(الصفحة 319)
لأصالة عدم مدخلية شيء آخر في ذلك ، ويحتمل القول بالمنع ; لأنّ الناقل لا يتمكّن غالباً من الالتفات إلى كلّ ما له مدخل في ذلك الحكم ، فيتخيّل عدم مدخلية شيء سوى ما ذكره .
والذي أراه الوجه الأوّل ما لم يعارضه معارض أقوى ; لأنّ الثقة لا يعلّق الحكم على موضوع إلاّ مع فهمه كونه المناط في ذلك ، ولا يجوز له التعبير بالأعمّ إذا احتمل إرادة الخصوصية ، فينحلّ في الحقيقة إلى الإخبار بنوع الواقعة وحكمها ، وخبر الثقة حجّة في ذلك .
ولعلّ قولهم : «إنّه قضيّة في واقعة» ، إنّما هو مع قوّة المعارض ، كما يشهد به تتبع كتب الفاضل العلاّمة ـ أعلى الله مقامه ـ وشيخنا الشهيد ـ قدّس روحه السّعيد ـ وإلاّ فقد تراهم يتمسّكون بالوقائع الخاصّة لعموم الحكم في الحدود والتعزيرات كثيراً ، وفي غيرها كذلك . واحتمال فهمهم من ذلك عدم الخصوصية بعيد جدّاً(1) .
ومحصّله : أنّ حمل الحكم على كونه في واقعة خاصّة أو على أنّ القضية شخصية إنّما هو في صورة وجود المعارض الأقوى ، ومن الواضح أنّ هذه الصورة خارجة عن مجرى قاعدة الاشتراك ، كما عرفت .
هذا تمام الكلام في قاعدة الاشتراك .
8 ذي الحجّة الحرام 1408 هـ
- (1) العناوين : 1 / 28 ـ 29 .
(الصفحة 323)قاعدة اشتراك الكفّار مع المؤمنين في التكليف
وهذه القاعدة أيضاً من القواعد المعروفة المشهورة ، والبحث فيها يستدعي التكلّم في مقامات :
المقام الأوّل : في مستند هذا الاشتراك الذي يرجع إلى عدم شرطية الإيمان المقابل للكفر في باب التكاليف والأحكام ، وهو اُمور :
الأوّل : ثبوت الشهرة وتحققها من فقهائنا قديماً وحديثاً على وفقه(1) ، بل يظهر من عبارة كثير من الأصحاب دعوى الإجماع عليه ; فإنّهم يعبّرون عنه بلفظ عندنا وعند علمائنا ونحو ذلك(2) ، بل ربما يقال : إنّه من ضروريات مذهب الإمامية ، والظاهر أنّ المراد كونه من ضروريات فقههم لاضروريات مذهبهم . ولكنّ الظاهر أنّه لا حجية لهذا الإجماع ; لأنّه ـ مضافاًالى وجود المخالف في المسألة كالمحدّث الكاشاني(3) والأمين الأسترابادي(4) وصاحب الحدائق(5) على ما حكي
- (1، 2) الحدائق الناضرة : 3 / 39 ، العناوين : 1 / 23 ، مجمع الفائدة والبرهان : 3 / 236 ، ذخيرة المعاد : 563 ، مصباح الفقيه : 3 / 268 ، العناوين : 2 / 714 ، وغيرها ممّا تقدّم في ص 255 .
(3) الوافي : 2 / 82 ذ ح 523 ، تفسير الصافي : 2 / 394 .
(4) الفوائد المدنية : 202 ـ 226 .
(5) الحدائق الناضرة : 3 / 39 / 40 .