جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 49)

إذا كان التلف موجباً للضمان فالإتلاف بطريق أولى .

ولكنّ الظاهر ـ بعد ملاحظة أنّ المراد «باليد» في قاعدة «ضمان اليد» هي اليد العادية أو غير المأذونة ، على ما مرّ في قاعدة «عدم ضمان الأمين» المتقدّمة(1) ، وبعد ملاحظة أنّ المراد من «عدم الإذن» في قاعدة الإتلاف عدم الإذن في الإتلاف ، لا عدم الإذن في كونه في يد الغير ـ أنّ النسبة بين الموردين عموم من وجه ; لافتراق قاعدة «الإتلاف» فيما إذا أتلف مال الغير مع عدم كونه تحت يده بوجه، كما إذا رماه بسهم مثلا فأتلفه ، وفيما إذا أتلف مال الغير مع كون يده عليه بإذن من المالك ، كما في صورتي التعدّي والتفريط في الأمانة المالكية على ما مرّ(2) ، وافتراق «قاعدة ضمان اليد» فيما إذا كانت العين في يد الغير مع كونها عادية أو غير مأذونة باقية لم يتحقّق تلفها لها بعد ; فإنّها تكون حينئذ مضمونة وعلى عهدة ذي اليد ، على ما هو مفاد القاعدة ، مع عدم شمول «قاعدة الإتلاف» لها بوجه .

وعلى ماذكرنا لامجال لاستفادة حكم المقام من«قاعدة ضمان اليد» إلاّ بالإضافة إلى خصوص مادّة الاجتماع ، وهو لا يترتّب عليه أثر بعد دلالة «قاعدة ضمان اليد» .

وعن الشيخ في المبسوط : روى الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : حرمة مال المسلم كحرمة دمه(3) ، ورواه الخاصّة أيضاً(4) . ومقتضى عموم التشبيه ثبوت الضمان في إتلاف المال كثبوته في الدم .

وروى الشيخ أيضاً في المبسوط ، عن عبد الله بن السائب ، عن أبيه ، عن

  • (1) في ص 28 .
    (2) في ص 38 .
    (3) المبسوط : 3 / 59 ، مسند أبي يعلي الموصلي : 4 / 380 ذ ح 5097 ، سنن الدارقطني : 3 / 23 ح 2865 ، حلية الأولياء : 7 / 334 ، كنز العمال : 1 / 93 ح 404 ، مختصر زوائد مسند البزّار : 1 / 541 ح 948 .
    (4) أمالي الطوسي : 537 قطعة من ح 1162 ، وعنه وسائل الشيعة : 12 / 281 كتاب الحج ، أبواب العشرة ب 152 ح 9 .

(الصفحة 50)

جدّه ، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : لا يأخذ أحدكم متاع أخيه جادّاً ولا لاعباً ، من أخذ عصا أخيه فليردّها(1) .

وفي الاستدلال به ـ مضافاً إلى ما عرفت من عدم اختصاص مورد القاعدة بما إذا كانت اليد على المال غير مأذونة ; لشمولها لصورة الإذن ، غاية الأمر عدم كون الإتلاف مأذوناً فيه ـ أنّ غاية مفاده الحكم التكليفي وهو وجوب الردّ. وأمّا الضمان الذي هو حكم وضعي فلا .

وروى في المستدرك عن دعائم الإسلام روايات في هذا الباب :

منها : ما عن أبي عبد الله، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطب يوم النحر بمنى في حجّة الوداع وهو على ناقته العضباء ، فقال : أيّها الناس إنّي خشيت أنّي لا ألقاكم بعد موقفي هذا ، بعد عامي هذا ، فاسمعوا ما أقول لكم وانتفعوا به . ثمّ قال : أيّ يوم أعظم حرمة؟ قالوا هذا اليوم يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)  ، قال : فأيّ الشهور أعظم حرمة؟ قالوا : هذا الشهر يارسول الله (صلى الله عليه وآله)  ، قال : فأيّ بلد أعظم حرمة؟ قالوا : هذا البلد يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)  ،قال : فإنّ حرمة أموالكم عليكم وحرمة دمائكم كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، إلى أن تلقوا ربّكم فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلّغت؟ قالوا : نعم ، قال : اللّهمّ اشهد ، الحديث(2) .

ومنها : ما عن أبي عبد الله (عليه السلام) أيضاً ، أ نّه قال في حديث : فمن نال من رجل مسلم شيئاً من عرض أو مال وجب عليه الاستحلال من ذلك والتنصّل من كلّ ما كان منه إليه ، وإن كان قد مات فليتنصّل من المال إلى ورثته ، وليتب إلى الله ممّا أتى

  • (1) المبسوط : 3 / 59 ، سنن الترمذي : 4 / 462 ح 2165 ، السنن الكبرى للبيهقي : 8 / 505 ح 11739 ، شرح السنة : 10 / 264 ح 2572 ، كنز العمال : 10 / 367 ح 30341 .
    (2) دعائم الإسلام : 2 / 484 ح 1729 ، وعنه مستدرك الوسائل : 17 / 87 ، كتاب الغصب ب 1 ح 1 .

(الصفحة 51)

إليه حتى يطلع الله ـ عزّ وجلّ ـ عليه بالنّدم والتوبة والتنصّل ، ثمّ قال : ولست آخذ بتأويل الوعيد في أموال الناس ولكنّي أرى أن تؤدّى إليهم إن كانت قائمة في يدي من اغتصبها ويتنصّل إليهم منها ، وإن فوّتها المُغتصِب أعطى العوض منها ، فإن لم يعرف أهلها تصدّق بها عنهم على الفقراء والمساكين ، وتاب إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ ممّا فعل(1) .

ومنها : ما عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قضى فيمن قتل دابّة عبثاً ، أو قطع شجراً ، أو أفسد زرعاً ، أو هدم بيتاً ، أو عوَّر بئراً أو نهراً ، أن يغرم قيمة ما أفسد واستهلك ، ويضرب جلدات نكالا ، وإن أخطأ ولم يتعمّد ذلك فعليه الغرم ولا حبس عليه ولا أدب ، وما أصاب من بهيمة فعليه ما نقص من ثمنها(2) .

ودلالة هذه الروايات وإن كانت مخدوشة بالإضافة إلى أكثرها ، إلاّ أنّ ملاحظة المجموع ـ مع الأدلّة المتقدّمة ، ومع كون القاعدة متّفقاً عليها ـ لا تبقي ريباً في ثبوتها ولا شكّاً في تحقّقها ، ولأجله لا حاجة إلى التطويل بذكر سائر المدارك ، كما لا يخفى .

الجهة الثانية : في بيان المراد من ألفاظ هذه القاعدة ، فنقول :

أمّا الإتلاف المضاف إلى المال ، فالظاهر أنّ المراد منه هو الإفناء والإهلاك المتعلّق بذات المال ، بأن أخرجه عن صفحة الوجود وأفناه بالمرّة بحيث لم يكن هناك شيء يشار إليه بأنّه مال الغير .

وأمّا إذا تعلّق الإفناء لا بذات المال ونفسه ، بل بماليّته مع بقاء ذاته ; كما لو غصب الثلج في الصيف فأبقاه إلى الشتاء ، فردّه فيه مع أنّه لا مالية له في الشتاء ; أي لا يبذل بإزائه المال فيه ، فالظاهر عدم شمول القاعدة له ; سواء كانت بهذه العبارة

  • (1) دعائم الإسلام : 2 / 485 ح 1731 ، وعنه مستدرك الوسائل : 17 / 87 ، كتاب الغصب ب 1 ح 2 .
    (2) دعائم الإسلام : 2 / 424 ح 1476 ، وعنه مستدرك الوسائل : 17 / 95 ، كتاب الغصب ب9 ح6 .

(الصفحة 52)

المعروفة أو بمثل ما في بعض الروايات المتقدّمة من أنّ «حرمة مال المسلم كحرمة دمه» ، فإنّ التعبير الثاني أيضاً لا يقتضي الضمان بعد بقاء المال بذاته ، وإن عرض له الفناء والهلاك بملاحظة ماليّته ، إلاّ أن يستفاد حكمه من مثل قوله تعالى : {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}(1) نظراً إلى أنّ إفناء المالية اعتداء لا محالة .

وأمّا المال المضاف إليه الإتلاف ، فالظاهر أنّ المراد به هو المال في الآية الشريفة ; وهي قوله تعالى : {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(2) . وهو عبارة عن كلّ شيء يكون مطلوباً ومرغوباً عند الناس لاجل قضاء حوائجهم به ، ودخيلا في معاشهم أو شيء يحصل مطلوبهم به .

فالأوّل : كالمأكولات والمشروبات والملبوسات والمساكن والمراكب ومثلها ، من دون فرق بين ما إذا كان من قبيل الجواهر الموجودة لا في موضوع ، أو من قبيل الأعراض التي تسمّى في الاصطلاح بالمنافع ; كركوب الدابّة وسكنى الدّار والتزيّن بالذهب والفضّة والأحجار الكريمة ، من دون فرق بين أن يكون الاحتياج إليه نوعاً أو في خصوص بعض الحالات ; كالأدوية التي يعالج بها المريض ، وكالآلات المحتاج إليها في دفن الأموات .

والثاني : كالأوراق الماليّة الموجودة في هذه الأزمنة التي لها دخل في تحصيل ما يرفع الحوائج بها ، فإنّها أيضاً مال ، غاية الأمر ان ماليّتها امر اعتباري يدور مداره ، فمادام الاعتبار مستظهراً به يكون اتصافه بالمالية محفوظاً ، وأمّا تعريف المال بأنّه ما يبذل بإزائه المال ، فهو وإن كان شاملا لجميع ما ذكرنا ، إلاّ أنّه لا خفاء في كونه تعريفاً دوريّاً .

  • (1) سورة البقرة 2: 194.
    (2) سورة الكهف 18 : 46 .

(الصفحة 53)

وأمّا الضمان المأخوذ في القاعدة ، فحيث يكون المفروض فيها صورة الإتلاف ، ويكون مرجع ضمان المال المتلف إلى كونه في عهدته ، يجب الخروج عنها بأداء المثل في المثليّات والقيمة في القيميات ، ولا مجال للضمان المعاوضي هنا بعد عدم وجود معاوضة في البين ، بل الضمان هو الضمان الحقيقي الذي هو عبارة عن ضمان المثل أو القيمة .

وقد عرفت أنّ الضمان في القاعدة مقيّد بصورة عدم الإذن ، ومرّ أيضاً أنّ المراد هو عدم الإذن في الإتلاف ، من دون فرق بين ما إذا كانت يده على مال الغير على تقدير ثبوت اليد يداً عادية أو غير مأذونة ، وبين ما إذا كانت يداً مأذونة ; كالأمين في صورة التعدّي والتفريط على ما تقدّم(1) .

الجهة الثالثة : أنّ الإتلاف قد يكون بالمباشرة، وقد يكون بالتسبيب .

فالأوّل : مثل أن يأكل مال الغير الذي يكون من المأكولات ، أو أن يشرب ماله الذي يكون من المشروبات ، أو يحرق أثوابه ، أو يرمي حيوانه بسهم فيهلكه ، وشبه ذلك ممّا يصدر عنه فناء مال الغير وهلاكه عن نفسه وإرادته ، من دون وساطة فاعل آخر .

والثاني : عبارة عن كلّ فعل صار سبباً لوقوع التلف ، بحيث لو لم يكن لم يتحقّق التلف ، ولكنّه لم يكن علّة تامّة ولا جزءاً أخيراً من العلّة التامّة، وعليه : فهو الذي لا يلزم من وجوده الوجود ، ولكن يلزم من عدمه العدم .

لا خفاء في أنّ القدر المتيقّن من مورد القاعدة الذي لا شبهة في ثبوت الضمان فيه هو القسم الأوّل الذي يكون الإتلاف فيه بالمباشرة .

وأمّا القسم الثاني : فقد ادّعى في محكي الجواهر نفي الخلاف فيه(2) ، بل ربما

  • (1) في ص 28 .
    (2) جواهر الكلام : 37 / 46 .