جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 100)

الثابت على عهدة ذي اليد ، ففي الحقيقة تعلّق بالمال الخارجي على ما هو المفروض أمران : الأوّل : الأخذ ، والثاني : الثبوت في العهدة والاستقرار في الذمّة ، مع أنّ الموجود الخارجي الذي تعلّق الأخذ به لا يمكن أن يكون في الذمّة والعهدة ; لانّ الموجود الخارجي وعاء وجوده عالم الخارج لا عالم الاعتبار ; إذ ليس عالم الاعتبار إلاّ عبارة عن الموجودات الاعتبارية التي لا وجود لها إلاّ في عالم الاعتبار ، فلا يمكن أن يكون الموجود الخارجي موجوداً في عالم الاعتبار ، وإلاّ يلزم انقلاب الخارج اعتباراً ; وذلك كما أنّ الموجود الخارجي لا يمكن أن يكون موجوداً في الذهن ، وإلاّ يلزم انقلاب الخارج ذهناً وهو محال .

قلت : لابدّ أوّلا في مقام الجواب من التعرّض لبيان ماهية الضّمان وحقيقته .

فنقول : الأقوال في تعريف الضمان وبيان معناه ثلاثة :

الأوّل : ما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاري(1) في قاعدة «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» من أنّ الضمان عبارة عن كون درك الشيء وخسارته عليه ، فإذا تلف يقع نقصان في ماله الأصلي للزوم تداركه منه .

ويستفاد من كلامه (قدس سره) بلحاظ عنوان الدرك والخسارة ، وبلحاظ تفريع التلف : أنّ الضمان أمر تعليقي مرجعه إلى اشتغال الذمّة بالمثل أو القيمة عند تحقّق التلف ، وعليه ، فلا يتعلّق الضمان بالعين بصورة التنجيز قبل عروض التلف ، وما دامت العين باقية موجودة ، وسيأتي أنّه غير تامّ .

الثاني : ما حكاه الشيخ(2) (قدس سره) وزيّفه ، من أنّ الضمان عبارة عن أن يتلف المال مملوكاً له ، ومرجعه إلى أنّه في مثل الغصب تعتبر ملكية الغاصب قبل التلف قهراً عليه وعلى المالك ، وملكية المالك للمثل أو القيمة ، ثمّ يتحقّق تلف العين المغصوبة في ملك الغاصب .

  • (1 ، 2) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 3 / 183 .

(الصفحة 101)

وضعّفه الشيخ (قدس سره) بأنّ لازمه أن يكون كلّ مالك ضامناً لمال نفسه ; لأنّه يصدق تلف المال مملوكاً له ، بل هو في هذه الجهة أولى من الغاصب ، مع أنّه لا يقال للمالك : أنّه ضامن لمال نفسه .

ويرد على هذا القول أيضاً : أنّ تحقّق المعاوضة القهرية على الطرفين من دون أن تكون تجارة عن تراض في البين ، لا يكاد يصار إليه إلاّ مع وجود دليل قويّ ; لأنّه مخالف للقواعد الأوّلية والضوابط الثابتة في باب المعاملات وأدلّة الضمان ، مثل حديث «على اليد» التي لا دلالة لها على ذلك ، إلاّ على فرض عدم تصوّر معنى للضمان غير ذلك ، مع أنّه ممنوع جدّاً كما سيأتي .

الثالث : ما أشار إليه الأعاظم والمحقّقون ، مثل المحقّق الخراساني (قدس سره) في حاشية المكاسب(1) من أنّه اعتبار ، أي اعتبار عقلائي وشرعي . ومثل تلميذه الكبير المحقّق الإصفهاني في حاشية المكاسب(2) .

وقد أوضحه تلميذه الكبير الآخر سيّدنا الاُستاذ العلاّمة البروجردي(3) على ما في تقريرات مباحثه فيما يتعلّق بكتاب الغصب ، وتوضيحه وتقريبه : أنّ بحث الضمان يغاير بحث اشتغال الذمّة ، فالضمان أمر والاشتغال أمر آخر ، والدليل عليه : أنّ المديون ذمّته مشغولة للدائن ، مع أنّه لا يقال : إنّه ضامن له ، فالمقترض مع اشتغال ذمّته للمقرض لا يكون ضامناً له ، والسرّ فيه : أنّ اشتغال الذمّة لابدّ وأن يكون بأمر كلّي وهو المثل أو القيمة ، فالذمة تكون بمنزلة الذهن الذي توجد فيها الماهية ، فالماهية الكلّية تتشخّص بوجودها في الذهن ، فالموجود فيه أمر كلّي ، وهكذا الذمّة ; فإنّ اشتغالها إنّما هو بأمر كلّي .

  • (1) حاشية المكاسب للمحقّق الخراساني : 30 .
    (2) حاشية كتاب المكاسب للمحقّق الإصفهاني 1 : 307 ـ 308 .
    (3) اُنظر كتاب الغصب للمحقق البروجردي : 128 ـ 130 و 136 و 144 .

(الصفحة 102)

وأمّا العهدة ، فهي متعلّقة بالموجود في الخارج مع وصف وجوده في الخارج ، فالعين المأخوذة في الحديث قد تعلّقت بنفسها العهدة ، ويعبّرون عن العهدة والضمان في الفارسيّة بـ «عهده دارى» ، كمافي الكفالة التي هي التّعهد بالإضافة إلى إنسان خاصّ وشخص معيّن ، ويترتّب على هذا الضمان الذي هو حكم وضعي اعتباري حكمان تكليفيان :أحدهما :وجوب ردّالعين ما دامت باقية ، ثانيهما : وجوب ردّ بدلها ـ مثلا أوقيمة ـ بعدتلفهاوانعدامها ،ومجموع هذين الحكمين لا يكون في غير مورد الضمان .

وعليه : فلا مجال للتفكيك بينهما وجعل وجوب ردّ العين مع بقائها في مورد غير الضمان أيضاً كالأمانة ـ حيث يجب على الأمين ردّها إلى صاحبها ـ دليلا على عدم ثبوت الضمان مع بقاء العين ، كما يظهر من سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الإمام الخميني ـ دام ظلّه العالي ـ في كتابه في البيع(1) .

فإنّ اللازم ـ كما عرفت ـ ملاحظة مجموع الحكمين ، ألا ترى أنّ جواز التصرّف في مورد الإباحة لا يكون دليلا على عدم ثبوت الملكية التي يترتّب عليها جواز التصرّف أيضاً ; فانّ امتياز الملكية إنّما هو بمجموع الآثار التي لا يوجد في غيرها ، فإنّ منها الانتقال إلى الوارث بعد الموت ، وتعلّق مثل الخمس ببعض مواردها ، وشبههما ممّا لا يوجد في غيرها حتّى الإباحة المطلقة التي يجوز معها التصرف مطلقاً حتّى التصرفات النّاقلة .

وبالجملة : فما يترتّب على الضمان مجموع الحكمين الذي لا يكون في غير مورد الضمان أصلا .

وعليه : فالاتّحاد والهوهوية المعتبرة في القضية الحملية في قوله : «ما أخذت اليد عليها» إنّما هو باعتبار كون الموجود الخارجي نفس ما تعلّق به هذا الأمر الاعتباري الّذي هو الضمان ، فلم يتحقّق اتّحاد الأمر الخارجي مع الأمر

  • (1) كتاب البيع 1 : 392 ـ 394 .

(الصفحة 103)

الاعتباري ، بل الاتحاد بين الأمر الخارجي وبين كونه متعلّقاً للأمر الاعتباري ، فالمقام نظير قوله : «هذه الدار مستأجرة» ; فإنّه لا خفاء في تحقّق ملاك الحمل فيها مع كون الاستئجار أمراً اعتبارياً ; لأنّ الاتّحاد إنّما هو بين الدار ، وبين كونها متعلّقة للاستئجار المتعلّق بالدار الخارجية ، كما هو واضح .

ثمّ إنّه ذكر سيّدنا الاُستاذ(1) (قدس سره) أنّه قد يتعلّق الضمان بالكلّي الذي له موطن آخر غير ذمّة الضّامن ، وأثره حينئذ جواز مطالبة المضمون له من الضامن بذلك الكلّي إن لم يقدر على استيفائه وأخذه من المضمون عنه «المديون» ، وليس أثره عند العقلاء والعرف مجرّد اشتغال ذمّة الضامن للمضمون ، ولكن استقرّ مذهب الإماميّة في كتاب «الضمان» على أنّ المراد به هناك هو انتقال الذمّة وتحقّق الاشتغال للضّامن في ظرف خاصّ(2) ، ومنشؤه دلالة الأدلّة الخاصّة والروايات المعتبرة عليه(3) ، وعليه : فما هو مذهبنا في باب الضمان مخالف لما هو مقتضاه بنظر العقلاء .

أمّا فقهاء العامّة ، فحيث لا يرون اعتباراً للروايات التي اُشير إليها ، فلا محالة ذهبوا إلى أنّ المراد بالضمان في كتاب الضمان هو ما عليه العقلاء ، فقالوا : إنّه عبارة عن ضمّ ذمّة إلى ذمّة اُخرى(4) ، ولا يكون مرادهم بذلك ثبوت المال في ذمّة شخصين ; كما إذا كان له دين على رجلين ; ضرورة عدم استحقاق الدائن أكثر من مال واحد ودين فارد ، فلا يمكن ثبوته في ظرفين ، وإنّما مرادهم من الذمّة التي أُضيف إليها الضمّ ، هو العهدة التي هي معنى الضمان حقيقة ، ومرجعه إلى ضمّ العهدة إلى اشتغال الذمّة وعدم تحقّق البراءة للمديون بمجرّد تحقّق الضمان ، ففي الحقيقة

  • (1) كتاب الغصب للمحقق البروجردي : 130 ـ 131 و 141 ـ 147 .
    (2) المقنعة : 814 ، النهاية : 314 ـ 315 ، شرائع الإسلام : 2 / 108 ، قواعد الأحكام : 2 / 158 ، جواهر الكلام : 26 / 113 .
    (3) وسائل الشيعة : 18 / . 422 ـ 424، كتاب الضمان ب 2 و 3 .
    (4) المغني لابن قدامة : 5 / 70 ، الشرح الكبير : 5 / 70 ، المجموع شرح المهذّب : 14 / 252 .

(الصفحة 104)

يكون في البين اشتغال وعهدة قد تعلّق الأوّل بالكلّي ; لأنّ الثابت في الذمّة لا يكون إلاّ كلّياً ، والثاني بما اشتغلت به ذمة المديون مع وصف اشتغال الذمّة به ; لأنّه يصير حينئذ متشخّصاً ، لأنّ الاشتغال وإن كان بأمر كلّي ، لكن الكلّي المشتغل به ذمّة المديون لا يكون كليّاً ، فهو نظير الماهية الموجودة في الذهن ; فإنّ الماهية وإن كانت كليّة إلاّ أنّها بوصف وجودها في الذهن لا تكون إلاّ جزئية .

ثم إنّ الظاهر عدم تحقّق الضمان بالمعنى الذي ذكرناه في العقد الصّحيح ، خلافاً للشيخ الأعظم (قدس سره)  ; فإنّه حين فسّر الضمان بالنحو الذي عرفت ذكر أنّ العقد الصحيح فيه الضمان ، غاية الأمر أنّ الضمان الثابت فيه هو الضمان بالمسمّى ، ومرجعه إلى أنّه على تقدير تلف المبيع في يد المشتري الضامن يكون دركه وخسارته عليه ، غاية الأمر ثبوت الخسارة بمقدار الثمن ; سواء كان مساوياً للقيمة الواقعية أومخالفاً لها(1) .

وخلافاً للمحقّق الإصفهاني (قدس سره)  ; فإنّه مع تفسيره الضمان بالنحو الذي ذكرناه ، أفاد أنّه قد يكون بتسبيب من الشخص ، كما في مطلق المعاوضات ، لتعهد كلّ منهما والتزامه بأخذ المال ببدله ، ولذا عبّر عنه بضمان المعاوضة ، فليس مجرّد كونه ذا عوض أو مملوكاً بعوض مناط الضمان ، بل تعهّد أخذه ببدله هو المناسب للضمان(2) .

هذا ، ولكنّ الظاهر عدم إطلاقه بنحو الحقيقة في المعاوضات الصحيحة ، وإطلاقه عليها في قاعدة «ما يضمن» لا دلالة له على ذلك ; لعدم كون القاعدة بالعبارة المعروفة ممّا دلّ عليه آية أو رواية أو إجماع ، ولذا اعترض أكثر محشّى المكاسب(3) على الشيخ الأعظم (قدس سره) بلحاظ جعل البحث في مفردات القاعدة مهمّاً ،

  • (1) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 3 / 183 و 188 ـ 189 .
    (2) حاشية كتاب المكاسب للمحقق الإصفهاني : 1 / 307 ـ 308 .
    (3) المحقق الخراساني في حاشيته على المكاسب : 30 ، والسيد اليزدي في حاشيته على المكاسب : 1 / 454 ـ 457 ، والمحقق الإيراواني في حاشيته على المكاسب : 2 / 112 ـ 115 .