جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 464)

ثمّ إنّ الظاهر أنّ «الإثم» بمعنى مطلق المعصية ، و«العدوان» بمعنى الظلم ، فإن كان معناه مطلق الظلم الشامل للظلم على النفس ، المتحقّق في كلّ معصية يكونان مترادفين ، وان كان معناه خصوص الظلم على الغير والعدوان عليه ، يكون عطفه على الإثم من قبيل عطف الخاصّ على العام ، ولعلّ النكتة فيه أهميّته وكونه من حقوق الناس . ويظهر من مجمع البيان حاكياً عن ابن عباس وأبي العالية وغيرهما من المفسّرين ، أنّ «الإثم» هو ترك ما امرهم الله تعالى به ، و«العدوان» ارتكاب ما نهاهم عنه ; لأنّه مجاوزة ما حدّ الله لعباده في دينهم وفرض لهم في أنفسهم(1) .

وعليه : فالإثم والعدوان كلاهما بمعنى العصيان . غاية الأمر أنّ الأوّل عدميّ والثاني وجوديّ ، ثمّ إنّه يظهر منه أيضاً أنّ قوله تعالى : {وَتَعَاوَنُوا . . .} وإن كان جزءاً من الآية الثانية ، إلاّ أنّه كلام مستقلّ وليس بعطف على ما قبله ، وعليه : فشأن نزول أصل الآية أيّاً ما كان لا يرتبط بهذا الذيل الذي هو كلام مستأنف ، فلا مجال للبحث في أنّ شأن نزول الآية هل يضرّ بحجيّة عموم مفاد الآية أم لا ، كما لا يخفى .

الثاني : الروايات الورادة في الموارد الخاصّة التي تدلّ على حرمة الإعانة على الإثم فيها ، أو على حرمة مصاديق الإعانة وأفرادها ، ولكنّه يستظهر من مجموعها أنّ الملاك هي نفس الإعانة على الإثم بعنوانها الكلّي ، سيّما بالإضافة إلى المعاصي الكبيرة ، وهي كثيرة :

منها : قوله (صلى الله عليه وآله)  : من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة ، جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه : آيس من رحمة الله(2) ، ولا شبهة في أنّ الإيعاد سيّـما بهذا النحو يكشف عن الحرمة ، إنّـما الكلام في أنّ المستفاد منه هل هو كون الإعانة على القتل

  • (1) مجمع البيان : 3 / 257 ـ 258 .
    (2) المبسوط : 6 / 285 ، عوالي اللئالي : 2 / 333 ح 48 .

(الصفحة 465)

خصوصاً مع أهميّته حرام ، أو أنّ الملاك مطلق الإعانة على الإثم؟ لا يبعد الاوّل ، وذلك لأنّه لو كان المحمول هي الحرمة ، لأمكن أن يقال بعدم الخصوصية ، ولكنّ المحمول هو الإيعاد الخاصّ الذي لا يثبت في غير القتل ظاهراً ; فإنّ مطلق الإعانة على الحرام لا يكون موضوعاً لمثل هذا الوعيد ، وعليه فالمحمول الكاشف عن الحرمة مختصّ بالموضوع ، ولا يتجاوز عنه ، فكيف يمكن استفادة العموم منه؟

ومنها : قول النبي (صلى الله عليه وآله) في ما حكاه عنه أبو عبد الله (عليه السلام) على ما رواه في الكافي : من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه(1) ، فإنّه يستفاد منه مفروغية حرمة الإعانة على النفس وكونها موجبة لاستحقاق العقوبة ، لكنّه لا يستفاد منها أنّ حرمة الإعانة على نفسه هل هي من جهة كون المحرّم مطلق الإعانة على الإثم ، أو أنّ للإعانة على النفس خصوصية موجبة لحرمتها؟

ومنها : الروايات الكثيرة الواردة في معونة الظالمين في ظلمهم ، وهي من المكاسب المحرّمة المعنونة فيها ، وقد تعرّض لها الشيخ الأعظم (قدس سره) وفصّل الكلام فيها ، ومن جملة الروايات التي أوردها ما عن كتاب الشيخ ورّام بن أبي فراس قال :

قال (عليه السلام)  : من مشى الى ظالم ليعينه وهو يعلم أنّه ظالم فقد خرج من الإسلام(2) .

قال : وقال (عليه السلام)  : إذا كان يوم القيامة ينادى مناد : أين الظلمة وأعوان الظلمة وأشباه الظلمة حتّى من برى لهم قلماً ، ولاق لهم دواة ، فيجتمعون في تابوت من حديد ، ثمّ يرمى به في جهنّم(3) .

وفي النبوي : من علّق سوطاً بين يدي سلطان جائر جعله الله حيّة طولها

  • (1) الكافي : 6 / 266 ح 8 ، تهذيب الأحكام : 9 / 89 ح 376 ، المحاسن : 2 / 387 ح2370 ، وعنها وسائل الشيعة : 24 / 222 ، كتاب الأطعمة والأشرب ، أبواب الأطعمة المحرّمة ب 58 ح 7 ، وفي البحار : 60 / 154 ح 15 عن المحاسن .
    (2 ، 3) تنبيه الخواطر : 54 ـ 55 ، وعنه وسائل الشيعة : 17 / 182 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ب 42 ح15 و 16 .

(الصفحة 466)

سبعون ألف ذراع ، فيسلّطها الله عليه في نار جهنّم خالداً فيها مخلّداً(1)(2) .

وهذه الروايات وإن وردت في إعانة الظالم في ظلمه ، ولا دلالة لها في نفسها على كون حرمة هذه الإعانة لأجل كونها من مصاديق الإعانة على الإثم حتّى يستفاد منها العموم ، إلاّ أنّه يمكن أن يقال : بأنّ ضمّ الآية المتقدّمة إليها ، لعلّه يوجب دلالتها على التعميم أيضاً ، وذلك لدلالة الآية على تساوي الإثم والعدوان من هذه الجهة ، فاذا كان المراد بالعدوان هو الظلم كما هو المحتمل ، يكون مقتضى تساويه مع الإثم ثبوت هذا الحكم في مطلق الإثم أيضاً ، فتدبّر .

ومنها : ما ورد في مورد إجارة داره لأن يباع فيها الخمر ، مثل خبر جابر قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه الخمر؟ قال : حرام أجره(3) ، ولكن حرمة الاُجرة كاشفة عن بطلان الإجارة ، وهو لا يستلزم حرمتها كما لا يخفى ، والتحقيق في محلّه .

ومنها : ما رواه الكليني بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخمر عشرة : غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه ، وبائعها ومشتريها ، وآكل ثمنها(4) ، مع أنّ ما عدا الشارب لا ينطبق عليه إلاّ عنوان الإعانة والمعين على الإثم وتحقّق المعصية . نعم ، قد عرفت في الرواية المتقدّمة أنّ حرمة أكل الثمن إنّما هي من أجل بطلان المعاملة ; لإلغاء الشارع مالية الخمر ، فأكل الثمن أكل للمال بالباطل .

  • (1) عقاب الأعمال : 335 ، وعنه وسائل الشيعة : 17 / 181 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ب 42 ح 14 .
    (2) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 2 / 53 ـ 54 .
    (3) الكافي : 5 / 227 ح 8 ، تهذيب الأحكام : 7 / 134 ح 593 و ج 6 / 371 ح 1077 ، الاستبصار : 3 / 55 ح 179 ، وعنها وسائل الشيعة : 17 / 174 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ب 39 ح 1 .
    (4) الكافي : 6 / 429 ح 4 ، الخصال : 444 ح 41 ، عقاب الأعمال : 291 ح 11 ، وعنها وسائل الشيعة : 25 / 375 ، كتاب الأطعمة والأشربة ، أبواب الأشربة المحرّمة ب 34 ح 1 .

(الصفحة 467)

ومنها : غير ذلك من الروايات التي لا يبعد أن يستفاد من المجموع حرمة الإعانة على الإثم بعنوانها(1) ، كما لا يخفى .

الثالث : حكم العقل بقبح الإعانة على الإثم ; لأنّها مساعدة على إتيان ما هو مبغوض للمولى ، كحكمه بقبح نفس المخالفة والمعصية ; لكونها مبغوضة للمولى ومشتملة على المفسدة اللازمة الترك ، غاية الأمر أنّ دائرة الإعانة والمساعدة لا تشمل ما إذا هيّأ له مقدّمات بعيدة ، لا بقصد ترتّب المعصية وصدور ما هو المبغوض ، بل كما سيأتي إن شاء الله تعالى في معنى الإعانة ومفهومها اختصاص ذلك بالمقدّمات القريبة ، أو البعيدة التي تكون مقرونة بقصد ترتّب المعصية وتحقّقها ، فانتظر . وفي هذه الدائرة لا مجال لإنكار حكم العقل بالقبح الكاشف عن الحرمة الشرعية ; لقاعدة الملازمة وإن كان حكمه بقبح نفس المعصية ، والمخالفة لا تكون كاشفة عن ثبوت الحرمة الشرعية لها ، كما لا يخفى وجهه .

الرّابع : الإجماع واتّفاق الأصحاب على حرمة الإعانة على الإثم(2) ، وهذا الأمر مفروغ عنه عندهم ويرسلونه إرسال المسلّمات ، ولكنّا قد ذكرنا مراراً أنّه لا أصالة لمثل هذا الإجماع بعد دلالة الكتاب والسنّة ، بل وحكم العقل على ما عرفت ، فلا يكون دليلا مستقلاًّ في مقابلها .

الجهة الثانية : في المراد من القاعدة ، فنقول :

أمّا الإثم ، فهو في القاعدة بمعنى مطلق المخالفة والمعصية ; سواء كان في التكليف الوجوبي أو التحريمي وإن كان المراد به في الآية بلحاظ عطف العدوان عليه معصية ، خاصّة على ما عرفت من مجمع البيان ، إلاّ أنّه لا مجال للإشكال في أنّ المراد به في القاعدة هو مطلق المخالفة .

  • (1) وسائل الشيعة : 17 / 223 ـ 225 ب 55 و ج 25 / 375 ـ 377 ب 34 .
    (2) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 2 / 53 ، مفتاح الكرامة : 4 / 60 عوائد الأيّام : 75 ، العناوين : 565 .

(الصفحة 468)

وأمّا الإعانة التي هي العمدة ، فهي لغة بمعنى المساعدة ، يقال : أعانه على ذلك ، أي : ساعده عليه ، وعليه : فالمُعِين للإنسان هو المساعد له في جهة خاصّة أو سائر الجهات . ولكنّ الظاهر عدم اختصاص المساعدة بالمساعدة العملية ، بل تعمّ المساعدة الفكرية ، وإراءة الطريق والإرشاد إلى ما هو مطلوبه ومقصده ، وعليه : فالإعانة على الإثم معناها مساعدة الآثم وإعانته في جهة تحقّق الإثم وصدور المعصية ; سواء كانت مساعدة عملية ، أم مساعدة فكرية إرشاديّة ، والظاهر أنّه لا كلام في ذلك ، إنّما الكلام في أمرين :

أحدهما : أنّه هل يتوقّف صدق الإعانة على الإثم على قصد ترتّب الإثم وتحقّق المعصية ، بحيث لو لم يكن المُعِين قاصداً لترتّبها وصدورها من الآثم لم تتحقّق الإعانة أصلا ، أو لا يتوقّف صدقها على قصد صدور المعصية منه بوجه؟

ثانيهما : هل يتوقّف الصدق المذكور على تحقّق الحرام في الخارج وصدور الإثم من الآثم ، أم يتحقّق ولو لم يصدر المعصية منه في الخارج أصلا؟

قد يقال بلزوم كلا الأمرين من القصد وتحقّق الحرام في الخارج ، وقد يقال بعدم لزوم شيء من الأمرين ، بل بمحض إيجاد المقدّمة تتحقّق الإعانة ; سواء قصد ترتّب الحرام أم لا ، وسواء تحقّق الحرام في الخارج أم لا ، وقد يقال بالتفصيل بين الأمرين ; نظراً إلى اعتبار الأمر الأوّل دون الثاني ، أو العكس ، فيتحصّل أربعة احتمالات ، بل أقوال ، واللاّزم البحث في كلّ واحدة من الصّور الأربع ، فنقول :

أمّا الصورة الاُولى : وهي التي كانت مقرونة بالقصد وترتّب الحرام عليها خارجاً ، فلا إشكال في صدق الإعانة على الإثم فيها وإن كان العمل الصّادر من المعِين مقدّمة بعيدة ، كالغرس في الرواية النبوية المتقدّمة ، فإنّ غرس شجر العنب إن كان بقصد أن يصنع الخمر من عنبه ، وترتّب هذا القصد عليه في الخارج ، يكون