جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 491)

أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب في الموضوعات الخارجية ترتّب الأثر الشرعي عليها ، فكذلك يعتبر في حجّية البيّنة ذلك ، فلو كان هناك موضوع لم يترتّب عليه حكم في الشريعة ، فلا مجال لاحتمال حجّية البيّنة فيه أصلا . وهذا ممّا لا شبهة فيه ، كما أنّه لا شبهة في أنّه إذا كان موضوع الأثر أمراً محسوساً كالماء والخلّ والخمر والكلب والخنزير وأشباهها ; لا شك في حجّية البيّنة فيه بعد القول باعتبار البيّنة في تمام الموارد من غير اختصاص بموارد خاصّة .

وأمّا إذا لم يكن موضوع الأثر أمراً محسوساً ، فتارة : تكون له آثار محسوسة بحيث يكون بينها وبين ذلك المشهود به ملازمة عرفيّة ، أو يكون لها أسباب مخصوصة محسوسة ، واُخرى : لا يكون كذلك ; بمعنى أنّه لا يكون له أثر محسوس ولا سبب مخصوص محسوس أيضاً .

فإن كان من قبيل الأوّل كالعدالة والاجتهاد والأعلميّة ونحوها في الصّورة الاُولى منه ، والنجاسة والزوجية والطلاق في الصورة الثّانية منه ، فالظّاهر حجّية البيّنة فيه أيضاً ; لأنّه وإن كانت كلمة «الشهادة» ظاهرة في الحضور والإخبار عن العين والعلم بإحدى الحواسّ الخمس ، وكذلك كلمة «البيّنة» ظاهرة في ما كان ظاهراً مشهوداً ; لأنّه صيغة مشبهة من «بان» بمعنى ظهر ، ومذكّرها «بّين» ، إلاّ أنّه إذا كان الموضوع الذي قام به البيّنة له أثر محسوس كالأمثلة المذكورة ، فحيث يكون بينه وبين أثره المحسوس ملازمة عرفية ، ففي الحقيقة يكون كأنّ المشهود به أمراً محسوساً .

وكذلك إذا كان له سبب محسوس كالأمثلة الاُخرى المذكورة أيضاً ، مضافاً إلى أنّ الشهادة بالمسبّب شهادة بالسبب ، بعد عدم انحصار دائرة الحجّية في الأمارات بخصوص المدلول المطابقي منها ، بل تسع دائرة الحجّية للوازم والملزومات والملازمات أيضاً .

(الصفحة 492)

وإن كان من قبيل الثاني ، فالظاهر أنّه لا دليل على حجّية البيّنة فيه ، لا من الآيات والروايات ولا من السيرة والإجماع وغيرهما .

أمّا الاُولى ; فلأنّه ـ مضافاً إلى أنّ لفظ الشهادة الوارد في كثير منهما لا ينطبق عليه ; لانّك عرفت أنّه من الشهود بمعنى الحضور ، وفي هذا الفرض ـ لا معنى لتحقّق الحضور بعد عدم خلوّ المشهود به من كونه محسوساً ، أو ثبوت أثر محسوس ، أو سبب محسوس له كما هو المفروض . وأمّا الثانية ; فلأنّ القدر المتيقّن من مثل السيرة والإجماع غير هذا الفرض ، فلا دليل على الحجيّة ، ومن المعلوم افتقارها إلى الدليل على ثبوتها .

المقام الثالث : كما أنّه يعتبر في مفهوم البيّنة ومعناها بحسب الاصطلاح التعدّد والعدالة ، فهل يعتبر فيه الرّجوليّة أيضاً ، فلا يطلق عنوانها على شهادة النساء أصلا ، ولو مع العدالة والتعدّد البالغ أربع نفرات ، وعليه : فيحتاج إثبات حجّية شهادة النساء إلى أدلّة اُخرى غير ما ذكرنا ، أو لا يعتبر فيه الرجولية ، بل شهادة أربع نساء بيّنة يشملها ما يدلّ على اعتبار البيّنة؟ فالثمرة تظهر فيما إذا لم يكن هناك دليل خاصّ على أحد الطرفين من الاعتبار وعدمه .

وبعبارة اُخرى : لا شبهة في اعتبار شهادة النساء منفردات في بعض الموارد ، ومنضـمّات إلى الرجال في بعض موارد اُخر ، وقد وقع التعرّض في كتاب الشهادات للموردين(1) ، كما أنّه لا شبهة في عدم اعتبارها في بعض الموارد لا منفردات ولا منضـمّات ، كثبوت الهلال والطلاق وغيرهما من الموارد ، إنّما الإشكال في موارد الخلوّ من الدليل الخاصّ . فإن قلنا بعموم لفظ البيّنة ، فمقتضى أدلّة حجّيتها حجّيتها أيضاً ، وإن قلنا بالعدم ، فلا دليل على اعتبارها مطلقاً .

  • (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة ، كتاب القضاء والشهادات : 471 ـ 495 .

(الصفحة 493)

والظاهر أنّه لا سبيل إلى استكشاف أحد الطرفين وإن كان ربما يدّعى أنّ المتبادر من لفظ البيّنة في عرف المتشرّعة هي الشهادة المقرونة بالتعدّد ، من دون فرق بين الرجل والمرأة ، كما أنّه ربما يدّعى الانصراف إلى خصوص الرّجل ، ويؤيّد الأوّل عطف الرجل والمرأتين على الرجلين في إطلاق إسم الشاهد عليهما في مثل قوله تعالى في آية الدّين المفصّلة : {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَانِ لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيِنْ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}(1) ، إلاّ أنّه مع ذلك لا سبيل إلى تعيين أحد الاحتمالين ، ومع الترديد لا دليل على اعتبار البيّنة مع عدم الرّجولية .

نعم ، ربما يستشهد لعموم حجّية شهادة النساء إلاّ ما خرج بالدليل برواية عبد الكريم بن أبي يعفور ، عن الباقر (عليه السلام) قال : تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كنّ مستورات من أهل البيوتات ، معروفات بالستر والعفاف ، مطيعات للأزواج ، تاركات للبذاء والتبرّج إلى الرجال في أنديتهم(2) .

ولكنّ الظاهر أنّ الرواية في مقام بيان شروط قبول شهادة المرأة لا في مقام بيان أنّه في أيّ مورد تقبل شهادتهنّ حتى يؤخذ بإطلاقها ، وبعبارة اُخرى : هي ناظرة إلى العدالة المعتبرة في الشاهد بالإضافة إلى المرأة لا إلى الخصوصيات الاُخرى ، كما لا يخفى .

المقام الرابع : هل اعتبار البيّنة يختصّ بمن يقوم عنده البيّنة أو لا يختصّ به ، بل يشمل من لم تقم عنده أيضاً إذا اُحرز قيامها عند غيره وشهادتهما عند الغير بما له أثر لمن لم تقم عنده ، فاذا علم بشهادة عدلين برؤية الهلال عند عالم فلانيّ مثلا

  • (1) سورة البقرة 2 : 282 .
    (2) تهذيب الأحكام : 6 / 242 ح 597 ، الاستبصار : 3 / 13 ح 34 ، وعنهما وسائل الشيعة : 27 / 398 ، كتاب الشهادات ب 41 ح 20 .

(الصفحة 494)

يترتّب عليها أثر الرؤية بالإضافة إليه أيضاً ، وإن لم تقم البيّنة عنده ، بخلاف الاحتمال الأوّل؟ في المسألة وجهان .

والظاهر هو الوجه الثاني ; فإنّ مقتضى عموم أدلّة حجّية البيّنة من الآيات والروايات والسيرة وبناء العقلاء عدم الاختصاص ، وأنّ المناط في الاعتبار مجرّد قيام البيّنة وشهادتها بالموضوع المشهود به ، ولا فرق في ذلك بين من قامت عنده البيّنة ، وبين غيره ، غاية الأمر لزوم إحراز القيام وتحقّق الشهادة ، إمّا بالعلم ، وإمّا بقيام البيّنة على ذلك أيضاً ، كما لا يخفى .

تكملة :

وهي : أنّه هل الخبر الواحد العادل كما أنّه حجّة في باب الروايات التي تحكي الأحكام عن الإمام (عليه السلام) حجّة في تشخيص الموضوعات وتبيينها ، أم لا؟ ذهب جماعة إلى الأوّل(1) ، واستدلّوا عليه بأمرين :

الأوّل : استمرار السيرة العقلائية وجريانها على الاعتماد عليه في الموضوعات الخارجية ، ولم يتحقّق عنها ردع في الشريعة ، فلا محيص عن الالتزام بالحجّية كما في الأحكام العملية الفرعيّة . أمّا جريان السيرة في ذلك فممّا لاريب فيه . وأمّا عدم الرّدع ، فلأنّ ما يتخيّل(2) أن يكون رادعاً هو موثقة مسعدة بن صدقة المتقدّمة(3) ; نظراً إلى أنّ ذيلها وهو قوله : «والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة» يدلّ على حصر المثبت بالاستبانة وقيام البيّنة ، فلو كان خبر الواحد أيضاً مثبتاً لما كان وجه للحصر ، ولكان اللازم ذكره مع البيّنة كما هو ظاهر .

  • (1) تذكرة الفقهاء : 1 / 90 ، نهاية الأحكام : 1 / 252 ، العروة الوثقى : 1 / 98 ـ 99 طبع مؤسّسة النشر الإسلامي .
    (2) القواعد الفقهيّة للمحقّق البجنوردي : 3 / 30 .
    (3) في ص 480 ـ 481 .

(الصفحة 495)

واُجيب عنه أوّلا : بمنع كون الموثّقة بصدد الحصر ; لوضوح عدم اختصاص المثبت بالأمرين المذكورين في الرواية ; لأنّ الاستصحاب والإقرار وحكم الحاكم وأشباهها أيضاً مثبتات للتحريم في مواردها ، فلو كانت بصدد الحصر يستلزم ذلك تخصيص الأكثر المستهجن .

وثانياً : بأنّ البيّنة في الموثقة بمعنى الحجّة وما به البيان ، ولابدّ من تشخيص الصغرى من الخارج ، ولا دلالة لها على أنّ ما به البيان ماذا؟ فإذا أقمنا الدليل على اعتبار الخبر في الموضوعات الخارجية ، استكشفنا بذلك أنّه أيضاً كالبينة المصطلحة مصداق للكبرى ومن أفراد الحجة .

وثالثاً : بأنّ عدم ذكر الخبر في قبال العلم والبيّنة إنّما هو من جهة خصوصية في موردها ; وهي أنّ الحلية في مفروضها كانت مستندة إلى قاعدة اليد في مسألة الثوب ، ومن الواضح عدم اعتبار خبر الواحد مع وجود اليد ، فكأنّه (عليه السلام) كان بصدد بيان ما يعتبر في جميع الموارد على الإطلاق(1) .

والجواب عن هذا الدليل ـ مضافاً إلى ما ذكرنا في بيان المراد من الموثّقة من عدم كون المراد بالبينة فيها غير البيّنة المصطلحة ـ أنّ رادعيّة الموثّقة لاتتوقّف على دلالة ذيلها على الحصر ; فإنّ نفس دلالتها على اعتبار البيّنة مرجعها إلى عدم اعتبار خبر الواحد العادل فضلا عن الثقة المجرّدة ; فإنّ البيّنة إنّما تغاير مع خبر الثقة في أمرين : أحدهما : التعدّد ، والآخر : العدالة ، ومع اشتمالها على هذه المزيّة والإضافة من جهة الكمية والكيفية ، لو كان خبر الواحد الثقة مثل البيّنة معتبراً في الموضوعات الخارجيّة ، لكان ذكر البيّنة والحكم عليها بالاعتبار ، خصوصاً في مقام إلقاء القاعدة الكلية وإفادة حكم كلّي لغواً لا يترتّب عليه إلاّ إيهام الخلاف .

فذكر البيّنة في هذا المقام من أقوى الشواهد على دخالتها في الحكم بالاعتبار ،

  • (1) التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الطهارة : 2 / 265 .