جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 333)

آمن وحصل ذلك كلّه كان مطيعاً ، وإن لم يؤمن ففعل المحرّمات وترك الواجبات عوقب عليها كما يعاقب على ترك الإيمان ; لمخاطبته بها إجمالا وإن لم يخاطب تفصيلا بفعل الصلاة وترك الزنا ونحو ذلك لغفلته عنها .

نظير ذلك ما إذا أمر الملك أهل بلد نصب لهم حاكماً بالإذعان بولايته من قبل الملك ، والانقياد له في أوامره ونواهيه المسطورة في طومار بيده ، فلم تذعن تلك الرعية لذلك الحاكم ولم يلتفتوا إلى ذلك الطومار ولم يطّلعوا عليه أصلا ، فاتّفق وقوعهم من أجل ذلك في كثير من النواهي وترك الأوامر الموجودة فيه ; فإنّه لا يقبح عقابهم على كلّ واحد واحد من تلك المخالفات ; لكفاية الخطاب الإجمالي مع تمكّن المخاطب من المعرفة التفصيلة(1) .

أقول : تارة تلحظ الروايتان مع قطع النظر عن التعليل الوارد فيهما ، واُخرى مع ملاحظته .

ففي الأوّل : لا مجال للمناقشة فيهما ; لظهورهما في أنّ التكليف بمثل الصلاة والصيام يختصّ بالمؤمن الذي آمن بالله وبرسوله ، والقياس بالمورد المذكور في كلام الشيخ حينئذ مع الفارق ; لأنّ في المقيس عليه يكون المفروض توجّه تكليفين من ناحية الملك : أحدهما متعلّق بقبول الولاية والإذعان لها ، والثاني بالائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه ، وفي المقام لا يكون بحسب ظاهر الرّوايتين حكم مع عدم الإيمان بالله وبرسوله .

وبعبارة اُخرى : ليس الكلام في المقام بهذا اللحاظ إلاّ ما يكون مرتبطاً بمقام الإثبات ، وهو أنّه هل الدليل على عدم الاختصاص أو عليه ، موجود أم لا؟ وفي هذه المرحلة لا خفاء في ظهور الروايتين في الاختصاص .

  • (1) كتاب الطهارة (تراث الشيخ الأعظم) : 2 / 569 .

(الصفحة 334)

وفي الثاني : وإن كان تجري المناقشة في التعليل ; لظهوره في الاستحالة ولا أقلّ من الاستهجان ، إلاّ أنّ هذه المناقشة لا تسري إلى أصل الحكم المذكور فيهما ، الذي هو العمدة في مقام الاستدلال ، فاللازم أن يقال :

أمّا الرواية الثانية الواردة في تفسير الآية فهي في مقام بيان تأويل الآية ; لأنّ حمل الشرك والكفر على الشرك بالأوّل والكفر بالآخرين لا يكون خارجاً عن التأويل بوجه ، ولا ينافي الاستناد إلى ظاهر الآية الذي هو عبارة عن كون المراد بالشرك والكفر هو المعنى الظاهر منهما ، وعن كون المشركين مأمورين بالزكاة ، مضافاً إلى أنّ الشرك الملازم لعدم الإتيان بالزكاة ليس الشرك بالمعنى المذكور في الرواية ، فتدبّر .

وأمّا الرواية الاُولى ، فهي دالّة على عدم كون الكافر مأموراً بالولاية ومعرفة الإمام ، التي هي من الاُصول الاعتقادية ، مع أنّ الظاهر أنّه لا يقول القائل بالاختصاص بذلك أيضاً ; فإنّ ظاهرهم التسلّم على ثبوت التكليف للكافر بالإضافة إلى جميع الاُصول الاعتقاديّة ، فالروايتان لا تصلحان للاستدلال بهما .

ومنها ـ وهو العمدة ـ : أنّ التكاليف ممتنعة الحصول من الكافر حال كفره ; إذ لا إشكال في اشتراط الصحّة بالإسلام وعدم وقوع العبادة من الكافر متّصفة بالصّحة . ومقتضى قوله (صلى الله عليه وآله) الإسلام يجبّ ما قبله(1) أنّ الإسلام مسقط لما قبله ، فإذا كان كذلك فلا يمكن صدور العمل من الكافر على وجه يوافق الأمر ، فلا مجال للقول بكون الكافر مكلّفاً بالفروع مع عدم جواز التكليف بما لا يطاق عندنا وعند أكثر العقلاء ، ولو لم يكن ممتنعاً على تقدير الإسلام فهو لغو قطعاً ; إذ طلب الفعل على تقدير ـ لو اُريد الإتيان به على ذلك الفرض لسقط الخطاب ـ خال عن

  • (1) تقدم في ص 265 ـ 267 .

(الصفحة 335)

الفائدة  بالمرّة(1) .

والجواب عنه ـ مضافاً إلى أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وإلى أنّ قاعدة الجبّ كما مرّ(2) البحث فيها سابقاً ، لا تشمل جميع التكاليف والأحكام الوضعيّة ـ  : ما مرّ في تلك القاعدة أيضاً(3) من أنّ هذا الإشكال إنّما يرد على تقدير اختصاص التكليف بالكافر وكونه المخاطب بالخصوص .

وأمّا على تقدير عموميّة الخطاب وثبوت التكليف بنحو العموم ، فلا مجال لهذا الإشكال ; لأنّه لا يعتبر في التكاليف والخطابات العامّة أن يكون جميع مصاديقها وأفرادها واجداً للشرائط ، فيصحّ توجيه الخطاب إلى العموم وإن كان بعض الأفراد عاجزاً غير قادر ; لأنّه لا يعتبر في صحّته إلاّ عدم كون الأكثر كذلك ، لا كون كلّ أفراده كذلك ، ويدلّ عليه الرجوع إلى العقلاء الذين هم الملاك في الحكم بصحّة الخطاب وعدمها .

وبالجملة : لو كانت الخطابات العامّة منحلّة إلى الخطابات الجزئية المتكثّرة حسب تكثّر الأفراد وتعدّدها ، لكان اللازم ملاحظة حال جميع الأفراد لفرض الانحلال . وأمّا مع عدم الانحلال كما هو الحقّ فلا مجال لملاحظة حال الجميع ، فالتكليف يشمل العاجز أيضاً في ضمن العموم ، غاية الأمر كون عجزه مانعاً وعذراً له في مقابل المولى ، ولا يكاد يكون الكفر كذلك ; لأنّه باختياره ، ويمكن له رفع اليد عنه .

وهذا المعنى الذي ذكرناه لا يرتبط بمسألة القضية الحقيقية وكون الأحكام مبنيّة بمثلها ، بل هو مبنيّ على كون الخطاب بنحو العموم غير المنحلّ إلى الخطابات

  • (1) يراجع العناوين : 2 / 716 ـ 717 .
    (2 ، 3) في ص273 ـ 277 .

(الصفحة 336)

الجزئية ولو لم تكن القضية حقيقية ، فإذا قال المولى لعبيده المتعدّدين : سافروا غداً ، يصحّ هذا الخطاب إذا كان أكثرهم قادرين على السفر وإن كان بعضهم غير قادر عليه ، والمصحّح له كون الخطاب بنحو العموم وعدم الانحلال إلى تعدّد الخطابات حسب تعدّد العبيد ، مع عدم كون القضية حقيقية بلا ريب ، فما ذكرناه مبنيّ على افتراق الخطاب بنحو العموم عن الخطابات الشخصية ، ولا يرتبط بالقضية الحقيقيّة بوجه . وبالجملة : فهذا الدليل أيضاً غير وجيه .

ومنها : غير ذلك ممّا يظهر جوابه ممّا ذكرنا ، أو يكون جوابه ظاهراً في نفسه ; مثل لزوم التكليف بما لا يطاق لو كان الكافر مكلّفا بالفروع ; لأنّه جاهل بالتكليف والأمر والنهي ، وتكليف الجاهل قبيح . وما ورد ممّا ظاهره تخصيص الأمر بطلب العلم بالمسلم ; كقوله (صلى الله عليه وآله)   : طلب العلم فريضة على كلّ مسلم(1) . واختصاص الخطاب في ظواهر بعض الآيات بالمؤمنين ; كقوله تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}(2) الآية ، وهو يوجب تقييد ما ورد بصورة العموم . وعدم أمر النبي (صلى الله عليه وآله) كلّ من أسلم بالغسل مع العلم العادي بأنّه جنب .

والجواب عن الأخير : منع عدم الأمر ، بل الظاهر أنّ الاغتسال بعد الإسلام كان من الاُمور المعتادة ، كما هو المتداول في هذه الأزمنة ، وقد مرّ البحث في هذه الجهة في قاعدة الجبّ المتقدمة(3) ، وقد انقدح من جميع ما ذكرنا تمامية القاعدة من

  • (1) الكافي : 1 / 30 ح 1 و ص 31 ذ ح 5 ، بصائر الدرجات : 2 ، 3 ح 1 و 3 ، روضة الواعظين : 16 ، أمالي الطوسي : 488 صدر ح 1069 ، و ص 569 صدر ح 1176 ، منية المريد : 18 ، وعنها وسائل الشيعة : 27 / 26 ـ 30 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب 4 ح 16 ، 18 ، 20 ، 23 ، 26 ، 27  و 35 .
    (2) سورة البقرة 2 : 183 .
    (3) في ص 277 ـ 283 .

(الصفحة 337)

حيث المستند .

المقام الثاني : في مفاد القاعدة وما يراد منها ، ونقول : المراد منها هو مجرّد اشتراك الكفار مع المؤمنين في التكاليف الانشائية والفعلية البالغة مرتبة البعث والزجر ; بمعنى أنّه كما يكون المسلم مبعوثاً إلى مثل الصلاة ، كذلك يتوجّه البعث إلى الكافر أيضاً من دون فرق ، وكما يكون المسلم مزجوراً عن مثل شرب الخمر ، كذلك يتوجّه الزجر إلى الكافر أيضاً بنفس ذلك الخطاب . وأمّا مرحلة التنجّز المتوقفة على الالتفات والعلم أو الاحتمال الذي لا يكون معذوراً فيه ، فتتوقّف في الكافر على شرائطها كما تتوقّف في المسلم .

وعليه : فالتكليف في أكثر الكفّار لا يبلغ هذه المرحلة ; للغفلة أو العلم بالخلاف باعتبار اعتقادهم بصحة مذهبهم أو بطلان الإسلام بالمرّة . ومنه يظهر أنّه لا مجال لعطف العقاب على التكليف في أكثر العبارات ; فإنّ دائرة العقاب محدودة ببلوغ التكليف مرحلة التنجّز ، بخلاف أصل التكليف الذي لا يشترط فيه الإسلام ولا العلم والالتفات أصلا ، كما لا يخفى .

المقام الثالث : في أنّه بعد ما لم يكن الإسلام شرطاً في أصل التكليف وفعليّته ، فهل يكون شرطاً في الصحّة إذا كان العمل عبادة ، أم لا يكون شرطاً فيها أيضاً؟ ربما يقال : نعم ; لإجماع الأصحاب عليه(1) في ما عدا الوقف والصدقة والعتق ، على القول باشتراط نيّة القربة فيها ، ولاشتراط نيّة القربة في صحّة العبادة ، وهي لا تتحقق من الكافر ، ولقوله تعالى : {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}(2) . ولدلالة الآيات الكثيرة على كون

  • (1) العناوين : 2 / 720 ـ 721 ، منتهى المطلب : 2 / 657 (طبع الحجري) ، مدارك الأحكام : 1 / 277 ، جواهر الكلام : 3 / 39 .
    (2) سورة التوبة 9 : 54 .