جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 471)

المتنجّس ممّن يستحلّه بأنّ فيه إعانة على الإثم(1) . وعن المحكي عن المحقّق الأردبيلي : أنّه استدلّ على حرمة بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً بأنّ فيه إعانة على الإثم(2) . وعن الحدائق : أنّه قرّره على ذلك(3) . وعن الرياض : أنّه بعد ذكر الأخبار الدالّة على الجواز في مسألة بيع العنب قال : وهذه النصوص وإن كثرت واشتهرت وظهرت دلالتها ، بل وربما كان بعضها صريحاً ، لكن في مقابلتها للاُصول والنصوص المعتضدة بالعقول إشكال(4) .

ثمّ استظهر أنّ مراده بالاُصول قاعدة «حرمة الإعانة على الإثم» ، ومن العقول حكم العقل بوجوب التوصّل الى دفع المنكر مهما أمكن ، ثمّ أيّد الشيخ ما ذكروه ـ من صدق الإعانة بدون القصد ـ بإطلاقها في غير واحد من الأخبار ، مع عدم تحقّق القصد في مواردها ، مثل النبويّ المتقدّم(5) «من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه»، وغيره من الرّوايات(6) .

ولكن يظهر من المحقّق الثاني في حاشية الإرشاد اعتبار القصد في تحقّق مفهوم الإعانة(7) ، ووافقه جماعة من متأخّري المتأخّرين ، منهم : صاحب الكفاية(8)وصاحب الجواهر(9) .

وهنا قول ثالث ; وهو التفصيل بين ما إذا كانت تلك المقدّمة بعد إرادة الآثم

  • (1) حاشية الإرشاد للمحقّق الثاني المطبوع مع حياة المحقّق الكركي وآثاره: 9 / 317 .
    (2) مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 50 .
    (3) الحدائق الناضرة : 18 / 205 .
    (4) رياض المسائل : 8 / 55 .
    (5) في ص 465 .
    (6) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 1 / 133 ـ 135 .
    (7) حاشية الإرشاد : 318 .
    (8) كفاية الأحكام: 85.
    (9) جواهر الكلام : 22 / 30 ـ 33 .

(الصفحة 472)

لذلك الإثم وعزمه على ذلك الفعل ، ولكن يتوقّف إيجاده على تلك المقدّمة ، كما إذا أراد ضرب شخص وعزم على ذلك ، ولكن يتوقّف وقوع الضرب في الخارج على وصول عصا بيده ، فأعطاه العصا بيده في هذه الحالة مع علمه بإرادته وعزمه ، فإنّ إعطاء العصا في هذه الحالة مع العلم المذكور يكون إعانة على الإثم وإن لم يقصد ترتّب الضرب ، بل يرجو أن لا يضرب ، وبين ما إذا كانت تلك المقدّمة من مبادئ الإرادة على الإثم .

وبعبارة اُخرى : التفصيل بين ما إذا كانت المقدّمة جزءاً أخيراً من العلّة التامّة لتحقّق الإثم ، وبين ما إذا لم تكن كذلك ، ففي الصورة الاُولى تتحقّق الإعانة ولو لم تكن المقدّمة مقرونة بقصد المعِين ، وفي الصورة الثانية يتوقّف تحقّق الإعانة على القصد وترتّب المحرّم والمعصية . أمّا توقّف الصورة الثانية على القصد فواضح ، وقد عرفت أنّ رواية لعن الغارس ناظرة إلى هذا الفرض(1) .

وأمّا عدم توقّف الصورة الاُولى على القصد ; فلأنّ المفروض تماميّة مقدّمات وقوع الحرام وتحقّق الإثم ونقصان هذه المقدّمة ، فإذا علم أنّه بإيجادها يتحقّق الحرام في الخارج ، فهو إعانة لا محالة وإن لم يكن قاصداً لتحقّقه ، بل كان الغرض من إعطاء العصا في المثال المذكور أنّه لا يريد مخالفة الآثم والإباء عن إيجاد مطلوبه ; وهو التمكّن من العصا . وقد اختار هذا القول جماعة ، منهم : المحقّق البجنوردي(2) ، وقبله الشيخ الأنصاري في آخر كلامه(3) ، وقبله المحقّق الأردبيلي في آيات أحكامه . قال في كتاب الحجّ منه عند بيان آية : {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الاِْثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(4) :

  • (1) في ص 468 .
    (2) القواعد الفقهية للمحقق البجنوردي : 1 / 368 ـ 369 .
    (3) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 1 / 140 ـ 141 .
    (4) سورة المائدة 5 : 2 .

(الصفحة 473)

والظاهر أنّ المراد الإعانة على المعاصي مع القصد ، أو على الوجه الذي يقال عرفاً أنّه كذلك ، مثل أن يطلب الظالم العصا من شخص لضرب مظلوم فيعطيه إيّاها ، أو يطلب منه القلم لكتابة ظلم فيعطيه إيّاه ، ونحو ذلك ممّا يعدّ ذلك معاونة عرفاً ، فلا يصدق على التاجر الذي يتّجر لتحصيل غرضه أنّه معاون للظالم العاشر في أخذ العشور ، ولا على الحاجّ الذي يؤخذ منه بعض المال في طريقه ظلماً ، وغير ذلك ممّا لا يحصى ، فلا يعلم صدقها على شراء من لم يحرم عليه شراء السلعة من الذي يحرم عليه البيع ، ولا على بيع العنب ممّن يعمل خمراً ، والخشب ممّن يعمل صنماً ، ولهذا ورد في الروايات الكثيرة الصحيحة جوازه(1) ، وعليه الأكثر(2) ، ونحو ذلك ممّا لا يحصى(3) .

قال صاحب العوائد بعد نقل العبارة المذكورة : وهو جيّد في غاية الجودة(4) .

ولكن الشيخ الأعظم (قدس سره) أورد على المحقّق الأردبيلي بعد جعل مورد الإشكال في بحث الإعانة ما إذا قصد الفاعل بفعله وصول الغير إلى مقدّمة مشتركة بين المعصية وغيرها . مع العلم بصرف الغير إيّاها في المعصية . وبعبارة اُخرى : ما إذا كان هناك إعانة على شرط الحرام مع العلم بصرفه في الحرام ، بأنّ الفرق بين إعطاء السّوط للظالم ، وبين بيع العنب لاوجه له ; فإنّ إعطاءالسوط إذاكان إعانة ـ كما اعترف به في آيات الأحكام ـ كان بيع العنب كذلك ، كما اعترف به في شرح الإرشاد(5) ،(6) .

  • (1) وسائل الشيعة : 17 / 176 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ب 41 و ص 229 ب 59 .
    (2) كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع : 2 / 9 ، والكركي في جامع المقاصد : 4 / 18 و ج 7/ 122 ، والشهيد الثاني في روضة البهيّة : 3 / 211 ، ومسالك الأفهام : 3 / 124 ، والسبزواري في كفاية الأحكام : 85 ، والسيّد علي الطباطبائي في رياض المسائل : 8 / 50 ـ 55 ، والعاملي في مفتاح الكرامة : 12 / 123 ـ 131 وغيرها .
    (3) زبدة البيان : 382 ـ 383 .
    (4) عوائد الأيّام : 78 .
    (5) مجمع الفائدة والبرهان : 8 / 50 .
    (6) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 1 / 136 ـ 138 .

(الصفحة 474)

ويرد عليه ما أفاده في ذيل كلامه من الفرق من جهة انحصار فائدة الشرط عرفاً في الحالة الخاصّة في الضّرب ، بخلاف تمليك الخمّـار ; فإنّه لا تنحصر فائدته عرفاً في التخمير ، ولو مع العلم بترتّبه عليه ، فالانحصار وعدمه هو الفارق بين المسألتين(1) .

فحاصل الكلام يرجع إلى أنّ العرف هو الفارق بين الفرضين ، وملاكه الانحصار العرفي وعدمه ، كما أنّ ثبوت الإعانة مع فرض القصد في غير هذه الصورة إنّـما هو لحكم العرف بذلك ; فإنّه يرى الفرق بين غارس النخل لأجل استفادة الخمر ، وبين الغارس لا لذلك . نعم ، يبقى الكلام في مثل قوله (صلى الله عليه وآله)  : من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه(2) ، واللازم أن يقال ـ بعد ظهور عدم كونه في مقام الإخبار عن تحقّق الإعانة العرفية بذلك ـ : إنّ المراد هو تحقّق الإعانة تعبّداً وترتّب آثارها عليه كذلك ، ولا مانع من الالتزام به بعد دلالة الرّواية عليه ، ويمكن أن يقال بأنّه حيث يترتّب الموت غالباً على أكل الطين ، فآكل الطين لا يكاد ينفكّ عن القصد ، والإعانة إنّما هي بلحاظ ثبوت القصد، فتدبّر .

ثمّ إنّ الموارد المرتبطة بهذه القاعدة في الفقه كثيرة : مثل مسألة بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمراً ، وبيع الخشب ممّن يعلم أنّه يجعله صنماً ، وإجارة الدكّان لبيع الخمر ، أو الدار لصنعها ، وإجارة الدابّة أو السفينة لحمل الخمر ، وبيع السلاح من أعداء الدين ، وإن كان يحتمل فيه أن لا تكون حرمته من باب الإعانة ، بل من حيث نفسه .

والضابط في الموارد الخالية عن النصّ جوازاً أو منعاً مراعاة ما ذكرناه في معنى الإعانة من اعتبار أحد أمرين على سبيل منع الخلوّ ، إمّا القصد إلى ترتّب

  • (1) المكاسب (تراث الشيخ الاعظم) : 1 / 140 .
    (2) في ص 465 .

(الصفحة 475)

فعل الحرام عليه ; بمعنى كون الغرض من الفعل وإيجاد المقدّمة ترتّب الحرام عليه ووجوده في الخارج . وإمّا كون الفعل قريباً إلى الحرام وجزءاً أخيراً من العلّة التامّة ، الذي يوجب صدق الإعانة بنظر العرف وإن لم يكن في البين قصد أصلا .

الجهة الثالثة : في أنّه لا إشكال في صدق الإعانة فيما إذا كان هناك شخصان : أحدهما المعِين ، والآخر : المعان ، وأمّا بالإضافة إلى شخص واحد ، فهل تتحقّق الإعانة أم لا؟ فالمشتري في مثال بيع العنب إذا كان قاصداً باشترائه تخمير العنب المشترى ، وكان غرضه من الشراء ذلك ، هل يكون عمله حراماً بعنوان الإعانة أم لا؟ يظهر من الشيخ الأعظم (قدس سره) الثاني ، حيث إنّه ذكر أنّ محلّ الكلام فيما يعدّ شرطاً للمعصية الصادرة عن الغير ، فما تقدّم(1) من المبسوط من حرمة ترك بذل الطعام لخائف التلف مستنداً إلى قوله (عليه السلام)  : «من أعان على قتل مسلم . . .»(2) محلّ تأمّل ، إلاّ أن يريد الفحوى(3) .

ويؤيّد التعميم الرواية الواردة في لعن الغارس ; فإنّ حملها على كون المراد من الغرس تخمير الغير ، وعدم شمولها لما إذا كان المراد تخميره بنفسه في غاية البعد ، وكذا الرواية الواردة في أكل الطين ، الدالّة على أنّه إعانة على نفسه ولو بالمعنى الذي ذكرناه في معنى الرواية .

وبالجملة : إن كان مراد الشيخ (قدس سره) مدخليّة وجود الغير في معنى الإعانة عرفاً ، بحيث لا يكاد يتحقّق عندهم بدونه ، فالظاهر أنّه لا دليل عليه ، خصوصاً بعد ما عرفت من الإطلاق في النصوص وبعض الفتاوى ، وإن كان مراده مدخليّته زائداً على المعنى العرفي ، فلا مجال له كما هو ظاهر .

  • (1، 2) في ص 470 .
    (3) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 1 / 139 .