جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 335)

الفائدة  بالمرّة(1) .

والجواب عنه ـ مضافاً إلى أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وإلى أنّ قاعدة الجبّ كما مرّ(2) البحث فيها سابقاً ، لا تشمل جميع التكاليف والأحكام الوضعيّة ـ  : ما مرّ في تلك القاعدة أيضاً(3) من أنّ هذا الإشكال إنّما يرد على تقدير اختصاص التكليف بالكافر وكونه المخاطب بالخصوص .

وأمّا على تقدير عموميّة الخطاب وثبوت التكليف بنحو العموم ، فلا مجال لهذا الإشكال ; لأنّه لا يعتبر في التكاليف والخطابات العامّة أن يكون جميع مصاديقها وأفرادها واجداً للشرائط ، فيصحّ توجيه الخطاب إلى العموم وإن كان بعض الأفراد عاجزاً غير قادر ; لأنّه لا يعتبر في صحّته إلاّ عدم كون الأكثر كذلك ، لا كون كلّ أفراده كذلك ، ويدلّ عليه الرجوع إلى العقلاء الذين هم الملاك في الحكم بصحّة الخطاب وعدمها .

وبالجملة : لو كانت الخطابات العامّة منحلّة إلى الخطابات الجزئية المتكثّرة حسب تكثّر الأفراد وتعدّدها ، لكان اللازم ملاحظة حال جميع الأفراد لفرض الانحلال . وأمّا مع عدم الانحلال كما هو الحقّ فلا مجال لملاحظة حال الجميع ، فالتكليف يشمل العاجز أيضاً في ضمن العموم ، غاية الأمر كون عجزه مانعاً وعذراً له في مقابل المولى ، ولا يكاد يكون الكفر كذلك ; لأنّه باختياره ، ويمكن له رفع اليد عنه .

وهذا المعنى الذي ذكرناه لا يرتبط بمسألة القضية الحقيقية وكون الأحكام مبنيّة بمثلها ، بل هو مبنيّ على كون الخطاب بنحو العموم غير المنحلّ إلى الخطابات

  • (1) يراجع العناوين : 2 / 716 ـ 717 .
    (2 ، 3) في ص273 ـ 277 .

(الصفحة 336)

الجزئية ولو لم تكن القضية حقيقية ، فإذا قال المولى لعبيده المتعدّدين : سافروا غداً ، يصحّ هذا الخطاب إذا كان أكثرهم قادرين على السفر وإن كان بعضهم غير قادر عليه ، والمصحّح له كون الخطاب بنحو العموم وعدم الانحلال إلى تعدّد الخطابات حسب تعدّد العبيد ، مع عدم كون القضية حقيقية بلا ريب ، فما ذكرناه مبنيّ على افتراق الخطاب بنحو العموم عن الخطابات الشخصية ، ولا يرتبط بالقضية الحقيقيّة بوجه . وبالجملة : فهذا الدليل أيضاً غير وجيه .

ومنها : غير ذلك ممّا يظهر جوابه ممّا ذكرنا ، أو يكون جوابه ظاهراً في نفسه ; مثل لزوم التكليف بما لا يطاق لو كان الكافر مكلّفا بالفروع ; لأنّه جاهل بالتكليف والأمر والنهي ، وتكليف الجاهل قبيح . وما ورد ممّا ظاهره تخصيص الأمر بطلب العلم بالمسلم ; كقوله (صلى الله عليه وآله)   : طلب العلم فريضة على كلّ مسلم(1) . واختصاص الخطاب في ظواهر بعض الآيات بالمؤمنين ; كقوله تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}(2) الآية ، وهو يوجب تقييد ما ورد بصورة العموم . وعدم أمر النبي (صلى الله عليه وآله) كلّ من أسلم بالغسل مع العلم العادي بأنّه جنب .

والجواب عن الأخير : منع عدم الأمر ، بل الظاهر أنّ الاغتسال بعد الإسلام كان من الاُمور المعتادة ، كما هو المتداول في هذه الأزمنة ، وقد مرّ البحث في هذه الجهة في قاعدة الجبّ المتقدمة(3) ، وقد انقدح من جميع ما ذكرنا تمامية القاعدة من

  • (1) الكافي : 1 / 30 ح 1 و ص 31 ذ ح 5 ، بصائر الدرجات : 2 ، 3 ح 1 و 3 ، روضة الواعظين : 16 ، أمالي الطوسي : 488 صدر ح 1069 ، و ص 569 صدر ح 1176 ، منية المريد : 18 ، وعنها وسائل الشيعة : 27 / 26 ـ 30 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب 4 ح 16 ، 18 ، 20 ، 23 ، 26 ، 27  و 35 .
    (2) سورة البقرة 2 : 183 .
    (3) في ص 277 ـ 283 .

(الصفحة 337)

حيث المستند .

المقام الثاني : في مفاد القاعدة وما يراد منها ، ونقول : المراد منها هو مجرّد اشتراك الكفار مع المؤمنين في التكاليف الانشائية والفعلية البالغة مرتبة البعث والزجر ; بمعنى أنّه كما يكون المسلم مبعوثاً إلى مثل الصلاة ، كذلك يتوجّه البعث إلى الكافر أيضاً من دون فرق ، وكما يكون المسلم مزجوراً عن مثل شرب الخمر ، كذلك يتوجّه الزجر إلى الكافر أيضاً بنفس ذلك الخطاب . وأمّا مرحلة التنجّز المتوقفة على الالتفات والعلم أو الاحتمال الذي لا يكون معذوراً فيه ، فتتوقّف في الكافر على شرائطها كما تتوقّف في المسلم .

وعليه : فالتكليف في أكثر الكفّار لا يبلغ هذه المرحلة ; للغفلة أو العلم بالخلاف باعتبار اعتقادهم بصحة مذهبهم أو بطلان الإسلام بالمرّة . ومنه يظهر أنّه لا مجال لعطف العقاب على التكليف في أكثر العبارات ; فإنّ دائرة العقاب محدودة ببلوغ التكليف مرحلة التنجّز ، بخلاف أصل التكليف الذي لا يشترط فيه الإسلام ولا العلم والالتفات أصلا ، كما لا يخفى .

المقام الثالث : في أنّه بعد ما لم يكن الإسلام شرطاً في أصل التكليف وفعليّته ، فهل يكون شرطاً في الصحّة إذا كان العمل عبادة ، أم لا يكون شرطاً فيها أيضاً؟ ربما يقال : نعم ; لإجماع الأصحاب عليه(1) في ما عدا الوقف والصدقة والعتق ، على القول باشتراط نيّة القربة فيها ، ولاشتراط نيّة القربة في صحّة العبادة ، وهي لا تتحقق من الكافر ، ولقوله تعالى : {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}(2) . ولدلالة الآيات الكثيرة على كون

  • (1) العناوين : 2 / 720 ـ 721 ، منتهى المطلب : 2 / 657 (طبع الحجري) ، مدارك الأحكام : 1 / 277 ، جواهر الكلام : 3 / 39 .
    (2) سورة التوبة 9 : 54 .

(الصفحة 338)

الكفار معذّبين بالنّار خالدين فيها(1) ، ولو كانت عباداتهم صحيحة لزم وصول الأجر إليهم في الآخرة وهو منفيّ بالآيات المذكورة ، ولقوله تعالى : {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}(2) بضميمة أنّ أوّل التقوى الإسلام ، ولدلالة الأخبار الكثيرة على بطلان عبادة المخالف(3) ، فضلا عن الكافر .

واُجيب عن الإجماع بأنّه لا أصالة له ; لإحتمال استناده إلى الأدلّة الاُخرى ، وعن مسألة قصد القربة بأنّ عدم إمكانه إنّما هو في الكافر الجاحد بالربوبيّة مطلقاً ، وأمّا الكافر المقرّ بالله المنكر لصفة أو للنبوّة ، فيعقل فيه قصد القربة ، خصوصاً إذا كان من المنتحلين للإسلام كالغلاة والنواصب ، وترى أهل الكتاب يجتمعون في معابدهم ويعملون أعمالا يكون الداعي لهم إليها التقرّب إلى الله تعالى بالمعنى الشامل للوصول إلى الثواب والفرار عن العقاب .

نعم ، يمكن أن يقال بأنّ العمل العبادي الذي يكون في الإسلام و ليس له سابقة في الأديان لا يكون الكافر المنكر للنبوّة معتقداً بكونه مأموراً به من الله تعالى ومقرّباً للعبد إليه . وعليه : فكيف يتمشّى منه قصد القربة مع هذا الاعتقاد؟ نعم ، يمكن فرضه في الأعمال العبادية المشتركة ، وهي قليلة ; إذ الاختلاف موجود ولا أقلّ في الكيفية .

واُجيب عن الاستدلال بقوله تعالى : {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ . . .} بأنّ القبول أخصّ من الصّحة .

وفيه : أنّ المراد بالقبول إن كان ترتّب الثواب فهو لا ينفك عن الصحة ; لأنّه إذا كان العمل موافقاً للمأمور به جامعاً لجميع الخصوصيات المعتبرة فيه ، فلا محالة

  • (1) كسورة البينّة 98 : 6 ، وسورة البقرة 2 : 39 و 257 .
    (2) سورة المائدة 5 : 27 .
    (3) وسائل الشيعة : 1 / 118 ، كتاب الطهارة ، أبواب مقدّمة العبادات ب 29 .

(الصفحة 339)

يكون صحيحاً وتترتّب عليه المثوبة ، وإن كان المراد به ما هو أعلى من ترتّب الثواب ، فهو ممنوع ; فإنّ القبول الفقهي مساوق للصحّة .

ودعوى أنّ ضمير الجمع في الآية يرجع إلى المنافقين ، والبحث إنّما هو في الكافرين ، مدفوعة بأنّ ظاهر الآية : أنّ المانع من القبول والعلّة المانعة عنه هو الكفر بالله والرّسول لا عنوان النّفاق .

واُجيب عن الآيات الدالّة على أنّ الكفّار معذّبين بالنّار ، بأنّه لا ينافي صحّة أعمالهم والمثوبة عليها في الدنيا ، ويمكن أن يقال بتأثير عملهم في تخفيف العذاب ، فإنّ للنار مراتب متفاوتة بالشدّة والضعف ، كما أنّه يمكن أن يقال بأنّ التعذيب بالنار إنّما هو لأجل عدم إتيانهم خارجاً بما هو وظيفة لهم ، والبحث إنّما هو في الصحّة على تقدير الإتيان .

وبعبارة اُخرى : ما ذكر في مقام الاستدلال من أنّه لو كانت عباداتهم صحيحة لزم وصول الأجر إليهم في الآخرة ، لابدّ وأن يكون المراد بالعبادات الواردة هي العبادات التي حثّ عليها في الإسلام ، ومن الواضح عدم إتيانهم بشيء منها خارجاً ، فلا ينافي كونهم معذّبين بالنار خالدين فيها ، كما هو ظاهر .

وأمّا الأخبار الدالّة على بطلان عبادة المخالف ، فظاهر أكثرها ـ مثل الرواية المعروفة الدالّة على أنّه بني الإسلام على خمس(1) ، ومن جملتها الولاية ، وأنّه لم يناد أحد بشيء ما نودي بالولاية(2) ـ أنَّ عمل غير القائل بالولاية حيث لا يكون بدلالة الوالي لا يكون من حيث الصحّة مورداً للاطمئنان ; لعدم أخذه علم الأحكام من العالم بها المطّلع عليها ، ولا دلالة له على البطلان مع الموافقة التامّة والاجتماع لشرائط الصّحة ; لأجل عدم الاعتقاد بالولاية .

  • (1) تقدمت في ص 329 .
    (2) وسائل الشيعة : 1 / 18 ، أبواب مقدّمة العبادات ب 1 ح 10 .