جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه قواعد الفقهية
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 536)

ألا ترى أنّهم يحكمون بالصحّة فيما لو كان المبيع عند المشتري الغاصب ولم يكن البائع قادراً على أخذه منه بوجه ، حتى يصحّ منه التسليم وعدمه(1) ، وكذلك يحكمون بالصّحة فيما لم يكن البائع قادراً على التسليم بهذا المعنى ، ولكنّ المشتري يقدر على الوصول إليه(2) ، والسرّ أنّ هذا العنوان لم يكن مأخوذاً في شيء من النصوص حتى يتّبع ما هو ظاهره ، بل هو شيء يحكم به العقل لإخراج المعاملات السّفهية الواقعة على مثل السّمك في الماء والطير في الهواء ، فمرجع اعتباره إلى لزوم اشتمال المعاملة على غرض عقلائيّ ، وهو موجود في المقام ، فلا وجه للإشكال في جواز أخذ الاُجرة على الواجب من هذه الجهة .

ثمّ إنّه لو سلّم اعتباره في صحّة المعاملة بالمعنى الرّاجع إلى صحّة الفعل والترك ، وسلّم أيضاً أنّ تعلّق الإيجاب أو التحريم ينافيه ، فدعوى ثبوته في الواجبات النّظامية ما عدا القضاء ; نظراً إلى أنّ الوجوب تعلّق بالمصدر ، والاُجرة واقعة في مقابل إسم المصدر ، ممنوعة ; لاعترافه بأنّ التغاير بين الأمرين إنّما هو بحسب الاعتبار ، وإلاّ فهما في الواقع شيء واحد ، وحينئذ فيقال عليه : إنّه كيف يمكن أن يكون الشيء الواحد مقدوراً وغير مقدور معاً؟ فمع فرض تعلّق الوجوب به المنافي لكونه مقدوراً ، كيف يعقل أن يكون مقدوراً أيضاً؟

وإن شئت قلت : إنّه كيف تجتمع مقدوريّة إسم المصدر مع خروج نفس المصدر عن تحت الاختيار بعد تبعيّته له ، بل عينيّته له؟ كما هو ظاهر .

الثالث : أنّ التفصيل بين القضاء وغيره من الواجبات النّظامية بكون الواجب فيه هو إسم المصدر دونها ممنوع ; لأنّ الواجب في باب القضاء أيضاً هو فصل

  • (1) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 4 / 187 ـ 188 ، مصباح الفقاهة : 5 / 281 ـ 287 .
    (2) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 4 / 190 ـ 191 ، مصباح الفقاهة : 5 / 290 ، تحرير الوسيلة : 1 / 493 ، كتاب البيع ، الشرط الخامس من شروط العوضين .

(الصفحة 537)

الخصومة بالمعنى المصدري ; وهو الحكم والقضاء ، لا كون الخصومة مفصولة ، والدليل على ذلك مراجعة كتاب القضاء ; فإنّ الأحكام المذكورة فيه إنّما تكون مترتّبة على نفس القضاء .

ومنها : أنّ الظاهر من تعلّق الوجوب بشيء كون المطلوب إتيانه مجّاناً وبلا عوض ، فأخذ الاُجرة عليه ينافي ذلك(1) .

ويرد عليه : منع ذلك ; لأنّه مجرّد إدّعاء بلا بيّنة وبرهان .

ومنها : أنّ المعهود في باب الإجارة كون العمل الذي استؤجر عليه بيد المستأجر من حيث الإسقاط والإبراء والتأجيل والتعجيل ، ولو قيل بصحّة الإجارة في المقام يلزم نفي تلك الآثار الثابتة في كلّ إجارة ، فيستكشف من ذلك بطلانها(2) .

ويرد عليه : منع انتفاء هذه الآثار في الإجارة على الواجب ، فإنّه يمكن للمستأجر الإسقاط ويسقط حقّه بذلك ، ولا ينافي ذلك ثبوت حقّ من الله تعالى ، وتظهر الثمرة فيما لو لم يكن المكلّف مريداً لإطاعة أمر الله تعالى ; فإنّه يستحقّ الاُجرة مع الإسقاط .

ومنها : ما عن الشيخ الأعظم (قدس سره) في مكاسبه من أنّ عمل المسلم مال ، لكنّه غير محترم مع الوجوب ، لكون العامل مقهوراً عليه من دون دخل إذنه ورضاه ، فالإيجاب مسقط لاعتبار إذنه ورضاه المتقوّمين لاحترام المال(3) .

وأجاب عنه المحقق الإصفهاني (قدس سره) بأنّ لمال المسلم حيثيتين من الاحترام :

أحداهما : حيثية أضافته إلى المسلم ، وهذه الحيثية يقتضي احترامها أن لا

  • (1) اُنظر تكملة التبصرة للمحقّق الخراساني : 116 .
    (2) شرح القواعد ، كتاب المتاجر : 1 / 279 ـ 280 .
    (3) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 2 / 135 .

(الصفحة 538)

يتصرّف أحد فيه بغير إذنه ورضاه ، وله السلطان على ماله ، وليس لأحد مزاحمته في سلطانه ، وهي الثابتة بقوله (عليه السلام)  : لا يجوز(1) لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه(2) ، وبقوله (عليه السلام)  : لا يحلّ مال امرىء إلاّ عن طيب نفسه(3) .

ثانيتهما : حيثيّة ماليّته ، ومقتضى حرمتها أن لا يذهب هدراً وبلا تدارك ، فلا يجوز أن يعامل مع مال المسلم معاملة الخمر والخنزير ممّا لا ماليّة له شرعاً ، ولا يتدارك بشيء أصلا .

ومن الواضح أنّ الإيجاب واللاّبدية والمقهورية وسقوط إذنه ورضاه كلّها موجبة لسقوط احترام العمل من الحيثية الاُولى دون الحيثية الثانية ، ولذا جاز أكل مال الغير في المخمصة من دون إذنه مع بقاء المال على حاله من احترامه ، وتضمن قيمته بلا إشكال ، مع أنّ هدر المال غير هدر الماليّة كما في مال الكافر الحربي ; فإنّه ساقط الاحترام من الجهتين ، فيجوز أخذه منه وتملّكه بغير عوض بدون إذنه ، ومع ذلك فهو مال ومملوك للحربي ، ولذا يجوز إيقاع المعاملة عليه واستئجاره على عمله ، وما يضرّ بالإجارة هدر الماليّة لا هدر المال(4) .

ومنها : غير ذلك من الوجوه الضعيفة غير التامّة ، فالمتحصّل في هذا المقام أنّ الوجوب بما هو وجوب لا ينافي جواز أخذ الاُجرة ، ولم يقم دليل على عدم جواز الاستئجار على الواجب بما هو كذلك .

المقام الثاني : في منافاة العباديّة للإجارة وعدمها .

  • (1) كذا في بحوث في الفقه والمخطوط، ولكن في الكمال والاحتجاج والوسائل : لا يحلّ .
    (2) كمال الدين : 521 قطعة من ح 49 ، الاحتجاج : 2 / 559 قطعة من رقم 351 ، وعنهما وسائل الشيعة : 9 / 541 ، كتاب الخمس ، أبواب الأنفال ب 3 ح 7 .
    (3) عوالي اللئالي : 2 / 113 ح 309 و ج 3 / 473 ح 1 ، وعنه مستدرك الوسائل : 3 / 331 ، كتاب الصلاة ، أبواب مكان المصلّي ب 3 ح 3 كلّ باختلاف يسير .
    (4) بحوث في الفقه ، كتاب الإجارة : 196 ـ 198 .

(الصفحة 539)

فنقول: ربما يقال بالمنافاة ; نظراً إلى أنّ أخذ الاُجرة على العبادات ينافي القربة المعتبرة فيها ، فلا يجوز ; لأنّه مع الأخذ لا يقدر على الإتيان بمتعلّق الإجارة ، والقدرة عليه معتبرة في صحّتها بلا إشكال .

وقد تفصّي عنه بوجهين :

الأوّل : ما حكي عن صاحب الجواهر (قدس سره) من أنّ تضاعف الوجوب بسبب الإجارة لا ينافي الإخلاص ، بل يؤكّده(1) .

وقد اُورد عليه بأنّه إن اُريد أنّ تضاعف الوجوب يؤكّد اشتراط الإخلاص ، فلا ريب في أنّ الأمر الإجاري توصليّ لا يشترط في حصول ما وجب به قصد القربة . وإن اُريد أنّه يؤكّد تحقّق الإخلاص من العامل ، فهو مخالف للواقع قطعاً ; لأنّ ما لا يترتّب عليه أجر دنيوي أخلص ممّا يترتّب عليه ذلك بحكم الوجدان(2) .

ولكنّ السيّد الطباطبائي (قدس سره) تصدّى في حاشية مكاسب الشيخ الأعظم (قدس سره) لتوجيه كلام صاحب الجواهر ، وبيان عدم المنافاة بين قصد القربة وأخذ الاُجرة ، وقد ذكر في تقريره وجهين :

أحدهما : هي مسألة الدّاعي على الدّاعي التي ستجيءمفصلاإن شاءالله تعالى .

ثانيهما : ما ملخّصه : أنّه يمكن أن يقال بصحّة العمل من جهة امتثال الأمر الإجاري المتّحد مع الأمر الصلاتي ، فإنّ حاصل قوله : «فِ بإجارتك» ، صلِّ وفاءً للإجارة . ودعوى كونه توصّلياً ، مدفوعة .

أوّلا : بأنّ غايته أنّه لا يعتبر في سقوطه قصد القربة ، وإلاّ فإذا أتى بقصد الامتثال يكون عبادة قطعاً ، ولذا قالوا : إنّ العبادة قسمان : عبادة بالمعنى الأخصّ ، وعبادة بالمعنى الأعمّ ، ودعوى أنّ المعتبر قصد الأمر الصلاتي لا الأمر الإجاري ،

  • (1) جواهر الكلام : 22 / 117 .
    (2) المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) : 2 / 127 .

(الصفحة 540)

مدفوعة بالمنع ، غاية الأمر أنّه يعتبر فيه كون الدّاعي هو الله من أيّ وجه كان .

وثانياً : لا نسلّم كونه توصّلياً مطلقاً ، بل هو تابع لمتعلّقه ، فإن كان توصّلياً فهو توصّلي ، وإن كان تعبّدياً فتعبديّ ; لأنّ مرجع قوله تعالى : {أَوفُوا بِالْعُقُودِ}(1)إلى قوله : صلّوا وصوموا وخيطوا وافعلوا كذا وكذا ، فالأمر الإجاري عين الأمر الصلاتي ، ألا ترى أنّه لو لم يكن له داع إلى امتثال الأمر الندبي بالنافلة ونذرها ، وكان داعيه امتثال الأمر النذري كان كافياً في الصّحة .

والحاصل : أنّ امتثال الأمر المتعلّق بالعمل من جهة وجوب الوفاء بالإجارة كاف في الصّحة .

إن قلت : إنّ ذلك مستلزم للدّور ; لأنّ الوجوب من حيث الإجارة موقوف على صحّتها ، وهي موقوفة على صحّة العمل ، الموقوفة على عدم الوجوب ; لتوقّف قصد القربة المعتبرة فيه عليه .

قلت : التحقيق في الجواب أن يقال : إنّ المعتبر في متعلّق الإجارة ليس أزيد من إمكان إيجاده في الخارج في زمان الفعل ، وفي المقام كذلك ، غاية الأمر أنّ تعلّق الإجارة والأمر الإجاري سبب في هذا الإمكان ، وهذا ممّا لا مانع منه ، وحينئذ نقول : إنّ الوجوب من حيث الإجارة موقوف على صحّتها ، وهي موقوفة على القدرة على إيجاد الفعل صحيحاً في زمان الفعل ، وهي حاصلة بالفرض ، وإن لم تكن حاصلة مع قطع النظر عن تعلّق الإجارة .

والحاصل : أنّه لا يلزم في صحّة الإجارة إلاّ إمكان العمل ولو بسببها ، وأمّا الإمكان مع قطع النظر عنها فلا دليل على اعتباره(2) .

أقول : لا يخفى أنّ الأمر الإجاري لا يعقل أن يكون متّحداً مع الأمر الصلاتي ،

  • (1) سورة المائدة 5: 1 .
    (2) حاشية المكاسب للسيّد اليزدي : 1 / 136 ـ 139 .