جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 531)

قاعدة أخذ الاُجرة على الواجب

وهي أيضاً من القواعد المشهورة المبتلى بها ، ونقول :

قد وقع الكلام في جواز أخذ الاُجرة على الواجب ، تعبّدياً كان أو توصّلياً ، عينيّاً كان أو كفائيّاً ، تخييريّاً كان أو تعيينيّاً ، ونسب إلى المشهور القول بالعدم(1) ، بل قد ادّعي الإجماع عليه كما في محكيّ البرهان(2) وجامع المقاصد(3) ، ولعلّه يجيء التكلّم على هذه الجهة .

وكيف كان ، فهل يجوز أخذ الاُجرة على الواجب مطلقاً ، أو لا يجوز كذلك ، أو يفصّل بين التعبّدي والتوصّلي ، أو بين العيني والكفائي ، أو في الكفائي بين القسمين الأوّلين ، أو فيه بين ما إذا كان وجوبه بعنوانه الخاصّ ، وما إذا كان وجوبه من جهة حفظ النظام؟ وجوه واحتمالات .

  • (1) مسالك الأفهام : 3 / 130 ، مفاتيح الشرائع : 3 / 11 ، الحدائق الناضرة : 18 / 211 .
    (2) مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 89 ، رياض المسائل : 8 / 83 .
    (3) جامع المقاصد 4 : 35 .

(الصفحة 532)

وليعلم أنّ موضوع المسألة ما إذا كان عقد الإجارة الواقعة على الواجب صحيحاً وواجداً لجيمع الاُمور المعتبرة فيه عدا كون متعلّقه واجباً على الأجير ولازماً عليه إتيانه شرعاً ; فإنّه لذلك وقع الكلام في أنّ وجوبه على الأجير هل يوجب بمجرّده اختلال بعض الاُمور المعتبرة في الإجارة من حيث المتعلّق أو لا؟ وأمّا لو فرض بطلانها بسبب أمر آخر ـ كما إذا لم يكن للمستأجر غرض عقلائي ونفع دنيويّ أو اُخروي أو غيرهما ـ فهو خارج عن مفروض البحث ، فاستئجار الشخص لفعل صلاة الظهر عن نفسه باطل من حيث إنّه لا يكون في ذلك غرض عقلائي للمستأجر ، لا لكون الفعل واجباً على الأجير .

نعم ، لو فرض ثبوت غرض عقلائي في مثله ـ كما إذا أراد اعتياد ولده بالصلاة بحصول التمرين عليها ولو من ناحية دفع الاُجرة إليه ـ فهو يدخل في محلّ النزاع .

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الكلام تارة : يقع في ثبوت المنافاة بين الوجوب بما هو وجوب ، وبين أخذ الاُجرة وعدمه . واُخرى : في ثبوت المنافاة بين الوجوب التعبّدي بما هو تعبّدي لأخذ الاُجرة وعدمه ، وعلى هذا التقدير لا فرق بين الواجب والمستحبّ . وثالثة : في منافاة الوجوب التعبدي النيابي لأخذ الاُجرة وعدمه ، وعلى هذا التقدير أيضاً لا يكون فرق بينهما ، فالكلام يقع في مقامات :

المقام الاوّل : في منافاة الوجوب بما هو وجوب لأخذ الاُجرة وعدمها ، وقد استدلّ لها بوجوه :

منها : أنّه يعتبر في صحّة الإجارة أن يكون متعلّقها مملوكاً للأجير حتى يصحّ نقله إلى المستأجر ; سواء كان اعتبار المملوكية ثابتاً له قبل العقد ، كمنافع الدار المملوكة لصاحبها قبل الإجارة ، وعمل العبد المملوك لمولاه كذلك ، أو كان اعتبار المملوكية بعد العقد ، كعمل الحرّ ; فإنّه وإن لم يعتبر مملوكاً لعامله قبل العقد ، إلاّ أنّه بالعقد يعتبر مملوكاً للمستأجر ، وتعلّق الوجوب به يوجب أن لا يكون مملوكاً

(الصفحة 533)

للفاعل حتى يصحّ نقله إلى الغير ; لأنّه يصير حينئذ مستحقّاً لله تعالى ، والمملوك المستحق لا يستحق ثانياً ، ألا ترى أنّه إذا آجر نفسه لدفن الميّت لشخص ، لم يجز له أن يؤجر نفسه ثانياً من شخص آخر لذلك العمل ، وليس ذلك إلاّ لأنّ الفعل صار مملوكاً للأوّل ومستحقّاً له ، فلا معنى لتمليكه ثانياً .

أقول : هذا الوجه هو أقوى الوجوه التي استدلّ بها في جامع المقاصد(1)وكشف الغطاء(2) ، ولو تمّ لكان مقتضاه القول بعدم الجواز مطلقاً . نعم ، ظاهره الاختصاص بالواجب العيني .

ويمكن تقريره في الواجب الكفائي ; بأن يقال : إنّ العمل قبل صدوره من العامل وإن لم يكن مملوكاً له تعالى ; لأنّ المفروض عدم تعيّنه عليه ، إلاّ أنّه بعد الصّدور يتّصف بكونه مملوكاً له تعالى ; بمعنى أنّه صدر ما يكون بعد الصدور غير مملوك إلاّ لله ، فلا يمكن أن تتعلّق به الإجارة المقتضية لكون العمل صادراً مملوكاً للمستأجر ، كما لا يخفى .

ولكن أصل الوجه لا يخلو عن خدشة بل منع ; فإنّ الوجوب الذي هو بمعنى مجرّد بعث الغير إلى إتيان الفعل ، لا يوجب أن يكون ذلك الفعل مملوكاً للباعث ومستحقاً له ، بحيث ينافي مملوكية الغير ; لأنّ مطلوبية الصدور وتحريك المأمور إلى الإصدار أمر ، ومملوكية الفعل الصّادر واستحقاقه أمر آخر لا يرتبط أحدهما بالآخر ، ولو كان الوجوب مساوقاً للملكية لما صحّ أمر أحد الأبوين بشيء بعد أمر الآخر به ; لأنّه إذا قال الأب مثلا : «أكرم زيداً» ، فمقتضى وجوب إطاعته الثابت بالشرع وكونه مساوقاً للملكية على ما هو المفروض ، هي صيرورة العمل ـ

  • (1) لم نجده في جامع المقاصد عاجلاً.
    (2) شرح القواعد ، كتاب المتاجر لصاحب كشف الغطاء : 1 / 279 ـ 283 ، وعنه الشيخ الأنصاري في المكاسب : 2 / 130 .

(الصفحة 534)

وهو إكرام زيد ـ مملوكاً للأب ومستحقّاً له ، وحينئذ فكيف يمكن أن يؤثّر أمر الاُمّ في الوجوب المساوق لها بعد عدم إمكان أن يصير المملوك المستحق مملوكاً ثانياً ، فاللازم هو القول بلغويّة أمرها ، مع أنّه من الواضح خلافه ، وليس ذلك إلاّ لعدم كون الوجوب موجباً لمملوكية الواجب للموجب .

كيف؟ وقد حقّقنا في علم الاُصول أنّ متعلّق الأحكام إنّما هي نفس الطبائع والعناوين لا الأفراد والوجودات(1) ; لأنّها قبل التحقّق ليست بفرد ، وبعده يحصل الغرض المطلوب منها ، فيسقط الأمر ، والطبيعة لا معنى لكونها مملوكة أصلا .

ومنها : ما ذكره كاشف الغطاء وتبعه المحقق النائيني (قدس سرهما) على ما في التقريرات ، وتقريره بنحو التلخيص : أنّه يعتبر في الإجارة وما يلحق بها من الجعالة أن يكون العمل الذي يأخذ الأجير أو العامل بإزائه الاُجرة والجعل ملكاً له ; بأن لا يكون مسلوب الاختيار بإيجاب أو تحريم شرعيٍّ عليه ; لأنّه إذا كان واجباً عليه فلا يقدر على تركه ، وإذا كان محرّماً عليه فلا يقدر على فعله ، ويعتبر في صحّة المعاملة على العمل كون فعله وتركه تحت سلطنته واختياره .

ومن هنا لا يجوز أخذ الاُجرة على الواجبات ; لعدم القدرة على تركها ، ولا على المحرّمات ; لعدم القدرة على فعلها ; فلا يجوز لشاهد الزور أخذ الاُجرة على شهادته ; لخروج عمله عن سلطنته لنهي الشارع ، فلا يقدر على فعله ، فأخذ الاُجرة أكل للمال بالباطل .

وأمّا الواجبات النظاميّة فيجوز أخذ الاُجرة عليها ما عدا القضاء ; لأنّ الأجير فيها مالك لعمله وقادر عليه ; لأنّ الواجب عليه هو بذل عمله بالمعنى المصدري ، لا نتيجة عمله التي هي معنى الإسم المصدري ، وهما وإن لم يكونا أمرين

  • (1) اصول فقه شيعة : 5 / 151 ـ 156 .

(الصفحة 535)

متمايزين ، إلاّ أنّهما شيئان اعتباراً ، فللشارع التفكيك بين وجوب المصدر وملكيّة إسم المصدر ، وأمّا التكليف في باب القضاء فقد تعلّق بنتيجة عمل القاضي وهو فصله الخصومة ، فلا يجوز له أخذ الاُجرة عليه ، بخلاف غيره من الطبيب والخيّاط والصباغ .

وكيف كان ، لو وجب بذل العمل وحرم احتكاره فلا مانع من أخذ الاُجرة عليه ، ولو وجب عليه نتيجة العمل فلا يجوز أخذ الاُجرة ; لأنّ المعنى المصدري آليّ ولا يقابل بالمال ، وإسم المصدر خارج عن ملكه(1) .

وفيه وجوه من النّظر :

الأوّل : أنّ المراد بالقدرة المعتبرة في صحّة الإجارة والجعالة ونحوهما إن كان هي القدرة على فعل العمل وتركه حقيقة وتكويناً ، فلا شبهة في عدم منافاتها مع تعلّق التكليف الوجوبي أو التحريمي ، كيف ؟ ووجودها شرط في تعلّق كلّ واحد منهما كما هو واضح ، وإن كان المراد بها هي القدرة شرعاً ; بمعنى أن يكون العمل جائز الفعل والترك عند الشارع ، لا أن يكون واجباً أو محرّماً ، فيرد عليه : أنّ الاستدلال بهذا النحو مصادرة ; لأنّ مرجع ذلك إلى أنّه يعتبر في صحّة الإجارة على العمل عدم كونه واجباً ، وهذا عين المدّعى .

الثاني : أنّ بطلان الإجارة على فعل شيء من المحرّمات ليس لعدم كونه قادراً عليه شرعاً ، والقدرة بهذا المعنى معتبرة في صحّتها ، بل لأنّه لا يعقل اجتماع الأمر بالوفاء بها مع النهي عن فعلها ، فمع ثبوت الثاني كما هو المفروض لا يبقى مجال للأوّل ، وليعلم أنّ المراد بالقدرة على التسليم التي اعتبرها الفقهاء في صحّة المعاملة ، ليس هي القدرة المبحوث عنها في الكتب العقلية التي مرجعها إلى صحّة الفعل والترك ، كيف؟ وهم يحكمون بصحّة المعاملة فيما لم يتحقّق فيه هذا المعنى .

  • (1) شرح القواعد ، كتاب المتاجر : 1 / 279 ـ 290 ، منية الطالب : 1 / 45 ـ 46 .