أمّا اعتبار مصادفة الواقع فلا شبهة فيه ، غاية الأمر

  • (1) العناوين : 2 / 477 ـ 478 .
    (2) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 4 / 12 .

(الصفحة 296)

أنّه مع عدم المصادفة ربما يكون معذوراً ، ولا يعدّ محسناً .

وأمّا اعتبار القصد فالظاهر أنّه أيضاً كذلك ; لأنّ العرف لا يرى غير القاصد للإحسان ، بل القاصد للإساءة محسناً بمجرّد مصادفة الواقع ، فلو كان السقي في المثال المذكور دفع مضرّة بحسب الواقع وإساءة بحسب القصد والاعتقاد ، هل يكون السّاقي عند العرف محسناً؟ الظاهر لا ; فالعرف يرى اعتبار كلا الأمرين ، ولا يكتفي بوجود واحد منهما ، كما لا يخفى .

الجهة الثانية : في بيان المراد من مجموع الجملة الواقعة في الآية .

فنقول : الظاهر أنّ هذه الآية كآية نفي السبيل للكافرين على المؤمنين(1) واقعة في مقام الإنشاء ، وحاكية عن عدم جعل السبيل على المحسن في الشريعة وإن كانت خالية عن لفظ الجعل ، بخلاف آية نفي السبيل ، إلاّ أنّ الظاهر اشتراك الآيتين وكون كليهما حاكيتين عن عدم جعل السبيل في الشريعة ، وكون مورد الآية في المقام هو العذاب الاُخروي كما تقدّم(2) لا يقتضي أن تكون الآية في مقام الإخبار ; فإنّ نفي العذاب الاُخروي عن المذكورين في الآية الاُولى والآية الثانية مرجعه إلى عدم ثبوت التكليف بالجهاد والشركة في الحرب بالإضافة إليهم ، فمعنى نفي السبيل خروجهم عن دائرة التكليف بالجهاد .

ولذا سأل ابن اُمّ مكتوم عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه هل كان لي رخصة في التخلّف عن الجهاد؟ فمعنى نفي السبيل ثبوت الرّخصة والخروج عن دائرة التكليف ، ولأجله تكون هذه الآية حاكمة على الأدلّة الأوليّة الظاهرة في ثبوت التكليف بالجهاد ، أو التكاليف الاُخر والأحكام الوضعيّة كالضمان ونحوه ، ودالّة على عدم كون مفاد الأدلّة الأوّلية شاملا للمحسن وإن كان بحسب الدلالة اللفظية عامّاً ، فلا مجال

  • (1) سورة النساء 4 : 141 .
    (2) في ص 290 .