جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 56)

في اجتماع السبب والمباشر

لو اجتمع السبب والمباشر ، فهل الضمان على الأوّل ، أو على الثاني ، أو على كليهما بالاشتراك؟ وجوه واحتمالات .

قال المحقّق في الشرائع : إذا اجتمع السبب والمباشر قدّم المباشر في الضمان على ذي السبب ، كمن حفر بئراً في ملك غيره عدواناً ، فدفع غيره فيها إنساناً ، فضمان ما يجنيه الدفع على الدّافع(1) . وقد ادّعي عدم الخلاف(2) بل الإجماع عليه(3) ، بل ربما يقال : إنّ تقديم المباشر على السّبب عندهم من المسلّمات .

أقول : الظاهر وضوح تقديم المباشر في الضمان على ذي السبب في الفرع المذكور في كلام المحقّق ; لظهور استناد الإتلاف فيه إلى خصوص المباشر ، وكون السبب من المعدّات التي لا توجب الضمان مع صدور الإتلاف من الفاعل المختار ، والاّ كان صانع السيف ضامناً إذا قتل به المباشر .

كما أنّه ربما ينعكس الأمر ويكون الاستناد إلى ذي السبب واضحاً بحيث لا مجال للاستناد إلى المباشر ، كما في شاهدي الزور في باب القتل ، فإنّ القتل يستند إليهما عرفاً لا إلى الحاكم أو من يأتمر بأمره المباشر لصدور القتل ، كما لا يخفى ، فاللازم فرض الكلام في غير مثل هذين الموردين .

فنقول : ذكر المحقّق البجنوردي (قدس سره) في قواعده الفقهيّة في هذه الجهة تفصيلا ، خلاصته : أنّه إذا كان المباشر فاعلا مختاراً عاقلا ، وكان ملتفتاً إلى أنّ عمله هذا يترتّب عليه التلف ، فلا شك في اختصاصه بكونه ضامناً ، وأمّا إذا لم يكن المباشر ذا إرادة وشعور ، فالضمان على ذي السبب ; كمن أجّج ناراً في غير ملكه فنشرتها

  • (1) شرائع الإسلام : 3 / 237 .
    (2) جواهر الكلام : 37 / 54 .
    (3) كشف اللثام : 11 / 279 ، مجمع الفائدة والبرهان : 10 / 501 ، رياض المسائل : 14 / 236 .

(الصفحة 57)

الريح ، فأصابت النار مال غيره فاحترق ، فالضمان على ذي السبب ; لأنّه المتلف حقيقة .

وأمّا إن كان عاقلا مختاراً في فعله ، ولكنّه لا يعلم بأنّ فعله هذا يترتّب عليه التلف ، فإن لم يكن مغروراً ولا مكرهاً فالضمان على المباشر ; لأنّه لا فرق في جريان قاعدة الإتلاف بين صورة العلم بترتّب التلف على فعله ، وبين صورة عدم العلم ; لأنّ الموضوع للحكم بالضمان هو مطلق الإتلاف ، وأمّا لو كان مغروراً كالممرّض الجاهل ، فهو وان كان ضامناً لأجل قاعدة الإتلاف ، لكنّه يرجع إلى الغارّ لقاعدة الغرور ، من دون فرق بين صورة علم الغارّ وصورة جهله .

وأمّا إذا كان مكرهاً فليس عليه ضمان إذا كان الإكراه في غير الدّماء ، فإذا اُكره على الدفع في البئر فمات ، فإن كان الدفع في البئر من الاسباب العادية للموت ، فالدافع ضامن ، لأنّه لا تقية في الدّماء ، وإذا اُكره على إتلاف مال الغير فالضمان على المكره ـ بالكسر ـ لا على المكره ـ بالفتح ـ لأنّ السبب هنا أقوى من المباشر ; لأنّ المباشر وإن كان فاعلا ولكنّه ليس بمختار ، ولذلك نقول ببطلان معاملات المكره ـ بالفتح ـ والعرف والعقلاء ينسبون الفعل إلى المكره ـ بالكسر ـ ويسندونه إليه ، كما أنّه لو أمر المكره خدّامه وغلمانه الذين يخافون من مخالفته بهدم دار شخص ، لا ينسب هدم الدار عند العرف إلاّ إلى ذلك المكره(1) .

وهذا التفصيل وإن كان في غاية المتانة ، إلاّ أنّ الوجه لعدم ثبوت الضمان في صورة الإكراه ليس ما أفاده من عدم شمول قاعدة الإتلاف ، وعدم استناده إلى المكره ـ بالفتح ـ ضرورة أ نّ شرب الخمر ولو كان عن إكراه لا يسند إلاّ إلى الشارب المكره لا إلى المكره ، بحيث يترتّب على إكراهه حدّ شرب الخمر ،

  • (1) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 2 / 35 ـ 36 .

(الصفحة 58)

فالشارب هو المكره ـ بالفتح ـ لكن حديث رفع الإكراه(1) بمقتضى حكومته على دليل الحرمة وعلى دليل ترتّب الحدّ ، يرفع كلا الأمرين ، وفي المقام أيضاً مقتضى قاعدة الإتلاف ثبوت الضمان على المكره المتلف ، لكن دليل رفع الإكراه يرفع الحكم الوضعي كما يرفع الحكم التكليفي .

وممّا ذكرنا يظهر أنّ بطلان معاملات المكره ليس لأجل عدم صدور المعاملة منه ، وعدم استناد المعاملة إليه ، بل لأجل اعتبار طيب النفس في المعاملة ، وهو لا يجتمع مع الإكراه بوجه ، كما أنّ إسناد هدم الدار إلى المكره في المثال ليس لأجل الإكراه ، بل لأجل كون الخدّام والغلمان بمنزلة الأدوات والآلات ، فتدبّر . ولكن مقتضى ما ذكرنا في الإكراه ، عدم ثبوت الضمان عليه أيضاً ; لعدم استناد الإتلاف إليه ، فالمكره ـ بالفتح ـ لا يكون ضامناً ; لاقتضاء حديث رفع الإكراه لعدم ضمانه ، والمكره ـ بالكسر ـ لا يكون ضامناً ; لعدم استناد الإتلاف إليه ، بل هو فعل اختياري صادر عن المكره ، وإن كان صدوره لأجل الإكراه .

ولا مجال لدعوى عدم تحقّق الضمان في صورة الإكراه أصلا بعد تحقّق إتلاف مال الغير وسببيته للضّمان ، ولأجله يشكل الحكم في باب الإكراه .

ثم إنّه لابدّ في توضيح هذا التفصيل من بيان أنّ مسألة شاهدي الزور التي حكم فيها بضمانهما مع كون المباشر للقتل هو الحاكم أو من يأتمر بأمره من الفاعل المختار ، تكون من مصاديق الغرور ، فقرار الضمان فيها على الغارّ وهو الشاهدان ، كما لا يخفى .

ثمّ إنّ في هذه المسألة ـ وهي مسألة اجتماع السبب والمباشر ـ فروعاً كثيرة

  • (1) الكافي : 2 / 462 ح 1 و 2 ، التوحيد : 353 ح 24 ، الخصال : 417 ح 9 ، الفقيه : 1 / 36 ح 132 ، وعنها وسائل الشيعة : 7 / 293 ، كتاب الصلاة ، أبواب قواطع الصلاة ب 37 ح 2، و ج 8 / 249 ، كتاب الصلاة ، أبواب الخلل ب 30 ح 2، و ج 15 / 369 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ب 56 ح 1 ـ 3 .

(الصفحة 59)

مذكورة في الكتب الفقهية ، وقد وقع في بعضها الاختلاف من جهة كون الضمان على السبب أو على المباشر ، ولا بأس بالتعرض لجملة منها :

منها : أنّه قال في الشرائع : لو ألقى صبيّاً في مسبعة ، أو حيواناً يضعف عن الفرار ، ضمن لو قتله السّبع(1) ، وذكر الصبي بقرينة توصيف الحيوان بأنّه يضعف عن الفرار ، إنّما هو لعدم قدرته على الفرار نوعاً ، لا لخصوصية فيه غير هذه الجهة ، ضرورة أنّه لا فرق في الحرّ بين الصغير والكبير ، وعلى ما ذكرنا فمنشأ الحكم بالضمان في هذا الفرع هي قاعدة الإتلاف المبحوث عنها في المقام ، ونظر المحقّق (قدس سره) إلى أنّ الإتلاف ـ مع فرض ضعف الصبي والحيوان عن الفرار ، وكون المباشر للقتل هو السبع الذي لا معنى لثبوت الضمان عليه ـ يستند إلى الإنسان الملقي ، فهو القاتل عن عمد واختيار ، ويترتّب على عمله القصاص مع إلقاء الصبي ، وضمان القيمة مع إلقاء الحيوان ، فمنشأ هذا الحكم هو أقوائية السبب من المباشر ، وثبوت الضمان على السبب .

ومنها : ما ذكر في الشرائع أيضاً من أنّه لو غصب شاة فمات ولدها جوعاً ، ففي الضمان تردّد ، وكذا لو حبس مالكَ الماشية عن حراستها فاتّفق تلفها ، وكذا التردّد لو غصب دابّة فتبعها الولد(2) ، والفتاوى فيه مختلفة ; فبعضهم يحكم بالضمان(3) ، وبعضهم يحكم بالعدم(4) ، وصاحب الشرائع يتردّد .

ربما يقال ـ بعد أنّه لا دليل على ضمان التسبيب بعنوانه ـ : إنّه لابدّ من ملاحظة العناوين التي اُخذت موضوعاً للحكم بالضمان في الرّوايات المتقدّمة ، وهي ثلاثة :

  • (1) شرائع الإسلام : 3 / 237 .
    (2) شرائع الإسلام : 3 / 237 ـ 238 .
    (3) الدروس الشرعية : 3 / 107 ، الروضة البهية : 7 / 25 ، حاشية الإرشاد (المطبوع مع غاية المراد): 2 / 393 .
    (4) مسالك الأفهام : 12 / 169 .

(الصفحة 60)

أحدها : عنوان «كلّ شيء يضرّ بطريق المسلمين»، وهذا العنوان غير متحقّق في شيء من هذه الموارد ، إلاّ أن يقال : إنّه لا خصوصيّة للطريق ، بل المناط هو الإضرار بالمسلمين ، وهو غير معلوم ، خصوصاً مع الإضافة إلى المسلمين وعدم اختصاص القاعدة بهم .

ثانيها : عنوان «من حفر بئراً في الطريق أو في ملك غيره»، وهذا أيضاً غير متحقّق في المقام ، إلاّ أن يقال : إنّه لا خصوصية لحفر البئر ، بل المراد إيجاد ما هو سبب تلف مال الغير في العادة ، مع وقوع التلف فعلا وترتّبه على السّبب .

ثالثها : ما جعل موضوعاً للضمان من الاُمور الخمسة في خبر السكوني المتقدّم ، مثل إخراج الميزاب أو الكنيف ، ويستظهر منه قاعدة كلّية ; وهي : أنّ كلّ فعل صدر من فاعل عاقل مختار ، وكان سبباً في العادة لوقوع تلف في مال المسلمين أو في أنفسهم ، ولم يتوسّط بين ذلك الفعل والتلف فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار ، بحيث يكون التلف مستنداً إليه عند العرف والعقلاء ، فهو ـ أي فاعل السبب ـ ضامن ، وهذا استظهار لا قياس .

وعليه : يكون الحكم في الموارد الثلاثة هو الضمان ، إلاّ أن يناقش في سند هذه الرواية ; لاشتراك السكوني بين من هو موثوق به ، إن كان المراد به إسماعيل بن مهران ، وغير موثوق ، إن كان المراد به هو إسماعيل بن أبي زياد ; فإنّه عامي(1) .

أقول : الظاهر أنّه لا اختلاف بين العنوان الثالث المذكور في خبر السكوني مع العنوان الأوّل ; فإنّ الاُمور الخمسة في خبر السكوني مقيّدة بالوقوع في طريق المسلمين ; ضرورة أنّ قوله (صلى الله عليه وآله)  : «في طريق المسلمين» ـ بعد الأمر الخامس ـ متعلّق بجميع الاُمور الخمسة ، لا بخصوص الأمر الخامس ، وعليه: فيتّحد العنوانان ، وقد

  • (1) القائل هو المحقّق البجنوردي في قواعده الفقهيّة : 2 / 38 ـ 39 .