جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 269)

فلا يترتّب عليها الحدود والديات التي موضوعها المعصية . وأمّا دلالتها على عدم وجوب قضاء ما فات من عباداته مثل الصلاة والصوم وغيرهما ، وعلى سقوط الزكاة بالإسلام وإن كان النصاب موجوداً وأمثالهما ، فغير ظاهرة ، ولعلّه لأجل ذلك لم يستدلّ بها للقاعدة كثير من الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .

وممّا يدلّ على هذه القاعدة سيرة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ومعاملته مع من أسلم من الكفّار ، حيث إنّه لم يكلّف أحداً بقضاء العبادات التي فاتت منه في حال كفره ، وكذلك بأداء الزكاة مع أنّ العين الزكويّة كانت موجودة عندهم ، ومع ذلك لم يطلب منهم زكاة السنين التي كانوا فيها على الكفر . نعم ، لو كان حلول الحول بعد إسلامه فلا يسقط ، ويجب عليه لتعلّق التكليف بعد الإسلام به ، فالسيرة مع قطع النظر عن الرواية أيضاً دليل على القاعدة .

المقام الثاني : في مفاد القاعدة ومدلول الحديث .

فنقول : لا خفاء في أنّ الحديث وارد في مقام الامتنان على من أسلم والتحريص والترغيب إلى قبول الإسلام ، وأنّ قبوله يمنع عن بقاء آثار ما فعل أو قال أو اعتقد ، وفي الحقيقة تسهيل لطريق قبول الإسلام وتشويق إلى ما يترتّب على قبوله من الآثار والبركات ، ويظهر ذلك من ملاحظة الموارد المتقدّمة التي ورد الحديث فيها ، كقصّة إسلام المغيرة، وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد، وعبدالله ابن أبي اُميّة ، وشفاعة عثمان في أخيه من الرّضاعة ، وهبار .

وبالجملة : هذه العبارة حاكية عن منّة الإسلام وتفضّله على من يقبله ويتشرّف به ، خصوصاً بعد كثرة المعاصي العملية والاعتقادات السخيفة في الجاهلية من الشرك في العبادة ، وقتل النفس ، وارتكاب الفجور والمعاصي ، من الزنا واللّواط والسرقة وشرب الخمر وغيرها .

وبعد ذلك نقول : إنّ مفاد الحديث أنّ كلّ فعل أو قول أو تركهما ، أو اعتقاد ، إذا

(الصفحة 270)

كان يترتّب عليه في الإسلام ضرر أو عقوبة ، فالإسلام يوجب عدم ترتّب ذلك الضرر أو العقوبة ، وينظر بذلك بنظر العدم ويجعله كأنّه لم يتحقق ولم يصدر ، لكن هذا فيما إذا كان الضرر والعقوبة ثابتاً في الإسلام فقط ; بمعنى أنّه لو كان مسلماً ويصدر منه ذلك العمل لكان يترتّب عليه الضرر أو العقوبة ، ولكنّه حيث لا يكون في الكفر محكوماً بهذا الحكم ، فالإسلام يجبّ ويقطع ويهدم ما قبله ويجعله كأنّه لم يصدر أصلا ، فإذا تحقّق منه الزنا في حال الكفر فحيث أنّه لا يكون الزنا في الكفر محكوماً بترتّب الحدّ عليه ، فالإسلام يهدمه ويجعله كأنّه لم يتحقّق ، وهكذا .

وكذلك الترك الصادر منه في حال الكفر إذا ترتّب عليه أثر في الإسلام ، كالقضاء والكفارة ، لا يترتّب عليه الأثر بعد الإسلام ، فلا يترتّب على ترك الصلاة قضاء ، وإن كان الكافر مكلّفاً بها في حال الكفر ، بناءً على أنّ الكفّار مكلّفون بالفروع أيضاً . وكذا لا يترتّب على ترك الصوم قضاء ولا كفّارة . هذا إجمال معنى الرواية .

وأمّا التفصيل بلحاظ المسائل الواقعة من الكافر في حال الكفر ، فنقول :

منها : الشرك والكفر الواقع من الكافر ، ولا ريب في أنّ الإسلام يجبّه ويفرضه كالعدم ، فلا يترتّب عليه العذاب الاُخروي ، فإذا أسلم ثمّ مات بلا فصل ، فكأنّه لم يتحقق منه الشرك ـ الذي هو ظلم عظيم ـ والكفر في مدّة حياته أصلا ، بل يلقى الله مسلماً طاهراً وإن كان زمان إسلامه بالإضافة إلى زمان كفره في غاية القلّة .

ومنها : المحرّمات الشرعية والمعاصي التي رتّب عليها الحدّ أو التعزير ، كالأمثلة المتقدمة ; فإنّه لا يترتّب عليها بعد إسلامه ، ولو زنى في السابق ألف مرّة أو سرق كذلك .

ومنها : العبادات والحقوق المختصة بالله تعالى مع عدم اعتقادهم بها في حال

(الصفحة 271)

الكفر ، كالصلاة والصيام بل الحجّ ، فتركها لا يترتّب عليه بعد الإسلام شيء من القضاء والكفّارة ، حتى الحج في ما إذا كان مستطيعاً حال كفره واستقرّ عليه ولم يأت به ، فصار غير مستطيع ثمّ أسلم .

نعم ، لو كانت الاستطاعة باقية بعد الإسلام فالظاهر هو الوجوب ; لتوجهه إليه بعده ، وقد استدلّ جمع من الفقهاء لسقوط القضاء بهذه القاعدة(1) ، بل يظهر من صاحب العناوين أنّ هذا القسم واضح الدخول تحت الخبر(2) ، وقد عرفت جريان السيرة النبويّة القطعية على عدم تكليف أحد من الكفّار الذين أسلموا بقضاء ما فات منه من الصلاة والصيام وغيرهما .

ومنها : حقوق الله مع اعتقادهم باشتغال الذمّة بها في كفرهم ، كما لو كان في دينهم مثلا أنّ قتل الخطأ يجب فيه عتق رقبة ، فتحقق منه القتل كذلك ثمّ أسلم ، فهل الإسلام يجبّ ذلك أيضاً؟ الظاهر هو الجبّ وعدم وجوب عتق الرّقبة عليه .

ودعوى أنّ الإسلام يجبّ ما يلزم الإنسان من جهة الإسلام ، فإذا أسلم الكافر فالشيء الذي اشتغلت ذمّته به من جهة دين الإسلام فهو يسقط عنه ، لا ما اشتغلت ذمّته بسبب آخر ، مدفوعة بأنّ اشتغال ذمّته به بعد الإسلام لابدّ وأن يكون مستنداً إلى ما كان عليه من الكفر ، والمفروض أنّه رجع عنه واعتقد خلافه الذي هو الإسلام ، ومجرّد اعتقاده في السابق لا يوجب ثبوته .

نعم ، مقتضى ما ذكرنا في معنى الحديث إجمالا عدم السقوط هنا ، لأنّا ذكرنا أنّ مفاد القاعدة سقوط الآثار المترتبة في الإسلام فقط ، ولم تكن تلك الآثار ثابتة في حال الكفر ، وأمّا مع ثبوتها في حال الكفر أيضاً فالحديث لا يدلّ على سقوطها ،

  • (1) تذكرة الفقهاء : 2 / 349 مسألة 49 (طبع جديد) ، منتهى المطلب : 7 / 90 ، مدارك الأحكام : 6 / 201 ، مفاتيح الشرائع : 1 / 182 ، كشف اللثام : 5 / 130 ، جواهر الكلام : 13 / 6 .
    (2) العناوين : 2 / 496 .

(الصفحة 272)

كما لا  يخفى .

ومنها : حقوق الله المشتركة بين الله وبين المخلوقين كالزكاة والخمس ، والظاهر شمول الحديث لها ، وقال في الجواهر في باب الزكاة : ومنه يستفاد ما صرّح به جماعة من سقوطها بالإسلام وإن كان النصاب موجوداً ; لأنّ الإسلام يجبّ ما قبله ، المنجبر سنداً ودلالة بعمل الأصحاب ـ إلى أن قال : ـ بل يمكن القطع به بملاحظة معلوميّة عدم أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) لأحد ممّن تجدّد إسلامه من أهل البادية وغيرهم بزكاة إبلهم في السنين الماضية ، بل ربما كان ذلك منفرّاً لهم عن الإسلام ، كما أنّه لو كان شيء منه لذاع وشاع ، ثمّ قال : فمن الغريب ما في المدارك من التوقّف في هذا الحكم ; لضعف الخبر المزبور سنداً ومتناً(1) .

وقد عرفت أنّ الإشكال في الحديث من جهة السند ممّا لا مجال له أصلا(2) ، وأمّا من جهة الدلالة فلا وجه له ; لظهور شموله لهذه الموارد ، والإشكال فيها من جهات اُخرى سيأتي البحث عنه ، فانتظر .

نعم ، استشكل في السقوط في هذه الحقوق تارة : من جهة ما عرفت من مجمع البحرين من العطف على الحديث قوله : والتوبة تجبّ ما قبلها من الكفر والمعاصي والذنوب(3) ; نظراً إلى اتّحاد السياق ، وذكر الكفر في عداد المعاصي والذنوب ، مع أنّ التوبة لا أثر لها إلاّ بالإضافة إلى العقوبة ، فجبّ الإسلام أيضاً يكون بهذه الملاحظة فقط .

واُخرى : من جهة أنّ الحديث إنّما هو في مقام الامتنان ، كحديث الرفع، ودليل نفي العسر والحرج ، وهو إنّما يتمّ إذا لم يعارض بالامتنان في مورد آخر ، وفي المقام

  • (1) جواهر الكلام : 15 / 62 .
    (2 ، 3) في ص 267 ـ 268 .

(الصفحة 273)

يكون الامتنان على الكافر بإسقاط الزكاة عنه معارضاً لحقّ مستحقّي الزكاة من الأصناف الثمانية المذكورة في الكتاب(1) .

وثالثة : بأنّ البعث سبب إلى العمل المبعوث إليه ، فإذا كان العمل المبعوث إليه مقيّداً بالإسلام ، وكان الإسلام مسقطاً للتكليف يلزم علّية الشيء لعدم نفسه ، وهو مستحيل .

والجواب : أنّ عطف التوبة لا يقتضي الإتّحاد بعد كونهما حكمين مستقلّين ، خصوصاً بعد ملاحظة الموارد المتقدّمة التي ورد فيها الحديث والامتنان في المقام ، حيث أنّه يرجع إلى أساس الإسلام في مقابل الكفر ، وإلى التحريض والترغيب في رفع اليد عن الكفر ، فلا يقاس بالامتنان الذي يتضمّنه جعل الزكاة للأصناف الثمانية خروجاً عن الفقر والمسكنة وغيرهما ، مع أنّه ليس بالإضافة إلى كلّ واحد من الأصناف امتناناً ، فإنّ العاملين عليها إنّما يأخذون اُجرة عملهم ، ولو لا الزكاة لكانوا يعملون في بعض الاُمور الاُخرى ، فالاشكال من هذه الجهة مندفع .

وأمّا الاستحالة ، فربما يجاب عنها بأنّ مقتضى الحديث أنّ الإسلام يكون علّة لإثبات التكاليف عليه في المستقبل فقط لا بالنسبة إلى الماضي .

ومرجع هذا الجواب إلى أنّ ما اشتهر من كون الكفّار مكلّفين بالفروع كالاُصول(2) ، إنّما هو بالنسبة إلى الكافر الذي بقي على كفره إلى آخر عمره ، وأمّا الكافر الذي أسلم فلا يكون مكلّفاً بالفروع في زمن كفره ، وهذا في غاية الضعف والوهن ; فإنّه لا دلالة لحديث الجبّ على ذلك بوجه ، بل مفاده أنّ الكافر وإن كان

  • (1) سورة التوبة : 9 / 60 .
    (2) غنية النزوع ، بحث الاُصول : 304 ، المعتبر : 2 / 595 ، إرشاد الأذهان : 1 / 271 ، منتهى المطلب : 2 / 188 ، الحدائق الناضرة : 3 / 39 ، ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد : 563 ، معتمد الشيعة : 235 ، عوائد الأيّام : 279 عائدة 30 ، العناوين : 2 / 714 ، جواهر الكلام : 17 / 10 .