جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 511)

كما أنّه ممّا ذكرنا ظهر الخلل فيما أفاده في «المستمسك» من أنّ الظاهر منه خصوص ما لو كان البائع مسلماً ـ أي كان إسلامه محرزاً ـ وأنّ الداعي لذكر السوق كونه الموضع المعتاد لوقوع المعاملة فيه ، لا لخصوصية فيه في قبال الدار والصحراء ونحوهما ، فالمراد من الشراء من السوق الشراء من المسلم الذي هو أحد التصرّفات الدالّة على التذكية ، ولا خصوصية له ، فهو راجع إلى الاستعمال المناسب للتذكية(1) .

وجه الخلل : أنّ مقتضى ما أفاده خروج عنوان السوق عن المدخلية رأساً ، وهو خلاف ظاهر أدلّة اعتباره جدّاً .

وما أبعد ما بينه ، وبين كلام البعض المتقدّم ، وأقلّ بعداً منه ما أفاده المحقّق البجنوردي من كون السوق أمارة برأسه ، وأنّه أقوى من يد المسلم ، قال في وجهه ما ملخّصه : أنّه بعد العلم بأنّ المسلمين يجتنبون عن لحم غير المذكّى ، فتعاطي اللحم بالبيع والشراء في أسواق المسلمين يوجب الظنّ القويّ بأنّه مذكّى ، وهذا الظنّ أقوى بكثير من الظنّ الحاصل عن كونه في يد مسلم خارج السوق ; لأنّ احتمال الخلاف فيه أكثر ممّا يباع في سوق المسلمين علناً .

هذا بناءً على كون المستند هي السيرة . وأمّا بناءً على كون المدرك هو الأخبار ، فلعلّ الأمر أوضح ; لأنّ قوله (عليه السلام)  : «أنا أشتري الخفّ من السوق ويصنع لي واُصلّي فيه ، وليس عليكم المسألة» ، ظاهر في أنّ مراده (عليه السلام) من نفي لزوم السؤال ، نفي السؤال عن كونه مذكّى أو غير مذكّى ، لا نفي السؤال عن أنّ البائع مسلم أو لا .

ومرجع هذا إلى أنّ كونه في السوق كاف في إثبات أنّه مذكّى ، فلا يحتاج إلى السؤال والفحص . وكون المراد منه أنّ السّوق كاف في إثبات أنّ اليد يد المسلم ،

  • (1) مستمسك العروة الوثقى : 1 / 328 .

(الصفحة 512)

وأنّها تثبت أنّ اللحم مذكّى ، يكون من قبيل الأكل من القفا .

وأمّا قوله (عليه السلام) في خبر إسماعيل بن عيسى قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل ، أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلماً غير عارف؟ قال : عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك ، وإذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه(1) لا يدلّ على عدم اعتبار السّوق بالإضافة إلى كشفه عن التذكية ، نظراً إلى أنّه لو كان السّوق كاشفاً ، فلا معنى للسؤال إذا رأوا أنّ المشركين يبيعونه ، وأيضاً لم يكن معنى لتعليق عدم السؤال على صلاتهم فيه .

وذلك ـ أي وجه عدم الدّلالة ـ أنّ كلامه (عليه السلام) ظاهر في أنّ السّوق أمارة على التذكية فيما كان السوق مخصوصاً بالمسلمين . وأمّا لو كان السوق مشتركاً أو كان مخصوصاً بالمشركين ، فعند ذلك يجب عليكم المسألة والفحص ، ولا أثر لكون البائع وحده في ذلك السوق مسلماً في عدم وجوب السؤال . وعليه : فيمكن أن تعدّ هذه الرواية شاهدة على أنّ دلالة السوق إذا كان مخصوصاً بالمسلمين أهمّ من دلالة يد المسلم ، خصوصاً إذا كان ذلك المسلم في السوق المخصوص بالكفّار ، بل وفي السوق المشترك أيضاً .

وأمّا قوله (عليه السلام) بعد ذلك : «وإذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه» ، فمن جهة أنّ صلاتهم فيه بمنزلة شهادتهم عملا بأنّه مذكّى ، فهو أيضاً طريق إلى أنّه صار مذكّى ، إلى آخر ما ذكره من المؤيّدات ; لكون سوق المسلم بنفسه طريقاً إلى أنّه مذكّى(2) .

أقول : الظاهر عدم كون سوق المسلمين أمارة على التذكية مستقلاًّ في قبال يد

  • (1) تهذيب الأحكام : 2 / 371 ح 1544 ، الفقيه : 1 / 167 ح 788 ، وعنهما وسائل الشيعة : 3 / 492 ، كتاب الطهارة ، أبواب النجاسات ب 50 ح 7 .
    (2) القواعد الفقهيّة : 4 / 160 ـ 165 .

(الصفحة 513)

المسلم ، بحيث لو كان البائع في سوق المسلمين محرز الإسلام كان هناك أمارتان على التذكية : السوق ، ويد المسلم . وما أفاده من الوجه في ذلك غير تامّ ; لأنّ سيرة المتديّنين على معاملة ما تقع عليه المعاملة في سوق المسلمين معاملة المذكّى ، لا دليل على أنّ وجهها كون السوق والتعاطي بالبيع والشراء فيه أمارة على التذكية مستقلاًّ ، بل يحتمل قويّاً أن يكون الوجه فيها ما ذكرنا ، خصوصاً مع أنّ السّوق بنفسه لا يكون كاشفاً وأمارة عليها ; فإنّ المهمّ في ذلك هو البائع ، وإلاّ فمع قطع النظر عنه لا يكون مجرّد سوق المسلمين كاشفاً عنها بوجه ، كما لا يخفى .

وأمّا قوله (عليه السلام)  : «أنا أشتري الخفّ من السوق . . .» فهو وإن كان المراد من المسألة غير اللازمة فيه هي التفحّص والتفتيش عن كونه مذكّى أو غير مذكّى ، إلاّ أنّ دلالته على هذا التقدير على اعتبار السّوق بنفسه ممنوعة ; فإنّه حيث لا دليل على اعتبار إسلام البائع ولا كاشف عنه ، جعل الشارع الغلبة معتبرة وكاشفة عن إسلام البائع الذي هو الطريق إلى التذكية والأمارة عليها ، ولم يعلم وجه كونه أكلا من القفا .

وأمّا خبر إسماعيل ، فمع أنّه مضطرب المتن ـ لأنّه بعد كون مفروض السؤال هو ما إذا كان البائع مسلماً ، غاية الأمر كونه غير عارف لا يلائم الجواب بأنّه «إذا رأيتم المشركين . . .» إلاّ أن يكون المراد منه بيان المفهوم ; وهو اختصاص وجوب السؤال بما إذا كان البائع مشركاً ـ يكون مفاده ملاحظة حال البائع ، وأنّه إذا كان مشركاً تجب المسألة ، وإذا كان مسلماً ـ والكاشف عنه هي صلاته فيه ـ لا تجب المسألة ، وبقرينة الروايات الاُخر يستفاد عدم كون السوق المذكور في السؤال سوق المسلمين ، وإلاّ لا يحتاج إلى الصلاة فيه ; سواء كان سوق المسلمين أمارة بنفسه أو أمارة على الأمارة .

وبالجملة : لم يثبت أنّ الشارع جعل للتذكية طريقين : سوق المسلمين ، ويد

(الصفحة 514)

المسلم ، بل الظاهر أنّ الثاني أمارة عليها ، والأوّل أمارة على الثاني .

المقام الرّابع : أنّه لا فرق في المسلم الذي يؤخذ من يده ويكون السوق أمارة على إسلامه ، بين من كان عارفاً بالإمامة ، ومن لم يكن ; لأنّه ـ مضافاً إلى كون أكثر المسلمين في تلك الأزمنة غير عارفين ، وإلى أنّ الجمع المحلّى باللاّم في «المسلمين» الذي اُضيف إليه «السوق» في رواية الفضلاء المتقدّمة يقتضي العموم لكلّ مسلم على ما هو المشهور(1) ـ يدلّ عليه رواية إسماعيل بن عيسى قال :

سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل، أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلماً غير عارف ؟ قال : عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك ، وإذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه(2) .

وعليه : فالحكم باعتبار يد المسلم ليس لكونها أمارة شرعيّة على كون الحيوان مذكّى بالتذكية المعتبرة عند العارف ; وذلك لاختلافنا معهم في بعض الاُمور المعتبرة في التذكية ، كاجتزائهم في الصيد بإرسال غير الكلب المعلّم(3) ، وكذلك في بعض الفروع ، كحكمهم بطهارة جلد الميتة بالدباغ(4) ، وبطهارة ذبائح أهل الكتاب(5) ، وغير ذلك من الموارد ، فلا يكون مجرّد كونه في يده أو مع ترتيبه

  • (1) كفاية الاُصول : 254 ، فوائد الاُصول : 1 / 515 ، أجود التقريرات : 2 / 295 ـ 299 ، نهاية الأفكار : 2 / 510 ، محاضرات في اُصول الفقه : 5 / 159 ، مناهج الوصول : 2 / 230 .
    (2) تقدم في ص 512 .
    (3) البيان في مذهب الشافعي : 4 / 535 ، بدائع الصنائع : 4 / 177 ، المغني لابن قدامة : 11 /11 ، المجموع شرح المهذّب : 9 / 88 .
    (4) البيان في فقه الشافعي : 1 / 69 ـ 70 ، بدائع الصنائع : 1 / 243 ـ 245 ، المغني لابن قدامة : 1 / 55 ـ 56 ، المجموع شرح المهذّب : 1 / 268 ـ 280 .
    (5) البيان في فقه الشافعي : 4 / 526 ـ 529 ، بدائع الصنائع : 4 / 164 ـ 165 ، المغني لابن قدامة : 11 / 35 ، المجموع شرح المهذّب : 9 / 75 ، الشرح الكبير : 11 / 46 .

(الصفحة 515)

آثار المذكّى عليه أمارة على وقوع التذكية المعتبرة عندنا عليه .

فالحكم باعتبار يد المسلم حينئذ ليس لأماريتها ، بل لأجل أنّ الحكم بعدم الاعتبار ـ مع أنّ الغالب في تلك الأزمنة هو كون المسلمين غير عارفين ـ مستلزم للعسر ، فلذا جعل الشارع الأصل في الحيوان التذكية تعبّداً فيما إذا لم يكن بائعه مشركاً .

وأمّا ما أفاده المحقّق البجنوردي (قدس سره) من أنّ كونه أصلا غير تنزيلي أمر لا ينبغي أن يحتمل ; لأنّه لو كان أصلا غير تنزيلي لكانت أصالة عدم التذكية حاكمة عليه ، وكان لا يبقى مورد لجريانه ، كما هو الشأن في كل أصل حاكم مع محكومه(1) .

فيرد عليه ـ مضافاً إلى أنّ جريان أصالة عدم التذكية محلّ خلاف وإشكال ـ : أنّه على هذا التقدير تكون الحكومة ممنوعة ، بل تكون أدلّة اعتبار السّوق مخصّصة لدليل اعتبار الاستصحاب ، وقاضية بعدم جريان أصالة عدم التذكية في مورد جريان أدلّة اعتبار السّوق .

وقد استدلّ هو على الأماريّة بأنّ قيام السيرة على دخول المتديّنين في الأسواق الإسلامية وشرائهم مشكوك التذكية ، ومعاملتهم معه معاملة المزكّى ـ مع أنّهم يرون أنّ الصلاة في غير المذكّى ليست بجائزة ـ دليل على أنّهم يرون أسواق المسلمين طريقاً وكاشفاً عن كونه مذكّى ; لأنّ الأماريّة متقوّمة بأمرين :

أحدهما : كون ذلك الشيء فيه جهة كشف عن مؤدّاه ولو كان كشفاً ناقصاً .

ثانيهما : كون نظر الجاعل في مقام جعل الحجّية إلى تلك الجهة من الكشف الموجود فيه في حدّ نفسه ، فالأماريّة متوقّفة على أن يكون جعل حجّيته بلحاظ تتميم ذلك الكشف الناقص الموجود فيه تكويناً في عالم التشريع والاعتبار ، ومن المعلوم في المقام وجود كلا الأمرين ; لأنّه لا شك في كون اللحم أو الجلد المشترى

  • (1) القواعد الفقهيّة : 4 / 165 .